تفاصيل الخبر

استعدادات النظام تتواصل لاستكمال السيطرة على مناطق الريف والوصول الى نبل والزهراء!

13/03/2015
استعدادات النظام تتواصل لاستكمال السيطرة على مناطق الريف والوصول الى نبل والزهراء!

استعدادات النظام تتواصل لاستكمال السيطرة على مناطق الريف والوصول الى نبل والزهراء!

اطراف-حلب-الشمالية

توقف سائق الشاحنة التي تقل عدداً من الإعلاميين العرب والغربيين من الأراضي التركية باتجاه ريف حلب الشمالي على بعد عشرة كيلومترات من النقطة التي تربط هذا الريف بقرية <عفرين> الكردية، ثم قال بعد ان أشار بيده إلى إحدى طائرات <الهيلكوبتر> التي بدت صغيرة الحجم لكثرة ارتفاعها عن الأرض: <هذه الطائرة ستقوم بتزويد عناصر النظام وحزب الله بالمؤن الغذائية داخل بلدتي نبل والزهراء>. تستوقفك آلاف العناصر من فصائل المعارضة السورية المنتشرة بين الحدود التركية - السورية وصولاً إلى القرى المحيطة بقريتي نبل والزهراء الشيعيتين المؤيدتين للنظام السوري مثل: باسوفان، باعي، كالوته، مياسة، حيدر، الزوق، بازيهر، خراب وفافرتين وغيرها الكثير من البلدات التي تخضع لسيطرة الفصائل السورية كـ<الجبهة الشامية> و<جبهة النصرة> و<حركة الاحرار> و<جيش المهاجرين والأنصار> وهؤلاء معظمهم من أفغانستان وأوزباكستان إضافة إلى وجود عدد كبير من عناصر تنظيم <داعش>.

العميد-هشام-جابرمدافع وأزيز طائرات وبراميل متفجرة

يغوص السائق في عمق الاراضي السورية مروراً بمحاذاة كوباني عين العرب ببعد يتراوح بين ستة وعشرة كيلومترات وصولاً الى مشارف نبل والزهراء أيضاً ببعد خمسة كيلومترات. أصوات المدافع تسمع بشكل واضح. أزيز طائرات النظام في السماء لا ينتهي إلا مع سماع أصوات البراميل المتفجرة التي ترميها بشكل متقطع. يقول السائق وهو سوري الجنسية من بلدة ريتان التي انسحب منها النظام خلال الاسابيع الاخيرة باتجاه مواقع اخرى في قرى دوير الزيتون، مصيبين، كفرتونة، مسقان باشكوي وحردتنين: هذه البلدة تدعى الزهراء وهي بلدة شيعية انخرط معظم أبنائها في قمع الحراك الثوري بمؤازرة القوات الموالية للنظام. لم نكن لنحاصرهم لولا تماديهم في عمليات خطف أبناء القرى المعارضة للنظام في الريف الغربي والذين يسلكون الطريق الرئيسي  الذي تقع فيه هاتان البلدتان.

 أهمية بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين

منذ تموز/ يوليو 2012 ترزح بلدتا نبل والزهراء تحت الحصار. آلاف القذائف وعشرات الانتحاريين ومحاولات الاختراق باءت بالفشل. المتابع لجبهات البلدتين يلاحظ تغيراً كبيراً في نوعية المهاجمين وأعدادهم وخططهم وأسلحتهم ويلاحظ أيضاً صمود ودفاع أهل المنطقة خاصة خلال الهجوم الكبير لـ<جبهة النصرة> و<جيش المهاجرين والأنصار> في كانون الثاني/ يناير الماضي. وتتمتع هاتان البلدتان بأهمية كبرى للدولة التركية التي سعت منذ بداية الثورة السورية الى السيطرة على ورقة حلب لاستثمارها مستقبلاً في أي حل في المنطقة فضلاً عن أهدافها الامنية والاقتصادية. اما الأهم في مسألة نبل والزهراء هو موقعهما الجغرافي لناحية وقوعهما على مرتفع استراتيجي يشرف على اغلب ريف حلب والمدينة ويصل تأثيرهما إلى مناطق الحدود التركية. من هنا تكمن أهمية كسب معركة نبل والزهراء في قواعد العمليات العسكرية في الميدان، وهو ما دفع بحسب أهالي البلدتين المخابرات التركية إلى الإشراف المباشر على المعارك الأخيرة وزج مئات الأجانب فيها بهدف إسقاطهما تمهيداً لزحف المقاتلين من الشرق والسيطرة على جميع المناطق والقرى في شمال حلب.

