تفاصيل الخبر

أسباب تدني نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية الأخيرة!

18/05/2018
أسباب تدني نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية الأخيرة!

أسباب تدني نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية الأخيرة!

 

بقلم طوني بشارة

5-11

6 أيار/ مايو هل يمكن تسميته بـ<العرس الانتخابي> من دون معازيم؟ ولماذا لم يحضر أكثر من نصف عدد الناخبين اللبنانيين <مراسم الاحتفال الانتخابي>؟ ولماذا كانت نسبة الاقتراع متدنية جدا رغم مرور 9 سنوات على آخر استحقاق انتخابي أنتجتها تمديدات غير دستورية ولا شرعية للبرلمان اللبناني؟

 حدثٌ مفاجئ وغير متوّقع، ذلك أنّ أغلب الظنّ كان أنّ الناخبين سيصطفون في طوابير للادلاء بأصواتهم التي أُسكتت عنوة طوال أعوام طبعها الذلّ والقهر والحرمان والفساد المستشري، ولكن هذا الأمر لم يحصل اذ بدت غالبية المناطق اللبنانية في 6 أيار/ مايو غارقة في سبات ملحوظ حيث لم يكن ثمة ما يوحي بأنّ <العرس الانتخابي الديمقراطي> قد أقيم فعلاً، <لا هيصة ولا زحمة ولا طبلة>، حتى أنه في <السوبرماركات> بدا اللبنانيون أكثر عدداً من الموجودين في مراكز الاقتراع في ساعة متأخرة من بعد ظهر الأحد، وقد ارتعب المرشحون ودبّ الذعر في قلب <السلطة>، حتى <المجتمع المدني> جهد في حضّ الناس على المشاركة في الاستحقاق، ورئيس الجمهورية بذاته أطلّ قبل ساعات من موعد إقفال صناديق الاقتراع مناشداً اللبنانيين الانتخاب، الى أن انتهت <الحفلة> بخيبة، ولسان حال الجميع: <ماذا يعني تدني نسبة الاقتراع>؟!

 

الهبر وتدني نسبة الاقتراع!

الخبير الانتخابي اللبناني ربيع الهبر يقول إن نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية التي جرت في 6 ايار/ مايو كانت متدنية كثيرا عن نسبة الاقتراع عام 2009، مضيفاً: <كنت أقدر أن نسب الاقتراع لن تزيد عما كنا نشهده في الدورات السابقة بالنسب، لأنه عام 2009 هناك مناطق اقترعت إلى أقصى حدود بفعل المعارك الانتخابية>.

وتابع الهبر:

- القانون الحالي لم يغير شيئاً ولم يزد من النسب بل على العكس هناك أشخاص لم يقتنع بهم الناخبون، فكيف ستزيد نسب الاقتراع خصوصا أن هناك مرشحين أُجبر الناخبون على إعطائهم اصواتهم حيث لم تعد العملية الانتخابية بحسب القانون الجديد اختيارية انما أصبحت إجبارية؟!

شمس الدين والتمنّع!

 

من جهته، لفت الباحث في <الدولية للمعلومات> الخبير الانتخابي محمد شمس الدين إلى أن عدداً كبيراً من الناخبين كانوا يريدون أن يشكلوا لائحتهم الخاصة كما كانوا يفعلون في الدورات السابقة التي كانت الانتخابات تجري فيها على أساس النظام ايلي-يشوعيالأكثري، إلا أن حصر الموضوع بوجوب اختيار قائمة واحدة والالتزام بأعضائها كافة باعتبار أن التشطيب ممنوع وحصر الصوت التفضيلي بمرشح واحد، كلها عوامل أثرت على نسب الاقتراع.

وأضاف شمس الدين:

- كذلك شكّل غياب المال الانتخابي الحزبي دافعاً لإحجام عدد من الناخبين عن الاقتراع، باعتبار أن المال يلعب دوراً أساسياً في حال غياب الخطاب السياسي كما كان حاصلاً في هذه الدورة، مشيراً إلى أنه <وبما أن الأحزاب لم تدفع أموالاً للناخبين وانحصر الموضوع ببعض المتمولين، فقد تراجعت نسب التصويت>.

وتابع شمس الدين:

- وزير الداخلية نهاد المشنوق أعلن النسب الرسمية للمشاركة في الاقتراع، مشيراً إلى أنها تفاوتت في كل دائرة من الدوائر وهي كالآتي:

- بيروت الأولى 33.18  بالمئة.

- بيروت الثانية 41.25  بالمئة.

