تفاصيل الخبر

ارتفاع حالات ”الحساسية الموسمية“ نتيجـة ازديــاد مستويــات حبـوب اللقــاح فـي لبــنان  

22/04/2016
ارتفاع حالات ”الحساسية الموسمية“ نتيجـة  ازديــاد مستويــات حبـوب اللقــاح فـي لبــنان   

ارتفاع حالات ”الحساسية الموسمية“ نتيجـة ازديــاد مستويــات حبـوب اللقــاح فـي لبــنان  

بقلم وردية بطرس

--_1_~1  

يعاني الكثيرون من العوارض المصاحبة للحساسية العادية حيث يظهر الجهاز المناعي لمرضى الحساسية ردة فعل عنيفة لدى التعرض لأحد العناصر البيئية، مما يؤدي الى عوارض تؤثر على الجهاز التنفسي، العيون، والجلد. وإن التهاب الأنف التحسسي الموسمي، الذي يُشار اليه باسم <حمى القش> او <الحساسية على البيئة الخارجية> هو الشكل الأكثر شيوعاً بين التهابات الأنف التحسسية. ويتضمن التهاب الأنف التحسسي الموسمي انواع الحساسية على الطبقة الغبارية الموسمية او حبوب اللقاح مثل الأعشاب والحشائش والأعشاب الضارة والعفن. أما حساسية الأنف الدائمة التي يُشار اليها باسم <على مدار السنة> او <الحساسية في الأماكن المغلقة>، فتتميز بعوارض الحساسية التي تستمر لفترة أطول من أربعة أسابيع. ويندرج عث الغبار داخل المنازل، ووبر الحيوانات، والعفن بين المسببات الأكثر شيوعاً لحساسية الأنف الدائمة. أما <الشرى المزمن> (الارتكاريا) المجهول السبب والمعروف باسم <خلايا النحل المزمنة المجهولة الأصل> فيشتهر بظهور عوارضه يومياً أو بشكل شبه يومي على شكل حكة لمدة ستة أسابيع على الأقل من دون أسباب واضحة.

بالنسبة للاشخاص الذين يعانون من حساسية تنفسية (التهاب الأنف التحسسي)، فيمكن ان تبدأ العوارض لديهم او ان تصبح أكثر سوءاً عبر تعرضهم لبعض مسببات الحساسية المعروفة بالمهيجات. كما ان الهواء الداخلي قد يحمل أنواعاً مختلفة ومتعددة من الملوثات التي قد تتسبب بدورها باثارة الشعب الهوائية او ازعاجها مما قد يؤدي الى تفاقم عوارضها. وتتأتى المهيجات المنزلية من مصادر متنوعة تتوزع على منتجات كثيرة وتتضمن الدهانات والشموع والمذيبات ومواد التنظيف ومستحضرات التجميل والمحروقات ومواداً أخرى كثيرة كمثل أحادي اكسيد الكربون، دخان المدفأة، الأدخنة والروائح القوية، المركبات العضوية المتطايرة، نشارة الخشب، ودخان التبغ الناتج عن التدخين الايجابي والسلبي الذي يُعتبر مصدراً رئيسياً من مصادر التلوث في الأماكن المغلقة وأحد العوامل الأساسية التي تفاقم الحساسية.

اما مصادر مسببات الحساسية فيمكن ايجادها في بعض الأمكنة التي لا تخطر على البال ومنها: العاب الأطفال، عث الغبار، وبر الحيوانات الأليفة، الملابس المبللة التي اذا ما تُركت على الأرض او وُضعت في الأدراج او الخزائن تصبح أرضية خصبة للعفن والعث، كذلك السجاد الذي يمكن ان يتجمع عليه وبر الحيوانات الأليفة. وتتضمن نصائح الحفاظ على أرضية نظيفة ما يلي: ابقاء السجاد جافاً لعدم تشجيع العفن على النمو، وغسل السجاد بانتظام، وتنظيفه بالمكنسة الكهربائية بشكل متكرر، وتنظيف الانسكابات على الفور لمنع مسببات الحساسية من التراكم.

