تفاصيل الخبر

إصدار جديد للمحامي والكاتب الكسندر نجار بعنوان "التاج اللعين" يتناول فيه الأشهر الثلاثة الأولى للجائحة: وثقت الوباء بصورة روائية إيماناً مني بمسؤولية الكاتب بنقل الأحداث التي تدور من حوله!  

12/06/2020
إصدار جديد للمحامي والكاتب الكسندر نجار بعنوان "التاج اللعين" يتناول فيه الأشهر الثلاثة الأولى للجائحة: وثقت الوباء بصورة روائية إيماناً مني بمسؤولية الكاتب بنقل الأحداث التي تدور من حوله!  

إصدار جديد للمحامي والكاتب الكسندر نجار بعنوان "التاج اللعين" يتناول فيه الأشهر الثلاثة الأولى للجائحة: وثقت الوباء بصورة روائية إيماناً مني بمسؤولية الكاتب بنقل الأحداث التي تدور من حوله!  

بقلم وردية بطرس

  [caption id="attachment_78771" align="alignleft" width="329"] غلاف كتاب التاج اللعين[/caption]

 الكاتب شاهد على عصره ينقل نبض الناس والأحداث إذ لا يكون الكاتب منفصلاً عن أية أزمة تقع في بلد ما فكيف الحال عندما تكون الأزمة عالمية مثل وباء الكورونا الذي  قلب العالم رأساً على عقب بكل المقاييس والمستويات...إن المناخ العام الذي يعيش فيه الكاتب هو الذي يحدد قضاياه الملحّة والمصيرية  في الكتابة...وفي خضم جائحة (كوفيد -19) صدر الكتاب الجديد بعنوان (التاج اللعين) للمحامي والكاتب الكسندر نجار الذي يعد شخصية بارزة في الأدب اللبناني والفرنكوفوني، إذ في رصيده نحو ثلاثين كتاباً تُرجمت الى حوالى عشر لغات. كما أنه حاز الكثير من الجوائز الأدبية منها منحة الكاتب من مؤسسة (لاغاردير)، وجائزة المتوسط، وجائزة آسيا، وجائزة  (هيرفي دلوين) من الأكاديمية الفرنسية تقديراً لعمله من أجل الفرنكوفونية.

 لقد أرتأى المحامي الأستاذ الكسندر نجار الكتابة عن الجائحة التي ما زالت في ذروتها إيماناً منه بدور الكاتب ومسؤوليته في الظروف الصعبة المرتبطة بالواقع الذي نعيشه. ويتناول في كتابه الأشهر الثلاثة الأولى للجائحة إذ يعتبر أن بدايات الأمور تكون دوماً معبّرة. وينقلنا الكاتب بجولة في التغييرات التي أحدثتها الجائحة من خلال شخصيات تعيش في ثمانية بلدان إختار أن يتناول تجربتها في مقاربة الفيروس الفتّاك.

الأولوية بالنسبة للقارىء

 (الأفكار) أجرت حديثاً مع المحامي والكاتب الأستاذ الكسندر نجار  عن كتابه الجديد وسألته بداية:

* (تاج الشيطان) عنوان كتابك الجديد الذي صدر عن دار النشر الفرنسية "بلون" ويتناول جائحة فيروس كورونا، و(التاج  اللعين) عنوان النسخة  العربية من الكتاب الذي صدر أيضاً بالفرنسي والاسبانية، لماذا اخترت الكتابة عن وباء الكورونا؟

- إرتأيت أنه من الصعب أن اكتب عن مواضيع أخرى في حين أن تجاوز هذه الكارثة هو الأولوية بالنسبة  للقارىء. كيف لي أن أؤلف رواية حول علاقة عاطفية في ايطاليا في القرن السادس عشر والناس يموتون على أبواب المستشفيات أو تعيش في سجون المنزل بانتظار الخلاص؟ لقد قلب هذا الحدث جميع المقاييس والثوابت والعادات والطقوس رأساً على عقب وتسبّب بالنسبة لمجتمعاتنا بما يشبه الزلزال. كل هذه التغييرات هي مادة دسمة بالنسبة للكاتب المراقب لبيئته بحيث لا يمكنه تجاهلها أو تخطّيها بسهولة!

