تفاصيل الخبر

إطلاق ”حركة السلــم الاجتماعــي“ مـــــن نـقـابــــــة الـصـحـافــــــة

17/03/2017
إطلاق ”حركة السلــم الاجتماعــي“ مـــــن نـقـابــــــة الـصـحـافــــــة

إطلاق ”حركة السلــم الاجتماعــي“ مـــــن نـقـابــــــة الـصـحـافــــــة

 

بقلم وردية بطرس

1

يعد السلام في مقدمة القيم الانسانية الرفيعة، وهناك العديد من الأقوال المتواترة في هذا الخصوص التي شاعت في أعمال الفلاسفة والباحثين والشعراء والأدباء، تمجد جميعها السلام وتجعل منه قيمة أساسية ومحورية في الحياة. اما السلم الاجتماعي فنقصد به حالة السلم والوئام داخل المجتمع نفسه، وفي العلاقة بين شرائحه وقواه. ومن أهم المقاييس الأساسية لتقويم اي مجتمع تشخيص حالة العلاقات الداخلية فيه، فسلامتها علامة على صحة المجتمع وامكانية نهوضه، بينما اهتراؤها دلالة سوء وتخلف، وإن تحقيق السلم الاجتماعي عامل أساسي لتوفير الأمن والاستقرار في المجتمع، واذا ما فقدت حالة السلم الاجتماعي او ضعفت فان النتيجة الطبيعية لذلك هي تدهور الأمن وزعزعة الاستقرار. وفي رحاب السلم الاجتماعي يمكن تحقيق التنمية والتقدم نحو المصالح المشتركة، وتتعاضد الجهود والقدرات في خدمة المجتمع والوطن.

أما العدالة الاجتماعية فهي عبارة عن نظام اجتماعي اقتصادي يهدف الى تذليل وازالة الفوارق الاقتصادية بين طبقات المجتمع الواحد حيث تعمل على توفير المعاملة العادلة وتوفير الحصة التشاركية من خيرات المجتمع للجميع، وتتمثل في النفعية الاقتصادية، والعمل على اعادة توزيع الدخل القومي وتكافؤ الفرص، ليتشكل في النهاية ما يُسمى بالمجتمع المدني.

على هذا الاساس تعرف العدالة الاجتماعية على أنها المبدأ الأساسي من مبادىء التعايش السلمي في الدولة، وتتم عن طريق تحقيق المساواة للجنسين، وتحصيل حقوق الشعب او المهجرين، وازالة الحواجز التي تقف في وجه الشعوب لأسباب مختلفة (مثل نوع الجنس او السن او الانتماء او العرق او الدين او الثقافة او العجز) وعند تحقيق كل ما ذكر تكون الدولة قد جعلت من مجتمعها مدنياً تسوده العدالة بين أفراد الشعب على اختلافاتهم. وعلينا ان ندرك في أيامنا هذه بأن الفجوة بين فقراء العالم وأثريائه تزداد اتساعاً، الأمر الذي أدى الى اتساع الهوة والخلافات بين البلدان والمجتمعات حول العالم، وبين أفراد وطبقات المجتمع في البلد الواحد، ما يجعلنا نفكر ملياً بأسباب هذا الاتساع، ويدفعنا للعمل على طمر تلك الهوة بايجاد الطرق والحلول لتحقيق العدالة ضمن نطاق الدولة التي ننتمي اليها.

ومنذ أيام عقدت مؤسسة <حركة السلم الاجتماعي> برئاسة المحامية الأستاذة صونيا ابراهيم عطية مؤتمراً صحفياً في دار نقابة الصحافة أعلنت خلاله عن اطلاق الحركة ونشاطاتها وأهدافها الرامية الى احلال السلم الاجتماعي بين اللبنانيين، وذلك بحضور أعضاء الهيئة الادارية: نائب الرئيس هادي نظمي راشد، وأمين السر انطوان الياس الحويس، وأمين الصندوق فادي صبحي ابراهيم الحسيني، ورئيسة العلاقات العامة لميا أسد رستم شحادة، ومحاسب هبة شفيق جحى، كما حضر المؤتمر عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب حكمت ديب، والوزيران السابقان منى عفيش وبشارة مرهج، ونقيب الصحافة عوني الكعكي، ومستشار نقابة الصحافة فؤاد الحركة، ورئيسة <المجلس النسائي اللبناني> اقبال دوغان مراد، ورئيسة <لجنة حقوق المرأة اللبنانية> عزة الحر مروة، ونقيب المحامين السابق عصام كرم، وريمون عيد، واعلاميون وحشد من الممثلين عن الهيئات النسائية والقوى السياسية.

