تفاصيل الخبر

أي ريـــــح تـعـصـــف فـــي الـعــــــــراق بالاسـتـثـمــــــارات اللـبـنـانـيــــــة؟!

11/09/2015
أي ريـــــح تـعـصـــف فـــي الـعــــــــراق  بالاسـتـثـمــــــارات اللـبـنـانـيــــــة؟!

أي ريـــــح تـعـصـــف فـــي الـعــــــــراق بالاسـتـثـمــــــارات اللـبـنـانـيــــــة؟!

 

بقلم طوني بشارة

SAM_0952 قبل سبعة أعوام، وتحديداً في منتصف عام 2008، عندما وقعت الأزمة المالية في الولايات المتحدة وألقتْ بظلالها على الاقتصاد العالمي وأدّت إلى إنهيار أسعار النفط من 143 دولار إلى 30 دولار للبرميل الواحد، لم يتعظ آنذاك المسؤولون عن إدارة الدولة عامةً والاقتصاد العراقي خاصةً، ولم يبادروا ويتخذوا إجراءات فعّالة من شأنها تنويع مصادر الدخل القومي، بَلْ صرَّحَ في حينه وزير المالية الأسبق باقر جبر الزبيدي، ساخراً ومستهزئاً بتأثيرات الأزمة المالية على العراق، معتبراً أنّ العراق لن يتأثر بتلك الأزمة! ...

والمتتبع للاوضاع الاقتصادية يلاحظ أن العراق يواجه مرة أخرى أزمة ماليةً حادة وعجزاً في الموازنة السنوية بسبب هبوط أسعار النفط والانفاق غير المُبرر على مشاريع وهمية وتبذير المال العام الذي يُمثل أحد أشكال الفساد...

أزمة مالية خانقة دفعت وزارة التخطيط العراقية الى إعادة النظر في ستة آلاف مشروع، فيما أكد خبراء في الاقتصاد أن المشاريع في غالبيتها تباع بين تجار ومسؤولين متنفذين في الحكومة العراقية. ذلك وقد اعتمد المصرف المركزي العراقي إجراءات متعددة للحد من تأثيرات الأزمة المالية، مما دفعنا الى التساؤل عن مدى تأثير الأزمة على الاستثمارات اللبنانية في العراق من مؤسسات ومصارف من جهة، وعن تأثير الإجراءات العراقية المتخذة لمعالجة الأزمة على الاستثمارات اللبنانية في العراق من جهة ثانية.

دروس من لبنان

 

أسئلة عديدة للاجابة عليها قابلت <الافكار> المستثمر الاكبر في العراق جاك صراف، كما قابلت المسؤول عن العلاقات الخارجية لـ<فرنسبنك> جورج اندراوس.

وقد أكد صراف ان الاقتصاد العراقي مبني أساساً على النفط، مما يعني ان التدني الاخير بأسعار النفط كان له تأثير سلبي على علاقة بغداد مع كل من كردستان والبصرة، على اعتبار ان محافظات العراق تعتاش بواسطة مداخيل ومخصصات من مركزية بغداد.

وتابع صراف: المتتبع للاوضاع العراقية يلاحظ ان الحكومة الحالية وبسبب تدني اسعار النفط المتزامن مع دخول كل من <داعش> و<النصرة> على الخط واحتلالهما للموصل والانبار من جهة، واعتمادها لخطط جديدة مستعينة بثقافتنا عن طريق استحداث مناصب جديدة كنائب للرئيس، ومرافق امني للمسؤولين من جهة ثانية، ساهمت بمضاعفة الكلفة مما ادى الى تفاقم الأزمة المالية في العراق.

واستطرد صراف: أمام هذا الواقع تدخل المصرف المركزي العراقي وأصدر عدة قرارات بغية معالجة الأزمة، من أهمها:

- إلزامية بيع الدولار بالمزاد.

- وضع سياسة ضريبية على الدولار.

هذه الإجراءات ادت نوعاً ما الى تدني الاسعار الى مستوى يحفظ الاستقرار النقدي وبالتالي يؤمن الاستقرار الاجتماعي، فالمصرف المركزي العراقي شجع على التعامل بالعملة العراقية كما سعى لوقف الهدر وذلك بغية معالجة المصاريف.

اما بالنسبة لتأثير الأزمة على المستثمرين اللبنانيين في العراق، فقد أردف جاك صراف قائلاً:

- إن المستثمر اللبناني في العراق يعد مستثمراً أجنبياً، لذا فهو ملزم بالدخول الى السوق بالدولار، وشركتنا <ماليا غروب> بالنسبة لدورها كشركة توزيع في العراق وبسبب عدم استقرار سعر العملة، شهدت تراجعاً بالمردود في السوق العراقي اثناء الأزمة تراوح ما بين الـ20 والـ30 بالمئة. اما في مجال الاستثمارات الاخرى، فالأزمة كان لها اذا أمكن القول منافع وحسنات على اعتبار اننا ندفع رواتب الموظفين بالدينار العراقي.

وتابع صراف: ولكن ومهما يكن الأمر، فلا بد من الاشارة الى اننا في لبنان مررنا بأزمات وصعوبات مشابهة لأزمة العراق، مما جعلنا نلجأ كمستثمرين في السوق العراقي الى الحلول نفسها التي اعتمدناها في لبنان، ولكن بشروط نوعاً ما مختلفة، ففي لبنان يوجد تسهيلات بعملية الصرف، كما يوجد لدينا حرية للمصرف المركزي، ناهيك عن قانون السرية المصرفية، بينما عملية بيع وشراء الدولار في العراق مُراقبة، وتتطلب إبراز الاسباب الدافعة للشراء.

