تفاصيل الخبر

ارتياح الى اكتشاف خيوط عريضة لتفجيرات الضاحية الجنوبية أمنياً ولتطويق القيادات السياسية للارتدادات!

20/11/2015
ارتياح الى اكتشاف خيوط عريضة لتفجيرات الضاحية  الجنوبية أمنياً ولتطويق القيادات السياسية للارتدادات!

ارتياح الى اكتشاف خيوط عريضة لتفجيرات الضاحية الجنوبية أمنياً ولتطويق القيادات السياسية للارتدادات!

 

بقلم جورج بشير

hollande-sarkozy هل اقتنع المعنيون بأمن العالم ووضع الشرق الأوسط ودوله المكتوية بنار الإرهاب وإجرام الإرهابيين أنه بات من الضرورة العمل الدولي المشترك على تجفيف مصادر تمويل وتسليح الإرهابيين وتدريبهم وتصديرهم وتقديم التسهيلات اللوجستية لهم للسفر والتنقّل والإقامة وعقد الندوات والصّفقات الآيلة الى ارتكاب المزيد من الجرائم البربرية على شاكلة جرائم الإرهاب التي ارتُكبت في بيروت وكانت آخرها الجريمة البشعة في ضاحية بيروت الجنوبية، وجريمة فرنسا التي نفذها الإرهابيون في عدّة أماكن من العاصمة باريس، وأدّت هذه الجرائم الى زعزعة الأمن الفرنسي، لا بل الأمن الأوروبي والى قلق العالم الغربي حتى أميركا، من امتداد نار الإرهاب والحرب في سوريا والعراق وفلسطين الى هذا العالم الغربي الذي كان يغذّي هذا الإرهاب ويسهّل طرق وصوله لوجستياً وسياسياً الى الشرق وبالتحديد الى سوريا والعراق وحتى الى لبنان عبر المسالك التركية والأردنية واللبنانية، وأخيراً الإسرائيلية؟

جريمة التفجير الإرهابي التي تعرّض لها لبنان في الضاحية الجنوبية لعاصمته بيروت، لم تستهدف أمن الضاحية وحزب الله فحسب، بل انها استهدفت أمن لبنان واستقراره وشكّلت محاولة جديدة لبث الفتنة بين أتباع الطوائف اللبنانية الروحية والسياسية، ومضاعفة قلق اللبنانيين على حاضرهم ومستقبلهم في ظل الأزمات التي تكاد تخنق أنفاسهم وفي طليعتها الأزمة السياسية وأزمة وجود أكثر من نصف عدد اللبنانيين في لبنان نازحين ولاجئين.

تفجير ضاحية بيروت الإرهابي حصد عدداً لا يُستهان به من اللبنانيين الأبرياء ودمّر عدداً من الممتلكات العامة والخاصة، لكن القيادات السياسية والروحية والحكومية عملت على احتواء التداعيات ونجحت وإن مؤقتاً في إفشال المخطّط الرامي الى توسيع الحرب في سوريا والعراق ومدّها الى الشاطئ اللبناني، وهذا حلم التنظيمات الإرهابية وتخطيطها منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل خمس سنوات.

لكن القوى الأمنية اللبنانية من جيش وقوى أمن وأمن عام وأجهزة مخابرات سارعت الى تسجيل خطوة لافتة ومطمئنة في آن، بوضع يدها على المجرمين الذين خططوا ونفّذوا الجريمة الإرهابية بعد أن تعرّفت على الإرهابيين ومكّنتها المعلومات التي حصلت عليها من كشف خيوط أساسية ستقودها حتماً الى المجرمين والجهات التي تخطّط لأعمالهم الإرهابية وتموّلها.

