تفاصيل الخبر

أسباب الانهيارات والفيضانات جراء العاصفتين اللتين ضربتا لبنان!

25/01/2019
أسباب الانهيارات والفيضانات  جراء العاصفتين اللتين ضربتا لبنان!

أسباب الانهيارات والفيضانات جراء العاصفتين اللتين ضربتا لبنان!

بقلم طوني بشارة

<نورما> تعني الهدوء والرقة والأساس لكل شيء متين، كما إن <ميريام> هي تسمية عبرية وتعني الحبيب والمحبوب وقطرة ماء البحر الهادئة، فأين الدعائم وأين الهدوء في قطرات او زخات المياه التي هطلت في العاصفتين الأخيرتين <نورما> و<ميريام> مع بداية العام الحالي؟ ومن هي الجهات المسؤولة عن الانجرافات والانهيارات ناهيك عن الفياضانات واحتجاز العديد من الأهالي داخل سياراتهم وبيوتهم؟ وهل ان ما حصل في الساحل والجبال وانهيار جبل شكا كان من الممكن تفاديه؟

ابــي شـــاهين والخطر

القديم المتجدد!

بداية من شكا ومع رئيس <هيئة حماية البيئة> المهندس بيار أبي شاهين، الذي أوضح بأن تربة الجبل مشبعة بالرطوبة وقابلة للإنزلاق السريع لأنها تربة رخوة، والخطر قائم في المنطقة منذ العام 1983، ولم يتحرك أحد منذ ذلك الحين، وكانت وزارات الاشغال المتعاقبة منذ تلك الفترة ولغاية تاريخه تكتفي برفع الردميات عن الاوتوستراد.

وتابع ابي شاهين قائلا:

- كان بإمكان وزارة الاشغال حالياً تفادي ما حصل عبر وضع بلوكات باطونية عالية على الطريق وتدعيمها بصخور كبيرة لمنع اجتياز الردميات للمسلك الآخر، ولكن الذي حصل قد حصل ونشكر الله عدم وقوع ضحايا بشرية جراء ذلك.

 وعن السبب المباشر للانهيارات نوه ابي شاهين قائلا:

- ان السبب المباشر للانهيارات يعود الى عدة عوامل أبرزها التربة الرخوة وغزارة الأمطار، تفجيرات <سد المسيلحة> و<شركة هولسيم>، وما نتج عنهما من ارتجاجات زادت في <فوخرة تراب الجبل>، إضافة الى الارتجاجات الناتجة عن حركة الطيران الكثيفة في مطار حامات العسكري المجاور، والى الانهيار الذي حصل مع بداية العام الحالي وراء قلعة المسيلحة، وعندما نلعب بجيولوجية الأرض علينا ان نفكر في محاذير ما نفعل وأن نؤمن تصريف المياه الشتوية قبل كل شيء.

وخلــــص أبــــي شـــــاهين إلى أن الصخــــــور عند النفق القديم تحد من الانجرافـات الكبيرة لكنها تحصل سنوياً، اما عند النفق الجديد فلا صخور بل تراب متحرك هش، وندعو وزير الاشغال الحالي الى حل جذري لهذه المعضلة خصوصاً أن

الخطر قائم ومستمر ولا طريق تؤدي الى بيروت من الشمال غير هذا الاوتوستراد.

 سابا والتربة الرخوة!

بدوره رئيس <التجمّع اللبناني لحماية البيئة> المهندس رفعت سابا أفاد قائلا:

- تاريخياً الجبل أي جبل شكا معروف بأنه معرض للانهيار بسبب تربته الرخوة وعدم إمكان تشجيره نظراً لانحداراته القوية، وهو منذ زلزال سنة 551 الذي ضرب المنطقة يتحرك جراء ترابه <المفوخر>، ولهذا فإن الانهيارات ستستمر ولن تتوقف بسبب طبيعة أرضه التي تتسرب اليها المياه بسرعة كونها تربة أقرب الى الكلسية.

وعن إمكانية تفادي تكرار ما حصل أجاب سابا:

- نحن بحاجة إلى دراسة معمّقة لمنع تكرار ما حصل، تتركز أولاً حول كيفية تصريف المياه من الجبل، ومن ثم تسوية ما أمكن من أرضه ليصار إلى تحريجها لمنع انجراف التربة، ومن ثم اعادة بناء جدران الدعم وتأمين قنوات تصريف مياه الشتاء مع ضرورة ان تبقى الجدران المدعمة بعيدة من الجبل لتستوعب خيرات الانهيارات، على ان يصار الى افراغ هذه المنطقة من الردميات دورياً.

فنيانوس وامكانيات الوزارة!