- البقاع الأولى 49.10  بالمئة.

- البقاع الثانية 47.50  بالمئة.

- البقاع الثالثة 50.29  بالمئة.

- صيدا 60  بالمئة.

- جزين 50  بالمئة.

- صور الزهراني 50  بالمئة.

20180514_065553- بنت جبيل 49  بالمئة.

- عكار 49.10  بالمئة

وهذا ما يؤكد صحة تفسيري لعدم المشاركة.

فياض والسمك بالبحر!

اما الدكتورة في علم النفس الاجتماعي منى فياض فتتساءل: هل هذه انتخابات؟ وتشير الى أنها واحدة من <الممتنعين عن التصويت> بل تكاد تتباهى بذلك مبررة:

-لا يمكنني أن أنتخب في ظلّ هذا القانون الذي لا يراعي قواعد قوانين النسبية وشروطها المتعارف عليها، ويجبرني على انتخاب من لا ارضى عن خطه السياسي من اجل من اريده ان يصل الى الندوة الانتخابية، وذلك دون برنامج سياسي واضح فأكون كمن يشتري سمكاً في البحر ولا أعرف الى اين سيأخذني!.

ــ لكن، أليست المقاطعة سلبية يرتكبها الناخب بحق نفسه ووطنه؟

- بلى، ثمة سلبية حتمية في هذا الأمر، لكن علينا أن ننظر إلى الصورة بأكملها، فثمة جزء من الناخبين يائس وغير موافق على هذا القانون الذي أتى به حزب معين بضغط منه، علماً أنه طرحه في ندوة أقامتها <السفير> في العام 1999!.

وقانون الانتخابات الحالي، برأي فياض، لا يراعي النسبية الحقيقية، ولم ينجح في إقناع اللبنانيين وحضّهم على المشاركة في الاستحقاق الأهمّ، إذ كيف يكون نسبياً وهو قائم على ترشيح شخص لا على قاعدة طرح برنامج انتخابي واضح وواحد؟ وأي قانون نسبي هذا عندما يُجبر الناخب على اختيار ناخب تفضيلي واحد؟ أنه ليس كذلك، بل هو الذي دفع بالسياسيين إلى اجتراح <خزعبلات> تمظهرت في تحالف الأعداء والأضداد بشكل لا يهضمه عقل أو منطق!

untitledوتابعت فياض قائلة:

- في المقابل، هناك جزء من الناس يائس ليس بسبب القانون وحده بل أيضاً لأنه رأى أنّ المرشحين هم الوجوه ذاتها، فكيف لناخب يائس أن يتشجع على الانتخاب عندما يرى السياسيين أنفسهم يترشحون مجدداً، أو أولادهم وورثتهم؟!.

ــ لكن ماذا عن المجتمع المدني؟ ألم يشكل اليوم خياراً بديلاً عن السلطة التقليدية؟!

- للأسف، لا أرى أن المجتمع المدني قد نجح في أن يصبح حالة بديلة قادرة على الخرق الحقيقي، ذلك أنه رسب في امتحان التوافق حول شعار واحد، حتى أنه فشل في تكوين لائحة موحدة، وأكثر من ذلك، تقول فياض: <المرشحون تحت لواء لائحة المجتمع المدني هم أشخاص يختلفون في السياسة... أفلا يشبهون بذلك لوائح السلطة؟!

وتتساءل فياض لماذا الاستغراب من نسبة اقتراع متدنية؟! وذلك عندما ينتخب رئيس الجمهورية المفترض أنه <بيّ الكلّ> ويجاهر بأنه انتخب العهد أي نفسه، فماذا ننتظر من اللبنانيين؟... عندما يخضع وزير الداخلية لابتزاز حزب معين ويمد يد الاقتراع في منطقة الهرمل مثلاً حتى منتصف الليل لإنجاح المرشح جميل السيد، ماذا ننتظر عندئذ من اللبنانيين؟!... عندما تكون هذه الانتخابات <الأغلى> في تاريخ الانتخابات بسبب المال الانتخابي، ماذا نتوقع... وعندما يكون هذا التأخير في الإعلان عن النتائج الرسمية، ماذا نأمل؟!

الحقيقة واضحة، المتحمسون الذين شاركوا في الانتخابات هم الحزبيون ومناصرو الموجودين في السلطة اذ تشرح فياض: <المسيحيون غير المتفقين انتخبوا الطرفين الاقوى لتمثيلهم أي التيار والقوات في وجه الثنائية الشيعية، وواضح أن الشارع ليس للتيار الوطني الحرّ وحده، وفي كلّ الأحوال، الجميع كان يعرف أية نتيجة سيفرزها هذا القانون، وقبل بها مسبقاً>.

