تفاصيل الخبر

أي خطــــــأ فــــي الـحـســــــــــاب

24/04/2015
أي خطــــــأ فــــي الـحـســــــــــاب

أي خطــــــأ فــــي الـحـســــــــــاب

 

بقلم سعيد غريب

 

Saad-kكل أشهر السنة وعبر التاريخ الحديث شهدت أحداثاً وثورات وتغييرات جذرية على مستوى الإنسانية، ولكن لشهر أيار/ مايو أو نوار، وعبر تاريخ لبنان تحديداً، طعماً آخر ممزوجاً بالورود والأشواك.

شهر أيار/ مايو أو نوار هو شهر الورود في الطبيعة وشهر الأشواك في السياسة...

ففي أيار/ مايو 1958، بدأت الأحداث في نهاية ولاية الرئيس كميل شمعون، وفي أيار/ مايو 1968 وُلد الحلف الثلاثي بين ثلاثة <أقوياء>: كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده، وكان بداية تقهقر النهج الشهابي ودولة المؤسسات..

وفي أيار/ مايو 1973، اندلعت اشتباكات كانت الشرارة الأولى الكبرى بين المقاومة الفلسطينية والجيش اللبناني.

وفي أيار/ مايو 1975، كانت الجولة الثانية من الحرب إيذاناً باستمرارها خمس عشرة سنة.

وفي أيار/ مايو 1983، كان الاتفاق الشهير الذي عُرِف باتفاق 17 أيار/ مايو وما تلاه من تفكيك لبقية أوصال الدولة..

- أيار/ مايو 2000 كان شهر الورود بخروج إسرائيل من لبنان.

- أيار/ مايو 2008 عرف وروداً ممزقة بالأشواك، فانتخاب الرئيس العماد ميشال سليمان جاء نتيجة عملية أمنية في بيروت وغير منطقة، أتبعت باتفاق الدوحة الشهير وما أرساه من عُرف جديد في تأليف الحكومات.

اليوم، كيف تبدو الصورة قبل أسبوع من أيار/ مايو 2015؟

الواضح حتى الآن أن التطورات في اليمن لا تزال تتفاعل وستتصاعد بما لا يسمح بالتخمينات أو التوقعات... وتجزم مصادر غربية واسعة الإطلاع ان أي خطأ في الحساب قد يفجّر المنطقة برمتها، وان الحقائق في حال تم الأمر ستكون خارج الكلام وستصبح كأنها عكس الكلام... وعلى الصعيد اللبناني، تضيف المصادر نفسها، سيبقى الانتظار سيد الموقف، شريطة ألا تدخل الانقسامات الحادة بين فريقي النزاع الصراع الخطير والمصيري للجميع.

فالوضع عموماً لا يزال تحت السيطرة، ومن غير المسموح على الأقل في الوقت الراهن الاحتكام الى الشارع وزعزعة الاستقرار <المقبول> في لبنان...

ولكن، هل مسموح ان يعرف اللبنانيون أكثر من ذلك؟

تجيب أوســــاط لبنانيـــــة متابعـــــة ان اللبنـــاني لم يعد يستطيـــع تفسير ما يجري على أرضه إلا من خـــــلال واقع: وهو ان لبنان ربما اليوم أكثر منه في أي وقت مضى أمسى بمنزلة الورقة في لعبة العلاقات الإقليمية - الدولية على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

من هنا، فإن لبنان ليس قضية في ذاته، وفي بال أحد من أصحاب القرار الدولي، وإنما مجرد ورقة، وهي بخاصة ورقة مطروحة في لعبة العلاقات بين الولايات المتحدة وكل من اللاعبين على ساحة الشرق الأوسط...

ويبقى السؤال: لماذا هناك حرص دولي على استقرار لبنان أمنياً، فيما هناك شبه تخلٍ عن استقراره السياسي، وكيف يمكن لبلد ان يستمر أو يستقر أمنياً، فيما استقراره السياسي مهتز ومتروك للعبة القدر والكبار..

لماذا هذا السيناريو العجيب؟

لأن لبنان لا ينفع ولكنه يضر اللعبة الدولية إذا طُلب من إحدى فئاته أو من أحد مكوناته أن يلعب دور المساند أو المساعد كما يحصل حالياً، أو المبادر كما يمكن أن يحصل في المستقبل... وهذا الواقع رغم سلبياته واعتراض المكوّن اللبناني الآخر عليه، إنما يشكل في رأي أصحابه رادعاً أو مانعاً للانفجار الداخلي الآتي من الخارج.. وهذا يعني تفضيل السيئ على الأسوأ، ولكن هذا السيئ يمكن أن يضغط باتجاه الأسوأ في هاتين الحالتين:

الأولى، إذا استمر السَيَبان السياسي بتفتيت ما تبقى من مؤسسات الدولة وفي مقدمها رئاسة الجمهورية.

والثانية، إذا استطاعت اسرائيل ان تسقط الرئيس الأميركي <باراك أوباما> قبل الثلاثين من حزيران/ يونيو المقبل موعد الحسم في القرار النووي الأميركي - الإيراني.. وسقوط <أوباما> لا يعني بالضرورة حمله على الاستقالة، فولايته الثانية أشرفت على نهايتها، بل يعني الإطاحة بكل ما حققته إدارته على يد الكونغرس والغالبية الجمهورية.

هل ينتصر <باراك أوباما> ومعه الاتفاق النووي؟

نعود الى شهر أيار/ مايو، فربما يكون هذه المرة من الأشهر الأهم في تاريخ الروزنامات المحلية والإقليمية والدولية! فإذا سلك الاتفاق طريقه الى التنفيذ، يمكن أن يؤدي هذا الطريق في النهاية الى قصر بعبدا، وإذا توقف على الطريق، فلا أحد يدري أو يقدّر ما سيحل بالطريق الى بعبدا، بل ببعبدا نفسها؟!

فهل يحمل أيار/ مايو 2015 مفاجأة ما؟

يبقى الاتكال على السيدة العذراء، انه الشهر المريمي، شهر سيدة حريصا عليها السلام.