تفاصيل الخبر

ارتفاع ضغط الدم ”قاتل صامت“ يصيب الشخص دون ان تظهر العوارض!

02/08/2019
ارتفاع ضغط الدم ”قاتل صامت“ يصيب الشخص دون ان تظهر العوارض!

ارتفاع ضغط الدم ”قاتل صامت“ يصيب الشخص دون ان تظهر العوارض!

 

بقلم وردية بطرس

 

تحت شعار <افحصوا ضغطكن ونقطة عالسطر> أطلق وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق الحملة الوطنية للتوعية حول ارتفاع ضغط الدم خلال مؤتمر صحفي عُقد في قاعة المحاضرات في وزارة الصحة العامة بحضور نقيب الأطباء في بيروت البروفيسور شرف ابو شرف، ونقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، ونقيب الصيادلة غسان الأمين. يُشار الى ان حملة التوعية <افحصوا ضغطكن ونقطة عالسطر> تهدف الى رفع الوعي لدى العامة حول مخاطر ضغط الدم من خلال تشجيع الأطفال على تحفيز آبائهم وأحبائهم لفحص ضغط الدم لديهم، خصوصاً ان اكتشاف ارتفاع ضغط الدم مبكراً يساعد في تقليل خطر الاصابة بالنوبات القلبية وفشل القلب والسكتة الدماغية والفشل الكلوي.

وأكد وزير الصحة الدكتور جميل جبق في كلمته ان ارتفاع ضغط الدم يتزايد مع مرور الوقت ويتسبب بمشكلات صحية مثل مرض القلب اذا لم يتم تداركه والاهتمام بالعلاج، كما ان ارتفاع ضغط الدم غير المتحكم به يزيد من خطر الاصابة بمشكلات صحية خطيرة مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية.

وعن أهمية الوقاية الصحية ونشر الوعي بين الناس يقول الوزير جبق:

- ان وزارة الصحة العامة تسعى منذ ثلاثة أشهر لزيادة عدد مراكز الرعاية الصحية الأولية، وتفعيل دورها بحيث تتولى الاهتمام بالصحة الأولية للمواطن. ان هذه المراكز تقدم الخدمة الطبية في مختلف الاختصاصات الأساسية، وكذلك الفحوص المخبرية والصور الشعاعية وسواها، ما يشكل المقدمات الأساسية لتشخيص الأمراض ووصف العلاج على ان يأتي دور المستشفى في المقام الثاني. ولهذه الغاية نعمل على خطة لتجهيز المستشفيات الحكومية بالتعاون مع البنك الدولي لرفع مستوى الاستشفاء وبكلفة مخفضة للتخفيف عن كاهل المواطنين لاسيما من هم في الأرياف حيث ترتفع البطالة ونسبة من هم تحت خط الفقر.

طبيب القلب الدكتور عمر حموي والعوامل

التـي تزيــــد مـن نسبــة ارتفـــاع ضغط الدم!

فما هي العوامل او المسببات لحدوث ارتفاع الضغط؟ ومن هم الأكثر عرضة للاصابة به؟ وماذا عن التشخيص والعلاج؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين الدكتور عمر حموي اذ استهل حديثه عن تعريف الضغط قائلاً:

- الأسباب التي ادت لزيادة نسبة الاصابة بارتفاع الضغط عديدة جزء منها اننا اصبحنا نعرّف عن الضغط بطريقة مختلفة، ففي الماضي كنا نقول ان الضغط المرتفع هو ما فوق 14/9 أما الآن اختلف التعريف ففي العام 2017 أصبحت الجمعية الأميركية تعرّف عن الضغط ما فوق 13/8، والجمعية الأوروبية أبقت على 14/9 في العام 2018، ولكن قالوا ان الضغط فوق 13/ 8 بحالات معينة هو أيضاً ارتفاع في الضغط ويجب معالجته، وبالتالي اختلف التعريف أولاً. وثانياً التشخيص، اذ في الماضي كان الناس يُصابون بارتفاع الضغط دون ان يعلموا بذلك ولا يتحدثون عنه لأن الضغط حالة صامتة ولا يسببب لهم العوارض، اي ربما يكون الشخص مصاباً بارتفاع الضغط منذ 5 او 10 سنوات ولكنه لا يعرف ما لم يفحص ضغطه. وبالتالي في السابق لم يكن الشخص يعرف ان ضغطه مرتفع، ولكن الآن التشخيص أصبح أسهل وأصبحت آلات قياس الضغط متوافرة اينما كان، وفي الصيدليات اصبحت الآلات الالكترونية والرقمية متوافرة وتساعد بالتشخيص السريع، وحتى أصبحت هناك آلات مثل السوارة، وحتى الهواتف الخليوية الحديثة اصبحت في بعض الحالات تساعد في تشخيص الضغط، وفي الوقت نفسه ازداد عدد الأطباء وازداد عدد الهيئات العلمية وأصبح الناس يدركون هذه الأمور. وبالتالي زادت التوعية أكثر اذ يلجأ الأشخاص الى الأطباء، ويقومون بفحص الضغط، والنتيجة اننا نقوم بتشخيص الضغط أكثر.

ويتابع:

- في الماضي كانت دراسات واحصائيات قد أجريت وبينت انه تقريباً ربع الأشخاص الذين لديهم ارتفاع الضغط يتم تشخيصهم ومعالجتهم، فيما ثلاثة أرباع الأشخاص الذين لديهم ضغط مرتفع لا يتم تشخيصهم، واذا قمنا بتشخيصهم ربما لا يُعالجون او لا يتابعون وضعهم. أما اليوم فتتحسن الأمور اذ أصبح الناس أكثر دراية عن هذه الأمور، لأن الضغط هو مرض صامت وقاتل ويلحق الأذى بالانسان، كما ان الناس في يومنا هذا يتواصلون مع بعضهم البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأصبحوا يعرفون أكثر بأن هناك أشخاصاً في سن الأربعينات والخمسينات يتعرضون للذبحة وذلك بسبب ارتفاع الضغط، وبالتالي تنتشر التوعية الصحية اكثر بين الناس بفضل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ولهذا يقصد الناس الأطباء على <صحة السلامة> من أجل التقييم والتشخيص.

ــ وما هي الأسباب التي تؤدي لارتفاع الضغط؟

- اولاً التوتر يزداد في مجتمعنا. ثانياً يقل النوم اذ هناك ترابط وثيق بين الضغط وساعات النوم وبين نوعية النوم والضغط، إذ ان السهر لساعات متأخرة وقضاء ساعات طويلة امام شاشة <الموبايل> او الكمبيوتر والآلات الالكترونية تضّر بنوعية النوم. وأيضاً الانفعالات، والسمنة اذ ان السمنة تزداد في المجتمع اللبناني والعالم، اذ كلما زادت نسبة السمنة يؤدي ذلك الى ارتفاع الضغط. كما تقل الحركة، والنشاط والرياضة فمنذ عشرين وثلاثين سنة كان الناس يتنقلون من مكان لمكان سيراً على الأقدام، وكان الناس يحبون الرياضة، اما اليوم الذين يزاولون الرياضة فهم قلة، فيما الآخرون يشتكون من زحمة السير والطرقات والتلوث، وأنه ليس هناك أماكن لمزاولة الرياضة في الهواء الطلق وليس هناك حدائق عامة، اذ هناك أشخاص يحبون مزاولة رياضة المشي ولكن ليس هناك طرقات وأماكن مخصصة لذلك، مثلاً في بيروت ليس هناك سوى الكورنيش وحديقة الصنائع، أما في أوروبا فيحظى الجميع بمتعة مزاولة المشي اذ يشجعون هناك الأندية الرياضية بكل حي كما هناك الحدائق العامة. وبالتالي هذه المشكلة تزيد من نسبة ارتفاع الضغط.

ويتابع:

- بما يتعلق بنوعية الطعام ففي الماضي كان الناس يكثرون من تناول الخضراوات والفواكهة والطعام الصحي، ويبعدون عن تناول الأطعمة المعلبة كما في يومنا هذا اذ يتناول الناس الوجبات السريعة كثيراً وهي تحتوي على نسبة عالية من الملح. وبالتالي نوعية الطعام الذي نتناوله اليوم تغيرت كثيراً عما كانت في الماضي، اذ انه طعام غير صحي، ونقلل من تناول الخضراوات والفواكهة. اذاً كل هذه العوامل ادت الى زيادة مشاكل الضغط.