 

هل يمضي التحقيق أم يُجمّد؟

 

لقد اعتاد اللبنانيون في الماضي أن يصل التحقيق في أية جريمة إرهابية تُرتكب على الأراضي اللبنانية الى حدود معيّنة، فيُعتقل أشخاص ويُشار بالبنان الى جهات تموّل أو تخطّط أو تسهّل أو تنفّذ، وسرعان ما تُسدل الستائر على كل هذا وتصبح للإرهابيين قضية <يناضلون> مع أنصارهم من أجلها، وتتعاطف جهات سياسية معهم لطمس الجريمة وإخفاء معالمها وإلقاء تبعاتها على الإرهاب، وكأنه مطلوب من الدولة أن تكافئ المجرمين الإرهابيين وتعلًق الأوسمة على صدورهم وتعتذر لهم على سجنهم والتحقيق مع كل منهم، مع أن المطلوب هو إنزال أشدّ العقوبات بهم اقتصاصاً للأبرياء الذين حصدوا أرواحهم وللوطن الذي أصابوه في استقراره وسمعته.

لا شكّ بأن كل هذا عائد الى مدى رغبة من بيدهم الأمر والقرار في متابعة تقصّي الحقائق واكتشاف المجرمين وكشف أوكارهم والجهات التي تحضهم وتقدّم لهم التسهيلات اللوجستية، وتلك التي تخطّط لقيامهم بتنفيذ الجرائم الإرهابية. وهذا الأمر عائد بالنتيجة الى مدى رغبة من بيدهم الأمر والسلطة والقرار في المضيّ الى نهاية المطاف في هذا المجال والعمل على تجفيف منابع الدعم المالي والسياسي واللوجستي للإرهاب وتنظيماته، وكلّها واحد موحّد الأهداف وإن اختلفت الأسماء بين تنظيم <القاعدة> و<جبهة النصرة> و<داعش>، كون هدفها الأساسي هو زرع الإرهاب والإجرام والبربرية الوحشية والدمار في كل الدول والمدن، وأذيّة الإنسان الذي خلقه الله على صورته ومثاله، وقتله وتدمير منجزاته الحضارية salam-haririوالثقافية <باسم الله عزّ وجلّ>..

لا شك بأن التحقيق واكتشاف جرائم الإرهاب وإلقاء القبض على الإرهابيين وتقديمهم الى العدالة أمر منوط بلبنان وحكومته، كما بكل بلد يصيبه الإرهابيون. لكن مسألة تجفيف منابع الإرهاب وقطع الدعم المالي والسلاح والتأييد السياسي لا بل احتضان الإرهابيين ورعايتهم بعد تدريبهم تحتاج الى تعاون دولي، لا بل الى شراكة دولية، خصوصاً بين الدول الكبرى صاحبة الحلّ والربط في هذا المجال. وهذه الدول سواء كانت شرق أوسطية معروفة، أو غربية معروفة أيضاً، تتمسك بطرفي الحبل الإرهابي، رغم أن الإرهابيين ارتدّوا بجرائمهم عليها وباتوا يزرعون جرائمهم في ربوعها مهدّدين أمنها واستقرارها ومواطنيها، كما حصل في فرنسا وأميركا وبريطانيا وحتى في روسيا من جرائم إرهابية لم تدفع هذه الدول بعد الى تلقّف المبادرة والعمل سوية للضغط على الدول والتنظيمات الدولية التي تغذي الإرهابيين وتنظيماتهم بالمال والسلاح وبالمسلحين، وتلك التي تقدّم الى طواقمهم تسهيلات لوجستية للسفر والإقامة والتزوّد بالتأشيرات والأوراق المزورة لبعضهم، وتستضيف تنظيماتهم ومؤتمراتهم في عواصمها وفنادقها الفخمة.

 

<مؤتمر فيينا>

 

تفجير الطائرة المدنية الروسية في أجواء صحراء سيناء المصرية كان رسالة واضحة لموسكو إذا ثبت بأن سقوط الطائرة كان بفعل عمل إرهابي، وتفجيرات لندن في الماضي القريب كانت بدورها رسالة الى الحكومة البريطانية. والتفجيرات الإرهابية الأخيرة في باريس وضواحيها التي أرعبت فرنسا والغرب جاءت رسائل الى الفرنسيين وحكومتهم ورئيسهم الذي لامس الإرهاب مكان وجوده لرعاية مباراة كرة القدم بين فريق بلاده والفريق الألماني في <ستاد باريس>، وكلها أتت لتترافق مع موعد انعقاد المؤتمر الدولي في فيينا الذي خُصّص للبحث في إيجاد حل سياسي للحرب الدائرة في سوريا والعراق ووقف إطلاق النار وتشكيل السلطة الانتقالية، وكيفية وضع حدّ للإرهاب وتنظيماته في سوريا والعراق كما في الشرق الأوسط برمّته، وصولاً الى دول كبرى أصابها أخيراً بعملياته البربرية وجرائمه وألحق بأمنها واستقرارها الأذى والموت والدمار.