الربيع الحامل لعوارض الحساسية

اما غرفة النوم فيجب ان تُنظف بدقة متناهية اذ غالباً ما تكون الوسادات والشراشف موطناً للعفن وعث الغبار، إذ يمكن ايجاد العفن والعث في الفرش والوسادات بشكل خاص، حيث تنمو جراثيم يمكن ان تسبب التهاب الأنف التحسسي وعوارض الربو. واذا كان لدى الشخص حيوانات أليفة يجب ان يعلم ان وبر الحيوانات الأليفة يمكن ان يتجمع على الفرش والأسرّة فيصبح طعاماً لعث الغبار. وتتضمن النصائح لتنظيف غرفة النوم: استعمال أغطية واقية للوسادات والفرش، يمكن أيضاً ايجاد أغطية واقية من العث. ان يقوم الشخص بغسل الشراشف مرة في الاسبوع على الأقل وان يستعمل الماء الساخن لقتل عث الغبار وبيضه، كما أن غسل الشراشف بمنظفات تحتوي على مواد تبييض يمكن ان يساهم في ازالة العفن وقتل العث. الا يسمح للحيوانات الأليفة بالصعود الى السرير لان عث الغبار يتغذى من وبرها. الا يكدس الملابس المبللة او الرطبة فوق بعضها البعض لان العفن وعث الغبار يتغذيان منها. الا يأكل في السرير. الا يترك بطانيات الحيوانات الأليفة او سلال الكلاب او أقفاص الطيور وغيرها في غرفة النوم. ان ينظف بالمكنسة الكهربائية أرضية غرفة النوم والفرشة مرة في الاسبوع على الاقل. وان يستبدل فرشته مرة كل عشر سنوات على الأقل.

وها نحن في فصل الربيع الذي يحمل أفراحه وألوانه المشرقة الا ان عوارض الحساسية المزعجة ليست منها. فالطقس الدافىء، والأشجار المزهرة، والورود المتفتحة تعني للكثيرين عيوناً دامعة، وصعوبة في التنفس وسيلاناً في الأنوف. وتشير الأرقام الى ان أكثر من 30 بالمئة من اللبنانيين يعانون من أنواع الحساسية كافة الناتجة عن اتجاهات الاحترار، والنسب المرتفعة من حبوب اللقاح والتلوث المتزايد. وقد تبين ان اجمالي اصابات الحساسية تتزايد سرعة انتشارها وحدتها في العالم، وبالتالي ستستمر في تشكيل مصدر قلق مع ارتفاع الحرارة وازدياد نسبة التعرض لمسبباتها.

وتأتي في هذا السياق مبادرة <الجمعية اللبنانية لأمراض الحساسية والمناعة> بمناسبة <اليوم العالمي لحساسية الشعب الهوائية للعام 2016> الذي تشارك في فعالياته 97 جمعية محلية من أعضاء <منظمة الحساسية العالمية>، تحت شعار <التكيف مع مناخ متغير في ظل حساسية حبوب اللقاح>، وتهدف هذه المبادرة الى تسليط الضوء على تأثيرات التغير المناخي على الحساسية الموسمية الناجمة عن حبوب اللقاح.

اذاً نتيجة لتغير المناخ، الاحتباس الحراري والمدة الطويلة لمواسم تلقيح النباتات زادت احتمالية تعرض الانسان للحساسية من حبوب اللقاح. وحبوب لقاح الأعشاب هي من مسببات الحساسية الأكثر انتشاراً والتي تتسبب بحوالى 52 بالمئة من حالات حساسية الانف من آخر الربيع لأوائل الصيف. كذلك فإن حبوب لقاح الأعشاب البرية مثل عشبة الشوك الأحمر وحشيشة الزجاج والتي تصيب 27 بالمئة من مرضى حساسية الأنف تُعد مصدراً مهماً مسبباً للحساسية، ويبدأ تأثيرها من آخر الصيف ويستمر خلال فصل الخريف.

أما الاشجار مثل شجر الزيتون الذي يُعد المسبب الأساسي للحساسية الموسمية الحادة لدول حوض البحر المتوسط، والسرو وغيرها، فيستمر تأثيرها لمدة تمتد من كانون الثاني (يناير) وحتى حزيران (يونيو) حسب نوع الشجر.

ومن بين مجموع الناس الذين يعانون من الحساسية التنفسية يعاني 15 الى 20 بالمئة من الشكل الحاد للمرض، وقد تؤثر حالتهم سلباً على أداء نشاطاتهم اليومية والنوم، مما يؤدي الى الشعور بالتعب ويؤثر على انتاجية الفرد وعلى الصحة النفسية والاجتماعية، فيخاف المريض من نهاية فصل الشتاء لانه يعني بالضرورة تغير حياته مع قدوم حساسية فصل الربيع.

