من هو الرئيس الذي يمكن أن يقسم على تحسين عيش اللبنانيين؟
المستفيد الأول من الأزمة الروسية الأوكرانية هو اسرائيل. حكومتها لم تتخذ أي موقف معادٍ لروسيا وغابت عن جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على القرار الذي أدان تدخل روسيا في أوكرانيا. كما صدرت عن رئيس وزرائها <بنيامين نتنياهو> عدة اشارات تؤكد وقوفه على الحياد في المسألة الأوكرانية والحياد في هذه الحالة يصب في الميزان الروسي. أما لماذا لم تنضم اسرائيل إلى الموقف الغربي كعادتها في المسائل الدولية فالاسباب ثلاثة:
١- هناك مليون اسرائيلي من أصول روسية وأوكرانية وأي موقف غير محسوب سيخلق بلبلة داخلية غير محسوبة العواقب.
٢- اللوبي الاسرائيلي الموجود في روسيا لا يسمح بأن تكون اسرائيل خارج العباءة الروسية في أزمة كهذه خاصة أن اسرائيل تكون بذلك سلفت روسيا موقفاً سياسياً غالياً يمكن البناء عليه كثيراً في المستقبل في العلاقات بين البلدين.
٣- السبب الأهم هو اقتصادي. اسرائيل لا تريد أي مشاكل داخلية أو خارجية. اقتصادها في أحسن أحواله. السياحة في أوجها. البطالة في انخفاض. العجز تحت السيطرة. <الشيقل> في أعلى مستوياته التاريخية حتى أن الصادرات الاسرائيلية إلى الشرق الأقصى انخفضت مؤخراً بسب ارتفاعه. الاحتياطي من العملات الخارجية تجاوز مؤخراً ٨٥ مليار دولار بعدما كان أقل من ٣٠ مليار دولار عام ٢٠٠٨. أعمال استخراج الغاز تستكمل على قدم وساق. اسرائيل في كوكب لا يمت بصلة إلى باقي الشرق الأوسط ولذلك لا تريد مغامرات سياسية أو عسكرية تؤثر عليها. حتى عندما تتحدث عن إيران وتشكو من استفزازاتها المتواصلة فهي تفعل ذلك لشحذ الدعم الغربي والإمعان في تظهير صورة الضحية التي ما فتئت تتنكر لها منذ قيامها الغاصب في ١٩٤٨.
الحديث عن عافية الاقتصاد الاسرائيلي محزن. ولا يمكن التبرير دوماً أن اسرائيل هي حليفة الغرب ولذلك تنعم بنمو اقتصادي يزيد عن ٣ بالمئة سنوياً وهو رقم مرتفع بالنسبة لدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. هناك وعي اسرائيلي لأهمية الاقتصاد في تأمين الاستدامة للسيادة والحصانة الأمنية الحقيقية. منذ حرب تموز (يوليو) ٢٠٠٦ واسرائيل تسجل النجاحات الاقتصادية الواحد تلو الآخر. تضعضع اقتصادها مع الأزمة المالية العالمية في ٢٠٠٨ ولكنها سرعان ما عادت إلى النمو. الأرقام الاقتصادية لا تدل على أن اسرائيل تعاني من مفاعيل المواجهة مع إيران أو حزب الله.
المؤسف أن الحال مختلف تماماً وراء حدود اسرائيل الشمالية. هناك يتعلمون الأبجدية في الديموقراطية من خلال محاولة إنتخاب رئيس للجمهورية. إنه الامتحان الحقيقي الأول منذ ١٩٧٦. فكل رؤساء الجمهورية منذ هذا التاريخ جاءوا عن طريق الخارج إما تعييناً أو انتخابا ًصورياً. هذه المرة كان في لبنان مرشح رئاسة معادٍ لسوريا وهذه أول مرة يحصل ذلك منذ أن ترشح العميد ريمون إده أمام الياس سركيس وخسر ثم اضطر إلى النفي الذاتي في باريس بعد تعرضه لعملية اغتيال واضحة الرسالة ومنذ أن انتخب بشير الجميل رئيساً ثم اغتيل بعد اسابيع. من حق المرشح الرئاسي سمير جعجع أن يخاف فعلاً على نفسه فهو اختار مسيرة ريمون إده وبشير الجميل. ان مجرد بقائه في لبنان وعلى قيد الحياة هو دليل أن لبنان بدأ يستعيد سيادته فعلاً.
السيادة لا تكون فقط بمواجهة النفوذ السوري في التأثير على قرارات لبنان السياسية. السيادة هي أيضاً في ايلاء الشكل الاقتصادي للبلد الأولوية التي يستحقها. شخص واحد يعرف كيف يصنع ذلك وهو ما زال متردداً في أن يقول للبنانيين أنه المرشح الأقرب إلى السيادة التي ينشدونها. والمرشح هو الدكتور رياض سلامة.