بقلم خالد عوض
أي لغة يفهم <الدواعش>؟ وكيف لم تنشأ حتى الآن عندهم مقاومة شعبية ترفض الحكم البربري الذي يضاهي إسرائيل وحشية وحقداً؟ وأي تحالف هذا الذي لا يحاول جدياً إنقاذ طيار كمعاذ الكساسبة بأي وسيلة، أكانت مجموعة <كوماندوس> أو ضربات مؤلمة ومتوالية على منطقة معينة عند <داعش> لا تتوقف إلا بترك الطيار؟ معها كل الحق دولة الإمارات العربية في وقف مشاركة طائراتها في طلعات التحالف إثر أسر الكساسبة بسبب عدم وجود خطة وترتيبات لوجستية لإجلاء الطيارين إن سقطت طائراتهم. الطيارون لا يثقون بقيادتهم عندما يترك الكساسبة لمصيره كما حصل وإحراق الطيار الأردني جاء ليرهب الطيارين الآخرين. لا تشبه هذه الحرب في أي تفصيل منها <عاصفة الصحراء> منذ ربع قرن أو حرب إزالة <صدام> منذ ثمن قرن رغم كل التطور في التكنولوجيا العسكرية خلال هذه السنوات. معركة <كوباني> اثبتت أن الحرب على <داعش> لن تكسب من الجو وحده. أريد لها أن تكون حرباً لعدة سنوات لا ينهيها <باراك اوباما> بل ربما تحظى المرشحة الديموقراطية للرئاسة الأميركية عام 2016 <هيلاري كلينتون> بشرف <حسمها>. المهم في كل ذلك أن الحرب على تنظيم الدولة الإرهابية لا تتجه إلى الحسم بل إلى مزيد من الوقت الذي يصب في مصلحتها.
هناك عدة عوامل يمكن أن تساهم في إنهاء <داعش> بطريقة جذرية قد تكون أفعل بكثير من الضربات الجوية:
1 - دعم قيام مقاومة مسلحة منظمة ضد التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق.
2 - تجفيف مصادر السلاح والمال الذي لا يزال يتدفق على <داعش> من البوابة التركية.
3 - إزاحة <بشار الأسد> وقيام حكومة سورية جامعة مهمتها إعادة بسط سلطتها على كامل الأراضي السورية.
4 - توجّه جدي لحكومة <حيدر العبادي> في العراق في إقناع المجموعة السنية الكبيرة في وسط العراق بأنها ستكون جزءاً حقيقياً من عراق المستقبل.
والعامل المشترك في معظم ما سبق هو التوجه إلى الناس الذين هم اليوم سكان دولة <داعش>. هؤلاء أمامهم خيار التطبع مع الإرهاب وأشكاله أو رفضه بكل الوسائل إذا رأوا حلاً أفضل. هم لا يرون في الضربات الجوية خلاصاً لهم، ويرون في المرحوم <معاذ> معتدياً. يرفضون طريقة تعذيبه ولكنهم يسألون: ماذا كان يفعل أساساً حتى وقع في أسر <داعش>؟ أهل الرقة والموصل يجمعهم الإحساس بالظلم، لا الجغرافيا ولا التاريخ.. لا يريدون حكم بشار الأسد ولا العودة إلى عصر نوري المالكي. على الأقل <داعش> لن تعيدهم إلى أي من الإثنين ورغم كل ما يعانونه فهم مقتنعون مع الأسف بأن حالهم كانت أسوأ قبل <داعش>. من هنا البداية وليس من <كوباني>. ما يحصل اليوم هو ترسيخ لوجود <داعش> أو أي صيغة شبيهة وليس العكس. لو أعطيت كلفة الضربات الجوية مالاً ومشاريع إنمائية لسكان مناطق <داعش>، لكان أبو بكر البغدادي يبحث اليوم عن ملجأ. ولكن الأولوية الدولية هي لمافيا تجارة السلاح قبل كل شيء.
اللبنانيون يجب أن يتذكروا أن <داعش> وأخواتها على حدودهم الشرقية ويأسرون ويغتالون جنود جيشنا كل يوم. وفي لبنان هناك من يرى في <داعش> خلاصاً من الفوقية السياسية الداخلية لحزب الله ومن سنوات من تقصير الدولة بحق مناطقهم. لذلك يجب أن تكون البداية من هنا، أي من عكس مفاعيل 7 أيار (مايو) 2008 وتنفيذ بعض من الكلام الكثير عن الإنماء المتوازن. من دون ذلك لن يكون الحوار الحاصل ذا جدوى. ومن دون ذلك سيزيد في لبنان عدد المجانين الذين ينظرون إلى <داعش> بعين الأمل.