مسؤولية الكاتب

* كمحام وكاتب لك الكثير من الاصدارات فإلى أي مدى شعرت بمسؤولية ككاتب شاهد على عصره يتناول حدثاً مثل وباء الكورونا الذي يهدد حياة البشر وله تداعيات على الاقتصاد العالمي وغيره؟

- اني أؤمن فعلاً بمسؤولية الكاتب التي تحدّث عنها  (جان بول سارتر)، وأني متمسّك بما أسماه (ألبير كامو) "عناد الشهادة"، أي أن يشهد الكاتب على الأحداث  التي تدور حوله باصرار ومن دون تردد لأن الشهادة هي الردّ الأفضل على "عناد الجريمة". وجدت نفسي في خضم هذه الجائحة التي شلّت العالم وشعرتُ بضرورة أن أوثّقها بصورة روائية من أجل محاولة فهم ما حصل ومقارنة ردود فعل الناس، في ثمانية مواقع مختلفة من الكرة الأرضية في مواجهة الوباء. فالراوي في كتابي ينتقل الى 8 بلدان هي الصين واليابان وفرنسا وايطاليا واسبانيا وإيران والولايات المتحدة ولبنان، فيروي مشاهداته من منظار شخصيات حقيقية أو من وحيّ الخيال.

 الأشهر الثلاثة الأولى للجائحة

* لماذا أرتأيت أن تتناول الأشهر الثلاثة الأولى للجائحة؟ وهل كان صعباً إعداد هذا الكتاب خصوصاً مع بداية الوباء حيث كانت الأمور غير واضحة على جميع المستويات؟

- إن البدايات مهمة في  الحروب وقصص الحب والأحداث بشكل عام، لأنها تخبرنا عن (تكوين) الأمور وأسباب بروز الحالة الجديدة  وكيفية الانتقال من مرحلة الى أخرى... يروي هذا الكتاب الأشهر الثلاثة الأولى للجائحة لأن هذه الأشهر كانت محوريّة اذ أبرزت تخبّط الحكومات وهلع الناس بعد فترة من الاستخفاف وشلل المواصلات والمصانع والمتاجر والمكاتب والانتقال من  السعادة والاستهتار الى الحذر والخوف... مهما تطوّرت الأحداث فيما بعد يبقى هذا الكتاب شاهداً على الفصل الأول من التراجيديا بطبيعة الحال، كان من الصعب عليّ  الكتابة عن هذه المرحلة، لأنني كنت لا أزال تحت وطأة الذهول ولأنه لم يكن لديّ (التراجع) لمقاربة الحدث، لكنني تخطيّت ذلك لكوني مؤمناً بضرورة أن أشهد على ما يحصل.

[caption id="attachment_78770" align="alignleft" width="375"] المحامي والكاتب الكسندر نجار: وباء كورونا سيؤدي الى انعكاسات سلبية للأسف على جيل الشباب[/caption]

* تتناول في الكتاب شخصيات تقيم في ثمانية بلدان فمن هي تلك الشخصيات ولماذا إخترتها وإخترت تلك البلدان؟

- اخترت شخصيات تعيش في بيئات مختلفة لكن المصيبة جمعتها. فنلتقي بالطبيب الصيني الذي عاقبته السلطات لأنه أفشى (بسر) وجود حالات خطرة مصدرها وباء جديد، وحبيبين بريطانيين على متن الباخرة التي حجزتها السلطات اليابانية، ومعلمة فرنسية مذهولة بسبب اصابة والدتها، وتلميذ ايطالي يحاول الهروب من (ميلانو)، وناشر اسباني ابتكر وسيلة لمساعدة مواطنيه على مواجهة الوباء، وطبيب شرعي ايراني رفض الانصياع، وكاهن لبناني ترك الثورة لمساعدة أبناء رعيّته على تخطّي هذه التجربة والتخلّص من الأفكار المسبقة التي تعتبر ان ما يحصل هو انتقام من الله، وصحافي أميركي يؤمن بنظريات المؤامرة، فيصطدم برئيس التحرير الذي ينفر من هذه التكهّنات. كل بلد من البلدان التي اخترتها تقدّم لنا تجربة مختلفة ونموذجاً خاصاً عن كيفية التعاطي مع الوباء وعن تصرّف الحكومات فيها...

