تفاصيل الخبر

«أزمة ثقة » بين بري وعون زادتها جلسة التمديد حدة وتخوف من تصعيد متبادل ما لم يتدخل نصر الله ... مُصلحاً!

14/11/2014
«أزمة ثقة » بين بري وعون زادتها جلسة التمديد حدة وتخوف من تصعيد متبادل ما لم يتدخل نصر الله ... مُصلحاً!

«أزمة ثقة » بين بري وعون زادتها جلسة التمديد حدة وتخوف من تصعيد متبادل ما لم يتدخل نصر الله ... مُصلحاً!

nabihما ان كاد نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي يعيد المياه الى مجاريها بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بعد <الممالحة الثانية> بين الرئيسين في عين التينة، حتى أتت معركة التمديد لمجلس النواب لتطيح من جديد بالتقارب الذي حصل ولتعود الأمور الى سابق عهدها من اضطراب وتوتر ومناكفات انعكست فوراً على العلاقة بين وزراء الرئيس بري، ولاسيما وزير المال علي حسن خليل، ووزراء العماد عون، ولاسيما وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل. ولم يبقَ أمام حليف الزعيمين حزب الله إلا أن يعاود مساعيه الحميدة لرأب الصدع الذي حلّ على طريق عين التينة - الرابية حتى تصبح سالكة من جديد.

أما لماذا وقع الخلاف بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، فإن لكل من الزعيمين روايته التي تتمحور حول آخر لقاء عقداه في عين التينة بحضور الفرزلي الذي آثر عدم الدخول على خط الخلاف الجديد مفضلاً أن يبقى صلة الوصل بين الرجلين على أن يتبنى رواية أحدهما ويغضب الآخر. إلا أن الثابت أن حضور جلسة التمديد للمجلس النيابي هو السبب المباشر لعودة الجفاء بين <أبو مصطفى> و<الجنرال>. فالرئيس بري يقول إن العماد عون <وعده> بحضور جلسة التمديد لتعزيز <الميثاقية المسيحية> فيها لكنه سيصوّت ضد التمديد، وانه وعده أيضاً بعدم الطعن بالقانون بعد صدوره أمام المجلس الدستوري كما حصل في التمديد الأول في أيار/ مايو 2013. إلا أن الرئيس بري فوجئ عشية الجلسة بموقف <متصلب> للعماد عون رفض فيه النزول مع نوابه الى ساحة النجمة من دون أن يعلمه بالأسباب، الأمر الذي أزعجه وهو - أي بري - حرص على تأمين الحضور المسيحي في الجلسة بعدما كان قد أعلن انه لم يعد متحمساً لإجراء الانتخابات النيابية، لأن المكون الأساسي للسنة في لبنان والمتمثل بتيار <المستقبل> قرر مقاطعتها اذا حصلت، وهو أمر يتفادى رئيس المجلس الوصول إليه. كذلك الأمر بالنسبة الى جلسة التمديد التي أراد الرئيس بري أن يتشارك فيها المكون المسيحي الأبرز أي التيار الوطني الحر لإضفاء <العصب> للجلسة وما سينتج عنها من مفاعيل.

مهمة الفرزلي... مستحيلة!

وتشير المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> الى ان الرئيس بري كلف الرئيس الفرزلي بالاتصال بالعماد عون واستيضاحه حول سبب التبدل في الموقف، وتم الاتصال بالفعل بعد انتهاء اجتماع تكتل التغيير والاصلاح في الرابية ودار نقاش مطول بين عون والفرزلي أكد خلاله <الجنرال> انه لم يعد الرئيس بري بحضور الجلسة وان كل ما قاله في هذا السياق انه لن <يعرقل> التمديد الذي يعارضه ولن يصوت له، كما انه لن يلجأ الى الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري... وهذا أقصى ما يمكن أن يفعله في هذا الاتجاه. وتضيف المعلومات أن عون أصرّ خلال اتصال الفرزلي به على سؤاله: <لماذا يريدني الرئيس بري ان أنزل الى مجلس النواب؟ ولماذا هذا الإصرار وماذا وراءه؟>.

