تفاصيل الخبر

ارتفاع ملحوظ في مستوى زيادة الوزن والسمنة في لبنان والعالم!

09/08/2019
ارتفاع ملحوظ في مستوى زيادة الوزن والسمنة في لبنان والعالم!

ارتفاع ملحوظ في مستوى زيادة الوزن والسمنة في لبنان والعالم!

بقلم وردية بطرس

تُعرف زيادة الوزن والبدانة بأنها تلك الحالة الطبية التي تتراكم فيها الدهون الزائدة بالجسم على نحو غير طبيعي او مفرط وتشكل خطراً على صحة الفرد. تطال هذه الحالة بحسب تقديرات مختلفة ما بين 18 الى 32 بالمئة من المجتمع اللبناني. وقد ادرج تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية تسعة من بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على قائمة الدول التي فيها أعلى مستويات للبدانة في العالم حيث جاء لبنان في المرتبة السادسة بعد الكويت والأردن والسعودية وقطر وليبيا.

ونظراً لأهمية التوعية حول مخاطر البدانة أطلقت وزارة الصحة العامة الحملة الوطنية تحت شعار <صحتك ما بتحمل، خفّف وزن عليها> خلال مؤتمر صحفي في وزارة الصحة وذلك بدعوة من الوزارة. تأتي هذه الحملة لتسليط الضوء على أهمية التوعية بشأن مخاطر البدانة، وتشجيع من يعانون من البدانة او من الوزن الزائد على استشارة الأطباء والاختصاصيين لتحديد أسباب البدانة والطرق الأنسب لمعالجتها بمساعدة اختصاصيي التغذية محققين بذلك خسارة مستدامة للوزن من أجل تحسين صحتهم. وقد اطلقت وزارة الصحة بالتعاون مع <نوفو نورديسك> و<جمعية أطباء الغدد الصماء> و<الأكاديمية اللبنانية للتغذية> هذه الحملة لنشر الوعي في هذا الخصوص. وفي هذا الاطار قال وزير الصحة الدكتور جميل جبق ان الحملة الوطنية التي تطلقها الوزارة تشمل توزيع مواد تثقيفية، والقيام بحملات على الأرض لقياس مؤشر كتلة الجسم في مناطق لبنانية عدة حيث سيقوم المتخصصون والخبراء بالاجابة عن أسئلة الناس واعطائهم النصائح والارشادات حول مرض البدانة.

 

الدكتور أكرم اشتي وارتباط البدانة بالأمراض المزمنة!

 

وعن تأثير البدانة على صحة الانسان يقول ممثل <الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصماء، السكري والدهنيات> الدكتور أكرم اشتي:

- ان الهدف من اطلاق الحملة الوطنية للتوعية من مخاطر البدانة هو التأكيد على ان البدانة مرض يشكل خطراً حقيقياً على صحة الانسان وحياته، فالبدانة تؤدي الى الاصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل: مرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع الدهون في الدم، وارتفاع الضغط الدموي، وأمراض القلب والشرايين، وأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض العمود الفقري والمفاصل، اضافة الى الأمراض النفسية وتأثيرها السلبي على الصحة الانجابية مع ازدياد خطر الاصابة ببعض أنواع الأمراض الخبيثة، وبسبب هذه الأمراض كافة فان مرض البدانة يؤدي الى خفض متوسط العمر المتوقع للانسان، الا ان هذه الأمراض جميعها من الممكن التقليل من الاصابة بها اذا عالجنا البدانة وفق المعايير العالمية الصحية، كما بالامكان وهذا هو الأهم تجنب حدوث البدانة والوقاية منها اذا اتبعنا نمط حياة صحياً من خلال ممارسة الرياضة البدنية بصورة منتظمة وتناول الأطعمة الصحية. لذا نطلق اليوم الحملة الوطنية للتوعية من مخاطر البدانة تحت شعار <صحتك ما بتحمل خفف وزن عليها>، لأن البدانة اصبحت مرض العصر، ولأنها تشكل خطراً حقيقياً على صحة الانسان وحياته.