 

الدكتور الياس خير الله

يشرح أمراض الحساسية

 

فما هي حساسية حبوب اللقاح؟ وما هي أهمية التوعية حول العوارض الموسمية؟ وماذا عن التوعية حول تأثير التغير المناخي على هذه الحساسية الموسمية؟

عن دور <الجمعية اللبنانية لأمراض الحساسية والمناعة> يقول الدكتور الياس خير الله:

ان <الجمعية اللبنانية لأمراض الحساسية والمناعة> هي عضو فعال في <منظمة الحساسية العالمية>. وقد قررنا المشاركة في مبادرة هذا العام لتسليط الضوء على المفاهيم الحالية حول حساسية حبوب اللقاح أحدث الاكتشافات، ورفع التوعية حول ماهية تأثير التغير المناخي على هذه الحساسية الموسمية، وكثافة التعرض لمسببات الحساسية المنتقلة في الهواء. ان حساسية حبوب اللقاح تؤثر على الأغشية المخاطية للأنف والعينين، ويظهر تأثيرها على شكل سيلان الأنف واحتقانه، حكة في العينين وتراكم الدموع فيهما، حكة الأنف والأذن الداخلية وسقف الحلق التي تسببها الحساسية المفرطة لحبوب اللقاح المنتقلة في الهواء، مثل حبوب لقاح الأشجار، الحشائش والأعشاب الضارة. وعندما تلمس مسببات الحساسية <الغلوبولين> المناعي المرتبط بالخلايا داخل أنسجة الملتحمة والأنف المخاطية، تفرز الأنسجة وسطاء مثل <الهستامين> و<اللوكرترين> مما يسبب عوارض الحساسية المزعجة.

الدكتور-الياس-خيراللهويتابع:

- تجدر الاشارة الى ان التهاب الأنف التحسسي الذي يبقى من دون علاج قد يؤدي الى الاصابة بالربو في حوالى 40 بالمئة من الحالات، وفي لبنان تبلغ نسبة انتشار حساسية الأنف 32.7 بالمئة والربو 5.6 بالمئة. وقد تمحورت دراسات عدة أُجريت في لبنان حول استكشاف المسببات الأكثر تأثيراً وراء حساسية حبوب اللقاح، وتبين بموجبها ان هناك 12 مادة مسببة للحساسية قادرة على الكشف عن جميع المرضى الذي يعانون من عوارض تنفسية، واظهرت هذه الدراسات علاقة سريرية تربط بين حساسية حبوب اللقاح وحساسية الأنف والربو.

ــ وهل تسبب الحساسية مشاكل في الرئة؟

- في يومنا هذا يمكن للمريض ان يحصل على الدواء، ولكن هذا لا يعني ان الشخص اذا عطس او ظهرت لديه عوارض الحساسية يأخذ الدواء من تلقاء نفسه دون استشارة الطبيب، فأحياناً يأتينا أشخاص لديهم <كريزة> الربو وعندما نقوم بفحصهم بواسطة السماعة نسمع <خشخشة> في صدره، ولكن المريض يكون معتاداً على ضيق التنفس ولا يقصد الطبيب الا عندما تزداد <الخشخشة> وعندها يقول انه مصاب بالربو، وبالتالي لا يجب ان يتناول المريض الدواء بشكل عشوائي، ولدينا مشكلة نواجهها اذ يقول لنا المريض انه عندما كان صغيراً لم يشعر بالربو وعندما اصبح في سن البلوغ بدأ يعاني من الربو، فلو انه خضع للعلاج منذ البداية اي في صغره لكان وضعه افضل.

الدكتورة كارلا عيراني

تعدد طرق مواجهة الحساسية

الدكتورة كارلا عيراني (الحائزة على شهادة الدكتوارة في الطب، وزميلة <الأكاديمية الأميركية للحساسية والربو وعلم المناعة> وأحد أعضاء <المجلس الأميركي لأمراض الحساسية والمناعة السريرية>) تعتبر ان عوارض الحساسية قد تؤثر سلباً على النوم والأداء في العمل وفي المدرسة وحتى على النشاطات الترفيهية وتقول:

- كثيرون من البالغين والأطفال يعانون من الحساسية الموسمية مما يؤدي في بعض الحالات الى مضاعفات تؤثر على حياتهم اليومية منها الصداع، والعطش، والعزلة الاجتماعية، والحزن، والتدني في مستويات الطاقة.

وتضيف:

- من الضروري ان يحظى المصاب بحساسية حبوب اللقاح بتشخيص دقيق وعلاج مناسب. وتكمن الطريقة الأمثل للتحكم بعوارض الحساسية في معالجتها قبل ظهورها. كما أن خبراء الحساسية يملكون المعرفة اللازمة لتحديد الاصابة بالحساسية وتأكيدها، وتقديم التوصيات حول العلاجات المتوافرة، واتخاذ الاحتياطات الطبيعية اللازمة التي تساهم في تخفيض حدة العوارض وتحسين نوعية الحياة. وتتوافر علاجات عدة للسيطرة على عوارض الحساسية وتحسين نوعية الحياة. ويبقى فصل الربيع وقت الذروة للمصابين بالحساسية والربو، والفصل الأمثل لتلقي المرضى والأهل والأصدقاء وزملاء العمل الارشادات اللازمة للتصدي لهذه الأمراض.

