تفاصيل الخبر

”ايرولت“ للقيادات اللبنانية: اتفقوا على الحل والرئيس ونحن نلتزم بتوفير الضمانات الدولية والإقليمية لاتفاقكم!  

22/07/2016
”ايرولت“ للقيادات اللبنانية: اتفقوا على الحل والرئيس  ونحن نلتزم بتوفير الضمانات الدولية والإقليمية لاتفاقكم!   

”ايرولت“ للقيادات اللبنانية: اتفقوا على الحل والرئيس ونحن نلتزم بتوفير الضمانات الدولية والإقليمية لاتفاقكم!  

ايرولت لو لم تشهد مدينة <نيس> عاصمة الشاطئ اللازوردي الفرنسي، وبوابة البحر المتوسط الأوروبية، جريمة الصدم الجماعية على جادة الإنكليز الشهيرة بواسطة إرهابي قاد شاحنة الموت حاصداً أكثر من 84 قتيلاً ونحو 80 جريحاً، لكانت حصيلة زيارة وزير الخارجية الفرنسي <جاك مارك ايرولت> للبنان على مدى يومين، المادة الأبرز أمام الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> بهدف تقييم نتائجها فور الانتهاء من احتفالات ذكرى الثورة الفرنسية وسقوط <الباستيل> يوم 14 تموز/ يوليو الجاري. إلا أن الجريمة وقعت وانشغل بها المسؤولون الفرنسيون، وعوض اللقاء التقييمي الذي كان مقرراً في قصر <الإليزيه> صباح 15 تموز/ يوليو بين الرئيس <هولاند> والوزير <ايرولت> والفريق الديبلوماسي الذي رافقه في زيارته، استبدل بجلسة للمجلس الوزاري الفرنسي المصغر الذي عرض تفاصيل جريمة <نيس> الإرهابية وما تركته من انعكاسات سياسية وأمنية، لاسيما بعد تصاعد الحملات من المعارضة الفرنسية التي وصلت الى حد المطالبة باستقالة وزير الداخلية الفرنسي <برنار كازنوف>.

والى أن تهدأ الخواطر في فرنسا وتلملم جروح اعتداء <داعش> على الآمنين في <نيس>، فإن متابعة زيارة الوزير <ايرولت> لبيروت ستبقى معلقة، على رغم ان كل المعطيات التي توافرت عن اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية الفرنسية مع القيادات الرسمية والسياسية اللبنانية تشير الى أن ما سمعه الوزير <ايرولت> في بيروت لم يختلف عما كان سمعه الرئيس <هولاند> نفسه سواء لدى زيارته العاصمة اللبنانية في نيسان/ ابريل الماضي، أو من خلال استقباله سياسيين لبنانيين في قصر <الإليزيه>، خصوصاً ان رئيس الديبلوماسية الفرنسية أكد لمن استقبلهم ما كانت أشارت إليه <الأفكار> في عددها الصادر يوم الاثنين في 4 تموز/ يوليو الجاري، من أنه لا يحمل مبادرة أساسية متكاملة من شأنها ان تحرك الملف الرئاسي المجمّد منذ عامين وشهرين تقريباً، بل يريد من خلال محطته اللبنانية استكمال زيارة الرئيس <هولاند> من جهة، وإعادة التأكيد على أن باريس ليست في وارد التخلي عن لبنان، ولن تتركه وحده في قلب الرياح العاتية التي تعصف بالدول المجاورة له، وأنها ستواصل رعاية أمنه واستقراره بدءاً من الجنوب (حيث زار <ايرولت> القوة الفرنسية المشاركة في <اليونيفيل> وأكد على بقاء الوجود العسكري الفرنسي لتطبيق القرار 1701)، وصولاً الى البقاع حيث يواجه الجيش اللبناني المجموعات الإرهابية على الحدود اللبنانية - السورية، وما تتطلبه هذه المواجهة من دعم مباشر ودائم للجيش سوف يدفع باريس الى الاستمرار في سعيها لدى المسؤولين السعوديين من أجل إعادة العمل بهبة الـ3 مليارات دولار التي تموّل بها الرياض تجهيز الجيش اللبناني بعتاد فرنسي حديث وفق المواصفات التي تم الاتفاق عليها بين القيادتين اللبنانية والفرنسية، وحظيت بموافقة سعودية في حينه. وفي هذا الإطار، أبلغ <ايرولت> محدثيه اللبنانيين ان الأميرال <ادوار غييو> زار الرياض بتكليف من الرئيس <هولاند> وفاتح المسؤولين السعوديين بالرغبة الفرنسية، وعاد بانطباع خلاصته أن الأبواب <غير موصدة> وإن كان الجواب السعودي النهائي قد ينتظر بعض الوقت، وهو ما دفع الأميرال <غييو> الى <حجز> موعد لزيارة ثانية مع مطلع الخريف المقبل لأن المسؤولين السعوديين المعنيين دخلوا في عطلة الصيف التي يمضونها خارج ربوع المملكة.

