تفاصيل الخبر

أي مــــواد يشـهــــد طـلابـنـــــا ضـعـفــــاً فـيـهـــــا؟  الـمـدرســــة فــي لـبـــنـان... ارقـــــام ومــؤشـــــرات!

02/03/2018
أي مــــواد يشـهــــد طـلابـنـــــا ضـعـفــــاً فـيـهـــــا؟   الـمـدرســــة فــي لـبـــنـان... ارقـــــام ومــؤشـــــرات!

أي مــــواد يشـهــــد طـلابـنـــــا ضـعـفــــاً فـيـهـــــا؟  الـمـدرســــة فــي لـبـــنـان... ارقـــــام ومــؤشـــــرات!

 

بقلم عبير انطون

IMG_3649

ما هو واقع المدارس الخاصة والرسمية في لبنان اليوم؟ على ماذا تدل الارقام والمؤشرات؟ ما هي أبرز التحديات؟ ومن يضع سياسات المعالجة والتطوير ويواكبها؟

المركز التربوي للبحوث والإنماء وبالتعاون مع مكتب التعاون التربوي التابع للسفارة الفرنسية في لبنان اجرى دراسة مستندة الى الارقام والوقائع مع جداول واحصاءات دقيقة ومفصلة حول واقع التعليم تحت عنوان <المدرسة في لبنان: ارقام ومؤشرات> وكان محور الدراسة نظام التعليم العام ما قبل الجامعي في لبنان منذ العام 2011 - 2012 لغاية العام 2016 -2017، وقد سجلت مؤشرات عدة خصوصا مع زيادة أعداد النازحين السوريين الذين دخل قسم كبير منهم الى المدارس اللبنانية وكانت الدراسة قد شملتهم ايضا، فما ابرز نتائج الدراسة؟

تحليل ونتائج...

الدكتورة ندى عويجان رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء تتحدث عن أهمية الدراسة وتفصل النقاط التي عمل عليها فريق من الباحثين قائلة:

- تعرض الدراسة تحليلا للارقام وتفصيلا للمؤشرات ما يشير الى نقاط القوة ونقاط الضعف في التعليم العام ما قبل الجامعي، فقد تناول الباحثون لغة التدريس وتطور عدد الصفوف واستخدام التكنولوجيا، كما رصدت الدراسة اعداد المعلمين وتوزعهم وفئاتهم العمرية ومعدل تطور نتائج الامتحانات الرسمية ونتائج مشاركة التلامذة في الاختبارات الدولية.

 وتزيد عويجان موضحة:

- من المهم جدا معرفة هذا الواقع من اجل تصحيح خطط العمل وتلبية الحاجات التي تبينها هذه الدراسة التحليلية والتي تشمل القطاعين العام والخاص، فقد اتاحت إمكانية فهم افضل لنقاط القوة والضعف في النظام التربوي على المستويات والمكونات كافة من الموارد البشرية إلى طرق التدريس والتقييم، وسوف يشكل صدور هذه الدراسة باكورة لمنشورات أخرى تصدر دوريا عن المركز التربوي في هذا الصدد.

كذلك اعتبرت عويجان إن الشراكة الفعلية بين القطاعين الرسمي والخاص والمجتمع المدني هي إحدى الوسائل الناجعة لبلوغ الأهداف التي نتطلع إليها <نحن المقتنعين بالدور الكبير للتربية في بناء الوطن>.

ومن اولى المؤشرات التي رصدتها الدراسة ان لبنان شهد تزايداً في عدد التلاميذ بشكل مضطرد نظراً لدخول التلاميذ السوريين الى المدارس اللبنانية وهم بنسبة 4,7  بالمئة من مجموع تلاميذ لبنان ويتوزعون على القطاعين الرسمي والخاص، وبسبب ايضا تمديد المرحلة ما قبل الابتدائية من سنتين الى ثلاث سنوات مع قبول التلاميذ من عمر 3 سنوات أيضاً.

 العدد الاجمالي لمدارس لبنان بقي نسبياً العدد عينه مع تفوق للقطاع الرسمي على الرغم من ان القطاع الخاص يستقطب نحو ثلثي تلاميذ لبنان، مع الاشارة الى ان 6,27 بالمئة من مجموع مدارس لبنان لا يتجاوز عدد تلامذتها مئة تلميذ، ويبلغ المعدل الوسطي لاجهزة الكومبيوتر لكل تلميذ 5,4 أجهزة، مع تدني معدل التلامذة للمعلم الفعلي الواحد في القطاع الرسمي بمعدل 9 مقابل ارتفاعه في القطاع الخاص الى 21، وتشكل الصفوف التي تضم اكثر من 30 تلميذاً ثلث الصفوف في المدارس اللبنانية غير ان عدد هذه الصفوف بقي ثابتا مقابل تزايد عدد الصفوف الصغيرة التي تضم اقل من 20 تلميذاً.