وعن نوع النباتات والأشجار التي تسبب الحساسية تشرح:

- أولاً لاحظنا من خلال دراسة ان نسبة الاصابة بالحساسية في البقاع اقل مما هي عليه في بيروت، ويعاني الناس غالباً من الحساسية في فصل الربيع. واكثر حساسية تصيب اللبنانيين هي حساسية الانف ويليها الربو من ثم حساسية العين. ومن خلال الدراسة تبين ان 55 بالمئة لديهم حساسية خفيفة، و 45 بالمئة شديدة القوة. وفي فصل الربيع تكثر المحسسات والعث المنزلي. ونذكر مثلاً عشبة <Acarien> وهذا النوع موجود في لبنان لان الجو رطب في بيروت ولكنه يخف في الجبل، و<Cypres> الذي يُعتبر من أهم المحسسات في لبنان ولديه موسم في الشتاء حيث يزهر ويسبب الحساسية، كذلك <Parietaire> الموجود في البحر المتوسط ويزداد اكثر في الربيع، و<Olivier> شجر الزيتون وهو موجود في البحر المتوسط. وقد أظهرت هذه الدراسة أيضاً أهمية اللقاح المناعي بالنسبة للحساسية في لبنان.

الفحوصات الجينية

وبالسؤال عما اذا كانت هناك فحوصات جينية لتبيان ما اذا كان لدى الشخص استعداد للاصابة بالحساسية تقول الدكتورة عيراني:

- نحن نقيم في منطقة تزداد فيها عوامل او مسببات الحساسية سواء في المنزل والأماكن المغلقة أو في الطبيعة، وليس بالضرورة اجراء فحوصات جينية، فاذا كان لدى الشخص استعداد سيُصاب بالحساسية. وهناك احتمال 25 بالمئة اذا كان الأب او الأم مصابين بالحساسية فالابن سيُصاب بالحساسية، ولكن من المهم معرفة العوارض عند الأولاد الذين لديهم اكزيما اذ لديهم استعداد للاصابة بالحساسية والربو.

ــ وما مدى الارتباط ما بين الحساسية والربو؟

- في أغلب الأحيان يكون الربو مرتبطاً بالحساسية، ولكن لا خوف من الربو لأن هناك علاجات. ولكن يجب السيطرة على الربو ليتمكن المصاب من السيطرة على الحساسية في الأنف. وبالنسبة للوقاية، فطبعاً يجب الا يتواجد المريض مع المدخنين لأنه أحياناً يقوم أفراد العائلة بالتدخين بوجود ابنهم المصاب بالربو وهذا يضر به، كما على الأم التنبه من وضع <الموكيت> في الغرفة التي ينام فيها المصاب بالربو.

 

توعية الاهل

الدكتورة-كارلا-عيراني

ــ وما أهمية توعية الأهل؟

- لا شك ان توعية الأهل اساسية وضرورية لحماية الأطفال، واللبناني عادة يأخذ بعين الاعتبار النصائح والارشادات الطبية ويحاول ان يتقيد بها. وفي يومنا هذا تتوافر أدوية الحساسية ولكن على الأهل ان يقصدوا الطبيب الاختصاصي، وصحيح ان الحساسية ليست مرضاً خطيراً ولكنها تؤثر على نوعية حياة الانسان وقد تؤدي للاصابة بمشاكل أخرى مثل الجيوب الأنفية.

ــ بعض المصابين بالحساسية يكون لديهم حساسية ضد الدواء، فماذا يفعلون بهذه الحالة؟

- طبعاً في هذه الحالة على المريض ان يستشير طبيبه لكي يصف له الدواء الأفضل.

ــ وهل للأمر علاقة بجهاز المناعة عند الانسان؟

- هذا صحيح يرتبط الأمر بجهاز المناعة، فالانسان الذي يكون جهازه المناعي قوياً تكون لديه قدرة لمحاربة الجراثيم، ولكن عندما يحدث خلل في جهاز المناعة يصبح معرضاً اكثر للاصابة بالحساسية.

ــ وهل من نصائح؟

- نأمل ان يُصار الى تطبيق قانون التدخين لان الدخان مشكلة أساسية تسبب الحساسية. الجميع يتحدث عن النفايات وتأثيرها على صحة الناس وعلاقتها بالحساسية، ولكن يغيب عن البال ان التلوث الناتج عن انبعاث السيارات يشكّل خطورة كبيرة على صحة الانسان ويعرّضه للاصابة بالحساسية، كذلك الأمر بالنسبة للدخان. وطبعاً اللقاح مهم ويجب ان يبدأ المريض بالعلاج، ناهيك عن اتباع نمط حياة سليم ومزاولة الرياضة وتناول الطعام الصحي.