وحده حزب الله، برأي فياض، كان لديه شعار واضح وسياسي رفعه في هذه الانتخابات، وحده حزب الله ربح، ولعلّه الرابح الأول اذ عرف كيف يدعم المجتمع المدني خارج مناطق هيمنته وكيف يقضي على أي معارضة في مناطقه، والاعتداء على علي الأمين خير دليل.

ــ ماذا بعد إذاً؟ وأي أيام تنتظرنا؟!

- ثمة احتمالان، الأول أن ينجح الذين يعتبرون أنفسهم سيـــــاديين في الحفـــــاظ علـــــى البلــــــد وعلـــــــى وجهــــــــه ونظامه و<الطائــــف> (علماً أنّ من شروط مؤتمرات الدعم الدولية عدم تغيير النظام في لبنان)، وأن يسعوا فعلياً إلى وقف الفساد مع أنّ الدفّة تؤشر إلى أنه سيكون الرابح الأول في السنوات المقبلة، والاحتمال الثاني هو أن يعزز حزب الله من سيطرته وقد يكون <اتفاق الطائف> هو الضحية!

في كلّ الأحوال، تتخوّف فياض مما بدأ وزير الداخلية بتسويقه ومفاده أنّ اللبنانيين يتحملون مسؤولية أي أخطاء قد تحصل في المستقبل لأنهم امتنعوا عن التصويت! وتعتبر ذلك تنصلاً مسبقاً من المسؤولية من قِبل مسؤول سابق ولاحق... <غداً، قد تعتاد السلطة على تحميل الشعب اللبناني مسؤولية ارتكاباتها، وهذا أمر خطير>!

وفي رسالة إلى المجتمع المدني في حال أراد حقيقة أن يكوّن نواة قادرة على التغيير واثبات الذات، تتوّجه فياض إليه بنصيحة مفادها: <اذا اردت النجاح والتغيير من فوق فعليك العمل على التغيير من تحت. فليبدأ كل واحد بالتغيير والتوعية ومحاولة التصدي للمشاكل الصغيرة في بيئته، وخير دليل ما حققه هذا <المجتمع المدني> في عين دارة بعد كشف فضائح فتوش، وها هو اليوم راسب في الانتخابات! ايضا يجب محاربة الفساد عبر عمل كل مجموعة ناشطين او حركة سياسية او غير ذلك على ملف فساد صغير في بيئتهم حيث يمكنهم المواجهة ومحاسبة المسؤول عنه>.

الانتخابات 

يشوعـــــي والقانـــــــــون

غــــــــــير المحفـــــــــــز!

بدوره نوه الدكتور ايلي يشوعي بأن القانون المعتمد بحد ذاته غير محفز للانتخاب، فالناخب اصبح ملزما بوضــــع لائحــــة بكاملهــــا، لائحة تضم للأسف اشخاصاً ذوي توجهـــــات سياسيـــة متناقضــــة وهــــــي توجهـــــات لا تتناسب أحيانا مع توقعات الناخب، وذلك بدلا من ان تضم اشخاصاً لهم برامج موحدة وخطة واحدة، وشدد يشوعي بـــــأن زعيم كل لائحة قام بتشكيل لائحته من اشخاص يمكن تسميتهم بالديكور واشخاص اخرين من أصحاب الأموال.

وتابع يشوعي: 50 بالمئة من اللبنانيين لم ينتخبوا، ولنسلم جدلا ان نصف الـ50 بالمئة هم خارج لبنان فلماذا لم يقترع الـ25 بالمئة الباقون؟

وأنهى يشوعي حديثه قائلاً:

- في هذه الحالة أؤكد بأن سبب التمنع عائد لكونهم اعتبروا ان القانون غير محفز من جهة ولكونهم مدركين النتيجة سلفا، وهم لم يجدوا بالبديل ما يمكن تسميته او وصفه بالبديل القادر ان ينجح حيث فشل من سبقه، بديل للأسف لا يعلم كيف تبنى أسس لبنان الحديث من حيث السياسة النقدية والمالية والاستثمارية، بديل لا يؤ\من باللامركزية ولا يسعى اطلاقا لتطبيق ضمان الشيخوخة او حتى لتنفيذ على الأقل مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فهو للأسف نسخة طبق الأصل عن المجلس السابق ولن يغير أي شيء لا تشريعيا ولا سياسيا ولا حتى حكومياً...