تفاصيل الخبر

ازدياد حالات العنف الأسري في لبنان في زمن الـ"كورونا"...

23/04/2020
ازدياد حالات العنف الأسري في لبنان في زمن الـ"كورونا"...

ازدياد حالات العنف الأسري في لبنان في زمن الـ"كورونا"...

 

 

بقلم وردية بطرس

 

 

مديرة منظمة "أبعاد" السيدة غيدا عناني: تضاعف عدد النساء اللواتي يتعرضن للعنف المنزلي خلال فترة الحجر المنزلي الصحي!

[caption id="attachment_77188" align="alignleft" width="409"] لا للعنف الاسري[/caption]

إذا كان الحجر الصحي من أكثر الوسائل الفعالة لمكافحة فيروس "كورونا المستجد"، فالمؤكد ومع الأسف أنه يتسبب في زيادة نسب العنف المنزلي... والمرأة دائماً تتعرض للعنف في الحروب والصراعات، واليوم في ظل هذا الفيروس تدفع الثمن أيضاً، اذ بدل ان يكون المنزل مكاناً آمناً لها تحول الى مكان للضرب والتعنيف.

وكانت تقارير أممية قد حذرت من ارتفاع نسب العنف الأسري والمنزلي خلال فترة الحجر المنزلي اذ تفيد الوقائع ازدياد العنف ضد النساء والأطفال بشكل خاص في الدول العربية. اذ زاد الحجر المنزلي في الكثير من دول العالم من العذاب اليومي للنساء المعنفات، بالاضافة الى تضاعف نسبة العنف المنزلي والأسري خلال هذه الفترة بحيث أصبح من الصعب جداً على هذه الفئة من النساء الخروج والتبليغ عن أزواجهن او الاتصال هاتفياً بالجمعيات المتخصصة بهذه الأمور. ويبدو ان العنف الأسري في أرجاء العالم وصل مرحلة كبيرة من التصعيد، الأمر الذي دعا الأمم المتحدة الى تحرك عاجل لمكافحة هذا التصعيد، وكان الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" قد أصدر بياناً عاماً دعا فيه الحكومات الى وضع سلامة النساء أولاً في استجابتها للوباء.

وحكومات العالم تتحرك ضد ازدياد نسبة هذا العنف المتفاقم تحت الحجر الصحي، فلقد أعلنت السلطات البريطانية انها سستعتقل المتورطين في هذا النوع من الحوادث، أما في اسبانيا فالتدابير استثنائية لمكافحة العنف ضد النساء والأطفال منها خدمة الرسائل الفورية وتحديد الموقع الجغرافي عند تقديم الشكوى بالاضافة الى خدمة المحادثات الفورية مع متخصصين بالدعم النفسي... وفي تونس مثلاً تضاعف معدل العنف ضد النساء خمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي مع تخصيص أماكن عزل صحي للنساء المعنفات، وكانت الصين قد شهدت ازدياداً في نسبة العنف المنزلي قاربت 30 بالمئة أثناء الحجر الصحي، بينما ارتفعت النسبة في فرنسا الى ما يقارب 36 بالمئة. ولهذا تكثف الجهود لتشجيع النساء المعنفات على طلب النجدة، ويبقى الأمل في تجاوب السلطات السريع مع الشكاوى لوضع حد للعنف المنزلي.

وفي لبنان ارتفعت حالات العنف المنزلي في ظل تدابير الحجر المنزلي ومنع التجوال، وبالتالي أدت جائحة "كورونا" الى توقف الأعمال والزام المواطن البقاء في منزله ساعات طويلة يومياً ما تسبب في أزمات مالية واقتصادية تزيد بدورها الخلافات الأسرية، وبذلك لم تعد المنازل آمنة للنساء، في ظل الشكوى من عنف يتعرضن له يومياً حيث تضاعفت نسبة التبليغ على الخط الساخن المخصص من القوى الأمنية 100 بالمئة في شهر آذار (مارس) الماضي.

وأمام هذا الواقع الذي فرضه فيروس "كورونا" من ضرورة الالتزام بالحجر المنزلي للوقاية منه والحد من انتشاره، ونظراً الى ان المنزل لم يعد آمناً للنساء بعد تضاعف نسب التبليغ عن العنف الذي يتعرضن له حتى وصلت الى 100 بالمئة في شهر آذار (مارس) الماضي على الخط الساخن 1745 المخصص من قبل القوى الأمنية، كانت منظمة "أبعاد" قد أطلقت حملة للتضامن مع النساء من خلال الوقوف على شرفات المنازل وذلك من أجل نشر رقم الدعم الذي خصّصته للنساء المعرضات  للتعنيف

788178-81، كما ان القوى الأمنية تتلقى الشكاوى عبر الخط الساخن 1745 المخصص للعنف الأسري.