صونيا عطية تشرح الأهداف

وأعلنت المحامية صونيا عطية اطلاق <حركة السلم الاجتماعي> قائلة: لاننا نؤمن ان الاعلام هو صاحب رسالة في التوجيه والارشاد وليس مجرد ناقل خبر، دعوناكم للتحدث اليكم وعبركم الى جميع اللبنانيين. فموضوع دعوتنا وحديثنا هو اعلان ولادة <حركة السلم الاجتماعي> وهي حركة بمقدار ما هي نقيض للجمود القاتل، هي عاملة من أجل نشر مبادىء السلم بين جميع اللبنانيين على مختلف طوائفهم وانتماءاتهم السياسية وطبقاتهم الاجتماعية وقدراتهم العلمية واختلاف أوضاعهم الاقتصادية. ونحن لسنا تكتلاً طائفياً او عقائدياً كما لسنا جمعية خيرية او عائلية او ذات صفة أخرى مهما تعددت الأوصاف. نحن ببساطة كلية وصراحة كاملة مجموعة من المواطنات والمواطنين، وعلى تعدد في المذاهب الدينية والعقائد السياسية، نؤمن بوجوب قيام سلم اجتماعي بين جميع طبقات المجتمع، وصولاً الى قيام مواطنة حقة سداها الرابط بين المواطن والدولة ولحمتها العدالة الاجتماعية. وفي عملنا نؤمن ان لا سياسة بدون فكر، اذ ذاك تتحول السياسة الى حرفة فتبطل ان تكون رسالة ساعية الى خدمة المجتمع والخير العام.

وأضافت المحامية عطية:

- في هذا المجال نؤمن: أولاً بالعيش الواحد بين جميع مكونات المجتمع، وباحلال السلام بين مختلف العقائد الحزبية والطوائف والأديان، وبالدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان. ثانياً: نؤمن بان لا صراع بين رب العمل والعامل بل تكامل بين عنصري وعمادي الانتاج يستمر حياً صحيحاً بالعدل في ظل نظام اقتصادي حر، وهذا التكامل هو من مقومات نشوء الدولة التي لا تستمر ان انعدم او ضعف او توقف. والاصلاح الذي ترمي اليه الحركة هو في اطار المحافظة على حق الملكية كما على حقوق الآخرين دون تجاوز او ظلامة، اصلاح ينمو في ظل رأس المال بالتوازي مع حقوق العامل ويسود فيه سلام اجتماعي بين طبقات المجتمع كافة.

وأخيراً نؤمن ان لا رعايا في الوطن بل الكل مواطنون، وان لا سلطان حاكماً في الدولة بل مسؤول عن خير الناس كلهم لا بعضهم فقط. وان الجميع مواطنون ومسؤولون، أصحاب حقوق وعلى كل منهم واجبات يلتزم بها. وان لا أفضلية للبناني على آخر الا بمقدار ولائه للوطن وعمله في سبيل المجتمع وكفاءته في القيام بواجباته وقدرته على تحمل مسؤولياته. وان الوطن لا يزدهر والدولة لا تقوم الا بقيام سلم اجتماعي بين جميع مكونات المجتمع في اطار من الحوار العقلاني المنتج والتسامح المتبادل والتعاون والاشتراك في عملية النهوض والبناء والتقدم، متطلعين الى غد أفضل قادر على مجابهة تحديات العصر وآفاق المستقبل.

وندرك ان الحل لكل صراع طبقي لا يمكن ان يكون عنفياً، وان السلم الاجتماعي لا يدرك عندما يكون الحل لفريق على حساب آخر بل وجب ان يكون لمصلحة الكل، وان الطريق الأسلم هو في الحوار والتعاون والعدل وقبول الآخر والعطاء بمحبة لخلق ثقافة مؤمنة بالسلم الاجتماعي بين طبقات الشعب وأفراده. ومن أجل كل هذا نعمل على نشر المبادىء التي بها نؤمن والتي نعمل على ترسيخها في عقول المواطنين وقلوبهم، على 2أمل ان نوفق في تحقيق أهداف حركتنا لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين.

