تفاصيل الخبر

أي دور تلعبه تركيا في شمال لبنان مساعدة انسانية أم تمدد سياسي ومخابراتي؟

08/07/2020
أي دور تلعبه تركيا في شمال لبنان مساعدة انسانية أم تمدد سياسي ومخابراتي؟

أي دور تلعبه تركيا في شمال لبنان مساعدة انسانية أم تمدد سياسي ومخابراتي؟

[caption id="attachment_79384" align="alignleft" width="371"] أعمال الشغب في اعتصامات بيروت[/caption]

 تتابع الاوساط السياسية والامنية منذ مدة ما يتردد عن دور لاجهزة مخابراتية خارجية في تأجيج التحركات الشعبية لاسيما تلك التي تحصل فيها اعمال شغب وتصرفات عنفية تستهدف القوى العسكرية والامنية المكلفة حفظ الامن والاستقرار وحماية الممتلكات العامة والخاصة من اعتداءات المتظاهرين. ويكاد لا يخلو اي اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع من تقرير او اكثر يتحدث عن وجود "عامل خارجي" يحرك بعض المتظاهرين لاسيما اولئك الذين نزلوا قبل اسابيع الى الوسط التجاري وحطموا متاجر ومحلات واضرموا النار في فــــروع المصارف وغيرها من الاعتداءات التي لا تلتقي مع التحرك المسالم لمناصري "الانتفاضة" التي بدأت في 17 تشرين الاول ( اكتوبر) الماضي.

 ومع ازدياد هذه التقارير، ازدادت ايضاً الاشارات الى ان تركيا هي المعنية بــ "الجهات الخارجية" المشجعة لــ " الثورة" لاسيما في التحركات التي تجري في الشمال عموماً وفي طرابلس خصوصاً من قبل مجموعات رصدتها الاجهزة الامنية وأوقفت بعض اركانها قبل ان يعود القضاء ويطلقهم، ما اثار امتعاض قادة الاجهزة الامنية في الجلسة التي عقدها مؤخراً المجلس الاعلى للدفاع في قصر بعبدا، الذين شكوا من ان النيابات العامة تفرج عن الموقوفين بحجج مختلفة، تارة بسبب وباء "كورونا" ومنعاً لتفشيه واصابة الموقوفين به، وتــــارة اخرى تفاديــــاً لتصعيد على الارض يطالب باطلاق هؤلاء كمـــا حصل مع عدد من "الناشطين" في جونيه الاسبوع الماضي.

شكوك تبحث عن تأكيدات

 وتقول مصادر امنية مطلعة ان الشكوك عن دور تركي مباشر في "تشجيع" فريق معين على التظاهر، لم تعد مجرد شكوك بل اصبحت أمراً واقعاً في ضوء الاعترافات التي ادلى بها عدد من الموقوفين قبل الافراج عنهم والذين اعترفوا بانهم تقاضوا مالاً من جهات لبنانية تعمل لصالح فريق تركي متهم بالوقوف وراء اعمال الشغب.

 وما زاد من هذه القناعة ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي الاسبوع الماضي حين كشف عن وجود تدخلات خارجية، قائلاً إن هناك طائرة خاصة قدمت من تركيا تم توقيف اربعة اشخاص كانوا على متنها اتراك وسوريين ينقلون اربعة ملايين دولار، وقد دخلوا على اساس ان لديهم شركة صيرفة. ولا ندري هل هذه الاموال هي للتهريب والتلاعب بالدولار او لتغذية تحركات عنفية معينة في الشارع. هذا اضافة الى التعليمات التي تصل من تركيا عبر "الواتس آب" لبعض اطراف "الحراك الشعبي". وطرح فهمي سؤالاً: "ماذا أتى بهؤلاء الى لبنان وهم يحملون هذه الاموال"؟.