غير أن عون لم يحصل على جواب واضح على أسئلته التي تكررت، الأمر الذي ترك تساؤلات لديه عن ذلك، أضيفت الى تساؤل أكبر حول السبب الذي يدفع بالرئيس بري الى تطبيق مبدأ <الميثاقية> على موقف تيار <المستقبل> الرافض لإجراء الانتخابات النيابية ولم يطبقه في السابق بعد مقاطعة 87 بالمئة من اللبنانيين مسيحيين ومسلمين الانتخابات النيابية في العام 1992. أكثر من ذلك - يضيف عون - لماذا يقبل الرئيس بري بـ<ميثاقية> الرئيس الحريري ويصنفه ممثلاً للسنّة في لبنان، ولا يقر بـ<ميثاقيتي> أنا الذي أمثل الغالبية المسيحية في مجلس النواب ونلت في الانتخابات النيابية مع تياري السياسي أكثر من 73 بالمئة من أصوات الناخبين المسيحيين لاسيما في المناطق التي كان فيها الصوت السني أو الدرزي أو الشيعي مرجحاً للفوز فخسر مرشحو التيار وفاز الذين تلقوا دعمهم من الناخبين السنّة أو الدروز...

عون يشكو من <تطويقه>

ويقول قريبون من العماد عون ان الاقتراحات التي قدمها لم تلقَ أي ردة فعل إيجابية لدى الرئيس بري ولم يحركها نيابياً، وهو الممسك بناصية التشريع في مجلس النواب، ومشاريع القوانين التي يقدمها نواب التيار تبقى في الأدراج ولا تصل الى اللجان أو الهيئة العامة، ناهيك عن <المضايقات> التي يتعرض لها وزراء التيار في الحكومة السلامية تماماً كما يحصل معهم في الحكومة الميقاتية التي غالباً ما كان وزراء بري يقفون فيها ضد مشاريع الوزراء العونيين. ويضيف القريبون ان اللائحة تطول، ما يجعل العماد عون <غير ملزم> بالتجاوب مع كل ما يطلبه منه الرئيس بري خصوصاً ان التمديد كان مؤمناً ولا حاجة لأصوات نواب التيار الوطني الحر بعد <الصفقة> التي تم التوصل إليها بين الكتل النيابية المؤيدة للتمديد من دون الوقوف على <خاطر> العماد عون ورأيه!

وما لا يقوله العماد عون يردده نواب في التيار من أن العماد عون تجاوب بعد نقاش طويل مع رغبة عدد كبير من نواب التيار بعدم النزول الى ساحة النجمة لاسيما وأن هذا <الإنجاز> كان سيؤثر على المواقف المبدئية التي يتخذها عون ونوابه الذين كانوا في وارد القبول بتمديد تقني محدود إذا ما حصلوا على التزام نهائي بإجراء الانتخابات في الربيع المقبل لأن <العونيين> على ثقة بأنهم سيحققون فوزاً مهماً فيها لاسيما في دوائر بيروت الأولى وزحلة والبقاع الغربي والبترون خلافاً لما حصل في دورة 2009. ولا يخفي نواب التيار ان الوقوف ضد التمديد المجلسي مربح جماهيرياً وهو ما أدركه العماد عون من استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الأيام التي سبقت التمديد والتي أظهرت أن 73 بالمئة من اللبنانيين بينهم 84 بالمئة من المسيحيين يرفضون التمديد ويريدون إجراء الانتخابات النيابية في موعدها أو بعد تمديد تقني قصير ومحدد.