أخذ العبرة

* برأيك كيف غيّر وباء كورونا العالم ككل وهل سيأخذ قادة الدول وأيضاً الشعوب العبرة مما يحصل؟

- لقد لقّن وباء كورونا العالم درساً في التواضع إذ أظهر أن الدول الكبرى التي كانت تتعامل بفوقيّة وتعتبر أنها تمتلك القوة والمجد، وجدت نفسها كأصغر الدول، تتخبّط في التناقضات وعاجزة تماماً عن إتخاذ القرارات المناسبة وعن ردع العدو الخفّي الذي إجتاحها. كما يتبين أن الأولويات المعتمدة سابقاً كانت خاطئة إذ إن الأسلحة والتكنولوجيا لم تتمكّن من حماية المواطنين بحيث يقتضي من الآن فصاعداً التركيز على الصحة العامة وحماية البيئة...إلا أنني غير  متفائل بالنسبة لاستخلاص الشعوب والحكومات دروساً من هذه  الكارثة. فبعد الحرب العالمية الثانية اعتبر البعض أن الحروب  إنتهت وأن الأمم المتحدة تسهر على حفظ السلام الدائم، لكن هذه التقديرات كانت خاطئة إذ إن الحروب لا تزال تفتك بالملايين وكأننا لم نتعلم شيئاً. حتى في لبنان، لم نتعلّم شيئاً من الحرب فنجد العديد من الناس يردّدون اليوم  شعارات حزبية ودينية وتهديدات تعرّض السلم الأهلي والعيش المشترك للخطر، متناسين أن هذه الأفكار أوصلتنا الى كارثة!

التحديات أمام جيل الشباب

* وما هي أهم الدروس التي يجب أن يتعلمها جيل الشباب للاستعداد لما هو أسوء في السنوات المقبلة؟

- من المؤسف أن وباء كورونا سيؤدي الى انعكاسات سلبية على جيل الشباب إذ سيعاني الكثير منهم من البطالة في السنوات المقبلة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن الوباء، فضلاً عن عدم قدرتهم على الزواج وتأسيس عائلة بسبب تراجع قدرتهم المالية وقدرة أهلهم على مساعدتهم كما جرت العادة...وأن المبدعين الشباب سيواجهون أيضاً صعوبات كثيرة لأن الفن لن يكون من أولويات الحكومات والمجتمعات في الأشهر المقبلة، كونها ستكون منكبّة على ترميم ما تهدّم ولأن الفن وللأسف هو الضحية الأولى (والأسهل) عند وجود أزمات. ومن المؤسف أيضاً أن هذا الوباء خلق شرخاً بين جيل المسنين وجيل الشباب، إذ إعتبر الأول أنه تُرك جانباً وتهمّش خلال الأزمة فيما إعتبر الثاني أن تأخّر العودة الى الحياة الطبيعية يُعزى الى الأول. أملي كبير، على رغم كل ذلك، أن يعي جيل الشباب أن سُلم الأولويات تغيّر وأنه يقتضي نفض الغبار عن الأنظمة البالية من أجل تأسيس مجتمعات واعية ومسؤولة.

* على  الصعيد الشخصي كيف تغيّرت نظرتك للعالم منذ بداية الوباء؟

- على الصعيد الشخصي اعتقدت في البداية أن البقاء في المنزل سيمكّنني من إنهاء بعض الكتابات (ومنها التاج اللعين)، وقد تمكنت من ذلك في المرحلة الأولى على رغم قلقي على الناس وعلى التطورات الأخيرة التي كنّا نعيشها. ولكن سرعان ما  شعرتُ بالشوق الى العلاقات الاجتماعية والتلاقي والعودة الى الحياة الطبيعية، فاكتشفت أني لا أحب الوحدة على عكس مما كنت أعتقد، وأن اللجوء الى (صومعة) كصومعة جبران خليل جبران في (نيويورك)، هروباً من المجتمع وضوضاء المدينة لا يناسبني أبداً!