IMG_3611  ــ ماذا عن الاساتذة واعدادهم؟

- من ناحية الاساتذة لقد بلغ عددهم مع افراد الهيئة الادارية حوالى 103000عام 2016-2017 ، وأوضحت المؤشرات ارتفاع عدد المتعاقدين بنسبة 33 بالمئة مع احصاء يشير الى ان ثلثي الاساتذة يحملون شهادة جامعية غير تربوية، ويعتبر اساتذة لبنان في العام 2016 -2017 بعمر الشباب اي ان ثلاثة ارباعهم بعمر 41 وما دون بينما 1 على عشرين منهم فقط بعمر 60 سنة وما فوق.

 

الانكليزي افضل؟

 ليس غريبا ايضا ان من بين المؤشرات التي خرج بها فريق الباحثين تفوّق نسب نجاح الاناث في الحصول على الشهادات الرسمية، كما ويسجل ارتفاع ملحوظ لنسب النجاح في القطاع الرسمي تفوق نسب الارتفاع في القطاع الخاص، ويتمتع التلامذة بفرص افضل لانهاء المرحلة الابتدائية ضمن القطاع الرسمي منه في القطاع الخاص، وهذا الاخير يستغني عن تلامذة يعود القطاع الرسمي ويستقبلهم، اما في المرحلة المتوسطة فان التلامذة الذين يلتحقون بالقطاع الخاص يحصلون على فرص افضل لانهائها ربما لان هذا القطاع يكون قد وجه بعض التلامذة الذين يعانون من صعوبات نحو القطاع الرسمي خلال المرحلة الابتدائية وفي نهايتها. وبالنسبة للمرحلة الثانوية فيتمتع التلامذة بفرص افضل بقليل في القطاع الرسمي منه في القطاع الخاص لبلوغ الصف الثالث ثانوي.

من ناحية اخرى ليس مستغربا ما اشارت اليه الدراسة من تراجع أعداد التلاميذ في الصفوف الفرنكوفونية لمصلحة الصفوف الانغلوفونية وذلك في القطاعين الرسمي والخاص مع تسجيل نسب اعلى للتلامذة الفرنكوفونيين في القطاع الرسمي مقارنة بالقطاع الخاص.

مواد متدنية... 

 وعلى مستوى تحصيل المواد التعليمية تبرز فوارق كبيرة في مستوى تحصيل المواد التعليمية بين الفروع الاربعة لشهادة الثانوية العامة مع تسجيل مستويات متدنية في اللغة العربية والتربية المدنية وعلوم الحياة، كما يسجل لبنان معدلات متدنية في الفهم الكتابي للغتين الفرنسية والانكليزية وفي الرياضيات والعلوم نسبة لمتوسط <PISA>.

 ولم تغب عن دراسة المركز التربوي للبحوث والانماء مقارنة لبنان بغيره من الدول في مباريات دولية، فاحتل لبنان مثلاً المرتبة الثالثة في الرياضيات والمرتبة السابعة بين الدول العربية المشاركة في <TIMSS> للصف الثامن أساسي عام 2015، لكن متوسطاته كانت ادنى من المتوسطات العالمية، فيما احتل المرتبة الاولى عالميا في مادة الرياضيات في الصف الثانوي الثالث فرع العلوم العامة ضمن اختبار  <TIMSS>، والمرتبة السابعة عالميا في الفيزياء.

الى الرسمي در!

الدكتورة سوزان ابو رجيلي الباحثة والخبيرة التربوية في كلية التربية رافقت الدراسة خطوة خطوة وساهمت علميا في كل مراحلها وشددت على ضرورة ايلاء التعليم الرسمي اهمية كبرى، وفي هذا الشأن تحدثت عن تجربة خاصة قائلة:

- لقد كنت ابنة لوالدين مدرسين في القطاع الرسمي بينما كنت ارتاد مدرسة خاصة... في بعض الايام كنت ارافقهما الى صفوفهما واستغرب الفرق بين ما احصل عليه في مدرستي وما يحصل عليه تلاميذ المدرسة الرسمية... ومنذ عامي الحادي عشر قررت الانخراط في قطاع التربية بهدف تحسين قطاع التعليم الرسمي وهو أمر يستحق العناء.

 ترتكز ابو رجيلي على اربعة معايير يمكن الارتكاز عليها في مقاربة التعليم العام ما قبل الجامعي في لبنان وهي اساسية للجودة: الفعالية، الجدوى، العدالة، والتزام التلامذة واندفاعهم. وسألت: <إلى أي مدى يمكن اعتبار نظام التعليم في لبنان فعالا؟ بشكل عام، تعكس مستويات التحصيل في الشهادتين المتوسطة والثانوية أداء جيدا لتلامذة لبنان، بينما تأتي نتائج <PISA> و<TIMSS> لمن هم في نهاية المرحلة المتوسطة لتدق ناقوس الخطر على صعيد الفهم الكتابي باللغة الأجنبية، وفي مجال الرياضيات والعلوم ما يشير إلى خلل في الفعالية الداخلية للنظام التعليمي ضمن هذه الميادين ويحتاج إلى تشخيص دقيق. من جهة أخرى، إن تفوق تلامذة العلوم العامة في الرياضيات ضمن اختبار <TIMSS Advanced> لهو دليل على جودة تعليم هذه المادة، غير أن التلامذة المعنيين لا يمثلون سوى شريحة محدودة جدا من تلامذة لبنان، أي أن النظام التعليمي تبدو فعاليته إصطفائية ومحصورة بفئات معينة من التلامذة الذين قرر استبقاءهم، أضف إلى ذلك أن متوسط هؤلاء التلامذة أنفسهم يعتبر متدنيا في مادة الفيزياء، أي أن الفعالية تختلف بين مادة وأخرى. في المقابل، تبرز فعالية عالية في مستوى تحصيل الفتيات على صعيد الامتحانات الرسمية.

