تفاصيل الخبر

أي رئيسة... أي رئيس... لفرنسا اليوم؟!

05/05/2017
أي رئيسة... أي رئيس... لفرنسا اليوم؟!

أي رئيسة... أي رئيس... لفرنسا اليوم؟!

 

بقلم وليد عوض

لوبان-و-ايمانويل

في عصر القمر الصناعي والتواصل الالكتروني، لم تعد الجغرافيا مشكلة، واي حدث يقع في فرنسا لا بد أن يفرش ظلاله وآثاره في لبنان. وهذا ينبغي أن نفطن إليه اليوم الجمعة سواء أكانت نتائج الجولة الرئاسية الفرنسية أمس الخميس لصالح مرشحة اليمين المتطرف <مارين لوبان> أو مرشح الوسط <ايمانويل ماكرون>.

في خريف 1968، اعتدت الطائرات الإسرائيلية على مطار بيروت وأهلكت 13 طائرة مدنية، ولكنها في الوقت نفسه كشفت من كان صديقاً للبنان ومن كان في غفلة عنه، أو بين بين. يومئذ أصدر الرئيس الفرنسي <شارل ديغول> بياناً ضد العدوان الاسرائيلي، وأفهم القاصي والداني أن فرنسا لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما كررت اسرائيل العدوان على لبنان...

هذه البادرة الملفتة من الرئيس <شارل ديغول> أملت على الرئيس اللبناني شارل حلو، أن يعقد جلسة تاريخية في القصر الجمهوري مع وزير الخارجية الراحل فؤاد بطرس ويقول له:

<اذهب يا فؤاد الى باريس واحمل الى الرئيس <ديغول> شكر لبنان على هذه البادرة الودية التي تساوي عندنا ألف طائرة فرنسية داعمة للبنان ضد اسرائيل، وأخبره أيضاً أن هذا الموقف للجنرال كان موقفاً تاريخياً لن يغيب عن ذاكرة اللبنانيين.

وبكلمات شارل حلو الذي كان واحداً من كبار المفكرين اللبنانيين وتلميذاً نجيباً لمؤسس الدستور اللبناني ميشال شيحا مؤسس جريدة <لو جور>، التزام فؤاد بطرس فرد عليه الرئيس ديغول:

<أشكر نيابة عني فخامة رئيس بلادكم وأخبره أن فرنسا جاهزة للدفاع عن لبنان بكل الوسائل، ولكنها لا تملك هذه القدرة إن حصل اشتباك بين البسطة والجميزة>.

وكان <ديغول> بذلك يشير الى حرب أهلية يمكن للبنانيين أن يقعوا فيها، وهذا ما حصل ربيع 1975، ولم تكن فرنسا الرئيس <فاليري جيسكار ديستان> تملك الوسيلة الكفيلة برد غائلة الهجوم على لبنان لا فكرياً ولا عسكرياً.

ونحن الآن بين رجل وسيدة سيتولى أحدهما ناصية الرئاسة الفرنسية، ونعرف تماماً أية حدود يمكن أن تلتزم بها فرنسا حتى العام 2022 نهاية الولاية الرئاسية لليمين أو اليسار. فقد تكون السيادة في قصر <الاليزيه> اليوم الجمعة لزعيمة اليمين المتطرف <مارين لوبان> التي اشتهرت بحسن التخطيط، ومن ذلك تحالفها منذ أيام مع <نيكولا دوبون> وإسناد رئاسة الحكومة الى الحليف الجديد.

وفي الطريق نفسه فتحت على مرشح الوسط <ايمانويل ماكرون> ناراً حامية لأن الرجل كما يقول حليف <مارين> <سيخضع لهيمنة سلطة المال ويبدد هويتنا وثقافتنا التي لا يعترف بوجودها>...

إلا أن <ماكرون> لم يبقَ صامتاً وحاول السخرية من محاولة السيدة <مارين> التفريق بين عقليتها وعقلية والدها الرئيس السابق للحزب <جان ماري لوبان>، وقال إن هذه اللبوة بنت والدها الأسد المتطرف، والى متاهات هذه السياسة ستأخذ فرنسا.

ونجاح اليمين في فرنسا سيرخي ظلاله على الاتحاد الاوروبي ككل، كما أن فوز اليسار بشخص <ماكرون>، وهذا ما ترجحه المستشارة الألمانية <انجيلا ميركيل>، سيعزز شراكة فرنسا مع الاتحاد الأوروبي.

كما جعل الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> شعاره الانتخابي <أميركا أولاً> وكذلك فإن <مارين لوبان> تخوض المعركة على اساس شعار <فرنسا أولاً وآخراً>.أما <ماكرون> فشعاره هو استرداد فرنسا من حضن المصالح التجارية الأوروبية والأميركية.

ومن خلال هذه الصورة لا يمكن لـ<مارين لوبان> أو لـ<ايمانويل ماكرون> أن يكون رئيساً قوياً.

ويا أيام <ديغول>... سقاك الحيا!