 

الملف الرئاسي: التفاهم السعودي - الإيراني ضروري

 

أما  في الملف الرئاسي، وهنا <بيت القصيد>، فلن يكون في استطاعة الوزير <ايرولت> نقل <بشارة اتفاق اللبنانيين> الى الرئيس <هولاند>، لأن ما سمعه من القادة الذين التقاهم في قصر الصنوبر، أو زارهم في مقراتهم، لا يحمل جديداً يجعله يتفاءل بان ملف الشغور الرئاسي سوف يطوى قريباً، وذلك لأن كل طرف عرض لوجهة نظره من الاستحقاق الرئاسي، وبعضهم تمسك بمواقفه المعلنة، فيما أبدى البعض الآخر (من غير المرشحين الأساسيين العماد عون والنائب سليمان فرنجية) بعض الليونة في مقاربة أي اتفاق ممكن أن يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، سواء كان العماد عون نفسه أو <أي رئيس آخر> على حد ما قاله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.

أما غالبية من التقاهم <ايرولت> فقد صارحوه بأن التفاهم السعودي - الايراني حول الملف الرئاسي اللبناني، يبقى هو الطريق الوحيد أمام انتخاب الرئيس العتيد، لأن الأمور وصلت الى حد لم يعد للقرار اللبناني الصرف التأثير المباشر والفوري على إنجاز الاستحقاق المجمّد. كذلك لم يسمع <ايرولت> من الرئيس سعد الحريري أنه مستعد للتنازل عن دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية، ولا من العماد عون انه في وارد الانسحاب من الساحة الرئاسية <لأن من حقه أن يكون رئيساً يمثل المسيحيين في تركيبة الرئاسات اللبنانية لأنه يحظى بدعم أكثر من 80 بالمئة منهم، إضافة الى الدعم الشيعي وعدم الممانعة الدرزية، في وقت يعتبر فيه <الجنرال> أن المعارضة السنية لترؤسه الجمهورية ليست شاملة، إذ لم تعد <حادة> كما كانت في السابق في ضوء تأكيد مسؤولين سعوديين أن الرياض لا تضع <فيتو> على أي من المرشحين بمن فيهم العماد عون لأنها تترك القرار للبنانيين.

أما النائب فرنجية الذي كان تلقى دعماً مباشراً من الرئيس <هولاند> غداة الإعلان عن اتفاقه مع الرئيس الحريري بعد لقائهما في باريس قبل أشهر، فقد كرّر مواقفه المعلنة من ضرورة وجود <الخطة ب> إذا استمر متعذراً انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، علماً أن الوزير <ايرولت> أعاد إبلاغ بعض من التقاهم بأن موقف الرئيس <هولاند> آنذاك نتج عن رغبة في <تشجيع> الاتفاق بين الحريري وفرنجية، وأن بلاده مستعدة للنظر <في أي خيار آخر> للوصول الى حل.

وتقول مصادر ديبلوماسية معنية بزيارة الوزير <ايرولت> لبيروت، إن الضيف الفرنسي سعى من خلال لقاءاته في العاصمة اللبنانية الى إقناع القيادات اللبنانية بأهمية الاتفاق في ما بينها بأسرع وقت ممكن لإعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية التي تأثرت سلباً بفعل الشغور الرئاسي، وهو قال بوضوح لهذه القيادات أنه لم يشعر خلال الاتصالات التي أجراها مع دول معنية بالملف اللبناني، بوجود أي <فيتو> على إيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة في لبنان، بل على العكس فإن جميع الذين التقاهم خلال جولاته الاستطلاعية ولقاءاته الباريسية، أجمعوا على ضرورة انتخاب الرئيس العتيد، ولا يمكن بالتالي تحميل أي دولة خارجية (إيران أو غيرها) مسؤولية تعطيل هذا الاستحقاق، خصوصاً أن لبنان الذي صمد في وجه ما يجري حوله من حروب وقتال، عليه الاستفادة من هذا الصمود وتوظيفه بسرعة لمصلحة الوصول الى حل لبناني - لبناني يطمئن جميع المكونات اللبنانية ولا يشعر أي منها بالغبن أو التهميش.

