تفاصيل الخبر

اتفاق على 4 قضاة للمواقع الشاغرة في العدل وتساؤلات حول أسباب تغيير رئيس مجلس القضاء؟

06/09/2019
اتفاق على 4 قضاة للمواقع الشاغرة في العدل  وتساؤلات حول أسباب تغيير رئيس مجلس القضاء؟

اتفاق على 4 قضاة للمواقع الشاغرة في العدل وتساؤلات حول أسباب تغيير رئيس مجلس القضاء؟

 

لماذا لم تصدر عن جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في قصر بيت الدين الأسبوع الماضي التعيينات القضائية في المراكز الشاغرة، على رغم ان كل المعطيات كانت تدل على صدورها في تلك الجلسة التي اختتم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اقامته في المقر الرئاسي الصيفي؟

قبل 48 ساعة من تلك الجلسة في بيت الدين راجت بقوة معلومات من مصادر موثوق بها ان التعيينات في وزارة العدل سترى النور قبل بدء السنة القضائية الجديدة لأن الشواغر في هذه الوزارة أساسية وحساسة. وما زاد من منسوب التفاؤل ان الاجتماع الذي عقده الرئيس سعد الحريري مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تطرق الى موضوع التعيينات، وان الأمور <خالصة> لاسيما وان المواقع المطلوب تعيين مسؤولين فيها هي عرفاً من حصة المسيحيين والسنة، ولا موقع شيعياً من الفئة الأولى شاغراً في وزارة العدل، الأمر الذي يسهّل الاتفاق والتسمية ثم التعيين في مجلس الوزراء، خصوصاً ان بعد كل لقاء بين الحريري وباسيل كانت تصدر تعيينات منذ زمن الحكومة الأولى في عهد الرئيس عون. وهكذا تسربت أسماء <المحظوظين> في التعيين وتناقلتها وسائل الإعلام بصيغة <المؤكد>.

في وزارة العدل موقعان سنيان حسما، الأول المدعي العام التمييزي هو القاضي غسان عويدات، والثاني المدير العام لوزارة العدل اختيرت القاضية رلى شفيق جدايل لملئه من دون أي اشكالية. وبقي موقعان، الأول رئاسة مجلس شورى الدولة، والثاني رئاسة هيئة التشريع والاستشارات. سرب للموقع الأول اسم القاضية ريتا كرم، وللموقع الثاني اسم القاضية جمال خوري، وبدا ان الاتفاق أنجز ولم يبق سوى عرض الأسماء على مجلس الوزراء لـ<التصديق> عليها كما درجت العادة من دون مناقشة ولا خيارات... وفجأة طرأ عامل لم يكن في الحسبان: ثمة من أراد تغيير رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الذي يحال على التقاعد بعد ثلاث سنوات... واستبداله باقضٍ ماروني آخر. لم يحظ هذا التوجه في بداية الأمر بتأييد رئيس مجلس النواب نبيه بري فيما طرح الرئيس الحريري تساؤلات عن سبب التغيير، لكنه سلّم في النتيجة لأن الرغبة بتغيير القاضي فهد لا يمكن تجاوزها كما قالت مصادر رئيس الحكومة لأنها صادرة عن <جهة عليا> لها كلمتها الأخيرة في التعيينات المسيحية عموماً، والمارونية خصوصاً.

لماذا استبعاد فهد؟

حيال هذا <التسليم> من قبل الرئيس الحريري، بدأت تتردد أسماء قضاة يحلون مكان القاضي فهد الذي قال للذين راجعوه انه <يستغرب> طرح تغييره من دون أي سبب معلن، لكنه ترك الأمر لـ<سعاة الخير> الذين نشطوا في كل اتجاه لعدم تعيين رئيس جديد للمجلس الأعلى للقضاء. وفيما كانت الأسماء تتوالى للخلافة، برزت العراقيل: أحد الذين اقترح اسمه تبين انه يحال على التقاعد بعد ثمانية أشهر... وبالتالي <ما بيحرز> تعيينه لهذه المدة القصيرة. اسم آخر طُرح للتعيين تبين انه <متقلب> في انتماءاته و<إجر بالبور... وإجر بالفلاحة> فاستبعد هو الآخر... وبرز اسم ثالث اتضح بعد <التدقيق> انه قريب من مرجعية سياسية على خلاف مستحكم مع رئيس <التيار الوطني الحر> الوزير باسيل، فاستبعد هو الآخر. ووسط هذه الحالة جاء من يطرح اسم قاض رابع تبين مع المراجعات انه لم يكن <نشيطاً> خلال ترؤسه إحدى المحاكم وثمة قضايا <نامت> في مكتبه سنوات عدة قبل أن يصدر أحكامه فيها، وأخرى لا تزال تنتظر لفظ الحكم... فأسقط من السباق هو ايضاً... وهكذا وصل الوزراء الى بيت الدين ليجدوا ان لا تعيينات قضائية مرتقبة ووزير العدل القاضي البرت سرحان المعني الأول بتقديم الترشيحات في مجلس الوزراء <غير جاهز بعد> وان الاتصالات لا تزال مستمرة، علماً انه كان أبدى ملاحظاته حول بعض الأسماء انطلاقاً من معرفته بأصحابها وهو الذي أمضى عمره قاضياً وتقلب في مناصب قضائية عدة. إلا ان ثمة من قال ان ملف تعيينات القضاة لم يكن كله في يد الوزير سرحان، وان ثمة من عمل <وراء الكواليس> في اختيار المرشحين.

وعليه، نامت التعيينات القضائية ولم يبت مجلس الوزراء بها مع العلم انه كان في الامكان تعيين المراكز الشاغرة الأساسية وترك موقع الرئيس الأول الى وقت لاحق، وبالتالي فإن عدم البت يعني المزيد من التأخير في التحضير لدورة السنة القضائية الجديدة التي تبدأ في 15 أيلول (سبتمبر) الجاري. وكان يفترض أن تكون التشكيلات القضائية قد أنجزت فينصرف القضاة المشمولون بها الى مراكزهم الجديدة في بداية الموسم، لكن يبدو ان التعقيدات السياسية لا تزال تحول دون الشروع في تحضيرها بانتظار تعيين المدعي العام التمييزي أحد أركان القضاء الثلاثة والعضو الحكمي في مجلس القضاء والمشارك في إعداد مشروع التشكيلات التي تقول مصادر قضائية انها لن تكون شاملة، لأن آخر تشكيلات شاملة صدرت في تشرين الأول (أكتوبر) 2017 خلال ولاية الوزير السابق للعدل سليم جريصاتي الذي لا يزال له حضوره في الجسم القضائي وأروقة الوزارة!

وفيما يبدي الوزير سرحان نية صادقة لإعداد التشكيلات لملء شواغر وتعيين 31 قاضياً أصيلاً أنهوا تدرجهم في معهد الدروس القضائية، يبدو ان ثمة من يعمل على أن تأتي التعيينات القضائية في سلة واحدة بما في ذلك رئاسة مجلس القضاء الأعلى، من دون أن يقدم هؤلاء أي مبرر لتغيير رئيس المجلس وحده من دون غيره من أعضاء المجلس الحاليين، خصوصاً ان في ذلك أيضاً ممارسة غير واقعية في التعاطي مع السلطة القضائية، التي يُفترض انها سلطة مستقلة، وإحدى السلطات الثلاث في الدولة. وقد يكون الموقع الجديد الذي سيحل فيه القاضي فهد ــ في حال تعيين خلف له ــ هو من الأسباب التي أخّرت إقرار التعيينات!