ولا شكّ بأن الأعمال الإرهابية الأخيرة زعزعت احتفال العالم بعيد الميلاد المجيد، خصوصاً في فلسطين حيث أن ولادة السيد المسيح جرت في بيت لحم، أي في الأرض الفلسطينية والإسرائيلية حيث تتوالى جرائم الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين بأشكال مختلفة تارة على أيدي جيش الاحتلال وطوراً على أيدي المستوطنين وهما وجهان لعملة واحدة، وفي ظل صمت وانحياز دوليين وخاصة في ظل تواطؤ مكشوف من kerry-lavrovبعض المعتبرين من العرب أصحاباً للقضية وأهلها.

الفرنسيون الذين لملموا الجراح التي أصابتهم نتيجة العمل الإرهابي الفظيع، بدأوا بمناقشة سياسية بين الأحزاب الكبرى مثل حزب الجمهوريين برئاسة <نيكولا ساركوزي> والحزب الاشتراكي الممثل في السلطة بالرئيس <فرانسوا هولاند> بهدف إعادة النظر بتوجهات فرنسا كدولة كبرى في الشرق الأوسط وبالتحديد في سوريا والعراق، والنقاش بين زعماء اليمين واليسار، وهذا النقاش لا بدّ وان يؤدي الى نتيجة تدعم الموقف والشراكة الدوليين في محاربة الإرهاب والحل المعلن في فيينا من وزيري خارجية أميركا وروسيا <جون كيري> و>سيرغي لافروف> بالحل السياسي في سوريا وترك القرار للسوريين، وإن في ظل تهديد من بعض المشاركين في <مؤتمر فيينا> بمواصلة دعم الإرهابيين. والمشاورات الدولية على ما يبدو ستوصل المجتمع الدولي الى الشراكة المرجوّة في الحرب على الإرهاب وتجفيف منابعه عاجلاً أم آجلاً.

أما في لبنان، فإن حل الأزمة السياسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وسنّ قانون جديد للانتخابات النيابية يتوقف على مدى نجاح القيادات السياسية في استنباط حل يعيد الحياة الى مجلس النواب والتشريع فيه شبيه بالتوافق الذي تمّ على هامش إقرار قانون استعادة الجنسية اللبنانية للبنانيين المنتشرين في العالم الذين دفعهم القهر والظلم والاحتلال الى الهجرة، فتحوّلت جالياتهم الى قوة اقتصادية ومالية داعمة للبنان وطنهم الأم الذي يرفدونه سنوياً بسبعة مليارات ونصف المليار دولار، والبعض كان يتطلّع الى الحفاظ على هذا الرافد من دون الحفاظ على الحقوق الوطنية لهؤلاء اللبنانيين المنتشرين في العالم. ولقد شكّلت خطوة إقرار هذا القانون في مجلس النواب خطوة مميّزة، لا بل كانت خطوة تاريخية عاد الفضل فيها الى التوافق السياسي الذي أدّت إليه المشاورات التي قامت بين بعض القيادات السياسية اللبنانية وتوّجت بلقاء الرياض بدعوة من الرئيس سعد الحريري، مما أدى الى ولادة هذه المبادرة التاريخية المميّزة التي علّ وعسى تتجدّد لتفرز توافقاً سياسياً بين المعنيين اللبنانيين يصدّ مطامع الإرهابيين بنقل الحرب السورية الى لبنان من جهة، ويؤدي الى توافق ذي وجهين: انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وقانون عصري للانتخابات النيابية يمكّن اللبنانيين من اختيار ممثليهم الحقيقيين في السلطة سواء في الرئاسة أم في البرلمان أم في الحكومة، وهذا بيت القصيد قبل أن يتمكّن الإرهاب من نقل الحرب السورية الى لبنان.