تفاصيل الخبر

أسباب غير أمنية سهّلت مدّ الولاية حتى 2017 أبرزها الخوف على «الاحجام » وتعميم الفراغ وإسقاط النظام!

17/10/2014
أسباب غير أمنية سهّلت مدّ الولاية حتى 2017 أبرزها  الخوف على «الاحجام » وتعميم الفراغ وإسقاط النظام!

أسباب غير أمنية سهّلت مدّ الولاية حتى 2017 أبرزها الخوف على «الاحجام » وتعميم الفراغ وإسقاط النظام!

بري-فتوشقبل أن يغادر رئيس مجلس النواب نبيه بري بيروت يوم السبت الماضي الى جنيف لترؤس الوفد البرلماني اللبناني للدورة الـ131 للاتحاد البرلماني الدولي، <اطمأن> الى أن كل المعطيات باتت متوافرة بحيث تكون جلسة الثلاثاء يوم 21 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، التي تمثل بداية العقد العادي الثاني للمجلس، جلسة انتخاب أعضاء اللجان النيابية الذين لن يتغيروا في غالبيتهم، على أن يكون اقتراح القانون المعجل المكرر المقدم من النائب نقولا فتوش جاهزاً للطرح إذا ما رغب النواب، أو يؤجل مع غيره من الاقتراحات ومنها اقتراح كتلة القوات اللبنانية الى اليوم التالي كأقصى حد، بحيث لا يمر الأسبوع المقبل، إلا وتكون ولاية المجلس النيابي قد مددت للمرة الثانية لسنتين وسبعة أشهر كما يقترح النائب فتوش، والذي سيرفق اقتراحه بآخر ينص على استعجال نشر القانون بعد إقراره خلال خمسة أيام تفادياً لأي تأخير يمكن أن يخضعه للمهلة الدستورية العادية أي شهر من تاريخ إقراره، لأن أي تأخير في نشر القانون لأي سببٍ كان الى ما بعد 20 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، يجعل  المجلس غير دستوري لأن ولايته الممددة تنتهي في ذلك التاريخ. وقد ألمح الرئيس بري من جنيف الى وجود تصوّر لـ<تمديد تقني> لإدخال تعديلات ترعى المهل القانونية في الدعوة الى الانتخابات.

وفيما تؤكد مصادر نيابية أن التمديد للمجلس بات <منتهياً> وان كل العقبات قد ذُللت، وان أكثرية نيابية موصوفة ستحضر الجلسة ويصوّت النواب على التمديد على نحو يضمن إقرار القانون بأكثر من 33 صوتاً، فإن المصادر نفسها تؤكد أن الأسباب التي تدفع الى التمديد ليست أمنية فقط كما يحلو للكثيرين القول، مع الإقرار بدقة الوضع الأمني وحساسيته في عدد من المناطق خصوصاً، لأن ثمة من يورد أسباباً أخرى لا يمكن تجاهلها وان تعمّد البعض عدم الإضاءة عليها، ويشترك فيها أكثر من طرف سياسي مهما حاول بعضهم إلقاء المسؤولية على البعض الآخر بحثاً عن <تبرئة ذمة> صعبة المنال.

<المستقبل>: خوف من <المناخ> والحصص

وتورد  المصادر نفسها الأسباب غير الأمنية لتجاوب غالبية الكتل مع التمديد، ولاسيما منها كتلة نواب <المستقبل> وكتلة الوفاء للمقاومة. فالكتلة الأولى التي أعطت الوضع الأمني سبباً لمطالبتها بالتمديد، تعتبر أن <المناخ> السائد في الشارع السنّي في لبنان يحتاج الى إعادة نظر بعد تداعيات الحرب السورية وبروز موجة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، ولاسيما منها تنظيم <داعش> و<جبهة النصرة> ومن يماثلهما، علماً أن من الخطأ نكران وجود مجموعات شعبية من أنصار <التيار الأزرق> باتت تتناغم مع التنظيمات الأصولية والشعارات التي تطلقها، وبالتالي سيكون اقتراع المنتسبين الى هذه المجموعات على غير ما يتمنى تيار <المستقبل> الذي يتمسك باعتداله وانفتاحه ورغبته في أن يكون رأس حربة في حماية العيش المشترك بكل ما يرمز إليه من معانٍ. وعليه فإن ثمة من يرى داخل <التيار الأزرق> ان التمديد للمجلس <يعطي فرصة إضافية> للتيار كي يعيد <ترتيب البيت الداخلي> ورسم الأولويات في الأهداف والممارسات. ويفضل <الحكماء> في تيار <المستقبل> المحافظة على الوضع القائم حالياً لأن نواب التيار مع حلفائهم يشكلون أكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب، وحصول التمديد يُبقي على هذه المعادلة، في حين أن العملية الانتخابية قد تحمل توزيعاً نيابياً جديداً يؤثر على حضور كتلة <المستقبل> نيابياً، خصوصاً إذا ما طالبت جهات حليفة، مثل <الجماعة الإسلامية> مثلاً بـ<حصة> أكبر من تلك التي نالتها في انتخابات 2009 وتمثلت بنائب واحد عن دائرة بيروت الثالثة، فيما غاب مرشحو <الجماعة> عن دوائر عكار والضنية وإقليم الخروب (الشوف) وصيدا وغيرها. وهذا الأمر إن دلّ على شيء، فإنه يدل على وجود مخاوف لدى القيمين على تيار <المستقبل> من اضطرارهم الى التجاوب مع طلبات <الجماعة> نيابياً، ويكون ذلك على حساب حجم الكتلة وحضورها نيابياً. ولا ينفي <الحكماء> في <المستقبل> أن غياب الرئيس سعد الحريري عن لبنان لاعتبارات مختلفة بعضها أمني والبعض الآخر مادي، ساهم في إذكاء <القلق> في نفوس <المستقبليين> على حجم حصتهم النيابية، في وقت بلغت فيه الشكوى من <الضائقة المالية> حيزاً كبيراً وجدياً يمكن اعتباره أحد أسباب <الحماسة> التي يبديها تيار <المستقبل> تجاه التمديد المجلسي الثاني الى حد دفع بالرئيس سعد الحريري الى التهديد بسحب الترشيحات للانتخابات النيابية، ما يعني غياب مكوّن لبناني أساسي عن العملية الانتخابية، وهذا وحده الكفيل بتشجيع تأجيلها من خلال التمديد للمجلس.

