تفاصيل الخبر

أي مسار للشعوب العربية... الإنفجار أو الإنكسار أو الإرهاب بشكل جديد؟

21/09/2018
أي مسار للشعوب العربية... الإنفجار  أو الإنكسار أو الإرهاب بشكل جديد؟

أي مسار للشعوب العربية... الإنفجار أو الإنكسار أو الإرهاب بشكل جديد؟

 

بقلم خالد عوض

هناك نظريتان حاليتان بالنسبة لكل ما يحصل في الشرق الأوسط. الأولى تقول أن شعب المنطقة وخاصة الأمة العربية فقدت القدرة على الغضب. والثانية تشير إلى عكس ذلك تماما وأن هناك بركانا يتحضر وأن سيناريو <داعش> سيتكرر بشكل أكبر وأكثر فظاعة. أين الحقيقة؟

فلسطين.. بداية النهاية؟

الإجراءات الأميركية الظالمة ضد الفلسطينيين هي مؤشر لمحاولة جدية من الولايات المتحدة خاصة والغرب بشكل عام لإنهاء <قضية فلسطين>. من نقل السفارة الأميركية إلى القدس إلى وقف تمويل <الأنروا> وصولا إلى إقفال بعثة فلسطين في واشنطن والتغاضي الفاضح عن قانون الدولة القومية لليهود الذي يكرس إسرائيل كدولة لليهود عاصمتها القدس ويشجع الاستيطان، أكدت إدارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> أن سياستها هي إعتبار فلسطين من الماضي والتعامل مع الأمر الواقع على الأرض أنه الأساس الصالح للمستقبل، أما الكلام عن <صفقة القرن> فهو الإخراج السياسي لهذا الإنهاء والإعلان الرسمي الدولي عن موت القضية. لا حاجة لجلد الذات والكلام عن فشل الفلسطينيين في كل ما قاموا به، إن كان لناحية اتفاقات السلام أو الانتفاضات والحروب. الحقيقة هي أن إسرائيل أقوى بكثير دبلوماسيا وعسكريا ونفوذها منتشر عبر اللوبيات اليهودية الفاعلة من الكونغرس الأميركي إلى مجلس الدوما الروسي، كما أنها شرطي المنطقة التي يحرص على مصالحها الأميركيون وحتى الأوروبيون. وأكبر دليل على النفوذ والتفوق الإسرائيلي هو أن طائراتها العسكرية تصول وتجول في الأجواء السورية لضرب أي هدف إيراني أو تابع للنظام تجد فيه تهديدا لها من دون حسيب أو رقيب وعلى عينك يا <فلاديمير بوتين>. أما العرب فهم منشغلون بمشاكلهم السياسية والداخلية والإقتصادية والإجتماعية وهم أعجز اليوم من أي وقت مضى عن دعم القضية. الأمل المتبقي الوحيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في فلسطين هو في الموقف الإيراني والتركي. فقط هاتان الدولتان قادرتان اليوم على التصدي ولو نسبيا لـ<صفقة القرن> بسبب الطبيعة الاديولوجية لنظاميهما. ولكن حتى إيران وتركيا غارقتان في مشاكلهما الإقتصادية والمالية بشكل يعيد القضية التي من المفروض أساسا أن تكون عربية لا عجمية إلى أسفل أولوياتهما.

تبقى القاعدة العربية أي الشعب... هل سيرضى بالوقوف متفرجا على كل هذا الظلم من دون أن يفعل شيئا؟

 

الواقع الإقتصادي والإجتماعي والسياسي

 

لا يخفى على أحد اليوم أن الأوضاع العربية في تقهقر وعلى كل المستويات، ولكن قنبلة البطالة التي ينتفخ حجمها كل سنة والذي من المتوقع أن يصل إلى أكثر من ٢٥ مليون شاب وشابة عربية مع حلول عام ٢٠٢٥ لا يمكن إطفاؤها بالقمع أو مجرد خطابات مسرحية لبعض الزعماء الذين لديهم <كاريزما> شعبية أو قدرة على تجييش الحماسة الطائفية والمذهبية. الناس في فقر متزايد والأرقام تصرخ، وقد أظهر تقرير لمنظمة <الإسكوا> في العام الماضي أن نسبة الفقر في العالم العربي تتجاوز ٤٠ بالمئة بينها حوالى ١٣ بالمئة في حالة الفقر المتقع. الديون الحكومية للدول العربية تناهز ٢٠٠٠ مليار دولار أكثر من نصفها ديون خارجية. كل الميزانيات في عجز مستمر، حتى في الدول النفطية، التي أصبحت مضطرة إلى التركيز أكثر على أمورها الداخلية والانكفاء عن القضايا العربية الأخرى. حتى التكتلات العربية والحديث عن سوق عربية مشتركة أو إتحادات جغرافية، كلها أصبحت من الماضي. في المقابل تفتقد معظم الدول العربية إلى أصحاب رؤية وقيادات سياسية قادرة على صنع مستقبل أفضل ويستخدم الدين أو المذهب كوسيلة فضلى للحكم السياسي.

كابوس الفساد

فوق كل ذلك مطلوب من الشعوب العربية التأقلم مع الفساد وقبول أن تصبح نسبة قليلة منهم أغنى بكثير كثير من باقي الناس. في تقريرها الأخير عن الفساد صنفت منظمة الشفافية الدولية ١٩ دولة عربيــــــــــــــــــــــــــة من أصل ٢١ في مصاف الدول التي ينتشر فيها الفســـــــــــــــــــــــاد. أموال الشعب تهدر والطبقية تتفاقم والسرقات العامة أصبحت شبه علنية مع غياب أدنى درجات المحاسبة وملاحقـــــــــــــــــــــــــــــــة الإعلام والصحافة ومواقع التواصل الإجتماعي. لا وزير أو نائب في السجن ولا حتى في المحاكم بينما قضى رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق <إيهود أولمرت> ١٦ شهرا في السجن بسبب فضيحة رشوى. الفساد هو صنو الظلم لأنه يزيد من عدم المساواة والإحساس بالغبن وهي مشاعر معظم العرب اليوم.

هل يثور العرب أم أنهم اصبحوا مسكنين بالدين والعرق وتعلموا التعايش مع الظلم؟ هل ما حصل في البصرة ومدن عراقية مختلفة مؤخرا بداية موجة الغضب أم أنها فورة محدودة؟ أين بقايا <داعش> وخلاياها؟

من الصعب التخيل أن حال معظم الدول العربية المزدري هو حالة طبيعية لا يمكن أن تؤدي إلى شيء. نصف العرب تحت سن الثلاثين ومعبأون ضد كل شيء... من المؤكد أنه ستكون هناك ردة فعل، ولكن غير الأكيد هو كيف ستكون.