تفاصيل الخبر

أي تغيير سياسي جذري ينتظر العالم العربي خلال السنوات القليلة المقبلة؟  

22/07/2016
أي تغيير سياسي جذري ينتظر العالم العربي خلال السنوات القليلة المقبلة؟  

أي تغيير سياسي جذري ينتظر العالم العربي خلال السنوات القليلة المقبلة؟  

بقلم خالد عوض

erdogan-phone-1

هناك عدة عوامل تساعد الاقتصاد الأميركي وتعطيه مزيداً من الأوكسيجين في وقت تخطى فيه الدين العام للولايات المتحدة حاجز الـ19 ألف مليار دولار وأصبح موضوع زيادة الفوائد شبه مستحيل في المستقبل المنظور وربما البعيد.

العامل الأول هو أن الاقتصادات الأخرى في العالم تعاني، فلا أميركا اللاتينية بخير، ولا نمو الصين مطمئن خاصة بعدما خسرت بورصة <شنغهاي> أكثر من ٤٠ بالمئة خلال سنة، ولا روسيا قادرة على الخروج من الإنكماش. أما أوروبا فحدّث ولا حرج، خاصة بعدما زاد تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي الغموض على مستقبل الاتحاد برمته. أين يمكن الاستثمار إذاً؟ تبقى الولايات المتحدة المكان الأكثر أماناً بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال والصناديق والشركات والأفراد. مئات مليارات الدولارات تتدفق سنوياً بحثاً عن استثمار عقاري أو في شركات العم سام أو في سندات الخزينة الأميركية أي في الدولار.

العامل الثاني المهم ولو كان أقل تأثيراً على النمو الأميركي ككل هو زيادة مبيعات شركات السلاح التي تحقق هذه السنة أرقاماً قياسية من حيث التصدير. هذه الشركات توظف مئات الآلاف من الأميركيين وعندما يكون وضعها بخير تتراجع نسبة البطالة بشكل كبير، وهذا يفسر إلى حد معين أن نسبة البطالة في الولايات المتحدة ما زالت تحت الخمسة بالمئة.

العامل الثالث الأهم من العاملين السابقين نظراً لتأثيره العالمي هو التنامي الكبير لشركات التكنولوجيا. فـ<وادي السيليكون> في ولاية كاليفورنيا لم يعد يتسع لا لشركات تكنولوجيا جديدة ولا للشركات الكبيرة التي تتوسع باستمرار، مثل <غوغل> و<أبل> و<فايسبوك>. أسعار العقارات في <وادي السيليكون> المعروف بكونه واحة الابتكار التكنولوجي والقريب من مدينة <سان فرنسيسكو> أصبحت أغلى من الأسعار الملتهبة في مدينة <نيويورك>، وزحمة السير في هذه المنطقة والمناطق المحيطة بها أصبحت على مدار اليوم ولم تعد محمولة.

ولكن بالإضافة إلى أنه رافعة مهمة للاقتصاد الأميركي، أصبح قطاع التكنولوجيا العامل الرئيسي في تغيير أحداث العالم وهذا ما يجعله مركز جاذبية للاستثمارات من كل حدب وصوب.

هناك مثلان حديثان يؤكدان أن شركات التكنولوجيا الأميركية أصبحت أحد أهم عناصر التأثير السياسي والأمني في العالم مما يؤكد تأثيرها الاقتصادي والمالي.

البداية من مدينة <نيس> الفرنسية التي شهدت مؤخراً أفظع العمليات الإرهابية عن طريق دهس عشرات الناس بواسطة شاحنة. الشاب التونسي الذي قام بهذا العمل المجنون تم تجنيده من خلال <الفايسبوك>. لولا <الفايسبوك> ما كانت أفكار <دولة محمد-بو-هلالالإرهاب في العراق والشام> لوصلت إليه وأعطته صكاً على بياض، أي وعداً في الجنة، ليرتكب فعلته.

الحادثة الثانية هي المحاولة الانقلابية في تركيا، فلولا الرسالة التي بعث بها الرئيس التركي <رجب طيب اردوغان> إلى مناصريه لينزلوا إلى الشارع من خلال التليفون المحمول <أيفون> لكان الانقلاب قد نجح لأن الناس في المدن التركية لم تكن تعرف ماذا يحصل وكيف تتصرف.

بين <فايسبوك> و<أبل> مات العشرات في <نيس> واسطنبول، وفشل انقلاب كان من الصعب أن يفشل لولا الرسالة التليفونية للرئيس التركي.

التكنولوجيا الأميركية تغير مجرى الأحداث، ليس بالضرورة باتجاه الخير، وتساهم في كتابة تاريخ الشعوب، ولذلك هي وجهة ثابتة لرؤوس الأموال. في الوقت نفسه أصبحت أحد أهم عوامل عدم الاستقرار في العالم. لذلك لن تنفع جدران <دونالد ترامب> المرشح الجمهوري الرسمي للإنتخابات الأميركية في منع الإرهاب من الانتشار طالما أن النمو التكنولوجي يسير بهذه السرعة.

لبنان والعالم العربي بشكل عام ما زالا يتعاطيان في السياسة بالطريقة التقليدية. مرد ذلك أن التكنولوجيا، التي ولو أنها أصبحت موجودة في كل بيت عربي تقريباً إلا أنها لم تتحول بعد إلى وسيلة تغيير سياسي. ولكن حسب المسار العام الذي يسلكه التطور التكنولوجي وحتمية وصوله إلينا بسرعة،  فإن التغيير الجذري لم يعد بعيداً.

المشكلة أنه لن يكون بالضرورة تغييراً إلى الأفضل.