تفاصيل الخبر

اسـرائـيــــل تــــوسّع نـطـــــاق جـدارهـــــــا الإسـمـنـتــــــي ليشمــــل تـــلال كفـرشوبـــــا ومــــزارع شبعــــا اللبنانيــــة!

11/04/2019
اسـرائـيــــل تــــوسّع نـطـــــاق جـدارهـــــــا الإسـمـنـتــــــي  ليشمــــل تـــلال كفـرشوبـــــا ومــــزارع شبعــــا اللبنانيــــة!

اسـرائـيــــل تــــوسّع نـطـــــاق جـدارهـــــــا الإسـمـنـتــــــي ليشمــــل تـــلال كفـرشوبـــــا ومــــزارع شبعــــا اللبنانيــــة!

 

بقلم وليد عوض

خلال اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون والأمين العام للأمم المتحدة <أنطونيو غوتيريس> على هامش قمة تونس، ثم التطرق الى الوضع في الجنوب وسط تأكيد من الجانبين اللبناني والدولي على أن التعاون القائم بين الجيش وقوات <اليونيفيل>، أمّن استقراراً على الجبهة الجنوبية منذ ولادة قرار مجلس الأمن الرقم 1701 على رغم أنه ما زال في المرحلة الأولى من موجباته وهي <وقف الأعمال العدائية> ولم يرتقِ الى المرحلة الثانية وهي وقف إطلاق النار. إلا أن هذا الاستقرار الذي تبدي الأمم المتحدة ارتياحها لتحقيقه ونجاح القوات الدولية في تثبيته بالتعاون مع الجيش، لم يلغِ استمرار الخروقات الاسرائيلية في البر والبحر والجو على حد سواء، والتي نبّه إليها الرئيس عون داعياً <غوتيريس> الى ضرورة توقف اسرائيل عن انتهاك السيادة اللبنانية لأن تكرار الخروقات قد يعرّض الوضع لانتكاسة لا يريدها لبنان ولا الدول الكبرى، والدول التي تنشر جنودها في مهمة سلام في الجنوب اللبناني.

وفي الوقت الذي أكد فيه الأمين العام للأمم المتحدة أن المرحلة الراهنة تحتاج الى أقسى درجات ضبط النفس، واعداً بإجراء الاتصالات اللازمة لإبقاء الهدوء قائماً على طول الحدود، كانت التقارير الواردة من الجنوب تشير الى إنجاز الاسرائيليين المرحلة الاولى من بناء الجدار الاسمنتي الذي يفصل بين الاراضي المحتلة ولبنان والممتد على طول خمسة كيلومترات ويبدأ من مرتفعات بلدة العديسة اللبنانية غرباً مروراً ببلدة كفركلا وصولاً الى أطراف سهل الخيام شرقاً، وهي تتهيأ للبدء بتنفيذ المرحلة الثانية في اتجاه مزارع شبعا ومرتفعات جبل الشيخ، وهي مرحلة لن تكون سهلة على الاسرائيليين وخصوصاً بعدما عبّر لبنان الرسمي من خلال كلمة الرئيس عون أمام القمة العربية، عن مخاوف من بسط <السيادة الاسرائيلية> على هذه الأراضي استكمالاً لبسطها على الجولان السوري المحتل. وتبدو المخاوف اللبنانية محقة إذا ما أخذنا في الاعتبار عدم احترام اسرائيل لردود الفعل الدولية الرافضة لأن سيطرتها على الجولان تشجيع من الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> الذي يوزع على تل أبيب ما لا يملك، وهــــو ما فعـــل بالنسبة الى القدس، ثـــم الى الجـــولان، وقد يأتي يوم يعلن فيه السيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية... ولعل في استعمال رئيس الحكومة الاسرائيلية <بنيامين نتنياهو> عبارة حول مستقبل الضفة الغربيـــــة، ما يــــؤشر الى نيات مبيتة قد تسبق الانتخابات الاسرائيلية بهدف <تعزيــــز> وضـــع <نتنياهـــو> وضمان فوز حزبه بالأكثرية، لاسيما بعدما بدا أن المعارضة الاسرائيلية نجحـــت في <اخــــتراق> القاعـــــدة الموالية، وأظهرت الإحصاءات تقدماً لمرشحيها.

توسيع حدود الجدار الاسمنتي!

 

وسط كل هذه المعطيات، لا يبدو أن اسرائيل آبهة للاعتراضات التي تتوالى على خطواتها التصعيدية بدليل أنها تتعامل في مسألة الجدار الاسمنتي على أنه يشكل منطقة عازلة تحمي أمن مستوطناتها وسكانها، وتبقي على التوتر قائماً لكونها قادرة على خرق هذا الجدار في أي لحظة <ترى القيادة العسكرية ضرورة لذلك> على حد قول الناطق العسكري الاسرائيلي. من هنا أنشأت اسرائيل الى جـــانب الجـــدار بوابــات يمكن فتحها وتأمين عبور آليات مصفحة بحجم كبــــير عنـــد الحاجــــة، لاسيمـــا الدبابة <ميركافا> وغيرها من الاسلحة المناسبــــة. في وقـــت تم فيـــه تعزيــــز الإطار الامني للجدار من خلال وضع تقنيـــات حديثـــة وعاليـــة الدقـــة مـــن كاميرات وابراج وأجهزة حساسة قادرة على استشعار أي تحرك غير عادي من الجهة اللبنانية.