مديرة منظمة "أبعاد" غيدا عناني وازدياد حالات العنف المنزلي خلال الحجر المنزلي

[caption id="attachment_77187" align="alignleft" width="411"] السيدة غيدا عناني: نعمل جاهدين لمواجهة العنف المنزلي ومساعدة النساء اللواتي يتعرضّن للعنف[/caption]

فما اسباب ازدياد حالات العنف المنزلي في لبنان خلال الحجر الصحي؟ وكيف تساعد منظمة "أبعاد" النساء المعنفات؟ لنعرف أكثر عن واقع المرأة التي تتعرض للعنف المنزلي في هذه الفترة كان لـ"الأفكار" حديث مع مديرة المنظمة السيدة غيدا عناني التي استهلت حديثها قائلة:

  • اليوم عندما نتحدث عن مسألة العنف ضد المرأة نتحدث عن الاشكاليات التي نواجهها عندما تكون هناك أزمة ان كانت أزمة طبيعية او أزمة من صنع البشر مثل الحروب أو أزمات صحية حيث دائماً تكون للأطفال والنساء حصة اذ انهم مستهدفون، وبالتالي يكون هناك قلق حيال وضع النساء والأطفال في هذه الظروف لأنهم يكونون بوضع خطير. ومنذ ان بدأت جائحة "كورونا" نتحدث عن ازدياد حالات العنف ضد المرأة في العالم ككل وفي العالم العربي بما فيه لبنان على اعتبار ان النساء والأطفال هم كما نقول بالعامية "فشة خلق" الرجال كونهم يقضون وقتهم بالحجر المنزلي الصحي سوياً، وطبعا هنا نتحدث عن الرجل العنيف الذي يسيء معاملة زوجته وأولاده خصوصاً اذا كان ذلك يحصل من قبل، وقد زاد العنف خلال فترة الحجر المنزلي الصحي اذ يفقد الرجل السيطرة على الوضع الذي يمر به بسبب الضغط الحاصل الآن، وللأسف النساء هن من يتعرضن للعنف نظراً لوجودهن مع الرجال في المنزل لوقت أطول خلال الحجر المنزلي الصحي، وهذا يحدث في العالم ولبنان.

وتتابع:

  • تبيّن لنا ان هناك مؤشراً لارتفاع حالات العنف ضد المرأة من خلال اتصالات النساء بمراكز "أبعاد" وأيضاً بقوى الأمن الداخلي اذ تضاعف عدد النساء اللواتي يتعرضّن للعنف من قبل أزواجهن بالمقارنة مع العام الماضي، وهذا أمر مقلق لأن الرقم  تضاعف الآن. واذا استمر الوضع على حاله، فالعنف المنزلي سيزداد لأن الناس اليوم تشعر بالقلق وعدم معرفة مصيرها لذا يصعب التحكّم بمشاعر الغضب والضغط. صحيح ان العنف هو واحد، ولكن تجدر الاشارة إلى ان هناك نساء يعانين أكثر لأنهن لا يعملن وليس لديهن مدخول وكذلك المرأة المطلقة تعاني بسبب مشاكل النفقة خصوصاً ان كل شيء متوقف اليوم بسبب الفيروس القاتل واغلاق المؤسسات للحد من انتشاره، وبالتالي هناك نساء وضعهن أصعب من غيرهن.

* أظهرت تقارير عالمية انه منذ اعلان حالة الطوارىء في دول العالم والزام الناس بالبقاء في منازلهم تتعرض النساء للعنف المنزلي، فهل برأيك ستزداد حالات العنف اذا استمر الحجر المنزلي لفترة أطول؟

-  هذا صحيح اذ انه منذ منتصف شهر آذار (مارس) الماضي بدأنا نسمع عن حالات العنف المنزلي في بعض الدول بما فيها لبنان، وقد يكون العدد أكبر من المعلن لأن هناك سيدات لا يبلغن عن تعرضهن للعنف المنزلي. الرجل الذي يمارس العنف ضد زوجته سيستمر بذلك حتى لو لم يكن هناك حجر منزلي صحي، ولكن الرجل اليوم يواجه ضغوطات لأنه رب الأسرة وعليه ان يهتم باعالتها ولا يمكن ان يتوقف عن العمل وتأمين لقمة العيش لأولاده، ولكن كما ترين ان الأعمال اليوم متوقفة بسبب "كورونا" ويجد الرجل نفسه تحت الضغط لذا يلجأ الى العنف ضد زوجته، ولكن طبعاً هذا غير مبرر ومن غير المسموح أن يقوم بذلك. علماً ان المرأة تتعرّض للعنف المنزلي بغض النظر عن الوضع الاجتماعي اذ نرى حالات العنف لدى مختلف الفئات والمستويات، ولكن طبعاً يختلف الأمر عندما يشعر الرجل بالضغط المعيشي والاحباط ويكون بالأساس لديه استعداد  لممارسة العنف تجاه أفراد أسرته حيث يلجأ بظل ظروف معيشية ضاغطة للعنف ويصّب غضبه على زوجته وأولاده.