أسباب البدانة ونسب الاصابة بها!

وعن نسب الاصابة بالبدانة والأسباب لحدوث البدانة يشرح الدكتور اشتي:

- ما يزيد من خطورة هذا المرض اضافة الى كل ما تم ذكره هو الارتفاع السريع والمخيف في نسب الاصابة به في دول العالم كافة وخصوصاً في منطقتنا ومن ضمنها لبنان، اذ تشير الاحصائيات الى وجود ما يقارب النصف مليار شخص يعانون من البدانة عالمياً، أما في لبنان فان الأرقام التقريبية الحالية تشير الى ان حوالى خمسين بالمئة من البالغين يعانون من الوزن الزائد ونصفهم يعانون من البدانة.

ويتابع:

- لأن البدانة مرض ولأن أسبابها متعددة ومتشعبة ومن ضمنها الأسباب الهرمونية والوراثية والسلوكية والحياتية، فنحن ننصح الشخص المصاب بالبدانة بمراجعة الطبيب المتخصص لمعاينته وتحديد السبب الرئيسي لبدانته واعطائه الارشادات السلوكية والعلاجية اللازمة والتنسيق مع اختصاصيي التغذية لتزويده بالارشادات الغذائية المناسبة. ورغم هذه العوامل كافة المسببة بالبدانة الى ان السبب الرئيسي للازدياد السريع في نسب الاصابة بها يعود الى تغيير نمط وأسلوب حياتنا اليومية، اذ كنا في السابق مجتمعات زراعية، نزرع الأرض ونبذل مجهوداً جسدياً في عملنا ونأكل من خيرات ما نزرع طعاماً صحياً، أما اليوم فما عدنا نبذل اي مجهود جسدي في أعمالنا، وما نأكله غير صحي في أغلب الأحيان ومشبع بالدهون والسكريات والسعرات الحرارية، وهذا ما يسبب زيادة الوزن والبدانة. ولهذا هدفنا من اطلاق هذه الحملة هو التأكيد على ان البدانة مرض وتؤدي الى العديد من الأمراض المزمنة الخطيرة ويجب معالجتها وفق المعايير العلمية الصحيحة، إلا انه بالامكان أيضاً وهذا هو الأهم تجنبها ومنع حدوثها اذا ما اتبعنا نمط حياة صحياً من خلال ممارسة الرياضة البدنية بصورة منتظمة وتناولنا الأطعمة الصحية. ولتحقيق هذا الهدف علينا جميعاً ان نقوم بدورنا ونتحمل مسؤولياتنا كل من موقعه، بدءاً من العائلة والمؤسسات التربوية والتعليمية وصولاً الى وسائل الاعلام والبلديات والوزارات المختصة.

اتباع نمط حياة صحي!

 

وعن أهمية تغيير المفاهيم التربوية واتباع اسلوب نمط حياة صحي يقول:

- علينا جميعاً ان نعمل على تغيير ما هو سائد من مفاهيم تربوية ومجتمعية خاطئة واسلوب الحياة اليومي:

ان مكافأة الطفل على اي نجاح في امتحان او اي عمل ايجابي يقوم به يجب ان تكون بلوح من الشوكولا ولا بوجبة طعام دسمة في أحد مطاعم الوجبات السريعة، واكرام الضيف ليس بالضرورة من خلال اطعامه واقامة الولائم الدسمة على شرفه، والأكل لا يعكس بالتأكيد مقدار المحبة، والوجاهة والزعامة والرخاء والبحبوحة لا تحتاج بالضرورة الى البدانة لتأكيدها، والجلوس خلف الكمبيوتر والتلفزيون واستعمال التلفونات الذكية والعاب الأطفال الالكترونية واستعمال السيارة لقضاء كل احتياجاتنا، كلها أمور لها ايجابياتها بالتأكيد ولكن الاكثار منها يؤدي الى زيادة الوزن والبدانة مع ما ينجم عنها من مضاعفات تضر بالصحة وتقلل من انتاجية الفرد في المجتمع وتزيد من العبء المالي على الفرد والدولة وعلى الجهات الضامنة العامة والخاصة.