ــ للأسف نجد مشاكل الضغط لدى الشباب فما السبب؟

- في الماضي اي سنة 1980 كان معدل عمر الناس عالمياً 74 سنة، وفي العام 2014 المعدل العالمي للعمر ارتفع من 74 الى 79، ومن الآن لغاية حلول العام 2050 سيصبح المعدل لعالمي للعمر 90 سنة، معنى ذلك ان البشرية تهرم وتكبر في لبنان والعالم، وهناك دول غربية تهرم أكثر ولهذا تستقبل المهاجرين واللاجئين أكثر لأن اغلبهم كبار السن. وبالتالي كلما تقدم الانسان في السن تزيد نسبة ارتفاع الضغط، اذ كل عشر سنوات تزيد نسبة الضغط من 10 الى 20 بالمئة، وبالتالي هناك عوامل عديدة تؤدي لزيادة ارتفاع الضغط.

ارتفاع الضغط مع التقدم

في السن

ــ هل يحدث الضغط على مر السنوات اي يأخذ وقتاً طويلاً لحدوثه ام لا؟

- كما ذكرت ان الضغط يرتفع مع التقدم في السن، وهو يزيد بسن مبكر يعني بدءاً من سن العشرين، وهو يبدأ قبل ذلك اي كلما يكبر الانسان ويزداد وزنه ويقل نومه كلما يزيد الضغط. بالنسبة للبالغين من سن العشرين وما فوق، ففي سن العشرين لسن الأربعين ان نسبة ارتفاع الضغط عند الرجال حوالى 33 بالمئة وعند النساء حوالى 20 بالمئة، وهنا نتحدث عن اعمار شابة اي سن العشرين والثلاثين والأربعين ولكن أغلبهم لا يعرفون ان ضغطهم مرتفع لأنهم لا يقيسون الضغط. ولكن لدى الأشخاص بعمر 60 او فوق 65 سنة فان 70 و 80 بالمئة لديهم ارتفاع الضغط، وبالتالي كلما يكبر الانسان يرتفع لديه الضغط، ويحدث تصلب في الشرايين، وتخف قدرة الكلى على اخراج الملح والماء الزائد من الجسم، كما ان التوتر وقلة النوم يزيدان من نسبة الاصابة بارتفاع الضغط. وبالتالي لا يحدث الضغط فجأة بل يتراكم ويزيد تدريجياً. ولكن هناك حالات معينة تحدث مع الانسان تسبب له ارتفاع الضغط فجأة مثلاً توتر شديد وصدمة شديدة او انه تناول أدوية معينة فضعفت الكلى. ممكن ان يخف او ممكن يزول وممكن الا يزول وبالتالي الضغط حالة بالمجمل تؤذي الجسم، وأحياناً نشخص الحالة عند المريض فنجد ان ضغطه مرتفع منذ خمس او عشر سنوات وهو لا يدرك ذلك ولا يشعر بشيء فيما ضغطه عالٍ وبالتالي الضغط ليس حالة حادة ولا يتطلب ادخال المريض الى الطوارىء، وقد لا يشعر بشيء ولكن عندما يفحص قياس ضغطه يجده مرتفعاً، ولكن لا يُنقل الى الطوارىء الا بحالات شديدة مثلاً التعرض لذبحة او جلطة او إذا كان متقدماً في السن، وعادة نقوم بتشخيص الضغط بهدوء ونعالجه بهدوء.

ــ ومن هم الأكثر عرضة للاصابة بارتفاع الضغط النساء ام الرجال؟

- مثل أغلب أمراض القلب والشرايين تبدأ الحالة أكثر شيوعاً وشدة عند الرجال من النساء، ولكن بعد انقطاع العادة الشهرية والتقدم في السن تصبح النساء عرضة للاصابة بارتفاع الضغط أكثر من الرجال. والنساء عادة يعشن أكثر من الرجال اذ يعشن حوالى خمس سنوات أكثر من الرجال.

التشخيص والعلاج!