 من انهيار جبل شكا الى مشهد أوتوستراد الضبية الغارق في أوحاله، مرورا بمأساة أهالي حيّ السلم الذين سبحت منازلهم في نهر الغدير، الى طوفان انطلياس وغرق العديد من السيارات والمنازل، مشاهد ومأس عديدة، مشاهد محزنة خلطت حابلَ المسؤوليات بنابلِ طوفان <نورما> و<ميريام>، في فترة امتدت كل مرة الى ثلاث او أربع ليالٍٍ لم تعرف فيها العاصفتان لحظة هدوءٍ واحدة، فكانت امطار غزيرة على طول الخريطة اللبنانية وعرضها، وكوارث عديدة حملت معها اتهامات بالتقصير، تمكّن وزير الاشغال من نفيها في الاجتماعات الرسمية، شارحا وبالتفصيل بأن الوزارة قدّمت أفضلَ ما لديها.

نقص الآليات والشائعات!

في ما يتعلق بالكوارث والمسؤوليات، وزير الاشغال يوسف فنيانوس أوضح قائلا:

- لا بدّ أولاً من الإشارة إلى أنّ العواصف التي شهدناها في الفترة الأخيرة لاسيما <نورما> و<ميريام> كانت استثنائية في نسبة المتساقطات، ولهذا يمكن القول إنّها مرّت من دون تسجيل أية حوادث بشرية باستثناء حالة وفاة الطفلة السورية التي حاولت عبورَ النهر، كما ولم تسجَّل حالات محاصرة في الثلج مع العلم أنّ شريحة كبيرة من المواطنين لم تلتزم إرشادات القوى الأمنية في تجهيز السيارات مما أدّى الى تعطّل عدد منها على الطرق وعرقلة حركة السير.

وعن الآليات المجهزة والمتوافرة لدى الوزارة أشار فنيانوس:

- انّ وزارة الأشغال العامة تملك نوعين من الآليات المجهّزة لإزالة الثلج وهي الجرافات العادية وتلك التي تعمل على نسف الثلج، ويبلغ عدد الأخيرة 20 آلية يعود عمرُ أحدثها بين 15 و20 عاماً وتتعرض دوماً للأعطال، فيما لا تزال مناقصةُ شراء قافلة جديدة من هذه الآليات في مجلس الإنماء والإعمار، أما الجرافات التقليدية فيبلغ عددها أربعين وعادة نستأجر عدداً من الجرافات حسب الظروف المناخيــــة، وحتــــى الآن استأجرنا أكثرَ من 35 جرافة موزَّعة على المناطق اللبنانية، ولكن ليس

في قدرة هذه الجرّافات أن تجرفَ الثلج حين يتخطى ارتفاعُه المتر ونصف المتر.

وبالنسبة لنطاق صلاحية الوزارة لاستخدام هذه الآليات نوه فنيانوس قائلاً:

- إنّ هذه الآليات مخصصة للطرق الدولية والأوتوسترادات وفق صلاحيات الوزارة، فيما بقية الطرق هي من صلاحية البلديات، وبالتالي لا تتدخّل آليات نسف الثلج في الطرق الداخلية إلا بعد انتهاء عملها من الطرق الرئيسة...

وإزاء الشكاوى حول تقاعس عمال مراكز رفع الثلج، أشار فنيانوس الى أنّ الوزارة تقدمت في 10 تشرين الأول/ اوكتوبر 2018 من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بطلبِ موافقةٍ إستثنائية لتسمية هؤلاء العمال المياومين، كما يحصل كل عام، مع أنّ اعتمادهم موجود، لكن حتى اللحظة لم تحصل الموافقة الاستثنائية، ما اضطرنا الى إعادة تسمية العمال الذين تعاقدنا معهم العام الماضي على مسؤوليتي على أساس تسوية رواتبهم بعد وصول الموافقة، وبالتالي هذه المجموعة تعمل اليوم مجاناً في انتظار ورود الموافقة، مع الاحتفاظ بحقوقهم كاملة.

طوفان الأوتوستراد!

أما عما حصل على الساحل من كوارث في انطلياس - الضبيه - الغدير... فشرح فنيانوس قائلا:

- لقد تمّ وفقاً لمناقصات عمومية علنية مفتوحة أجرتها إدارة المناقصات في آذار/ مارس 2018 تلزيمُ تنظيف مجاري وأقنية الطرق الدولية والأوتوسترادات، وبعد توزيع الملفات على المتعهدين أُرسلت إلى ديوان المحاسبة الذي أعطى موافقته شرط أن يصار الى تلزيم الأشغال بعد الهطول المطري الأول، لكنّ رئيس الديوان عاد وطلب منا شفهياً عدم الأخذ بتوصية الديوان لأنها غير منطقية وغير عملية.

وأضاف فنيانوس:

- بالفعل تمّ تنظيف الأقنية مرات لا تعد ولا تحصى بدءاً من أيلول/ سبتمبر الماضي، وتحديداً في منطقتي نهر الغدير وأوتوستراد الكرنتينا - كازينو لبنان، وفي ما يخصّ نهر الغدير شهد اتحادُ بلديات الضاحية أنّ الوزارة قامت للمرة الأولى بتنظيف المجرى الذي تقلّص عرضه من أربعين متراً إلى ثلاثة أمتار ونصف المتر بفعل التعدّيات، وهذه ليست مسؤوليّتي، أما في شأن قناة تصريف المياه على الأوتوستراد الساحلي، وتحديداً في أنطلياس - الضبيه فلا يتعدى قطرها الستين سنتم، وهي

تستقبل مجارير المنطقة السكنية المقابلة لها وصولاً الى عوكر بكل مخلّفات ورش البناء من حجارة وبحص.