بري والفتنة السنية - الشيعية

غير أن <المقارنة الميثاقية> التي أجراها العماد عون ليسجل <عتباً> على الرئيس بري، يرد عليها رئيس مجلس النواب بأنه لم يراعِ الرئيس الحريري في موقفه إلا بعدما اقتنع بأن مقاطعة تيار <المستقبل> الانتخابات النيابية كان يمكن أن تؤدي الى فتنة سنية - شيعية، وهو ليس على استعداد للمغامرة في الوقت الراهن بالعلاقة السنية - الشيعية المرهفة التي تحتاج الى عناية فائقة وليس الى مغامرات متسرعة. ولا ينسى الرئيس بري التأكيد على أن عدد النواب المسيحيين الذين حضروا جلسة التمديد كان أكبر من عدد المتغيبين، كما أن عدد النواب الموارنة الذين شاركوا كان  أكبر من عدد المقاطعين، لاسيما بعد حضور نواب <المردة> والطاشناق.

وأول <غيث> عودة الاضطراب الى العلاقة بين الرئيسين بري وعون، كان تجدد الخلاف داخل مجلس الوزراء رغم الجلسات الثنائية التي عقدها الوزير جبران باسيل مع زميله وزير المال علي حسن خليل للتفاهم على المواضيع الخلافية. وقد تجدد الخلاف بين باسيل من جهة ووزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر على مشروع تعبيد الطرقات، فتم إرجاؤه لمزيد من التشاور حوله، ما دلّ على أن المواجهة بين <الحليفين> ماضية الى تصاعد، خصوصاً أن وزير الطاقة ارثور نازريان لم يحصل على ما كان يتمناه من وزير المال للأسباب نفسها، وان كان ما هو معلن منها يندرج في إطار <تحسين وضع المالية العامة للدولة>!

وتتحدث المعلومات عن أن لقاءات باسيل - خليل التي انعقدت بدعم من حليف الطرفين حزب الله، كانت <عاصفة> نسبياً وان الأجواء لم تكن مريحة بين الوزيرين ما يؤشر الى أن المناكفات ستستمر داخل مجلس الوزراء وخارجه.

هل يتدخل نصر الله مصلحاً؟

ويبقى السؤال: الى أين ستذهب العلاقات بين الرئيسين بري وعون وهل ستصل الى حد المقاطعة؟ وكيف سيكون العمل داخل مجلس الوزراء في هذه الحالة؟

تجيب مصادر متابعة أن ثمة مواضيع عدة بحاجة الى حسم بين الطرفين لا أن تُختم على <زغل> كما حصل حتى الآن، لاسيما وان لا رغبة لدى الرئيس بري والعماد عون في الذهاب بعيداً في الخلاف رغم ان نقاط التباعد بينهما أكثر بكثير من نقاط التلاقي. وتضيف ان حليف الطرفين حزب الله قادر على إعادة تصحيح المسار لأنه الوحيد المقبول من الطرفين لاسيما وان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلف مساعده السياسي الحاج حسين الخليل <رعاية> اللقاءات الثنائية بين الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل وهو <جدّد> هذه المهمة بعد التدهور الذي أصاب العلاقة نتيجة تداعيات جلسة التمديد المجلسي.

إلا أن ثمة مخاوف من أن تذهب هذه المساعي أدراج الرياح خصوصاً إذا ما توجه العماد عون صوب المجلس الدستوري للطعن بقانون التمديد من جديد كما ألمح أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان يوم الأحد الماضي. وقد أبدى الرئيس بري انزعاجاً شديداً عندما اطلع على موقف النائب كنعان، في وقت قالت مصادر معنية أن الطعن أمام المجلس الدستوري لن يفضي إلا الى الدخول في دوامة التوتر من جديد بين الرئيس بري والعماد عون، لاسيما وان رئيس المجلس يصرّ على أن <الجنرال> لم يفِ بوعده له بحضور الجلسة والتصويت ضد قانون التمديد، فيما ينقل وزراء الرابية عن العماد عون قوله ان الرئيس بري <فهم عليه غلط>.

انها باختصار <أزمة ثقة> بين الرجلين مستمرة منذ زمن ولم ينفع <الخبز والملح> في تبديدها، ولم يبق أمام السيد نصر الله إلا أن يضع كل <ثقله> لإعادة وصل ذات البين بين حليفيه، والبداية قد تكون من خلال ما أعلنه عون من أنه لا يريد التصعيد مع الرئيس بري، لأن مشكلته ليست معه بل في مكان آخر!