حزب الله: الأولوية لمواجهة <داعش>

أما حزب الله، الذي لم يمانع في التمديد، فإن المصادر نفسها تعتبر أن الأسباب الأمنية ليست وحدها وراء اتخاذ الحزب هذا الموقف الذي سبق أن اتخذه في التمديد الأول في شهر أيار/ مايو 2013، بل ثمة أسباب أخرى أبرزها رغبة قيادة الحزب في عدم الدخول في حملات انتخابية تعيد إيقاظ السجال السنّي ـــ الشيعي، في وقت يحتاج فيه لبنان الى التضامن والتماسك، إضافة الى انشغال قيادة الحزب في مواجهة تطورات الأوضاع الميدانية في كل من سوريا والعراق.. ومجدداً على الحدود اللبنانية ـــ السورية. وفي هذا السياق، تعود المصادر بالذاكرة الى شهر أيار/ مايو 2013 حين طلب حزب الله من حليفه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون القبول بالتمديد الأول لمجلس النواب نتيجة رغبة الحزب في التفرّغ للتطورات السورية التي كانت قد دخلت عامها الثالث، وعدم الانشغال بالتالي بالانتخابات النيابية وما ترتبه من إجراءات لوجستية وأمنية وشعبية إلخ... لكن العماد عون لم يتجاوب في حينه واحتفظ لنفسه بحق عدم التصويت وبالتالي الطعن. أما في هذه الأيام، فإن الحزب الذي وسع <بيكار> مشاركته في الحرب السورية لتشمل مناطق عدة وصولاً الى البقاع اللبناني، يجد نفسه مضطراً الى مخالفة رأي حليفه للمرة الثانية والسير بالتمديد المجلسي سواء كان ذلك من خلال حضور نواب الحزب لتأمين النصاب من دون التصويت إيجاباً، أو الحضور والتصويت معاً، بعدما أظهرت كل المعطيات ان <المصلحة الوطنية> ستقضي بعدم طعن نواب التيار الوطني الحر بقانون التمديد أمام المجلس الدستوري. وتقول المصادر نفسها ان حزب الله لا يعيش همّ تراجع عدد نوابه في المجلس العتيد، كما هو الحال بالنسبة الى <المستقبل>، لأن التحالف مع حركة <أمل> سيجعل مقاعد النواب الشيعة موزعة بين الحركة والحزب، كما حصل في العام 2009 خصوصاً في دوائر الجنوب والبقاع، نظراً للاعتبارات التي تحكم مبادئ <الثنائية الشيعية> منذ سنوات.

مسيحيو 14 آذار: مع وضد

أما على الجبهة المسيحية، فإن الأسباب الأمنية لا تُعطى الأولوية للسير بالتمديد، وإن كانت هي الأسباب المعلنة على الأقل.. صحيح ان الأحزاب المسيحية في 14 آذار لن تصوّت على التمديد، إلا أن ثمة تمييزاً بين أسباب عدم التصويت بين القوات اللبنانية وحزب الكتائب، غير أن القاسم المشترك هو شعور قادة الحزبين بأن إجراء الانتخابات النيابية وسط المخاوف من ظاهرة تنظيم <داعش> واخوانه، لاسيما بعد أحداث عرسال، سيدفع بالناخبين المسيحيين الى الاقتراع لمصلحة مرشحي التيار الوطني الحر الذي كان زعيمه العماد عون أول قائد مسيحي يعلن عن ضرورة مواجهة مخاطر الإرهابيين حتى قبل وصولهم الى لبنان، في حين كان قادة في 14 آذار يقولون إن الوجود <الداعشي> سيقتصر على سوريا لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد ولن يتعدى الحدود السورية!

