تفاصيل الخبر

أيهما أحب إلى ”نتنياهو“... الحرب أو الحبس؟

30/08/2019
أيهما أحب إلى ”نتنياهو“... الحرب أو الحبس؟

أيهما أحب إلى ”نتنياهو“... الحرب أو الحبس؟

 

بقلم خالد عوض

 

العالم اليوم ليس فقط بإنتظار نتائج قمة السبع (G7) التي انعقدت في مدينة <بياريتز> الفرنسية مؤخرا أو في دواخة تغريدات الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> التي تتقلب كل ساعة حول موقف الولايات المتحدة من الحرب التجارية. العالم حاليا بتوقيت الإنتخابات الإسرائيلية التي ستجري بعد أسبوعين تقريبا ليس لأهميتها الكونية بل لأنها إحدى الحجارة الأساس في عملية تكوين الشرق الأوسط الجديد التي نحن بصددها.

 

المفاوضات الأميركية-الإيرانية.. بدأت

تبدو إيران منقسمة داخليا حول الإستراتيجية الدولية، فمن جهة هناك المتشددون الذين يهاجمون أي تنازل في الموقف الإيراني وعارضوا بشدة زيارة وزير الخارجية <محمد جواد ظريف> إلى <بياريتز> لأنهم يؤمنون بعدم جدوى أي مفاوضات مع الغرب والتاريخ بالنسبة اليهم يشهد. ومن جهة أخرى هناك الليبراليون الذين يعتقدون أن التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة ستكون له ارتدادات إيجابية على الإقتصاد الإيراني. ولولا هذا الإنقسام لكنا ربما رأينا الرئيس الإيراني <حسن روحاني> بنفسه في <بياريتز> كما كان الرئيس الفرنسي <إيمانويل ماكرون> يشتهي لتحقيق فرصة لقاء بين <ترامب> و<روحاني>. ولكن رغم عدم ظهور أي نتائج ملموسة لإجتماع <ظريف> بـ<ماكرون> والأوروبيين إلا أن خطوط المفاوضات الأميركية الإيرانية أصبحت مفتوحة في عدة مسارات. المسار الفرنسي في موضوع الإتفاق النووي، والمسار العماني في مسألة سلامة الملاحة في مضيق <هرمز>، والمسار المرتبط بأفغانستان عبر مفاوضات أميركية مباشرة مع طالبان. والجديد أيضا هو تفويض السفير الأميركي في اليمن <كريستوفر هينزل> ببدء مفاوضات مباشرة مع الحوثيين لوقف الحرب هناك. من الواضح أن الأميركيين يريدون تهدئة كل الجبهات العسكرية حتى يتفرغوا إلى الجبهة التجارية مع الصين.

 

<نتنياهو> بين الحرب و...الحبس

 

بدء المفاوضات الإيرانية - الأميركية يقلق الكثيرين وأولهم رئيس الوزراء الإسرائيلي <بنيامين نتنياهو> الذي يستعد لإنتخابات فاصلة يوم ١٧ أيلول (سبتمبر) الآتي. المنافسة قوية بينه وبين <بني غانتز> رئيس حزب الأبيض والأزرق، والأرجح أنها ستؤدي إلى النتائج نفسها التي حصل عليها الإثنان منذ أربعة أشهر عندما فاز <نتنياهو> ولكنه لم يستطع تشكيل ائتلاف حكومي يعطيه الأكثرية. الإحصاءات تشير إلى أن مشهد الإنتخابات السابقة سيتكرر إلا إذا وقع حدث كبير. لذلك غامر رئيس الحكومة الإسرائيلي بضربات الى العراق وسوريا وحتى لبنان ليظهر بأنه رجل المبادرة والأوقات الصعبة. ولكن جاءت عملية الضاحية الجنوبية الفاشلة في لبنان لتعقد المشهد بالنسبة له. فالمعلومات تشير أن إسرائيل كانت تخطط لإغتيال مسؤول في حزب الله عبر طائرة مسيرة ولكن الطائرة وقعت وانفجرت ثم جاءت طائرة مسيرة ثانية وسقطت هي الأخرى. لا شك أن هذا الإعتداء مقصود منه استدراج حزب الله لردة فعل تؤجج الوضع في المنطقة ولكنها يمكن أن تنقذ <نتنياهو> من خسارة سياسية مدوية، فإذا لم يتمكن من كسب أكثرية في الكنيست أو التحالف مع احزاب أخرى لتأمين تلك الأكثرية لن يتمكن من تأليف حكومة، هذا يعني أن النظام السياسي الإسرائيلي سيقع في الشلل الكامل. وبغض النظر عما يمكن أن يحصل سياسيا في إسرائيل سيكون مصير < نتنياهو> السجن لمدة لا تقل عن ١٨ شهرا لأنه ملاحق وزوجته بتهم فساد لم يعد ممكنا وقفها إلا بقانون حصانة خاص تصدره الحكومة المقبلة، وهذا ليس مقبولا عند أي من الأحزاب الأخرى التي يمكن أن يتحالف معها < نتنياهو>، هذا إن ربح. بإختصار مصير <نتنياهو> السجن إلا إذا هرول إلى حرب أو جو حرب يعطيه زخما إنتخابيا.

حزب الله يقرر في الإنتخابات الإسرائيلية

 

العالم كله وليس فقط إسرائيل يتوقع رد حزب الله على عملية الضاحية خاصة بعد توعد الأمين العام السيد حسن نصر الله بالرد. ولكن بعد إستيعاب الضربة بدأ الحزب في حسابات التوقيت وحجم الضربة ومداها. الحزب عارف بالأوضاع الإسرائيلية الداخلية وبانسداد الأفق السياسي هناك. في يده أن يؤجل الضربة إلى قبل الإنتخابات الإسرائيلية ببضعة أيام أو بجعلها محصورة في <مزارع شبعا> التي ليست أرضا إسرائيلية أو بجعلها رمزية عسكريا ولكن معبرة استراتيجيا عن قدرات الحزب. كل هذه الخيارات متاحة لحزب الله الذي تتصل به دول العالم اليوم لحثه على التهدئة. هذا يعطي الحزب كلمة مهمة في مسار الإنتخابات الإسرائيلية، فهو بإستطاعته أن يؤثر من خلال رده في حظوظ <نتنياهو> الإنتخابية وفي سرعة إرساله إلى السجن أو ابقائه على رأس حكومة غير متوالفة لا يمكن أن تحكم طويلا.

كل ما حصل إقليميا ودوليا يؤكد أن العالم لا يزال يجنح إلى التسويات وليس إلى الحروب. ولكن بين القدرة على ضبط النفس والكرامة الوطنية أو القومية خيط رفيع يمكن أن ينقطع في أي لحظة. هذا ما يفسر القلق في الأسواق المالية والإتجاه أكثر فأكثر إلى الذهب كملاذ آمن في أيام الحروب والأزمات. الأرجح أن هذا الملاذ سيصبح ثمينا جدا بالنسبة لكل العملات.