 

اندراوس ومصارف لبنان في العراق

ــ هذا بالنسبة لأثر الإجراءات العراقية على المشاريع الاستثمارية في العراق، فما اثر الأزمة على فروع المصارف اللبنانية في العراق؟ وهل تم اتخاذ إجراءات معينة من قبل المصرف المركزي العراقي بحق المصارف اللبنانية؟

رئيس العلاقات الخارجية لدى مصرف <فرنسبنك> جورج اندراوس اوضح في ما يتعلق برأسمال المصارف اللبنانية في العراق:

- بأن المصرف المركزي العراقي قد أصدر تعديلاً على قرار سابق، والذي كان يقضي بضرورة توفر 70 مليون دولار كرأسمال للمصارف الاجنبية في العراق، وبموجب هذا التعديل تم الطلب من فروع المصارف اللبنانية في العراق بأن يكون رأسمالها في 30/6/2016 يوازي الـ 25 مليون دولار، على ان تصل قيمة رأس المال الى 50 مليون دولار بتاريخ 30/6/2017، وذلك بغض النظر عن عدد الفروع.

 وفي ما يتعلق بنطاق عمل المصارف اللبنانية في العراق أجاب اندراوس:

- لقد ابتدأنا عملنا كـ<فرنسبنك> في العراق في الشهر الثامن من عام 2014، وذلك في خضم الأزمة المالية العراقية، وفي هذا السياق لا بد من الاشارة بأن نشاط المصارف اللبنانية في العراق واسع ولا ينحصر فقط في مجال العملات، بل إنها دخلت في اعمال التجزئة، وفي مجال الكفالات للشركات، و<فرنسبنك> كباقي المصارف اللبنانية يمارس نشاطه بشكل عادي في بغداد واربيل، وذلك من حيث جلب الودائع والدين في السوق والدخول بمزادات من اجل الاعتمادات ولعب دور الوسيط بين الزبون والمصرف المركزي .

 وبالنسبة للاتهام الموجه من قبل مساعد وزير الخزانة الاميركية <دانيال غلايزر> للمصارف اللبنانية التي تعمل في العراق بأنها تمول الارهاب اوضح اندراوس: نحن اليوم في العراق كفروع نعتمد المعايير نفسها المطبقة في بيروت (اعرف عميلك-وذلك من ناحية المستندات وعملية مكافحة تبييض الاموال) لا بل نعتمد إجراءات اكثر تشدداً، من تلك المعتمدة في بيروت، فالعمليات التي ندخل بها في العراق لا علاقة لها اطلاقاً بتبييض الاموال كما ان المستندات المقدمة من العميل تمر على المصرف المركزي للتأكد من صحتها، وما ينطبق على <فرنسبنك> ينطبق على المصارف اللبنانية كافة في العراق، فالجميع متشدد إزاء هذه الامور، لذا لا يوجد مخاطر ولا حتى اي اتهام من هذا القبيل.

SAM_1542وتابع اندراوس:

- كما اننا نعتمد مبدأ الزيارات المتكررة للعراق مع ضرورة إجراء تدريبات للموظفين ووضع رقابة كاملة على الانظمة المعتمدة لدى فروعنا في العراق.

وعن الإجراء الذي يفرض تقديم ضمانات مقابل التسليفات علماً ان القانون العراقي يمنع تملك الاجانب في العراق مما يعني ان اي تسليف مقابل رهن لا يسمح للمصرف باسترداد العقار، اوضح اندراوس: هذا الأمر ينطبق فقط على فرعنا في بغداد، اما في اربيل فهناك تساهل في عملية التملك.

ــ  وماذا عن قرار المصرف المركزي العراقي القاضي بإلزامية احتساب الضمانات على بعض العمليات المصرفية بالدينار وليس بالدولار ألم يؤدِ ذلك الى ارباككم في ظل عدم استقرار سعر الصرف؟

- نحن نعمل في العراق، وعلينا التزام العمل بالعملة المحلية، والارباح والميزانية تحتسب حكماً بالدينار، وبالتأكيد قد يطرأ احياناً بعض التقلبات بالصرف، ولكن كجهات مسؤولة علينا دائماً التأكيد ان عملنا يتم احتسابيا بالدينار.

وبالنسبة لاثر أزمة السيولة على الاستثمارات الحالية والمستقبلية للمصارف اللبنانية في العراق قال اندراوس:

- إن أزمة السيولة في العراق جزء من الأزمة الاقتصادية، وكمصارف علينا تأمين ودائع ومصادر تمويل من أجل القيام بعملية التسليف، الأزمة في اربيل اصعب من أزمة بغداد، ولا يخفى على احد، ان انخفاض سعر النفط من 110 الى 40 دولار، وما رافق ذلك من تداعيات سلبية على موازنة الحكومة العراقية التي تكبدت وبسبب الحرب مصاريف عسكرية ضخمة، اثر سلباً على الاقتصاد ككل وتترجم ذلك بأزمة سيولة، وبالتالي اثر ذلك بالتأكيد وللأسف على العمل المصرفي.

وتابع اندراوس: المصارف اللبنانية جديرة بإدارة الازمات ولديها خبرات في هذا المجال، واعتقد ان المصارف تعلم ان الوضع صعب في العراق، ولكن هي على يقين بأن القدرات المستقبلية للعراق هائلة لا سيما بعد الوصول الى مرحلة الاستقرار السياسي، مما يعني ان المصارف اللبنانية وبعد هدوء الأزمة ستلعب دوراً أساسياً، وذلك نظراً لخبرتها وقدراتها وخدماتها وانفتاحها على المنطقة.