تفاصيل الخبر

ارتفاع نسب العنف والابتزاز الالكتروني في لبنان خلال الحجر المنزلي...

20/05/2020
ارتفاع نسب العنف والابتزاز الالكتروني في لبنان خلال الحجر المنزلي...

ارتفاع نسب العنف والابتزاز الالكتروني في لبنان خلال الحجر المنزلي...

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_78057" align="aligncenter" width="590"] الخوف والاكتئاب... اثار نفسية تصيب ضحية الابتزاز الالكتروني[/caption]  

المديرة التنفيذية بالشراكة في منظمة "في – مايل" السيدة حياة مرشاد: أطلقنا حملة "الشاشة ما بتحمي" لحماية الفتيات والنساء من المبتزين والمتحرشين

 

العنف الالكتروني ليس بأمر جديد ولكن نسب الحالات التي تبلّغ عن التعرض للعنف الالكتروني ازدادت كثيراً خلال الحجر المنزلي. ولقد أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان عمّمته بتاريخ 4 أيار (مايو) الجاري ان عدد شكاوى جرائم الابتزاز والتحرّش الجنسي ارتفع بنسبة 184 بالمئة بعد اعلان أول اصابة بفيروس "كورونا المستجد" في البلاد في 21 شباط (فبراير) ومع بدء فترة التعبئة العامة في 16 آذار (مارس). وانطلاقاً من هذا الواقع الذي دفع بأكثر من مئة امرأة وفتاة للتبليغ شهرياً عن تعرّضهن للعنف الالكتروني بكافة أنواعه بحسب القوى الأمنية، انطلقت منظمة "في – مايل"، وهي جمعية نسوية مدنية تعمل مع النساء والفتيات للقضاء على الظلم من خلال بناء حركة نسوية شابة وتمكين الشابات والشباب وتقوم بحملات مناصرة ضد المعايير والسياسات التمييزية، في حملتها الوطنية تحت عنوان "الشاشة ما بتحمي" للتأكيد على ان النساء والفتيات في لبنان والعالم العربي لهن الحق في الوصول الى الانترنت واستخدامه بحرية وأمان دون التعرض للعنف او التنمّر او الابتزاز.

السيدة حياة مرشاد وحملة "الشاشة ما بتحمي"

"الأفكار" تحدثت مع المديرة التنفيذية بالشراكة في منظمة "في -  مايل" السيدة حياة مرشاد عن حملة "الشاشة ما بتحمي" فقالت بداية:

- هي حملة وطنية أطلقتها منظمة "في- مايل" للتأكيد على ان النساء والفتيات في  لبنان والعالم العربي لهن الحق في الوصول الى الانترنت واستخدامه من دون التعرض للعنف الالكتروني بكافة أنواعه. وفي الوقت الحالي حيث يشهد في العالم أزمة فيروس "كورونا" ويعاني من تبعات هذه الأزمة على الصعد الاجتماعية والاقتصادية وبسبب الحجر المنزلي فان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أصبح المتنفس الوحيد الذي نقوم من خلاله بنشاطاتنا على أنواعها، وهذا ما يعرض الفتيات والنساء الى خطر التعنيف من قبل المعتدين والمتحرشين على هذه المواقع. بالنسبة لمنظمة "في – مايل" والتي بدأت منذ تأسيسها بالعمل على موضوع الحماية الالكترونية فانها تعتبر ان هذا الموضوع هو أولوية أساسية في ظل التزايد الكبير لجرائم الابتزاز الالكتروني.

* لا شك ان العنف الالكتروني كان يمارس ضد الفتيات والنساء من قبل ولكن تفاقمت هذه المشكلة اليوم خلال الحجر المنزلي، فما السبب؟