البشمركة-1أين دور حزب الله هنا؟

لا تقل العديد من بلدات شمال حلب أهمية إستراتيجية عن القلمون والقصير السوريّتين بالنسبة إلى حزب الله وتحديداً بلدتي نبّل والزهراء الشيعيّتين، لذا فإن عمليّة الدفاع عنهما لا تُضاهيها عمليّة أخرى حتّى ولو أدت إلى خسارته العديد من عناصره أو أسرهم سواء كانوا لبنانيين أم سوريين على غرار مقاطع <الفيديو> التي بثتها المعارضة السوريّة لأعداد من الأسرى وقعوا بأيديها أثناء المعركة الأخيرة. ومن هنا يمكن للمتتبع لحركة الحزب منذ العام 2000 خلال حربه مع إسرائيل ولغاية دخوله على خط الأزمة السورية كطرف أساسي في الحرب ان يلاحظ الأعداد الكبيرة من السوريين الذين سقطوا في صفوفه خلال تلك الحروب، بعضهم من قرى لبنانية تقع ضمن الأراضي السوريّة مثل زيتا، الحمام، البرهانية، الصفصافة ومطربا الواقعة على ضفاف نهر العاصي والتابعة لمدينة القصير السوريّة، وبعضهم من السيدة زينب ومن شمال حلب من بلدتي نبل والزهراء.

طريق العودة تعكس أحوال حلب وريفها

العودة من شمال حلب باتجاه الاراضي التركية تبدو أكثر صعوبة من طريق الدخول، إذ على السائق ان يتوغل في عمق المنطقة الكردية مثل بعفرين زيارة، بشكاتين، مزن وباسوطة للوصول عناصر-من-جبهة-احرار-سورياإلى بلدة دارة عزة التي يسيطر عليها الثوار بالكامل وتعتبر قلعتهم الحصينة. وعند محيط هذه البلدات الكردية انضمت بلدتان سنيتان الى محور النظام السوري وحزب الله هما: أورم الكبرى وأورم الصغرى. الطريق تبدو مخيفة فعلاً، فالمعابر شبه مقفلة خصوصاً جرابلس، باب الهوى وباب السلامة. لا حركة على الارض سوى ظلام الليل الذي كان قد بدأ يفرض نفسه على الريف وسمائه. لا كهرباء ولا ماء ولا مواد تدفئة. هنا تختلف آراء السوريين، إذ ان البعض يؤكد بأن تركيا تسرق خيرات سوريا ونفطها بالتعاون مع التنظيمات المسلحة ثم تعود وتبيعهم لسكان الحدود بالسعر الذي تحدده هي، لكن البعض الآخر يعتبر أن حمايته من النظام وأتباعه تعود لهذه التنظيمات التي تمنع عنهم الموت وارتكاب المجازر، ولذلك تغيب النظرة الموحدة حول مستقبل سوريا والجهة الافضل التي يمكن ان تدير شؤون البلاد لاحقاً ولتخرج بانطباع وحيد او حكم أوحد وهو يبقى الحال على ما هو عليه.

التحضيرات العسكرية مستمرة

لغاية الساعة لم يهضم جيش النظام السوري وحلفاؤه من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله انقلاب الموازين العسكرية التي أحدثتها المعارضة السورية في شمالي حلب بعد بسط سيطرتها بشكل كامل على قرى وبلدات ذات موقع استراتيجي بعد أقل من يومين على إعلان الحلف عن تمكّنه من دحر المسلحين منه، لكن ما يكشفه اليوم بعض قيادات الحزب عن أهمية معارك شمال حلب والبلدات التي احتلها الثوار والتي كات تفصل عن نبل والزهراء مثل مزارع الملاح وبشكوي وصولاً إلى ريتان يؤكد أن المعركة لم تنتهِ بعد بل على العكس فإن هذه المناطق ستشهد خلال المرحلة المقبلة معارك ضارية بين الجهات المتقاتلة.