 

ــ ماذا عن أهمية التشخيص؟

- قبل علاج الضغط يجب ان يتم تشخيصه بشكل صحيح، وان نقوم بتشخيص وجوده او عدم وجوده، وان نقوم بتشخيص حدته وكم يؤثر او لا يؤثر على الجسم، اي يجب ان يُشخص بطريقة دقيقة وليس من خلال فحص عابر، اي اذا كان الشخص متوتراً او شعر بألم في الرأس او انه لم ينم بشكل جيد الى ما هنالك وقام بفحص ضغطه بتلك اللحظة ويكون ضغطه مرتفعاً، بل يجب ان يُشخص الضغط بهدوء لأن الضغط ليس حالة مستقرة بل يتأثر بالطعام والملح والنوم والرياضة والتوتر فكل هذه الأمور تؤثر على الضغط، وبالتالي وفقاً لها نحكم إذا كان الضغط قد تخطى نسبة معينة التي نحن في الطب والهيئات العلمية قررنا ان 13/8 او 14/9 مستوى ضغط مرتفع، ولكن اذا ارتفع الضغط مرة واحدة لدى الشخص فهذا لا يعني ان لديه ارتفاع ضغط بشكل دائم.

ويتابع:

- اي يجب ان يتم تشخيص الضغط بأوقات مختلفة اي ان يكون الشخص بحالة هدوء صباحاً وبحالة هدوء مساءً على أيام عدة، وذلك قبل ان نقول ان الشخص لديه ارتفاع ضغط ام لا. وبحال اذا كان الضغط مرتفعاً يهمنا كثيراً ان نعرف ما اذا كانت لدى الشخص مشاكل التي تنتج عن ارتفاع الضغط مثل ضعف او تضخم او قصور في عضلة القلب او ضعف في الكلى او زلال في البول او تأثيرات الضغط على شرايين العيون او تصلب الشرايين في الدماغ او بأي مكان في الجسم، ولذا نحن ننظر الى الضغط واذا كان يؤثر على الأعضاء لكي نقول ان ارتفاع الضغط مؤذٍ وهو ضغط مرتفع ويجب معالجته بشكل حاسم وقوي.

الحملة الوطنية للتوعية!

ــ ما أهمية الحملة الوطنية للتوعية حول ارتفاع ضغط الدم التي اطلقتها وزارة الصحة تحت شعار <افحصوا ضغطكن ونقطة عالسطر>؟

- هذه الحملة التي تقوم بها وزارة الصحة بالتعاون مع بعض شركات الأدوية التي لديها أدوية ضغط عالمية، وتُشكر تلك الشركات على حسها الاجتماعي وخدمة المجتمع حيث تدعم هذه الحملات عبر وزارة الصحة وبشكل مباشر، ذات أهمية بالغة، وهذه الحملات مثل حملة للضغط وحملة للسكري والجلطات وحملة لأمراض القلب تكون متكررة ووزراء الصحة السابقون والوزير الحالي والطاقم الطبي في الوزارة أصبحوا مدركين لأهمية هذه الأمور. وكما هو معروف <ان درهم وقاية خير من قنطار علاج>، ففي نهاية المطاف ان أغلب المرضى اللبنانيين يتلقون العلاج على حساب وزارة الصحة او على حساب الضمان الاجتماعي، واذا انتظرنا المريض ليُصاب بالجلطة لكي نعالجه ففي هذا الحالة ربما يتطلب خمسة او سبعة أدوية أو أكثر، ويتطلب فحص الصورة والدخول الى المستشفى وعلاجات عديدة، وعندئذٍ يكون المريض قد تضرر جسمه ونفسيته أيضاً لأننا انتظرنا حدوث مشكلة كبيرة، بينما المريض الذي يقصد الطبيب على <صحة السلامة> لمعالجة الضغط او السكري فهو قد يحتاج لدواء واحد او اثنين وبذلك يحافظ على صحته، وبذلك توفر وزارة الصحة من تكاليفها وكذلك ادارة الضمان الاجتماعي تخفف عن نفسها العبء، والضرائب التي تدفع للدولة تتوجه هذه الأموال لأمور أخرى، وعندها نخفف العبء على وزارة الصحة.