وعن عمل الوزارة في تلك الليلة المشؤومة في انطلياس اكد فنيانوس مشددا:

- في تلك الليلة عملت الوزارة بواسطة المتعهّد على إحداث حفرة كبيرة لتصريف المياه، وهذه معالجة مؤقتة يُفترض أن تساعدنا خلال الأيام القليلة المقبلة ولكنها في حاجة الى معالجة دائمة، خصوصاً وأنّ هذه الطريق تشهد مرور أكثر من مليون

ونصف مليون سيارة، وبالتالي فإنّ الحلّ الوحيد هو في حفر نفق صغير تحت الأوتوستراد لاستيعاب أقنية المنطقة التي سيتزايد حجمُها إذا ما سُكن مشروع الفطيم البحري.

وبالنسبة لمسؤولية وزارته والاتهامات التي يقال انها مغرضة من قبل بعض الجهات أوضح فنيانوس:

- لقد شاركت في اجتماعين لمعالجة تداعيات العاصفة، الأول وزاري برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، والثاني نيابي ضمن جلسات لجنة الأشغال العامة، وفي كلا الاجتماعين لم أواجَه بانتقاد أو ملاحظة تطاول عمل الوزارة لا بل سمعت تنويهاً بأداء الوزارة، باستثناء محافظ الشمال رمزي نهرا الذي أثار مشكلة أوتوستراد شكا وأعتقد أنّه «مدفوش» سياسياً من باب تبييض الوجه لا أكثر، وقد أنهت لجنة الأشغال اجتماعَها بتوصية دعم وزير الأشغال، مع العلم أنّ النواب الذين شاركوا في الاجتماع كانوا من مختلف الأطياف السياسية، وقد تألفت لجنة من النواب: نزيه نجم، شامل روكز، حسين الحاج حسن وحسين جشي، للتواصل معي في حال حصول حوادث.

وعن إمكانية مواجهة العواصف المقبلة لاسيما اننا ما زلنا في بداية فصل الشتاء، اكد فنيانوس بأن هناك مجموعة اقتراحات للدرس، منها مثلاً أن تمنع القوى الأمنية السيارات غير المجهّزة من العبور الى منطقة فاريا وكفرذبيان أو ضهر البيدر وغيرها من المناطق الثلجية، ولا بدّ من التنويه بدور قوى الأمن الداخلي والدفاع المدني والصليب الأحمر في مساعدتنا على مواجهة أضرار العواصف.

خير والتعويضات!

 

وبدوره اوضح رئيس <اللجنة الوطنية لمواجهة الكوارث والأزمات> الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير انه يتم التعاون مع وزارة الاشغال ومنظمات الموارد المائية والهيئات المدنية من اجل معالجة اضرار العاصفتين <نورما>

و<ميريام> اللتين ضربتا لبنان في الآونة الأخيرة.

وقال خير:

- ان اتجاهات رئيس الجمهورية هي لمعالجة الاضرار على الارض ضمن الامكانيات الموجودة، ونتمنى ان تكون هناك بوادر خير من اجل الوقوف الى جانب كل مواطن، كما واكد خير بأن الشتاء والثلج يجلبان التفاؤل، وتمنى على البلديات ان تدقق بالملفات وان توصلها بدقة وشفافية.

وشدد خير على ان الهيئة العليا لا تتدخل بموضوع الاملاك الخاصة فهذه الاخيرة بعهدة المواطن، وأشار الى ان هناك اخطاء حصلت متمنياً على البلديات ان تحاسب المخطئين للحفاظ على المال العام.

وأضاف خير قائلا:

- بمساعدتنا لبعضنا البعض وبوقوف كل الدوائر الرسمية والسلطات التنفيذية، نتطلع الى تجاوز هذه المحنة التي رتبت اعباء كبيرة على الاهالي وعلى الدولة.

وأوضح خير بأن عمليات الكشف سيتحمل مسؤوليتها بالاساس البلديات والمواطنون انفسهم لتحول تاليا الى الهيئة العليا للاغاثة لتحولها الى لجان الكشف لدى الجيش اللبناني الذين سيتعاونون مع الاغاثة لمعاينة ومطابقة الكشوفات على الارض لتقدير حجم الاضرار، وجدد خير التأكيد على ان هذه العملية ستنجز خلال فترة قصيرة جدا وان التعويضات يعود اقرارها لمجلس الوزراء، قائلاً: اننا نأمل خيرا في ان يصار الى استصدار مراسيم خاصة بهذا الشأن.