عنصران-من-البشمركةتحضيرات الحرس الثوري الايراني

الاستعدادات تتواصل لبسط سيطرة النظام وحلفائه على المناطق التي كان خسرها في ريف حلب. الدولة التركية شعرت بالخطر الداهم نحو المناطق التي تقع عند حدودها، فباشرت على الفور الى نقل ضريح <سليمان شاه> من شمال حلب إلى الداخل التركي في إشارة واضحة على ضراوة المعارك التي ستقع هناك. التحضيرات الإيرانيّة للمعركة تجري على قدم وساق. يشرح قيادي بارز في حزب الله خلال جلسة سياسية مُغلقة مدى جدية ايران والحزب في استعادة تلك البلدات من المسلحين الذين أصبحوا على أسوار البلدتين الشيعيتين. ويتحدث عن نصر مؤكد وعن تخاذل تركي فيقول: ان اتفاق كان جرى منذ فترة بعيدة بين ايران وتركيا تسمح بموجبه الاخيرة لعدد من الجرحى العسكريين والمدنيين من داخل القرى الشيعية بالعبور الى الاراضي التركية لتلقي العلاج ومن ثم عودتهم الى قراهم بحماية تركية، لكن الاتراك لم يكتفوا بالتراجع عن هذا الإتفاق فقط بل سهلوا أيضاً دخول آلاف المسلحين عبر حدودها إلى ريف حلب الشمالي لمساندة الجماعات المسلحة ليتمكنوا لاحقاً من السيطرة على عدد من البلدات.

مدير-المرصد-السوري-عبد-الرحمنالمرصد السوري: الهدف فتح مطار حلب

وفي إتصال مع <الافكار> قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان حزب الله ينتشر في حلب على جبهات قتال المخابرات الجوية والمناطق القريبة من سجن حلب المركزي، وقد استطاع الحزب عبر مساندته النظام وقف تقدم قوات المعارضة في مدينة حلب ومنع سقوط مبنى المخابرات الجوية، معتبراً ان هدف الحزب وقوات النظام ليس إسقاط مدينة حلب لان الأمر شبه مستحيل، كل ما في الأمر ان هدفهم هو إعادة الأمر الى ما كان عليه قبل هجوم المعارضة على المدينة قبل نحو شهر، اذ يحاول النظام إعادة فتح مطار حلب الدولي ليسهل عليه تنقلاته الجوية، كما يسعى الحزب الى فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء ذات الاغلبية الشيعية والواقعتين في الريف الشمالي لحلب.

بماذا خرج الوفد الأممي من حلب؟

تعتيم اعلامي كان رافق زيارة الوفد الأممي إلى حلب لاسباب قيل انها مرتبطة بضعف آمال الوفد في الوصول الى حل مع المسلحين حول الاقتراحات التي كان حملها اليهم على رأسها إعادة الحياة الى طبيعتها في المدينة وريفها، وتجنيبها العمليات العسكرية والسماح للسوريين بحرية العبور بين مختلف المناطق والاحياء. لكن المعلومات تقول ان المسلحين رفضوا الخوض باتفاقيات كهذه، لا لشيء انما لعدم ثقتهم بالنظام الذي يمكن برأيهم ان ينقض لاحقاً على الاتفاقيات مما سيصعب على المعارضة إعادة انتشارها ضمن مناطق تخضع الآن لسيطرتها مثل قريتي رتيان وحردتنين. وتقول مصادر خاصة لـ<الافكار> ان المسلحين رفضوا اللقاء مع أي موظفين من مكتب المبعوث الاممي <دي ميستورا> خصوصاً ان الائتلاف الوطني السوري كان قد طالب بتوسيع نطاق المبادرة الى بقية المناطق بمعنى حل سياسي شامل في الوقت الذي رفض فيه النظام هذا الاقتراح مفضلاً حصرها بحلب كتجربة يمكن ان تنسحب في وقت لاحق على مدن أخرى سواء بالريف او المدن.

