تفاصيل الخبر

أين يذهب بنزين ومازوت وطحين لبنان!

30/09/2020
أين يذهب بنزين ومازوت وطحين لبنان!

أين يذهب بنزين ومازوت وطحين لبنان!

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_81539" align="alignleft" width="436"] مصرف لبنان..هل يرفع الدعم؟[/caption]

أزمة جديدة ستطل برأسها قريباً في لبنان، من شأنها أن تقلب الأمور رأساً على عقب. فبعد إدارة معظم الشعب اللبناني ظهره للغلاء الفاحش الذي ضرب البلاد بالإضافة إلى ارتفاع سعر ربطة الخبز مع ما تُمثله بالنسبة للفقراء، ها هو البلد موعود مع أزمة بنزين بدأت بشائرها تلوح في الأفق السياسي والجو العام، وذلك في ظل تسريب معلومات تؤكد أن هذه المادة التي يتكل عليها المواطن اللبناني في حياته كجزء أساسي لتحصيل قوت يومه، مُعرضة إمّا للإختفاء بسبب فقدانها، أو ارتفاع سعرها نتيجة تهديد مصرف لبنان برفع الدعم عنها وعن مواد أساسية أخرى، أبرزها: الطحين.

الكارثة آتية لا محالة

 كل ما يحصل في لبنان من أزمات متعددة ومتنوعة، يؤكد أن ثمّة كارثة اقتصادية ستضرب البلاد التي تُعاني أصلاً من وضع معيشي صعب، نتيجة تدهور سعر صرف العملة مقابل الدولار الأميركي، إضافة إلى الفساد المستشري أصلاً في مؤسسات الدولة، هذا بغض النظر عن الوضع الصحي الصعب الذي يُعاني منه لبنان نتيجة فيروس "كورونا" بعدما تفشّى وخرج عن السيطرة، وإنفجار بيروت الذي خلّف ورائه ضحايا بالمئات وآلاف الجرحى، عدا عن الدمار الذي الحقه في المباني والأرزاق ومئات المؤسّسات. ويأتي الخطر الحقيقي اليوم وسط كل هذه الظروف الصعبة، بعدما صرّح مسؤول في مصرف لبنان لوكالة "رويترز" أن المصرف لا يمكنه الاستمرار بدعم أسعار الوقود والأدوية والقمح إلا لثلاثة أشهر.

واللافت أن هذا التصريح، جاء بالتزامن مع كلام لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال فيه إن المصرف المركزي لا يستطيع استخدام احتياطي المصارف لتمويل التجارة، وأنه بمجرد الوصول لعتبة الاحتياطات، يتوقف الدعم. وقد شددت مصادر اقتصادية على أن الاحتياطي الإلزامي الذي يجب أن يتوفر في البنك المركزي هو 17.5 مليار دولار، فيما الاحتياطي الموجود أقل بكثير، وهناك نحو 200 سلعة يشملها الدعم ومنها الأدوية والقمح والفيول. والأخطر في كل هذا، الدراسة التي أعدتها صحيفة التلغراف البريطانية حول سوء الأوضاع المعيشية في لبنان، والتي توقّعت أن يموت الناس من الجوع جراء الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان.

أين يذهب المازوت والبنزين والطحين؟

[caption id="attachment_81540" align="alignleft" width="448"] تهريب البنزين والمازوت الى سوريا عبر المعابر غير الشرعية[/caption]

 المؤكد أن ملفات الفساد في لبنان تتراكم لتصبح أكثر من أن يصدقها عقل، يضاف إليها المصلحة العليا لأحزاب أقوى من السلطة تهدف إلى تنفيذ أجندتها الخارجية الخاصة كدويلة على حساب الدولة، بالإضافة إلى المصالح الضيّقة لشخصيات نافذة في الحكم وخارجه مثل أمراء الطوائف و"الكانتونات". ويأتي ذلك كله بغض الطرف من قبل بعض رجال السياسة الذين يستجدون رضا من يبقيهم في مناصبهم ويحفظ لهم مكتسباتهم ويزيد في تكديس أموالهم في المصارف داخل البلاد وخارجها.

 ثمّة فضيحتان مدويتان هزتا لبنان خلال الأيام الماضية، تتعلقان بتهريب كميات كبيرة من مادة المازوت مدعوم الثمن إلى سوريا عن طريق المعابر غير الشرعية، والفضيحة الثانية هي تهريب الطحين اللبناني المدعوم كذلك إلى سوريا، في وقت وُجهت فيه أصابع الاتهام إلى حزب الله الذي وبحسب جزء كبير من الإعلام اللبناني والخارجي، يسيطر على هذه المعابر ويستخدمها في نقل سلاحه ومقاتليه. في هذا السياق ينفي مصدر مقرب من "حزب الله" هذا الاتهام ويضعه في إطار التماهي مع المخطّط الخارجي للتضييق على "الحزب" خصوصاً بعدما لاحظ هذا الخارج وتحديداً الأميركي، عدم جدوى العقوبات التي يفرضها على حزب الله.

