تفاصيل الخبر

اسـتـعـــــــادة الـثـقـــــــــة

29/12/2016
اسـتـعـــــــادة الـثـقـــــــــة

اسـتـعـــــــادة الـثـقـــــــــة

 

بقلم سعيد غريب

SAM_5208 

الأمل هو ما يجمع البشر في مطلع كل سنة جديدة، هو الشيء العميق المشترك بين بني البشر، المترجم بعبارات أطلقها حكماء كل العصور وشعراء كل الأزمات، ولعل أبرزها العبارة الأكثر تداولاً: <ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل>.

إن مطالب الناس باتت معروفة للقاصي والداني بعيداً من حسابات الأوزان وضرب البحر بالعصي السحرية.

إن مطالب الناس في لبنان تحديداً، لم تعد تحتمل التأجيل وهي بديهية وتخطتها كل دول العالم منذ زمن طويل. هي متواضعة جداً، وملحّة جداً، كانت قبل مئة عام من الكماليات وبقيت بعد مئة عام من الكماليات.

الحكومة الجديدة مطالبة بأن تُبعد الناس عن مستنقع الترهات وتوسيع الطرق من أجل بلوغ شيء من وطن نعيش فيه تحت رحمة الله وفي ظل دولة الحق، لا تضييق الطرق من أجل بلوغ هدف خاص.

إن ثقة الناس بدولتهم أو بحكوماتهم لا تُستعاد إلا بدولة الحق التي تأتي بها الأكثرية الصامتة والواعية وبمختلف الوسائل المشروعة عن طريق نقل البلاد من مرحلة التخلف الى مرحلة التقدم.

ان دولة الحق في حاجة الى حكم يسبق الناس في مباشرة الحكم.

إن دولة الحق هي دولة يأتي ممثلو شعبها الى البرلمان بالانتخاب وليس بالتصويت.

إن دولة الحق هي دولة لا يرث فيها الأبناء والأشقاء والأقارب المناصب والزعامات بدساتير الآباء وقوانينهم.

إن دولة الحق في حاجة الى حياة ديموقراطية طبيعية... وانتخاب رئيس للجمهورية كل ست سنوات من دون أي تردّد أو تسجيل سابقة تصبح سوابق وتواريخ.

إن ثقة الناس بدولتهم تُستعاد عندما ينكفئ النيو- سياسيون عن التحدث الى أنفسهم، وعن المشاهد الاستعراضية <البايخة>.

وإن استعادة الثقة تبدأ بإعادة الأموال المنهوبة والمسروقة الى أمكنتها الشرعية والمشروعة ليستعيد الاقتصاد اللبناني عافيته وتستعيد النفوس ثقتها بنفسها.

إن استعادة الثقة تتطلّب وبإلحاح إزالة <السيرك> السياسي واستبداله بصرح ديموقراطي كبير، وحكم ديموقراطي سليم وسريع سرعة العصر في الاختيار والتقرير والتنفيذ والمثابرة والتخطيط والتحسّب والتوقع والبت والحسم.

ثقتنا نحن المواطنين بأن أمهات لبنان أنجبت رجالاً يقولون هذا الكلام، ولا يكونون عبيد شهواتهم ولا أسرى رغباتهم ولا رهائن ماضيهم...

نحن لا نطلب حسنة، نحن نطلب حقاً، ومن داخل هذا الحق نطلب نظرة جديدة إلينا في هذا العام الجديد. نطلب حقنا في النور لا في العتمة، في التعليم لا في الشارع، في الطبابة لا في المرض، في الماء لا في الجفاف، في الطرق لا في الجلال، في العدل لا في الظلم، في الشفافية لا في الكذب، في التطور لا في الجهل...

إن أكبر مشروع في تاريخ لبنان وفي العهد الجديد يجب أن يكون <الإدارة>، لأن المواطن سيظل يسأل الحكم الجديد: هل عندك ثقة بهذه الإدارة لتطلب مني دفع الضرائب لتنفيذ المشاريع؟ رسائل الحكم، حتى الآن، يُفترض أن تجيب عن هذا السؤال لا بالقول نعم أو لا، بل بتقديم ما يصح أن يسمى <إدارة جديدة>! أو بالقول إن لبنان سيكون له - خلال فترة محدودة - إدارة جديدة، تصبح موضع ثقة المواطن <دافع الضرائب>..

إن المصلحة الوطنية تقتضي وفوراً اهتداء المسؤولين بمن سبقوهم منذ زمن وقد سلّموا الأمانة، وبمن رفضوا التجديد لولايتهم زاهدين بالحكم وبتجربته المُرة، هي تقتضي بأن يترفع طالبو الحكم ويكونوا بالفعل كباراً قادرين على الاستغناء عن المنصب إذا كان الوصول إليه متعذراً لغير سبب.

في السنة الجديدة، نتأمل ونحلم بدولة جديدة، ووطن نظيف، وإنسان مرتاح وكريم وسليم.

نحلم بحكام يحكمون بالعدل والحق لا بمتحكّمين بحياتنا ومستقبلنا... بمسؤولين يعيدون أبناءنا من دول لجأوا إليها هرباً من الظلم والفقر والخوف وانعدام فرص العمل.

سنكون سعداء بالعام الجديد كما نسعد بكل شيء جديد... عسى أن يحمل الرقم سبعة في سنة 2017 إشارة النصر والخلاص.