تفاصيل الخبر

استراتيجية حملة التغيير صائبة ولكن التكتيك لم يستخلص دروس ”الربيع العربي“!

28/08/2015
استراتيجية حملة التغيير صائبة ولكن التكتيك  لم يستخلص دروس ”الربيع العربي“!

استراتيجية حملة التغيير صائبة ولكن التكتيك لم يستخلص دروس ”الربيع العربي“!

 

بقلم خالد عوض

تمام-سلام-1 إذا كان لدى المصريين حسني مبارك وحيد وعند السوريين بشار الأسد واحد وعند الليبيين معمر قذافي فريد من نوعه وعند العراقيين صدام حسين لا مثيل له، فلدى اللبنانيين دزينة من هؤلاء على الأقل فكيف يمكن اقتلاعهم؟ سيفعلون كل شيء وأي شيء حتى لا يتركوا السلطة ولذلك يجب أن لا نسير على خطى <الربيع العربي> بالعواطف الوطنية الجياشة فنحصد ما يحصده السوريون والمصريون والليبيون والعراقيون.

يجب أن يكون اللبنانيون أكثر ابتكاراً في طريقة الانتفاضة حتى يصلوا لأهدافهم.

البداية من المشكلة السياسية التي زرعها <الطائفيون> في الحملة الواعية التي اطلقتها حملة <طلعت ريحتكن>. هناك تقاطع غير مقصود بين مطالب الحملة وأجندة حزب الله الداخلية. الذهاب إلى انتخابات نيابية أولاً هو ما يفضله حزب الله لأن ضعف القوى السياسية التي تقف ضده أكثر بكثير من ضعفه وخسارتها جزء غير بسيط من شعبيتها هو مكسب له حتى لو عانى هو نفسه من بعض التراجع في الشعبية.

كما أن حزب الله يستند إلى فائض القوة العسكرية والأمنية على الأرض مما يتيح له موقعاً متميزاً في أي تسوية سياسية تعقب انتخابات نيابية. لذلك لا يمانع الحزب في أن تتطور حملة <طلعت ريحتكن> إلى طرف سياسي فاعل يقلل من وزن تيار المستقبل والتيار السني الأصولي المتصاعد.

التقاطع مع أجندة حزب الله لا يعني أن الحملة على خطأ. ولا يعني أنها يجب أن تتنازل عن مطالبها. الموضوع ليس فقط مسألة نفايات بل قلوب مليانة من فساد عمره على الأقل ربع قرن. وجاءت مناقصة النفايات الأخيرة لتؤكد تفشيه أكثر فأكثر. كانت <سوكلين> ترشي معظم السياسيين. الآن توفرت شركات في عدة مناطق لترشي كل طرف على حدة. الأسعار والعدد القليل للشركات ووجود أصحاب الشركات نفسها بأسماء شركات مختلفة ليغطوا أسعار بعضهم، كلها أمور تؤكد أن هذه المناقصة فضيحة. الطامة الكبرى ستكون في أن الشركات الأجنبية التي ورد اسمها في المجموعات الفائزة سيكون لها دور محدود جداً خاصة في ظل عدم وجود جهاز إشراف يدقق في التنفيذ.

محمد-المشنوقكيف يمكن إذاً وقف مد هذا الفساد من دون الإلتحاق بأجندة حزب الله؟

الخطوة الأولى هي التواضع في المطالب. ليكن التركيز على استقالة وزير واحد وإلغاء المناقصة. لا يمكن <إسقاط النظام> الآن ولو كنا نريد ذلك. الجيش غير قادر على الإنقلاب على السلطة السياسية وبالتالي لن يقبل أن يكون هو الخيار البديل عن حكومة تمام سلام للإمساك بالبلد. إذا استقال وزير ستترسخ حملة <طلعت ريحتكن> كجهة تمثيلية فاعلة. ثم يأتي وزير غير محسوب على أي جهة سياسية فيضع التصور <النظيف> لمشكلة النفايات ويلغي المناقصات ويعيد إلى البلديات دورها. هذا سيشكل ضربة موجعة إلى الطبقة السياسية. والحجر الذي لا يصيب.... يدوِش. ليكن التركيز على المرحلة الأولى في الوقت الحالي والسيطرة على الغضب الذي يعتري الناس من البوطة السياسية الحالية وتجييره كله في المطالبة باستقالة وزير البيئة. يكفي أن يستقيل حتى يعود الأمل إلى إمكانية التغيير. ليس المطلوب الإعلان عن مرحلة ثانية أو ثالثة في الوقت الحاضر. كل المطلوب ترسيخ قوة شعبية لا تنتمي إلى منظومة الفساد العنكبوتية التي تتفشى من دون أي مبالاة بغضب الناس.

يجب استخلاص الدروس من الربيع العربي الذي تحول إلى دمار وانهيار كامل في البلدان التي أصابها. ولتكن نظرية <كيسنجر> <الخطوة خطوة> أو أسلوب إسرائيل في التفاوض عن طريق <خذ ثم طالب> هو تكتيك <طلعت ريحتكن>.

أما استراتيجية إقتلاع هذا الطقم السياسي والتحضير لمحاسبته واستعادة الأموال منه فلا خلاف عليها ولكنها لن تتحقق في أيام أو أسابيع. المطلوب تخطيط طويل المدى وبناء تدريجي لتيار يستطيع أن يثبت أنه منيع على الفساد والطائفية والوسخ السياسي. يكفي أن يستمر إسم الحملة أي <طلعت ريحتكن> كما هو حتى تخف ساعات النوم الهنيء لكل الزمرة السياسية. وهذا بحد ذاته إنجاز اليوم .