- ان العنف الالكتروني ليس ظاهرة جديدة سواء في لبنان او العالم، بل هو موجود وهو انعكاس للعنف الذي يُمارس عادة ضد الفتيات والنساء في الحياة اليومية. الثقافة الذكورية وضعف آليات الحماية تعطي للرجل الحق بأن يعتدي على المرأة او ان يتحكّم او يتحرّش بها او يبتزها، وطالما ان هذه الآليات موجودة فسنظل نرى مثل هذه الظواهر بمعنى ان الثقافة الذكورية تبرر ذلك، واذا لم تُشّدد القوانين بهذه القضية ولم يرفض المجتمع هذا النوع من الظواهر ويرفض هيمنة الرجال على النساء فسنظل نرى هذا النوع من العنف الأسري أو الابتزاز الالكتروني. لقد انتقل العنف (اوفلاين) الى الفضاء  الافتراضي لأنه بكل بساطة أصبح الفضاء الافتراضي بالنسبة للناس بيتهم الثاني وهم يقضون معظم أوقاتهم في هذا العالم. وكما هناك نساء وفتيات في الفضاء الافتراضي الالكتروني هناك أيضاً المعتدون والمتحرشون والمبتزون وهم موجودون بحياتنا اليومية وأصبحوا يستخدمون هذه الوسائل لينفذوا جرائمهم بطريقة اكبر.

وتتابع:

- طبعاً خلال فترة الحجر المنزلي بسبب وباء "كورونا" تفاقمت المشكلة في لبنان والعالم، ففي لبنان ومنذ بدء مرحلة تنفيذ قرار التعبئة العامة ارتفعت نسب الشكاوى عن جرائم الابتزاز والتحرش الجنسي بحسب القوى الأمنية بنسبة 184 بالمئة. ومن المهم ان نلفت النظر بأن النساء والفتيات هن الأكثر عرضة لهذا النوع من العنف. ففي السنوات الثلاث الأخيرة كانت الفتيات اللواتي يبلّغن عن تعرضهن للعنف الالكتروني وبنسبة 41 بالمئة منهن تتراوح أعمارهن بين 12 و26 سنة، وهذا انتهاك خطير لحقوق الانسان. ومن أنواع الابتزاز الالكتروني الذي نراه: التنمر، والتحرش الالكتروني، واستقصاء معلومات شخصية عن الأشخاص، والتحكّم بهم، ومحادثات مدمّرة، وكراهية ضد النساء، وابتزاز جنسي، وملاحقة ومطاردة، وسرقة هوية رقمية وغيرها من القضايا.

دور الأهل في حماية بناتهم عند استخدام الانترنت

[caption id="attachment_78058" align="alignleft" width="339"] السيدة حياة مرشاد: الحملة تهدف للقول إلى المعتدي والمعنف ان الشاشة لن تحميه وسيُعاقب[/caption]

* برأيك ما هو دور الأهل لحماية أولادهم وتحديداً بناتهم من العنف الالكتروني؟ ولماذا تزداد هذه المشكلة بالرغم من حملات التوعية؟

- بالنسبة لدور الأهل فهو كبير جداً، ونحن دائماً نقول من الضروري ان يتنبه الأهل لبناتهم بما يتعلق باستخدام الانترنت لأن هناك الكثير من الفتيات لا يخبرن أهاليهن ما يحصل معهن (أونلاين) خوفاً من ان يمنعوهن من استخدام الانترنت، لذا من المهم ان يتحدث الأهل مع بناتهم أكثر عن المخاوف والمخاطر التي يتعرضن لها على الانترنت، اذ هناك الكثير من الفتيات لا يبلغن خوفاً من وصمة العار ومن نظرة أهاليهن والقاء اللوم عليهن، وبالتالي يجب ان نشرح لبناتنا ان الأصدقاء الجيدين طبعاً لن يجبروهن على القيام بأمورغير محبذّة، والأهم الا يتواصلن مع أشخاص غرباء (اونلاين)، وكذلك من المهم ان يثقف الأهل انفسهم رقمياً اذ نعلم بأن الأولاد سبقوا أهاليهم بأشواط بالثقافة الالكترونية، واليوم يقدر الأهل ان يربطوا أجهزتهم بتطبيق توجيه الأهل لضمان الحماية وليس الرقابة فدورهم يبقى أساسياً في هذا المجال.

وتتابع:

- لقد أطلقنا في جمعية "في - مايل" حملة "الشاشة ما بتحمي"، اذ انه منذ فترة نعمل على توعية الفتيات والنساء حول العنف الالكتروني. وهدف الحملة التأكيد على ان الفتيات والنساء لهن الحق بالوصول الى الانترنت واستخدامه بحرية وآمان دون التعرض للعنف الالكتروني على أنواعه، وبالتالي علينا ان نرفع الوعي بموضوع العنف الالكتروني، وأيضاً ان نوفّر ادوات الحماية للفتيات بان نعلمهن بعض الارشادات ليحمين أنفسهن (أونلاين)، وسنواصل هذا العمل ولاحقاً لدينا مخطط للذهاب الى المدارس للتوعية عبر كل الوسائل الالكترونية المتاحة. اذاً هذه الحملة هي البداية وبعدها سيكون أمامنا الكثير من العمل سواء مع القوى الأمنية ومجلس النواب او على صعيد التوعية في المدارس ووزارة التربية وغيرها...

