تفاصيل الخبر

أي بلد سيكون همزة الوصل بين الاتحاد الاقتصادي الإيراني والاتحاد الاقتصادي الخليجي - التركي؟

08/01/2016
أي بلد سيكون همزة الوصل بين الاتحاد الاقتصادي  الإيراني والاتحاد الاقتصادي الخليجي - التركي؟

أي بلد سيكون همزة الوصل بين الاتحاد الاقتصادي الإيراني والاتحاد الاقتصادي الخليجي - التركي؟

 

بقلم خالد عوض

Middle_East_new_plan_01012016  

من الصعب التصور أن حدود سوريا والعراق وربما غيرهما من الدول في المنطقة ستبقى هي نفسها رغم كل ما يحصل من قتل وحرب ودمار.

وإذا سلمنا أن وظيفة التنظيم الإرهابي هي رسم حدود جغرافية لكيان مذهبي يخترق العراق وسوريا ويحدد إطار كيانات أخرى من دون أن يعني ذلك تقسيما حقيقيا، وإذا افترضنا أيضاً أن هذه الكيانات الجديدة ستتخذ الطابع العرقي والمذهبي أي أنها لن تكون علمانية أو تعددية، فكيف لها أن تعيش اقتصادياً ومالياً، وهي أساساً وليدة حروب مع جيرانها؟

المنطق الاقتصادي يفرض أن تصبح هذه <البقع السياسية> الجديدة جزءاً من اتحادات اقتصادية إقليمية واسعة حتى تتمكن من التنفس اقتصادياً ومالياً. وما حصل مؤخرا بين السعودية وإيران، والتبعات الاقتصادية الكبيرة التي ستحاصر الاقتصاد الإيراني أكثر من الحصار الدولي الذي كان يعانيه، تنذر ببروز كيانات إقليمية اقتصادية مستقلة تمتد من تركيا إلى الإمارات العربية المتحدة.

تكفي مراقبة ما يجري اليوم حتى يتبين الشكل الاقتصادي الممكن في المستقبل.

المنطقة التي يسيطر عليها حالياً التنظيم الإرهابي تتنفس من الرئة التركية عبر منطقة <جرابلس>. ولو قُطع هذا المنفذ لما استطاع التنظيم الإرهابي الاستمرار اقتصادياً كل هذه المدة. الموارد الاقتصادية، والتي لم تأتِ صدفة، ويعتمد عليها التنظيم هي الماء من نهر الفرات والنفط من الآبار السورية والعراقية التي هي تحت سيطرته. ولكن لا يمكن للمنطقة الخاضعة اليوم لهذا التنظيم الاستقلال اقتصادياً ومالياً عن تركيا مهما توسعت.

الأمر نفسه ينطبق على الأكراد في العراق وسوريا إذ لا يمكنهم معاداة تركيا بحدودها الحالية. فيمكن لإقليم <كردستان> أن ينفتح على إيران ولكن <الإقليم> الكردي العتيد في سوريا لا غنى له عن المدد التركي، ولذلك كانت الحرب على مدينة <كوباني> مسألة حياة أو موت بالنسبة للأكراد.

المنطقة الجنوبية وجزء من المنطقة الوسطى في العراق سيكونان مرتبطين اقتصادياً بإيران رغم الحدود الكبيرة التي تجمعها بالسعودية والكويت والأردن. هذه المنطقة غنية بالنفط وفيها ما يكفي من البحيرات لتوفير المياه. كما أنها ستصل جنوب شرق ووسط سوريا بإيران كما هو حاصل اليوم عسكرياً. أما المنطقة الساحلية السورية فيجب أن ترتبط بلبنان إذا بقيت حلب في <العهدة> التركية.

فرنجيةيبقى السؤال المهم، وهو: أين سيكون لبنان اقتصادياً، وبالتالي سياسياً؟

لبنان مرتبط عضوياً، وبكل طوائفه، بالخليج العربي لأن أكثر من ٦٠ بالمئة من التحويلات المالية تأتي إلى بنوكه واقتصاده من هناك. وبالتالي لا مجال له إلا الارتباط سياسياً به مهما غالى المزايدون. ولكن التنوّع المذهبي والطائفي في البلد يفرض الانفتاح على أي اتحاد اقتصادي إقليمي آخر طالما لا يتعارض ذلك مع الخطوط السياسية العريضة. وهنا الفرصة الاقتصادية. الفرصة أن يصبح لبنان همزة وصل جغرافية ومالية بين الاتحاد التركي - الخليجي والاتحاد الإيراني. أن يصبح المنطقة الحرة للاقتصادين. من الصعب أن تأخذ <دبي> هذا الدور في ظل التشنج الحاصل في العلاقات الخليجية الإيرانية. كما أنه أصبح لها دور أكبر كونها بوابة إلى الشرق والغرب ومؤخراً إلى أفريقيا. لذلك هناك فرصة اقتصادية كبيرة أمام لبنان يجب اقتناصها منذ اليوم عن طريق السياسة والديبلوماسية. ومهما بدا حوار <المستقبل> وحزب الله فولكلورياً فبالإمكان التأسيس عليه لبناء منصة حوارية أكبر ينطلق منها الدور الاقتصادي الواعد للبلد. ومن المفيد أيضاً أن يكون المسيحيون منقسمين بين الحلفين الإقليميين، أو ما يُسمى عندنا ٨ و١٤ آذار، كما أنه من المفيد أن يكونوا متلاقين سياسياً في الوقت نفسه، كما هو حاصل بين القوات والتيار الوطني الحر. فهم أقدر وأوثق على تدوير الزوايا بين الأحلاف الإقليمية المتواجهة. لذلك فمن الطبيعي أن يُطرح اسم سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وهو المنفتح على السعودية والخليج وعلى المنطقة الساحلية السورية التي لا بد أن ترتبط بلبنان مستقبلاً (وليس العكس).

مرة جديدة يعود التعبير الشهير إلى الواجهة: <إنه الاقتصاد يا غبي>.. هو ما سيحدّد الوجهة النهائية للمسار الجنوني الطويل الذي بدأ منذ عام ٢٠١١ ولن ينتهي قريباً.