المحامية صونيا عطية واعلان

<حركة السلم الاجتماعي>

<الأفكار> التقت المحامية الأستاذة صونيا عطية وكان لنا مقابلة لتطلعنا على خلفيات اعلان <حركة السلم الاجتماعي> في الظرف الحالي، وعلى السبيل لتحقيق السلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، ونسألها:

ــ ما الذي دفعك لتأسيس <حركة السلم الاجتماعي> واعلان ولادتها بالظرف الحالي؟

- كنت أدرك دوماً ان الانسان مديون لمن سبقه بما ترك من علوم وآداب وفنون أغنت التراث الانساني وأوصلت الى المستوى الحضاري الذي نعيشه. لذا أؤمن بأنه على كل فرد اياًً كان جنسه او دينه او عرقه ان يفي بعضاً من هذا الدين وذلك بالمساهمة في خدمة المجتمع والوطن والانسان بصورة عامة. ومن منطلق هذا الايمان كنت دوماً أفكر في الحلول الممكنة لأي مشكلة تواجه المجتمع الذي أعيش فيه، وبصورة أولى وطني. وهكذا اختزنت في عقلي أفكاراً كثيرة أعتقد انها تساعد في تطور المجتمع ورقيه.

كما سبق وقلت فان فكرة أساسية كانت تراودني هي وجوب قيام سلم اجتماعي، اي قيام تضامن اجتماعي بين جميع طبقات الشعب وفئاته أياً كان معتقدهم السياسي او ايمانهم الديني بحيث يتم التوافق المجتمعي حول ثوابت أساسية عمادها حقوق الانسان غير القابلة للتصرف بها، وذلك عن طريق الحوار العقلاني والمنطقي لما فيه خير ومصلحة جميع أفراد المجتمع... وبهذه الأفكار تناقشت مع رفاقي المؤسسين الذين وجدت لديهم ايماناً بما أفكر فيه واندفاعاً للعمل من أجل تحقيقه، فكان ان اجتمعنا لاعلان تأسيس هذه الحركة.

وتابعت قائلة:

- أما توقيت الاعلان فهو أشبه ما يكون بسنة الطبيعة في تعدد فصول السنة وتواليها واحداً بعد الآخر. هكذا حياة الانسان تكون متعددة المراحل، لكل مرحلة ظروفها، ولكل زمان أحكامه. فبعد سنوات الدراسة، انصرفت بكليتي الى العمل المهني كمحامية، ومن بعدها زاوجت معه العمل الاجتماعي وخصوصاً الدفاع عن حقوق المرأة الى ان انتسبت الى حزب الكتلة الوطنية، لما كنت اتوسمه في العميد ريمون اده من اخلاص ونزاهة وسلوك ديموقراطي مبني على الحوار والسلام، لا عنف فيه ولا كراهية. وفي حزب الكتلة الوطنية كنت في عداد أعضاء اللجنة التنفيذية لمدة خمس عشرة سنة متوالية، كما كنت في عداد أعضاء مجلس نقابة المحامين لثلاث دورات توليت فيها العمل النقابي. واليوم شعرت بأن الظرف يستوجب اطلاق <حركة السلم الاجتماعي> نظراً لما يمر فيه لبنان من ظروف تباعد بين افراده وفئاته ان بسبب الانتماء الحزبي او الديني، وهذا ما دعاني الى التعاون مع رفاقي المؤسسين كما سبق القول لاطلاق حركتنا، وانني على يقين ان كل واحد منهم جدير بتولي العمل من أجل انجاح الحركة ونشر أفكارها.

 

أهداف ومبادىء <حركة السلم الاجتماعي>

ــ بماذا تتميز <حركة السلم الاجتماعي>؟ وما هي مبادئها وأهدافها؟

- اسم هذه الحركة يختصر أهدافها: حركة تهدف الى احلال السلام بين جميع المواطنين على اختلاف عقائدهم وانتماءاتهم الدينية وطبقاتهم الاجتماعية والى غرس ثقافة السلام في عقول وقلوب الأجيال الصاعدة. انها حركة مستحدثة، حركة اجتماعية صرف تعمل من أجل مجتمع يسود السلام بين جميع مكوناته.