* وما هي أبرز الخطوات التي قامت بها "في – مايل" بما يخص العنف الالكتروني؟

- لدى منظمة "في مايل" شبكة علاقات واسعة سواء مع منظمات نسائية شريكة تعمل على دعم النساء وحقوقهن او مع القوى الأمنية. اذ بهذه الحملة ننسق بشكل كبير مع كل هذه الجهات الفاعلة ومع الاعلام والقوى الأمنية والمنظمات الشريكة، خاصة وان "في - مايل" منظمة لا تقدم خدمات بل تعمل على التوعية والمناصرة، ولهذا كل الشكاوى التي تصل الينا نقوم باحالتها الى منظمات نسائية، واذا كانت النساء بحاجة لدعم نفسي او قانوني او اجتماعي نقوم باحالة الملف الى القوى الأمنية وابلاغها عن ذلك، ومن جهتنا نقوم بمتابعة كيفية التعاطي مع الملف.

العنف الالكتروني وحالات الانتحار

* للعنف الاجتماعي ضد الفتيات والنساء آثار نفسية وقد يصل الأمر في بعض الحالات الى الانتحار، فالى اي مدى يشكل ذلك خطورة على حياتهن؟

- بالفعل للعنف الالكتروني آثار نفسية على الفتيات وطبعاً قد يودي الأمر في بعض الحالات الى الانتحار، ذلك ان الآثار النفسية الناتجة عن الابتزاز والعنف الالكتروني وبالتحديد الجنسي كثيرة وخطيرة خصوصاً لدى الفتيات ومنها: الاحتراق النفسي، الاحساس بالذنب، القلق والتوتر، الخوف الشديد، القلق من عدم التمكن من تبرئة النفس، فقدان الثقة بالنفس، فقدان الاحساس بالأمن النفسي والاجتماعي، الانسحاب والسلبية والتردد في أبسط المواقف، الخوف الشديد على المستقبل الوظيفي والاجتماعي، الاصابة باضطراب نفسي مرضي يتطلب علاجاً، الخوف من التعرض لوصمة من قبل العائلة والمجتمع، والاقدام على التفكير بالانتحار.

ففي العام 2019 أقدمت  فتاتان على الانتحار بسبب العنف والابتزاز الالكتروني فيما نجت فتاة ثالثة من محاولة الانتحار. تجدر الاشارة الى ان هذه الحالات تم الابلاغ عنها وعلمنا بها من خلال القوى الأمنية ولكن ربما هناك حالات أخرى لم يُبلغ عنها، لأننا نعلم ان التبليغ عن هذه الحالات في لبنان يكون بنسب قليلة وهذا الواقع لا يقتصر على لبنان بل بكل العالم، لأنه عادة بكل قضايا العنف ضد النساء يكون التبليغ بنسب قليلة لاعتبارات عدة ومنها: أن النساء يشعرن بالخوف ولا تكون لديهن الثقة أحياناً بآليات الحماية وبالقوى الأمنية وبالقوانين، وأحياناً كثيرة لا يجدن السند او الدعم سواء من المجتمع والمحيط او حتى من الدولة، اذ أحياناً كثيرة تخاف النساء من وصمة العار لأن "المجتمع الأبوي" الذي نعيش فيه يحارب النساء دائماً ويلقي اللوم والذنب عليهن بدل القاء اللوم والذنب على المعتدي، ولهذا حملة "الشاشة ما بتحمي" هدفها ليس فقط ان تقول للفتيات ان يتخذن خطوات لحماية أنفسهن بل ان تعلمهن الخطوات التي يجب ان يتبعنها لحماية أنفسهن بها ومن أهمها: التبليغ اذ تقدر النساء ان يبلغن عبر موقع القوى الأمنية www.isf.gov.lb عبر خدمة (بلّغ) وكذلك تهدف الحملة ان تقول للمعتدي والمعنف ان الشاشة لن تحميه وبأنه سيعاقب على اي نوع من الابتزاز او العنف الذي يُمارسه ضد اي الفتاة "اونلاين"... فالآثار النفسية تكون شديدة على الفتيات من اكتئاب الى ضعف الثقة بالنفس الى التقوقع على الذات وحتى أحياناً تحدث مشاكل صحية كمثل فقدان الشهية وغيرها.