 

ايرويلت-فرنجية<ايرولت>: نضمن أي اتفاق على الحل والرئيس

 

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> أن <ايرولت> شعر أن عنصر الثقة بين القيادات اللبنانية مفقود مما دفعه الى إبلاغ من التقاهم بأن بلاده <تضمن> تنفيذ أي اتفاق بين اللبنانيين، وهي مستعدة من خلال علاقاتها الخارجية و<التفويض> المعطى لها للمساهمة في حل الازمة اللبنانية، ان تقدم <الضمانات> الضرورية للأفرقاء اللبنانيين للسير بالحل الذي يرتضونه، بحيث لن يكون في مقدور أي فريق الإخلال به مهما كانت الاسباب. أكثر من ذلك - تضيف المصادر - فإن <ايرولت> قال لمحديثه اللبنانيين إن <الضمانات> المطلوبة ليست فرنسية فقط، بل هي <ضمانات دولية وإقليمية> جدية وفاعلة هدفها تسهيل الوصول الى <اتفاق شامل> من دون أن يستعمل <ايرولت> عبارة <السلة> التي قال انه يعرف ان لها معاني مختلفة في لبنان وهي تثير حساسية لدى البعض ومخاوف لدى البعض الآخر. كذلك فإن <ايرولت> <طمأن> من التقاهم الى أن بلاده سوف <تثابر> في العمل على مساعدة اللبنانيين للاتفاق في ما بينهم بالتوازي مع عملها لتوفير <الضمانات> الخارجية التي تطمئن الجميع، شرط أن تكون الحلول المطروحة <واقعية> ولا تقطع الطريق أمام <التسوية> التي تؤدي الى انتخاب الرئيس العتيد، سواء كان هذا الرئيس العماد عون أو غيره، شرط أن يعرف المعنيون ماذا سيكون عليه مستقبل لبنان إذا انتخب هذا الرئيس أو ذاك.

وفي المعلومات أيضاً أن الوزير <ايرولت> شرح لعدد من الذين استقبلهم الأسباب التي دفعته الى لقاء وفد من حزب الله ضم النائب علي فياض والمسؤول عن العلاقات الخارجية في الحزب عمار الموسوي، في وقت لم تشمل لقاءات الرئيس <هولاند> عندما زار لبنان نواباً من كتلة الوفاء للمقاومة، فأشار الى أن باريس تعتبر حزب الله جزءاً من الحياة السياسية اللبنانية بصرف النظر عن موقف الحزب في سوريا والعراق، وبالتالي فإن له رأيه (أي حزب الله) في النشاط السياسي من خلال نوابه ووزرائه، لكنه أقرّ بأن الحوار مع الحزب <ليس سهلاً>، وإنما ضروري على رغم وجود ملاحظات حول بعض النقاط التي أثارها وفد الحزب خلال اللقاء. وكان تأكيد بأن باريس ليست في وارد التدخل في مشاركة حزب الله في أي حكومة مقبلة في لبنان، وهي - أي باريس - لا علم لها بأن الولايات المتحدة الأميركية وضعت <فيتو> على مشاركة الحزب في أي حكومة لبنانية تشكّل بعد انتخاب رئيس الجمهورية.

وأكدت المصادر الديبلوماسية أن رسالة <ايرولت> الى القيادات اللبنانية كانت واضحة بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، وخلاصتها أن الحل الرئاسي ليس خارجياً، وان كانت باريس ستواصــل اتصالاتها الخارجية، خصوصاً مع السعودية وإيران، بالتنسيق مع واشنطن وموسكو والفاتيكان، لحلحلة العقد التي تعترض مسار انتخاب الرئيس العتيد... لكن الأكيد في المقابل، أن تجدد الأعمال الإرهابية في الأراضي الفرنسية سوف يؤخر الحراك الفرنسي لمساعدة لبنان... من دون أن يلغيه حتماً!