ويتابع:

- سنعمل من خلال نشاطات الحملة التي نطلقها اليوم على ان نوصل لمجتمعنا وأهلنا هذه المفاهيم والمبادىء وذلك من خلال:

اقامة حملات توعوية في المناطق اللبنانية كافة. توزيع مواد تثقيفية توعوية حول أسباب البدانة ومخاطرها في كافة المراكز لرعاية الأولوية وفي العيادات الطبية الخاصة والمراكز الصحية والاجتماعية. اجراء مقابلات توعوية في وسائل الاعلام. عرض المادة الاعلامية الخاصة بالحملة في وسائل الاعلام كافة. اقامة يوم علمي وتوعوي حول البدانة في 5 تشرين الأول (اكتوبر) من قبل <الجمعية اللبنانية لأطباء الغدد الصماء والسكري والدهون>. ان همنا وهدفنا ان ننشىء جيلاً سليماً، وان ينعم أهلنا بالصحة لكي نستطيع ان نبني مجتمعاً معافى، فلنعمل سوياً في سبيل تحقيق ذلك.

الدكتورة نهلة حولا والتزايد الملحوظ بنسبة البدانة في لبنان في السنوات الأخيرة!

وعن ارتفاع نسبة البدانة في لبنان تقول أستاذة التغذية في الجامعة الأميركية في بيروت ورئيسة <الجمعية اللبنانية للتغذية> الدكتورة نهلة حولا:

- يشهد لبنان كغيره من معظم دول العالم ارتفاعاً في مستوى زيادة الوزن والسمنة، حيث تشير نتائج الدراسات العلمية الى ان نسبة السمنة في لبنان تعادل 28.8 بالمئة من اجمالي البالغين، 3.3 بالمئة عند الأطفال الذين هم دون عمر الخمس سنوات، 16.6 بالمئة لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 10 سنوات و 12.7 بالمئة في الفئة العمرية بين 11 و 19 سنة. تتوافق هذه النتائج مع تلك الواردة في تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في العام 2017 والذي يشير الى ارتفاع في مستوى السمنة لدى اللبنانيين البالغين. وعند مقارنة نتائج مستويات السمنة في لبنان بين عامي 1997 و 2009 نلاحظ ارتفاعاً ملحوظاً يعادل 62 بالمئة عند البالغين، 1.6 مرات عند الأولاد بين 5 و 9 سنوات، ومضاعفة مستويات السمنة لدى المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 19 سنة.

وتتابع:

- تعتبر السمنة بحد ذاتها مرضاً وهي مقرونة بارتفاع نسب الوفيات والأمراض المزمنة غير المعدية مثل مرض السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب والشرايين وبعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي والرحم والكبد والغدة الدرقية وغيرها. ومن الجدير ذكره ان التأثيرات السلبية للسمنة لا تقتصر على الفرد بل تشمل معه المجتمع والبلد ككل، فهي تزيد قيمة الفاتورة الصحية، وتقلل من انتاجية الموظفين وتزيد من غيابهم عن العمل. وفي محاولة للحد من مشكلة السمنة المتصاعدة أوجدت توصيات عديدة من قبل وزارة الزراعة الأميركية ومنظمة الصحة العالمية ركزت على اتباع أنماط غذائية صحية وزيادة الرياضة البدنية. ومؤخراً تم تسليط الضوء على العلاقة بين المأخوذ الغذائي من الفئات الغذائية وخطر زيادة الوزن والسمنة حيث لاحظت الدراسات وجود علاقة ترابط ايجابية بين زيادة الوزن والمأخوذ الغذائي من فئات اللحوم والحبوب المكررة والمشروبات المحلاة بالسكر والبطاطا المقلية ورقائق البطاطا، ووجود علاقة ترابط عكسية بين زيادة الوزن والمأخوذ الغذائي من الفواكهة والخضار والحبوب الكاملة. الا ان مسؤولية الحد من زيادة الوزن والسمنة لا تقتصر على الفرد وحده، فمن أجل تعزيز المأخوذ الغذائي الصحي وزيادة ممارسة الرياضة لدى الفرد، توجد حاجة ماسة لنظام شمولي في المجتمع يتضمن بالاضافة الى الأفراد على سبيل المثال لا الحصر المنظمات التي تركز على الطفل والشباب والعائلة، المنظمات المجتمعية، صناعات الأغذية والمشروبات، منتجي الأغذية، المسوّقين، المنظمات غير الربحية، الوكالات والبرامج الحكومية، مقدمي الرعاية الصحية، وسائل الاعلام، الباحثين، المدارس وغيرها.