ومؤسسو الحركة يؤمنون باستقلال لبنان، ونظامه الديموقراطي البرلماني، واقتصاده الحر، وبالعيش الواحد بين جميع شرائح المجتمع، وبالمساواة بين جميع المواطنين دون تمييز على أساس الدين او العرق او الانتماء السياسي، وباحلال السلام بين الطوائف والأديان، وبالدفاع عن الحريات العامة وحقوق الانسان، وتسعى الحركة الى تحقيق غاياتها عن طريق اللقاءات والمحاضرات والحوار بين جميع مكونات المجتمع.

وأضافت:

- أما مبادىء الحركة فتتلخص بالآتي: احلال السلم الاجتماعي في اطار حوار عقلاني وتسامح متبادل بين جميع مكونات المجتمع لان الحل لكل صراع طبقي يجب ألا يكون عنفياً ولأن السلم الاجتماعي لا يدرك عندما يكون الحل لفريق على حساب فريق آخر بل وجب ان يكون لمصلحة الجميع. تنظيم العلاقات بين أرباب العمل والعمال، عنصري وعمادي الانتاج. الوصول الى تأمين متطلبات العيش في حدها الأدنى: الطبابة، الغذاء، التعليم، المسكن، في ظل نظام اقتصادي حر وفي اطار المحافظة على حق الملكية وحقوق الآخرين. تفعيل الحوار بين الأديان بالاضاءة على ما هو مشترك بينها لان الأديان يجب ان تكون سبباً للتلاقي وليس للخلاف. التركيز على الحوار بين الأحزاب للعمل على القواسم المشتركة بينها.

 

العدالة الاجتماعية

ــ كمحامية هل تعتقدين ان السلام والعدالة الاجتماعية سيتحققان في لبنان وكيف السبيل الى ذلك؟

- سبق ان شاركت في مؤتمر <المرأة من أجل السلام> الذي انعقد في شرم الشيخ بمبادرة من سيدة مصر الأولى في ذلك الحين سوزان مبارك في العام 2002 وفيه قلت: <منذ البدء حلم الانسان بالسلام الا انه فشل في تحقيق هذا الحلم... وسبب الفشل في هذا المجال يعود الى تضارب المصالح واختلاف العقائد وتنافر الاهواء، الأمر الذي يقود الى الرغبة في السيطرة على الآخرين والاستيلاء على مصادر الثروة في العالم بواسطة الحروب>...

ثم قلت: <باعتقادي ان الدعوة الى السلام ليست مجرد كلام، والخطابة لا تكفي في هذا المجال، فلكي نعمل من أجل السلام يجب ان نؤمن به، والايمان بالسلام هو حالة من حالات العقل <A state of Mind>، وحالات العقل تتكون عند الانسان منذ وجوده. لذا كان الدور الرئيسي للمرأة في صنع السلام هو تربية الانسان رجلاً كان ام امرأة، يؤمن بالسلام ويعيشه في تفاصيل حياته اليومية.

واستطردت قائلة:

- كذلك فان سؤالك يلقى جواباً أيضاً في قول لـ<المهاتما غاندي> وترجمته: اذا أردنـا الوصول الى سلام حقيقي في هذا العالم واذا أردنا ان نكافح الحرب، فعلينا ان نبدأ من عند الأطفال ذلك أنهم اذا نشأوا على براءة طبيعتهم فلن يتوجب علينا ان نجاهد او نصدر قرارات غير مثمرة بل سننتقل من محبة الى محبة ومن سلام الى آخر، حتى تنعم كل أطراف العالم بهذه المحبة والسلام اللذين يتوق اليهما العالم. وبهذا الصدد أقول: <ان العدلة الاجتماعية والسلم الأهلي سهلان اذا حكم العالم حكام يؤمنون بثقافة السلم وبالعدالة الاجتماعية، وصعبا المنال بوجود حكام يسعون الى السيطرة على الآخرين والاستيلاء على مصادر الثروة في العالم عبر التفوق العسكري وبواسطة الحروب والقتل والدمار. ونحن في ما ننشد، نسعى الى غرس أفكارنا في أذهان الجيل الصاعد في المدارس والجامعات لكي نصل الى أهداف الحركة التي نسعى اليها>.