سنوات قليلة نجحت فيها المخرجة اللبنانية العالمية نادين لبكي في نقل نفسها من خارطة السينما العربية الى الخريطة العالمية، فقدمت نفسها كممثلة في أفلام كثيرة أوروبية وأميركية وتنقلت بأفلامها كمخرجة في مهرجانات العالم حتى ذاع صيتها، وجاء اليوم الذي ترتقي فيه لتكون ضمن لجنة تحكيم لإحدى مسابقات أهم مهرجان سينمائي في العالم ..
وسط انشغالها بأعمالها التحكيمية وممارسة شغفها الأكبر بالسينما، استطاعت <الأفكار> لقاءها للدردشة معها على هامش مهرجان <كان>...
ــ ماذا تخبرينا عن مشاركتك ضمن لجنة تحكيم <نظرة خاصة> بالنسخة الأخيرة من مهرجان <كان> السينمائي الدولي؟
- تجربة التحكيم بالنسبة لي بشكل خاص هي تجربة رائعة وممتعة. يكفي أنني أقضي نهاري كله في مشاهدة الأفلام. ففي الأيام العادية، أعاني مثل أي شغوف بالسينما لكي نجد ساعتين في حياتنا لنذهب فيهما الى السينما ونتابع أحد الأفلام السينمائية، والحياة بمسؤولياتها ومتطلباتها تسرقنا وتشغلنا، ولكن تجربتي في <كان> جعلت من ذلك وظيفة، وليس هناك أجمل من مشاهدة السينما، فما بالك لو تحولت الى جزء من العمل أو مهمة؟!
ــ وكيف تصفين الكواليس مع أعضاء لجنة التحكيم الآخرين؟
- طبعاً ممتعة. ممتع أن أقضي وقتي في مناقشات مع ناس لديهم خبرة بالسينما، وتجربتي وسطهم جعلتني أشعر بأنني واحدة من عائلة السينما العالمية، وهذا أمر مهم بالنسبة لي كمخرجة لبنانية. وأعتقد أنه <منيح> أن أشعر بأن وجهة نظر السينمائيين العرب تؤخذ بعين الاعتبار.
ــ ماذا عن مشاركة 4 سينمائيين عرب غيرك في النسخة نفسها من مهرجان <كان> وضمن لجان تحكيم؟
- أمر رائع طبعاً. فهناك من لبنان جوانا حاجي توما، والمخرج عبد الرحمن ساسيكو الذي شغل مقعد رئيس لجنة تحكيم مسابقة <سونفاسديون> ومعي في <نظرة خاصة> المخرجة السعودية هيفاء المنصور، والفنان المغربي طاهر رحيم، وهو حدث مهم كثيراً ويعكس اهتمام المهرجان بنظرة المخرج العربي، كما يعكس أيضاً الثقة في المخرج العربي من قبل السينما العالمية، وهو واقع في غاية من الأهمية اليوم، وخصوصاً مع ما يحدث من تغير في المنطقة العربية، وهو التغير الذي يؤثر في نظرة العالم لنا مع الوقت.
نادين لبكي والتحكيم
ــ في رأيك ما الذي يميز فئة الأفلام التي في <نظرة خاصة> عن غيرها من الفئات الأخرى في المهرجان؟
- أعتقد أن الاسم يتحدث عن نفسه، وهو أن هناك نظرة مختلفة حول الافلام المختارة، والتي في حد ذاتها لها نظرة خاصة حتى على موضوعات بعينها في الحياة، وحينما يوجه السؤال للجنة التي اختارت الأفلام المشاركة في تلك المسابقة، هم لا يستطيعون تقديم إجابة علمية أو محددة لأنها في المطلق أفلام لها نظرة بديلة ومختلفة.
