تفاصيل الخبر

أصوات تنادي بضرورة عودة سوريا الى كنف الجامعة العربية لتوحيد الجهد المشترك في مواجهة الإرهاب وتنظيماته!

27/01/2017
أصوات تنادي بضرورة عودة سوريا الى كنف الجامعة العربية  لتوحيد الجهد المشترك في مواجهة الإرهاب وتنظيماته!

أصوات تنادي بضرورة عودة سوريا الى كنف الجامعة العربية لتوحيد الجهد المشترك في مواجهة الإرهاب وتنظيماته!

  

1ما أشارت إليه <الأفكار> في عدد سابق عن أن زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للسعودية وقطر، ساهمت في رفع <الحصار الخليجي> واستطراداً العربي عن لبنان، بات حقيقة قائمة لاسيما بعد توالي الزيارات لمسؤولين عرب لبيروت، إما لتوجيه دعوات لرئيس الجمهورية للقيام بزيارات رسمية، وإما للتشاور في الأوضاع العامة العربية والإقليمية والتحضير للقمة العربية المزمع عقدها يوم 29 آذار/ مارس المقبل في البحر الميت في الأردن.

وفي هذا السياق، أتت زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير خارجية العراق ابراهيم الجعفري بعد طول غياب عن الساحة اللبنانية، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمد المبارك الصباح الذي ورث عن والده عبد الله المبارك الصباح محبة كبيرة للبنان وشعبه.

وعلى رغم أن الزيارات الثلاث تضمنت قاسماً مشتركاً وهو توجيه دعوات للرئيس عون لزيارة كل من مقر جامعة الدول العربية في القاهرة لدى زيارة رئيس الجمهورية لجمهورية مصر العربية منتصف الشهر المقبل، وبغداد والكويت، تأكيداً للانفتاح العربي المتزايد على لبنان، إلا أنها كانت أيضاً مناسبات للاطلاع على موقف لبنان من التطورات، ورؤية الرئيس عون للعلاقات اللبنانية - العربية، وإمكانية أن يلعب الرئيس اللبناني دوراً على صعيد تقريب وجهات النظر بين الدول العربية أولاً، وبينها وبين دول أخرى ثانياً، والمقصود ضمناً إيران. وعلى رغم أن أمر الوساطة لم يتبلور بوضوح ولا أتى بشكل مباشر وصريح، إلا أن خلاصات الاحاديث التي دارت بين الزوار ورئيس الجمهورية، وبينهم وبين المسؤولين اللبنانيين الآخرين الذين استقبلوهم، تعكس رغبة في أن ينسحب المناخ الحواري السائد في لبنان بعد انتظام عمل المؤسسات الدستورية وطرح المواضيع الخلافية في أجواء من الهدوء والصفاء، على المواضيع الشائكة الأخرى التي تواجه الدول العربية مع بعضها البعض من جهة، وبينها وبين الدول المجاورة من جهة أخرى.

 

<قمة الأردن> هل تحمل جديداً؟

وبدا واضحاً من الطروحات التي عرضها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن <قمة البحر الميت> في الأردن لن تكون كسابقاتها التي انعقدت في عز الحرب السورية والعراقية واليمنية، ذلك أن التطورات الميدانية التي حصلت خلال الأشهر الماضية سواء في سوريا أو في العراق، أوجدت واقعاً جديداً لن تبقى الدول العربية المتشددة بعيدة عنه، وهو ضرورة تكثيف الجهود من أجل تسهيل الاتفاق على الحل السياسي الذي تعتبره الدول المعنية والقادرة، المدخل الطبيعي لإنهاء الحرب في سوريا لاسيما وأن تثبت بما لا يقبل الشك أن العمليات العسكرية لن تؤدي الى حلول لا بل هي تزيد الأمور تعقيداً، وكذلك فرضت أجواء التوافق الإقليمي والدولي نفسها في الاجتماعات التي تعقد، لاسيما اجتماع الآستانة، وذلك بالتزامن مع بداية عهد رئاسي جديد في الولايات المتحدة الأميركية أثار الكثير من المخاوف وأسباب القلق لدى الدول بعد المواقف التي أطلقها الرئيس الأميركي الجديد <دونالد ترامب> والذي يجهد منذ دخوله الى البيت الأبيض الى <ترقيعها> من دون أن ينجح في ذلك، لاسيما قراره الخطير بنقل السفارة الأميركية الى القدس الذي استفز العالم العربي والإسلامي على رغم ما أعلنه البيت الأبيض من أن الملف لا يزال <في مراحل النقاش الأولى>.

صحيح أن الأمين العام للجامعة العربية لم يقدم في لقاءاته اللبنانية طروحات معينة يمكن أن تشكل مادة لنقاش مبكر يسبق <قمة البحر الميت> في الأردن أو يحضّر لها، إلا أن الحرص الذي أبداه لتحقيق تضامن عربي، ولو في حده الأدنى، تخرج به القمة، عكس مخاوف لدى أبو الغيط من أن تكرس <قمة الاردن> التباين في وجهات النظر العربية، لاسيما حيال الوضع في سوريا والعراق، على رغم أن المواجهة التي تجري في كل من البلدين مع تنظيم <داعش> الإرهابي، والدعم العربي الدولي للقضاء على هذه التنظيمات الإرهابية، يُفترض أن يوحدا الموقف العربي لا أن يقسماه.