[caption id="attachment_79386" align="alignleft" width="414"] وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي يكشف عن وجود تدخلات خارجية.[/caption]

 وترى المصادر الامنية نفسها ان التدخــــل التركي في الشؤون اللبنانية من زاوية تقديم "مساعدات" انسانية، قابله لبنان بشكر وتقدير، الا ان ثمة علامات استفهام حول خلفية التحرك التركي، ما دفع الى التأكد من ان طابعه اجتماعي او انه يأتي في سياق التمدد السياسي والامني في اتجاه لبنان. وتضيف هذه المصادر مع ان التدخل التركي لا يزال محصوراً بتقديم المساعدات الغذائية والطبية ولم يأخذ حتى الساعة اي طابع سياسي، فإن الاجهزة الامنية تراقب هذا التدخل للتأكد من انه لا يتقاطع امنياً وسياسياً مع التدخل التركي في سوريا والعراق وليبيا وبلدان اخرى في القارة الافريقية، علماً بأن بداية الاهتمام التركي بلبنان كان من صيدا بانشاء مستشفى لطب العيون بتمويل تركي مباشر، لكن مراقبة التدخل التركي، الذي يتسم حالياً بطابع انساني، لا تخفي مخاوف جهات لبنانية رسمية من ان انقرة تستفيد من حالة الفراغ وتحاول ان تثبت حضورها على امل ان تتمدد سياسياً في المدى المتوسط او البعيد، لتحويل لبنان الى ساحة تدفع باتجاه تمدد النفوذ التركي الى الساحة اللبنانية التي تشهد مسلسلاً من الاشتباكات السياسية من جهة، وتتموضع في قعر الانهيار الاقتصادي والمالي من جهة اخرى...

 ويقول مصدر رسمي ان محاولة تركيا تعزيز حضورها على الساحة اللبنانية واضح المعالم ولا يحتاج الى ادلة كثيرة، لاسيما وأن انقره تسعى الى ان تكون لاعبة اقليمية، وان البوابة اللبنانية فرصة مناسبة لها في ظل وجود تيارات سياسية لبنانية تبحث عن "رعاية" خارجية تمكنها من ان تفرض حضورها الذي هو في الواقع حضور تركي بستار لبناني.

 ويأتي في هذا السياق دور الوكالة التركية للتعاون والتنسيق " تيكا" TIKA التي تتولى مهمة الاشراف على توزيع المساعدات من خلال مكاتب استحدثتها في طرابلس وعكار والبقاع وصيدا، مستفيدة من وجود لبنانيين من اصول تركمانية، اضافة الى انها تقيم علاقة مباشرة مع ما يسمى بممثلي القبائل الترك في شمال لبنان. ولاحظ المصدر الرسمي ان " تيكا" لا تنشط فقط داخل البيئة السنية، وانما اخذت تتمدد باتجاه عدد من الطوائف وفاعليات بلدية وجامعية وطبية، وان كانت تتمتع بثقل ملحوظ في طرابلس وصولاً الى عكار وتحديداً بلدة الكواشرة، حيث ان سكانها من اصول تركمانية، وكان سبق للرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان زارها خلال زيارته الرسمية للبنان.

 ولاحظ المصدر الرسمي ان لتركيا حضوراً مميزاً في منطقة باب التبانة في طرابلس التي ترفع فيها الأعلام التركية وصور لاردوغان. وقال إن المسؤول عن " تيكا" في لبنان "اورهان ايدن" يتواصل مع عدد من الوزارات، وهذا ما يؤكده مصدر مسؤول في السفارة التركية في بيروت، نافياً ان يكون الحضور الانساني لــ "تيكا" وليد ساعته، وإنما مضت عليه سنوات سبقت تفاقم الازمة الاجتماعية في لبنان.

 في اي حال، الدور التركي في لبنان بات تحت المجهر لتبيان حقيقة توجهاته وإن كان البعد الانساني له لا يلغي مداخلات مع مجموعات لبنانية شارك بعضها في اعمال الشغب في العاصمة وفي الاعتداء على الجيش في طرابلس، فأي دور تلعبه المجموعات التركية في لبنان حاليا؟