حملة "أبعاد" للتضامن مع النساء المعنفات

* كيف تعمل "أبعاد" لمساعدة النساء اللواتي يتعرضن للعنف في هذه الفترة اذ يصعب على النساء الخروج من منازلهن للتبليغ او تقديم الشكوى؟

- من خلال الاتصالات التي نتلقاها استطعنا ان نعرف عدد السيدات اللواتي يتعرضّن للعنف المنزلي ووجدنا أن الوضع خطير، لهذا قمنا بهذا التحرك اي اعلان التضامن مع النساء المعنفات اذ كما شاهدتم على شاشات التلفزة تضامن الناس مع النساء، اذ أطلقت منظمة "أبعاد" دعوة مفتوحة للتضامن مع النساء من خلال الوقوف على شرفات المنازل وذلك من أجل  نشر رقم الدعم الذي خصّصته للنساء المعرضات للعنف 788178-81، ولقد تجاوب الناس مع حملة التضامن مع النساء المعنفات من خلال نشر رقم الطوارىء لتلقي اتصالات النساء المعنفات في كل حي او منطقة، كما شاركت البلديات بتزويد الناس برقم الطوارىء الى ما هنالك حيث أن 23 بلدية شاركت بحملة التضامن من الشمال الى الجنوب والبقاع وذلك لكي يتسنى لجميع السيدات التواصل مع مراكزنا والطوارىء، وهذا أمر محفز ليشاركونا بمساعدة كل امرأة تتعرض للعنف المنزلي، كما ان هناك فنانين شاركوا بحملة التضامن، اي كل ضمن اختصاصه يقدر ان يساعد النساء المعنفات.

الاستشارات القانونية والدعم المادي والنفسي

* وكيف تساعدون النساء بعدما يتصلن بكم؟

- منذ ان بدأنا بالحملة نتلقى اتتصالات كثيرة من النساء اللواتي يتعرضن للعنف المنزلي، ونود ان تعرف النساء بأن مراكزنا مفتوحة دائماً لتلقي كل الاتصالات. وبعدما نتلقى اتصالاتهن نقدم لهن خدمة الارشاد الاجتماعي والاستشارات القانونية، كما نساعد اذا كانت هناك حاجة لتوكيل محام لمساعدتها قانونياً، وحتى اذا كانت هناك ضرورة للمعالجة النفسية نساعد بهذا الخصوص، وايضاً بما يتعلق بالطب الشرعي. الى جانب ذلك نقدم للنساء المستلزمات الاساسية التي يحتاجها أفراد اسرتها اذا كانت تعاني من وضع مادي صعب وليس لديها مدخول او معيل. 

واذا استمر الحجر المنزلي الصحي لفترة أطول  فسنوسع اطار الخدمات التي نقدمها للنساء بالتنسيق مع الوزارات المعنية اذ كل يعمل ضمن مجال عمله، ولكن اذا تضافرت الجهود فالنتائج ستكون أفضل.

* وهل تسعى "أبعاد" للقيام بخطوات أكثر لمساعدة النساء المعنفات؟

- طبعاً تسعى "أبعاد" لتقديم خدمات أكثر للنساء المعنفات لأن ما يحصل لا يمكن ان يستمر اذ تكفي الضغوطات التي يعيشها الناس ليأتي العنف المنزلي ويزيد الوضع سوءاً على النساء. وسنحاول في الخطوة الثانية تقديم خدماتنا في مختلف المناطق اللبنانية. ونوجه النداء لكل النساء المعنفات ان يبلغن عن الحالات، اذ يجب معالجة حالات العنف لأن العنف المنزلي مثل الوباء يجب القضاء عليه كما يُسعى للقضاء على الفيروس لأن تداعياته خطيرة وتدمر العائلة بأسرها، ويجب ان نعمل جاهدين لمواجهة العنف المنزلي ومساعدة النساء اللواتي يتعرضّن للعنف.