دور الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالتوعية

[caption id="attachment_78059" align="alignleft" width="363"] منظمة "في – مايل" تطلق حملة "الشاشة ما بتحمي"[/caption]

وعن دور الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تقول:

- للاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دور اساسي جداً، ونحن في عملنا استخدمنا الاستراتيجية الاساسية من خلال العمل مع الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، اذ يوم اطلاق الحملة استخدمنا "هاشتاغ" "الشاشة ما بتحمي" وقد تصدر الـ(تراند) على "التويتر" في لبنان، ونعلم انه ليس من السهل ان تتصدر قضية اجتماعية على "التويتر"، وكذلك لما كنا استطعنا القيام بكل ذلك لولا دعم الاعلام وأيضاً الأشخاص المؤثرين على المواقع التواصل الاجتماعي لهذه الحملة، ولقد حظيت الحملة بتغطية اعلامية واسعة ولا تزال التغطية مستمرة، ونحن نؤمن بأن كلاً من الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لهما دور اساسي بايصال الصوت أكثر.

معاقبة المبتزين والمعتدين

* وهل يُعاقب الشخص الذي يمارس العنف الالكتروني ضد الفتيات والنساء؟

- وفقاً للمادة 650 من قانون العقوبات اللبناني يُعاقب كل شخص يهدد شخصاً آخر بأن ينال من شرفه وكرامته بالسجن من شهرين الى سنتين وبغرامة مالية أيضاً. وهذه المادة موجودة ويتم الاستناد اليها لمعاقبة الأشخاص الذين يمارسون الابتزاز الالكتروني او اي نوع من الابتزاز، ولكن برأينا هذه المادة ليست كافية، ويجب ان  يكون هناك قانون خاص يجرّم العنف والابتزاز الالكتروني. طبعاً التشدد بالعقوبات هو موضوع أساسي جداً، واليوم القوى الأمنية تصلها تبليغات وتتحرك وتصدر الأحكام ولكن طبعاً يجب ان تكون هذه الأحكام مشددة أكثر والعقوبة أكبر. وفي النهاية واحدة من الخيارات هي التبليغ ولكن هناك أيضاً خيارات تتضمن الحماية، اذ تقدر الفتاة ان تتبع خطوات تقدمها لها حملة "الشاشة ما بتحمي" ومن خلالها تحمي نفسها "اونلاين" وهي خطوات تقنية لها علاقة بأن تحفظ ملفاتها عبر كلمة المرور التي تستخدمها ولها علاقة بمشاركة المعلومات التي لها علاقة بالتطبيقات التي تدخل عليها ولها علاقة بالروابط التي تفتحها وغيرها من الأمور، ولكن يبقى التبليغ أساسياً لكي نضمن العقوبة للمبتزين وللمعتدين بشكل يمكن ان يردعهم.

* وما هي رسالتك للفتيات بما يتعلق بالعنف الالكتروني؟

- اليوم الفضاء الالكتروني مليء بالأشخاص المبتزين والمعتدين الذين من الممكن ان يتعرضوا لنا في أي وقت، ولكن نحن حمايتنا بيدنا، وحمايتنا هي حقنا، ويمكن تحقيقها بخطوات بسيطة ممكن ان نتبعها لنحمي أنفسنا، فالنساء والفتيات اللواتي يتعرضن لأي نوع من العنف يجب ان يعرفن أنهن لسن لوحدهن بل أصبحت هناك منظمات قادرة ان تقف الى جانبهن وان تسمعهن، وقد أصبحنا قادرين ان نبلّغ القوى الأمنية ونقدر ان نرفع الصوت، وأهم ما في الأمر أننا أصبحنا نقدر ان نفضح المتحرش ونلقى الدعم من جهات كثيرة تقف الى جانبنا... فالمواجهة هي السبيل الأساسي، وأهم ما يجب ادراكه انه ولا بأي شكل من الأشكال تكون الفتاة الضحية هي المذنبة او المسؤولة عما حصل معها فالمذنب الوحيد الذي يجب ان يُعاقب على اي جريمة ابتزاز او عنف الكتروني هو المعنّف او المعتدي.