موقف عملي من الإرهاب

 

وفيما حاول وزير خارجية العراق ابراهيم الجعفري التأكيد لمحدثيه اللبنانيين على نجاح بلاده في القضاء بنسبة كبيرة على تنظيم <داعش> من خلال العمليات العسكرية الناجحة في الموصل وغيرها من المدن العراقية التي أمكن تحريرها، بدا حريصاً ايضاً على الدعوة الى أن تخرج القمة العربية بموقف واحد من مسألة الإرهاب، لاسيما من خلال التعاون الاستخباراتي والأمني بين الدول العربية لمطاردة الخلايا الإرهابية التي لها امتدادات وبيئات حاضنة تتوالد. وأتت هذه الدعوة العراقية انطلاقاً من قناعة الوزير الجعفري بأن كلمة العرب لم تتوحد يوماً إلا حول موضوع مكافحة الإرهاب، لكن المفروض أن تترجم المواقف الكلامية أفعالاً، لاسيما وان الممارسات الفظيعة التي يرتكبها مسلحو <داعش> ضد المدنيين تدفع الى قناعة ثابتة بأن هؤلاء لا يسعون الى السيطرة على مدن وقرى وبلدات وشعوب، بل ايضاً الى إبادة كل ما هو حضاري وإنساني وتنوّع طائفي ومذهبي في البلدان العربية التي تسللوا إليها، غير أن الجعفري رأى خلال حواره مع مضيفيه اللبنانيين بأن مستقبل التنظيمات الإرهابية <أسود> وان تقاتلاً سيحصل في ما بينها بحيث يقضي الإرهاب على نفسه.

وإذا كانت <القمة العربية> مدعوة من دول عربية عدة الى موقف عملي حيال الإرهاب وليس فقط الموقف المعنوي، فإن ثمة دولاً عربية من بينها العراق، بدأت تتساءل عن جدوى إبقاء سوريا خارج اجتماعات جامعة الدول العربية بعدما اتضح أن أجزاء كبيرة من الحرب السورية كانت ضد التنظيمات الإرهابية التي اجمعت الدول العربية على مواجهتها وشن الحروب عليها. صحيح ان هذه الفكرة لم تتبلور بعد باقتراحات عملية تقدم الى الأمانة العامة للجامعة العربية، إلا أن الموقف العراقي الذي عرضه الوزير الجعفري لجهة عدم إبقاء المقعد السوري شاغراً بدأ يتردد في عدد من العواصم العربية، مع العلم أن طرحه سيواجه برفض مباشر وقوي من دول الخليج العربي وفي مقدمتها السعودية التي لم يتبدل موقفها من النظام السوري. ويتوقف وزراء وديبلوماسيون زاروا بيروت مؤخراً عند الموقف التركي الذي يشهد تبدلاً متدرجاً لاسيما لجهة ما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أن لا حل ممكناً في سوريا راهناً من دون دور للنظام برئاسة الرئيس بشار الأسد. إلا أن المصادر الديبلوماسية لا تجزم بإمكانية طرح موضوع إعادة سوريا الى الجامعة العربية في <قمة الاردن>، خصوصاً أن دمشق نفسها لم تبد أي موقف ايجابي حيال الدول العربية التي عارضت النظام، ولا هي بدلت مقاربتها من جامعة الدول العربية التي اعتبرها الرئيس الاسد منذ مدة بانها لم تعد موجودة. غير أن هذه المواقف المعارضة والمؤيدة، لا تلغي وجود أجواء عربية بدأت تتحدث عن ضرورة <استعادة> سوريا الى الحضن العربي بصرف النظر عما سيؤول إليه مسار الحرب ضد التنظيمات الإرهابية من جهة، والمواجهة المستمرة ولو على تقطع بين المعارضة والنظام.

عون في مصر الشهر المقبل

 

ويستنتج متابعو <الهجمة العربية> المستجدة على لبنان وأجواء المحادثات التي تمت مع الزوار العرب خلال الأسبوع الماضي وبداية الأسبوع الجاري، ان لبنان استعاد حضوره على الساحة العربية بعدما كان لفترة طويلة بعيداً عن مواعيد القادة العرب ومداولاتهم، حتى أن بعضهم نسي أن له في لبنان أقارب وأهالي وممتلكات. والدليل على هذه العودة العربية ان الزوار الذين توالوا على بيروت كانوا يطرحون ضرورة رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي اللبناني الذي تراجع في الفترة الأخيرة، اما بسبب تقاعد السفراء اللبنانيين وانتقال التمثيل الى مستوى القائم بالاعمال، أو لتعذر تعيين سفراء نتيجة الشغور. وهذا الطلب الذي كان قاسماً مشتركاً بين الأمين العام للجامعة العربية والوزير العراقي، يؤكد على أن انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية أعاد لبنان الى الخريطة العربية والدولية، وأن الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية لمصر في منتصف الشهر المقبل ستعطي الحضور اللبناني المزيد من الزخم والفعالية بالتزامن مع رغبات واضحة في إعادة تفعيل العلاقات الاقتصادية والتجارية، وما يمكن أن يلعبه لبنان من دور في مرحلة إعادة إعمار سوريا لاسيما وان شركات عربية وأجنبية اتخذت في بيروت وطرابلس مكاتب لها لتنسيق العمل إذا ما رست عليها كلياً او جزئياً عمليات إعادة إعمار المدن السورية المدمرة.

في أي حال، تبدو الزيارات العربية للبنان تتجاوز حتماً الحدث البروتوكولي لأنها بدأت تؤسس وفق مصادر متابعة لنهج جديد في العلاقات مع لبنان يكرس حضوره العربي من جهة، ودوره المحوري من جهة ثانية، وهو ما يجعل الرئيس عون يردد أمام زواره أن لبنان هو بلد مؤهل لأن يلعب من جديد دوره في محيطه والعالم، على حد ما قال ذات يوم البابا القديس <يوحنا بولس الثاني> وهو يعلن الإرشاد الرسولي من أجل لبنان.