وفي هذا السياق، يؤكد نائب من 14 آذار ان أداء الأحزاب المسيحية في قوى <ثورة الأرز> حيال الأعمال الإرهابية التي تعرض لها الجيش في طرابلس والبقاع، وقبل ذلك في عبرا، لم يكن ليطمئن القاعدة المسيحية التي <ارتاحت> أكثر الى موقف العماد عون، إضافة الى اضطرار مسيحيي 14 آذار الى <مسايرة> الحليف السنّي الذي دعم الثورة السورية وقدّم لها المال والسلاح والغذاء، كما رعى ولا يزال يرعى تمدد النازحين السوريين في معظم المناطق ذات الغالبية السنية.

إضافة الى ذلك، فإن ثمة من يرى أن الأزمة المالية التي تمر بها قوى 14 آذار ساعدت في <غض نظر> الفريق المسيحي داخل هذه القوى عن خيار التمديد، وإن كان أركان هذا الفريق قد رفعوا شعارات أخرى من بينها عدم حصول الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وضرورة الإبقاء على <مشروعية> مجلس النواب على أساس أنه <حاجة ضرورية جامعة> لكل الكتل السياسية على اختلاف حساباتها، سواء <اقتنعوا> بدستورية التمديد أم طعنوا بها، لأن غياب المجلس يضع المؤسسة الدستورية الأم في مهب الريح ويصبح من المتعذر عليه أن ينتخب رئيساً للجمهورية أو يقرّ أي قانون مالي أو غير مالي، ما يعرض النظام الديموقراطي البرلماني في لبنان للسقوط وتدخل البلاد في أزمة نظام يستحيل الخروج منها، لاسيما وأن الحكومة ستصبح في حكم المستقيلة في غياب السلطة التشريعية التي تراقب عملها وتحاسبها (مبدئياً)، ما يضعف أيضاً موقع الرئاسة الثالثة، بعد الشغور في موقعي الرئاستين الأولى والثانية.

عون يعارض ولن يطعن

أما على محور مسيحيي 8 آذار، فالأمر يبدو محسوماً لدى نواب العماد عون الذين سيحضرون الجلسة ولن يصوّتوا مع التمديد، في حين ان نواب تيار <المردة>  وحزب الطاشناق يميلون الى الحضور والتصويت حفاظاً على استمرار مؤسسة مجلس النواب وعدم حصول فراغ في المؤسسات الدستورية. غير ان الحسم الذي يميّز موقف <النواب العونيين> من عدم التصويت على التمديد، لم يظهر جلياً بعد في ما خص موقف وزراء <التيار> داخل مجلس الوزراء، بعدما تردد عن احتمال عدم توقيعهم على مرسوم نشر قانون التمديد بعد إقراره. وفي هذا الإطار، تحدثت مصادر <التيار البرتقالي> عن انه إذا كان على التيار ان يفاضل بين الانتخابات النيابية والتمديد، فإن الكفة تميل فوراً الى الانتخابات... أما إذا كانت المفاضلة ستكون بين اللاانتخابات والتمديد، فالتيار سيميل حتماً الى عدم حصول فراغ في المؤسسات، الأمر الذي يفرض اعتماد الخيار الأمثل لاتخاذه في مجلس الوزراء، ما فرض على التيار اللجوء الى قانونيته وخبرائه الدستوريين لتفسير ما نصت عليه المادة (56) من الدستور حول دور رئيس الجمهورية في نشر القوانين ومفهوم هذا الدور والمهل المحددة في هذه المادة. ورجحت المصادر نفسها ان يكون الخيار عنوانه <تفادي مخاطر الفراغ النيابي، بعد الفراغ الرئاسي>، إضافة الى عدم الرغبة في انقسام مجلس الوزراء لأن الحاجة لا تزال ضرورية لعمل السلطة التنفيذية مع وجود سلطة تشريعية وشغور في السلطة الرئاسية.

الثنائية الدرزية: مع التمديد

أما على الجبهة الدرزية، فإن <الثنائية> الممثلة برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، فقد التقيا على ضرورة التمديد للمجلس النواب من دون أن يتفقا على مدة التمديد، فالنائب جنبلاط فضّل أن يكون التمديد الثاني لسنة واحدة فقط، فيما بقي أرسلان مع التمديد من دون تحديد مهلة زمنية وإن كان يتجه الى تأييد <صديقه> النائب نقولا فتوش في اقتراحه.

ومع اكتمال صورة الكتل المسيحية والإسلامية، فإن التمديد المجلسي حاصل وتتوافر له <الميثاقية> المطلوبة... ويبقى أن تتفق الكتل على انتخاب رئيس للجمهورية، كما وافقت على التمديد لنفسها على نحو يكون نواب مجلس 2009 قد أمضوا ولايتين نيابيتين كاملتين: الولاية الأولى انتخاباً، والولاية الثانية تمديداً!