 

البدانة عند المراهقين!

وعن نسبة البدانة عند المراهقين تقول:

- المراهقون هم أكثر فئة عمرية تعاني من البدانة اذ تصل الى 12.7 بين سن 11 و 19 سنة، وهذا ليس بعدد صغير اذ ان هذه النسبة عالية لأنه كانت دراسات قد أجريت حول السمنة قام بها فريق من الباحثين في الجامعة الأميركية في بيروت بين عامي 1997 و2009 بينت ان النسبة خلال 12 سنة قد ارتفعت لتصل الى 62 بالمئة، بينما دول أخرى تأخذ حوالى 30 سنة لتصل الى هذه النسبة، وبالتالي الزيادة ملحوظة خصوصاً لدى فئة الأولاد اذ تضاعفت النسبة مما يؤدي لمخاطر عديدة.

ولأن البدانة مرضاً تقول:

- البدانة سيئة لأنها بحد ذاتها مرض وتؤدي للاصابة بأمراض أخرى، على سبيل المثال ان الشخص الذي يعاني من البدانة يكون تسع مرات معرضاً للاصابة بالسكري أكثر من غيره، وبالتالي يتعرض الشخص للاصابة بالسكري، وأيضاً ارتفاع الضغط، وأمراض القلب والشرايين وبعض أنواع السرطانات. وطبعاً لا ننسى النتائج الاقتصادية، اي كم تكلف الدولة؟ وكم تكلف الفرد؟ فالكلفة هي أعلى من كلفة الوقاية. والشخص الذي يعاني من البدانة يتغيّب عن العمل وبالتالي تخف انتاجيته مما ينعكس سلباً على العمل وتطوره. وبالتالي تقع على الفرد المسؤولية لتجنب البدانة التي ستعرّضه للعديد من الأمراض، ولكن أيضاً هناك مسؤولية على المجتمع ككل والدولة، اذ يجب ان تتعاون كل من وزارة الصحة ووزارة التربية ووزارة الاعلام لايصال هذه المعلومات للناس ليأخذوا بالنصائح والارشادات التي لها علاقة بالسمنة ولاتباع نمط حياة صحي.

وأنهت الدكتورة حولا حديثها قائلة:

- يجب ان تعمل كل مدرسة على نشر التوعية بين تلاميذها حول مخاطر البدانة. من جهتنا أجرينا دراسة ووصلنا لعدد من المدارس الحكومية، وكانت الدراسة قد نُشرت منذ 7 او 8 سنوات اذ ساعدنا وزارة التربية في هذا الخصوص والتي ادخلت بدورها البرنامج ضمن المنهج المدرسي لحماية الأولاد من السمنة، وبعد ثلاث سنوات استفاد التلاميذ الذين اتبعوا هذا النظام منه كثيراً وابتعدوا عن تناول الـ<تشيبس> وما شابه وبدأوا يتناولون أطعمة صحية، وهذا أمر جيد اذ يهمنا ان يعرف جيل الشباب ضرر البدانة وكيفية الحفاظ على الصحة من خلال اتباع نمط غذائي صحي.