ــ أخبرينا عن تجاربك السابقة في لجان التحكيم؟
- شاركت في لجان عديدة تابعة لمختلف مهرجانات العالم منها مهرجان <تريبكا>، ومهرجان <فينيسيا> ومهرجان دبي، ومهرجان <سان دانس>، وأيضاً <سان سيبستيان>، وأكاد أكون بذلك قد شاركت في أهم المهرجانات.
ــ هل تختلف المعايير التحكيمية من مهرجان إلى آخر؟
- ليس كثيراً، لا أعتقد ذلك على الإطلاق، وأنا عن نفسي لم ألمس شيئاً محدداً يثبت ذلك، ولكن الاختلاف واضح دائمـاً في المهرجـانات بخصـوص توقيتهــا، فــتكون هناك أفلام بعينها جاهزة قبلها والمعيار يكون على أساس ما هو المنــــاسب من تلك الأفلام، ولكن ليس هناك معيار واضح لكل مهرجان علـــى حدة بخصوص كيفية الاختيار أو الغربلة.
ــ ولكن ماذا عن معايير لجنة الاختيار التي تقوم بعملها قبل مشاركة اي فيلم في المسابقة؟
- لا أعتقد ان رئيس لجنة الاختيار له أي معيار للاختيار بخلاف الجودة، فالجودة هي التي تحدد مستقبل فيلمه من المشاركة أو عدمها، وكذلك من الفوز أو عدمه.
ــ شاركتِ بفيلميكِ <كراميل> و<هلأ لوين> من قبل في مهرجان <كان>، كيف تشعرين اليوم وأنتِ في لجنة تحكيم في المهرجان نفسه؟ في رأيك ما الذي يميز تلك الدورة؟
- شعرت أن الأفلام في هذه الدورة مميزة وكان اختيار الأصلح منها للجوائز في غاية الصعوبة.
ــ كيف تقيمين فيلم الافتتاح <الرأس المرفوعة> خاصة وانها المرة الأولى التي يختار فيها المهرجان فيلماً هادئاً وغير براق للافتتاح؟
- أرى أن السينما في المطلق تهتم بالقضايا الاجتماعية، والفنانون أنفسهم يفهمون بعضهم بعضاً عبر القضايا الاجتماعية التي يقدمونها، فالسينما قادرة على تغيير العالم، وأنا مؤمنة جداً بأن السينما بمنزلة السلاح غير العنيف الذي يكون له تأثيره على العالم، ومن الممكن أن يغير أي شيء. وكل ذلك أدركه السينمائيون مع الوقت، فأصبحت السينما تتوجه نحو صناعة هذا التغيير في المجتمع، وتقدم القضايا التي تهمّ الناس بوعي كبير وتوجه واضح، وهذا ملموس اليوم في سينما العالم، حتى أن بعض الأفلام تلجأ لأشخاص حقيقيين للتمثيل فيها حتى تكون أكثر واقعية في تقديم قضاياهم، وهي المدرسة التي أؤمن بها على وجه خاص، وأتبعها لأنني أيضاً أعي مهمة السينما.
ــ ماذا عن جديدك كمخرجة؟ هل تحضرين لأي فيلم؟
- أعمل بالفعل على كتابة فيلم، ومازال العمل عليه جارياً، وأتمنى ان أبدأ تصويره قبل نهاية العام لأن ما يعطلني هو الكتابة حالياً، ولا أنكر أن ما يشغلني أيضاً هو تخيل رد الفعل عليه لأنه سيكون مختلفاً جداً عن <كراميل>، وأقدم فيه موضوعاً تتملكني فيه هواجس، وأعتقد أن حالي كامرأة مخرجة لا يختلف عن حال مخرجات كثيرات، فحينما تقدم اي مخرجة عربية فيلماً أشعر بها تقدم فيلماً بمنزلة صرخة، يعبر عن حالها وعن ذاتها ونظرتها للمجتمع أكثر من كونه قصة، فالمرأة ترى الكثير وتشعر بالكثير والسينما بالنسبة لها فرصة للتعبير عن كل ذلك بواقعية.