ويُشير المصدر إلى أن تهريب هذه المواد، يتم عبر أفراد وأصحاب مؤسسات لها منفعة في ذلك، وهذا يُحتّم على الدولة اللبنانية أن تقوم بعملها وتوقف كل هؤلاء الذين يعبثون بالأمن الغذائي والصحي والاجتماعي. ويُتابع المصدر: نعم هناك عمليات تهريب لكثير من السلع ما بين البلدين بين الحين والآخر، وبينها مؤخراً عمليات تهريب لكميات من البنزين والمازوت والطحين وسلع اخرى، في مقابل تهريب سلع اخرى من سوريا باتجاه لبنان، لكن هناك عملية تضخيم لهذه العمليات ونحن نعرف أن حزب "القوّات اللبنانية" هو من يروّج لمثل هذه المعلومات، ومعروف الجهة التي تُكلفه بهذا الملف، والجهات التي تستفيد من هذا الترويج.

مواقف منتقدة

برز خلال اليومين الماضيين، موقف لافت للأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي إذ أشار إلى أن لبنان ليس بحاجة للاستعانة بصندوق النقد الدولي ليخرج من أزمته، يكفيه في ظل ‏حكومة تضمّ "أوادم البلد" لاسترجاع بعض ما نُهب منه ليقف على قدميه ويستعيد عافيته‎. وحمّل قيادة حزب الله مسؤولية الفساد في البلد، وقال: هي تتحمّل كامل المسؤولية عن كل ‏المظالم التي لحقت بالشعب، وعن التلاعب بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، وعن نزيف ‏الاقتصاد عبر الحدود السورية ذهاباً وإياباً‎.

[caption id="attachment_81538" align="alignleft" width="332"] وتهريب الطحين أيضاَ[/caption]

أمّا النائب اللواء ​جميل السيد​، فقد اعتبر في تصريح له أنه خلافاً لبيان منشآت ​الزهراني​ من أنها وزعت 16 مليون ليتر من ​المازوت​ للسوق المحلي، أكد مواطنون ان المنشآت باعت أقل من نصف الكمية بالسعر الرسمي، وكانت تلزم المشترين بالتوقيع على استلام كمية أكبر، ثم باعت فرق الكميات لمافيا السوق السوداء، والنتيجة، نهب بملايين الدولارات من الدولة والناس.

وكانت منشآت النفط في الزهراني قد أوضحت، في بيان، أنها اضطرت لمدة أسبوع كامل وقف تسليم المازوت الى السوق المحلية، نظراً إلى تزويدها معمل كهرباء الزهراني بتسعة ملايين ليتر من مادة الديزل، حرصاً على استمرارية عمل المرفق العام، بتوجيهات مباشرة من وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ميشال نجار. وأشارت إلى أنها تقوم بتزويد بطاقات الحصص اليومية لكل شركة توزيع ووجهة التفريغ وجداول التوزيع التفصيلية، الى قيادة الأمن العام، وعليه، توزيع 16 مليون ليتر عبر 160 شركة وجهتها كل لبنان.

خصوم حزب الله.. ماذا يقولون؟

كلما دار اللغط والسجال ودارت الاتهامات حول مسألة التهريب، تتجه الأنظار إلى حدود لبنان الشمالية والشرقية، إلى قرى وبلدات ومعابر كثيرة: زيتا، حاويك، الفاضلية، مطربا، مصيرية، الصفصافة، حمام، سيغمانية، وادي حنا، ربلة، السويدية، بجاجية، فاروقية، جنطلية، عين دمامة، أكروم، العصفورية، غوغران، بلوزة، السماقيات..  

هذه كلها قرى لبنانية، تقع جغرافياً داخل الأراضي السورية، ولا يعرفها سوى من يقيم فيها من أبناء الطائفة الشيعية. هذا ما يؤكده خصوم حزب الله في إحدى المناطق البقاعية. ويُشير هؤلاء إلى انه تنشط عبر هذه القرى عمليات تبادل السلع، بحجة تلبية الاحتياجات المعيشية لسكانها اللبنانيين والتي كان استخدمها "الحزب" حجة لتدخله العسكري في الحرب في سوريا. وهي تقع اليوم تحت سيطرة العشائر ومن يدور في فلكها. وقد اضطر أهالي هذه القرى لمغادرة منازلهم في بداية "معركة النظام" مع شعبه في القصير، ليعودوا إليها بعد الحرب بحماية حزب الله،  الذي يفرض سيطرة أمنية مطلقة على المنطقة، فلا تسمح لـ"نملة" أن تتحرك من دون معرفته ورقابته العسكرية.

لا قدرة للأجهزة الأمنية على ضبط الحدود

مصدر أمني يُلخّص ما يجري من عمليات تهريب للبنزين والمازوت والطحين، من لبنان إلى سوريا، فيقول إن المهرّبين وشركات كبيرة لتوزيع الوقود، يفضّلون بيع هذه المواد الى سوريا، للاستفادة من فرق السعر بين لبنان وسوريا مؤخّراً والدعم الذي يقدّمه مصرف لبنان للمازوت، لتهريبه بواسطة خمسين إلى مئة صهريج في اليوم من معابر غير شرعية في الهرمل وفي وادي خالد.

ويضيف المصدر: كما يتمّ تهريب بعض كميّات الطحين من القمح الطري إلى سوريا ليستخدم في صناعة الخبز السياحي، وهي مادة مدعومة من المصرف المركزي أيضاً. إلّا أن المصدر يؤكّد أن قدرة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية على ضبط الحدود بنسبة مئة في المئة، هو أمر مستحيل وأن المناطق التي يتمّ فيها التهريب لم يكمل الجيش انتشاره فيها كما كان مخططاً بفعل الأزمة السياسية والأمنية في الداخل وقرار وقف التطويع بسبب الأزمة المالية.