ام-محمد-مع-النظامجابر: حلب ليست أولوية للنظام

من جهته شكك العميد المتقاعد هشام جابر في إمكانية مشاركة حزب الله الكبيرة في معارك الشمال السوري لأن لا مصلحة له في خوض معركة خارج المنطقة الوسطى التي تعتبر استراتيجية له وللنظام السوري معاً، لكن في حال صح الأمر فبالتأكيد يستطيع حزب الله تحقيق إضافة نوعية لقدرات الجيش السوري كما فعل في الكثير من المناطق منها حمص والقصير والقلمون، معتبراً أن حلب لا تعتبر اولوية لدى النظام السوري كمحافظات المنطقة الوسطى ومع ذلك فإن هدف النظام السوري حالياً في مدينة حلب هو حماية مطار النيرب ومطار حلب الدولي وفك الحصار عن سجن حلب المركزي إضافة الى فك الحصار عن القسم الغربي من حلب.

يحرس منزله خشية سرقته

أحد أهالي بلدة الشيوخ التحتاني شرقي حلب وجدناه يحمل بندقيته على كتفه وكأنه في نوبة حراسة. سألناه عن طبيعة البلدة وانتمائها وعن سبب وجوده في هذا المكان فقال: <هذه المنطقة محايدة لا تخضع لأي جهة. نحن سوريين وهذه ارضنا، وبالأمس دخل <داعش> الى البلدة وزرع فيها الرعب وارتكب مجازر وسرقات، وبعد أكثر من ثلاثين غارة من النظام انسحب التنظيم الى خارج البلدة بعد منتصف ليل الثامن من آذار/ مارس الحالي، لكن مجموعة تابعة له عادت ودخلت الى البلدة وقامت بزرع عبوات وتفخيخ كل الطرق المؤدية الى جرابلس>. وتابع الرجل قوله: <ان <داعش> يفرض حصاراً خانقاً على أكثر من سبعة آلاف مدني في قرى بلدة القبة القريبة ومحيط جسر <قراقوزاق> القريب من هنا والمجاور لضريح سليمان شاه سابقاً، وذريعة التنظيم في حصار تلك القرى ومنع دخول وخروج المواد التموينية إليها هي أنها باتت تحكم من قبل قوى كافرة بعد انسحاب عناصره منها، فيما تمنع وحدات حماية الشعب الكردية ايضاً المدنيين في تلك القرى من التحرك بحجة أنها مناطق عسكرية>.

نبل-والزهراءشبه هدنة في ريف حلب

القصف المتبادل بين النظام وحلفائه من جهة، وبين الفصائل السورية من جهة أخرى في ريف حلب تحتدم وتيرتها احياناً وتضعف احياناً أخرى لأسباب تتعلق بطبيعة المعركة الصعبة أولاً وبالنتائج التي يمكن ان تصل اليها المفاوضات بينهما في عملية تبادل الاسرى. فبعد عرض الثوار لقطات <فيديو> تظهر خمسين عنصراً قيل انهم من حزب الله وقعوا في الاسر رغم نفي الحزب للأمر من أساسه، يسعى النظام السوري وحلفاؤه لعقد صفقة شاملة تتضمن أسرى للجهتين في غير منطقة، وقيل في هذا الصدد ان المفاوضات وصلت الى خواتيمها وان الأطراف جميعهم وافقوا على مبدأ المقايضة، لكن تبقى العراقيل مقتصرة على الآلية التي سوف تتبع والجهة التي سوف تشرف على عملية التبادل هذه. ففي الوقت الذي يصر فيه المسلحون على ان تتولى تركيا عملية التفاوض، يصر النظام السوري على ان تكون المبادلة بيد دولة غربية يرجح انها روسيا او المانيا.

حزب الله غير قلق

<لا تقلقوا>. بهذه الكلمة يُطمئن القيادي الحاضرين. <فسوف نسترد تلك المناطق خلال المرحلة المقبلة حتّى ولو كانت النتائج في الأرواح مكلفة>. وانطلاقاً من الاجواء السائدة التي بدأت تلوح في أفقها رائحة غبار المعركة منذ الآن، فإن حزب الله وحلفاءه بدأوا يتحضرون للواقعة بالكثير من العناصر المدججة وبالقليل من الدعم الدولي. وقد نسيت جميع الاطراف ان مخطوفي أعزاز ظلوا في الاسر في شمال حلب لفترة تزيد عن سنة وسبعة أشهر من دون حتى أن يتمكن النظام وحلفاؤه من فك احتجازهم او حتى معرفة المكان الذي احتجزوا فيه على أقل تقدير.