كذلك فإن ما يُبقي خطر التصعيد قائماً، لجوء العسكريين الاسرائيليين الى استفزاز الوحدات العسكرية اللبنانية المتمركزة في الجهة المقابلة، واتخاذ وضعيات قتالية يرافقها تصويب فوهات البنادق نحو الجيش، ثم يعمدون على توجيه الشتائم للعسكريين وللمدنيين على حد سواء في محاولات لاستدراجهم لعمليات اطلاق نار. وهذا الواقع يضطر دوريات <اليونيفيل> للتدخل أكثر من مرة لوقف الاستفزازات الاسرائيلية تحسباً لحصول تدهور أمني قد يكون من السهل معرفة بدايته، لكن من الصعب جداً التكهن بنهايته. وكان قرار القيادة الدولية سريعاً لجهة الطلب الى الاسرائيليين وقف الاستفزازات والبقاء خلف الجدار الاسمنتي الذي يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار يعلوه في بعض المواقع المنخفضة جغرافياً، شباك حديدي وأسلاك معدنية بارتفاع مترين إضافيين، في ما تظهر أعمدة حديد مرتفعة جداً تبعد نحو خمسة أمتار تثبت عليها كاميرات مراقبة حديثة تتولى نقل الحركة على مدار الساعة الى غرفة عمليات اسرائيلية تم تجهيزها في منطقة قريبة من الحدود اللبنانية وتلتقط الكاميرات حركة الأهالي الجنوبيين المنشغلين بتشييد منازل وفيلات مع عودة عدد من اللبنانيين من افريقيا والخليج واختيارهم بناء منازل لهم للبقاء في <الجنوب الآمن>. وقد عزز هذه الحركة العمرانية وجود سكاني كثيف، إضافة الى استثمار الأراضي الزراعية بعدما بات الوضع الأمني أكثر استقراراً عما كان عليه من قبل.

 

<وظائف> الجدار تتشعّب!

 

وتوقعت مصادر عسكرية مطلعة لـ<الأفكار> أن يتأخر تنفيذ المراحل الباقية من بناء الجدار الاسمنتي، ما يعني عملياً أن وقتاً إضافية سيمضي من دون أن يكتمل البناء. وتروي المصادر ان التقارير الواردة تشير الى استقدام اسرائيل حفارات ضخمة لحفر قاعدة للجدار بعمق كبير وسماكة ضخمة لإعاقة حفر أنفاق جديدة في المرحلة المقبلة بعد اكتشاف الأنفاق قبل اشهر وتدميرها بعد ثبوت اتصالها بالاراضي اللبنانية. وفي رأي المصادر ان الجدار لا يمنع من الناحية العسكرية، حصول أي هجوم عسكري في حال اندلعت الحرب مجدداً، لأن وظيفته الأساسية هي منع عمليات التسلل وتهريب المخدرات من الجانب اللبناني الى داخل اسرائيل وذلك بعدما اكتشف الاسرائيليون وجود شبكات تتولى تهريب المخدرات الى داخل المستعمرات الحدودية، ومنها الى الداخل الاسرائيلي! كذلك فإن مهمة الجدار الحد من رصد حزب الله تحركات الدوريات الاسرائيلية قرب الشريط الحدودي، كما يحول دون استهدافها مباشرة، فضلاً عن <الطمأنينة> التي يشعر فيها سكان المستعمرات القريبة من لبنان بفعل وجود جدار إسمنتي على طول الحدود.

كل هذه التطورات الجنوبية التي تمررها اسرائيل خلال انشغال لبنان في شؤون داخلية ملحّة، تلقي ظلالاً من الشك حول التزام الاسرائيليين المحافظة على الاستقرار على الحدود لاسيما من خلال التذرع دائماً بالوجود المسلح لحزب الله داخل منطقة العمليات الدولية الذي أشار إليه الامين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير الى مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1701. إلا أن لبنان استطاع انتزاع <ضمانات> دولية بالمحافظة على الاستقرار في الجنوب لأن المجتمع الدولي غير راغب في حصول أية مغامرة عسكرية تلهب الحدود الجنوبية من جديد، من هنا كانت دعوة العديد من المسؤولين الدوليين والأممين الذين زاروا بيروت مؤخراً الى تعزيز وجود الجيش اللبناني في الجنوب من خلال الفوج النموذجي للجيش الذي تم نشره في المنطقة الحدودية، الذي تعهدت دول عدة من بينها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا بتأمين تدريب عناصره وتزويدهم بأسلحة حديثة وآليات تمكّنهم من التحرك بسهولة والانتشار عند الحاجة في أماكن حساسة، إضافة الى تعهد قيادة <اليونيفيل> بالتنسيق الدائم مع وحدات الجيش عندما تدعو الحاجة. وهذا ما أكد عليـــــه قائد القوات الدولية الجنرال <دل كول> خلال جولته الأخيرة على المسؤولين اللبنانيــــين والتـــــزم بـــــه ايضاً مســــاعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات حفــــظ الســــلام <جــــان بيــــار لاكــــروا> الذي وضع المسؤولين اللبنانيين في صورة التوجهات الدولية لحماية الاستقرار على طول الحدود.