IMG_3608 وأضافت:

- هل يعتبر نظام التعليم في لبنان ذا جدوى عالية؟ يبين هذا الإصدار توافر الموارد البشرية من هيئات إدارية وتعليمية، وتوافر المدارس التي يبدو أنها فائضة نوعا ما نظرا لارتفاع نسب المدارس الصغيرة (أقل من 100 تلميذ)، غير أن نقص الإعداد التربوي الأساسي لأكثر من 90 بالمئة من المعلمين، ونقص أجهزة الكمبيوتر في المدارس يشيران إلى قصور ما في نوعية الموارد البشرية والمادية، ما يمكن أن يضعف نوعية التعليم. وتحتاج الصورة لتكتمل في هذا المجال إلى مؤشرات إضافية حول الإنفاق على التعليم وحول التطوير المهني للمعلمين أثناء الخدمة.

وتضيف ابو رجيلي:

- هل نظام التعليم في لبنان عادل؟ رغم عدم توافر معطيات حول نسب الالتحاق والتسرب، تفيد المؤشرات حول وفرة المدارس وارتفاع أعداد أفراد الهيئتين الإدارية والتعليمية أن نظام التعليم في لبنان يتجه نحو تأمين مقعد دراسي لكل مواطن لبناني بعمر الدراسة مع التركيز على التحاق الفتيات، ولكل لاجئ سوري بعمر الدراسة مع تأمين برنامج تعليمي مختص للتلامذة السوريين في فترة بعد الظهر، كما أن إتاحة فرص التعليم المجاني المفتوح ضمن أي صف وأية مرحلة من شأنها تسهيل التحاق التلامذة وعدم تسربهم لأسباب مادية، غير أن عدم تطبيق قانون إلزامية التعليم وتراجع أعداد التلامذة مع تقدم الصف ومرحلة التعليم، وبنسب أكبر في التعليم الخاص، يشيران إلى أن نظام التعليم لا يزال يسمح بتسرب التلامذة، وإلى أنه يصطفي التلامذة ذوي المستويات الادائية الأفضل، وخاصة في القطاع الخاص. وعليه، فإن عدالة النظام التعليمي في لبنان لا تزال بحاجة إلى تطوير جدي عن طريق تعاون حثيث بين الدولة والمجتمع الأهلي ومختلف القطاعات التعليمية.

يرق: دراسة ليومياتنا!

 

من ناحيته يؤكد المدير العام للتربية الدكتور فادي يرق:

- إننا نتعاون مع الجانب الفرنسي منذ سنوات طويلة في العديد من المواضيع التربوية المهمة، وان مثل هذا المنشور الدوري يصدر سنويا في فرنسا ويعتمد عليه، وهذا الكتيب الذي نطلقه اليوم سوف يكون احد المراجع التي سنستعملها في يومياتنا إن كان في وزارة التربية أو في القطاع التعليمي بمجمله، على اعتبار انه يتضمن أرقاما واقعية وواضحة ويضعها بين أيدينا وسوف يشكل منصة ومجالا مفتوحا للخطوات العملية التي سنقوم بها ان كان ذلك في مديريات وزارة التربية أو في القطاع الخاص او مع المعنيين مباشرة بقضايا التربية مثل نقابة المعلمين وروابط التعليم، لأنه يعطينا نظرة علمية وواقعية عن واقع المدرسة في مرحلة معينة ويترك لأصحاب القرار إمكانية اتخاذ التوصيات والخطوات العملية كل بحسب واجباته وصلاحياته. إن موضوع الحصول على المعلومات وتحليل النتائج المتوخاة من التعليم بات يشكل محورا أساسيا، وكل التقارير التي تصدر في العالم إن كان من البنك الدولي أو من منظمة التعاون الإقتصادي او حتى من الدول المانحة ووكالات التنمية العالمية، تتحدث عن مخرجات التعليم وعن البنى التحتية في المدارس وواقع المعلمين ونتائج التعلم لدى التلامذة، وأعتقد أن هذه الدراسة التحليلية هي أداة سوف تساعدنا على بناء خطوات عملانية لتحسين نتائج التعليم في القطاعين الرسمي والخاص، مما يتيح لنا ان نطّلع على ما تحقق لدينا في داخل وطننا ويمكّننا من قياس التطور الذي احرزناه نسبة إلى التطور العالمي إن كان ذلك في بلدان قريبة أو بعيدة تتمتع بأنظمة تعليم مشابهة لنظامنا التربوي.