تفاصيل الخبر

أولويات حكومة ”الى العمل“: حل معضلة الكهرباء ومعالجة ”واقعية“ لملف النازحين... وتطبيق الاصلاحات!

21/02/2019
أولويات حكومة ”الى العمل“: حل معضلة الكهرباء  ومعالجة ”واقعية“ لملف النازحين... وتطبيق الاصلاحات!

أولويات حكومة ”الى العمل“: حل معضلة الكهرباء ومعالجة ”واقعية“ لملف النازحين... وتطبيق الاصلاحات!

 

بقلم وليد عوض

أما وقد نالت حكومة الرئيس سعد الحريري، الثالثة منذ دخوله السرايا الكبير لأول مرة، والثانية في عهد الرئيس العماد ميشال عون، ثقة 111 نواب حضروا الجلسة الختامية لمناقشة البيان الوزاري التي امتدت على ثلاثة أيام، فإن حكومة  <الى العمل> ستوضع على المجهر لمعرفة ما إذا كانت ستتمكن من تنفيذ ما وعدت به في بيانها الوزاري الذي لم يكن مختلفاً عن بيانات مماثلة تُليت في مجلس النواب قبل سنوات، ولعل العبارة الجديدة الوحيدة التي يمكن ملاحظتها هي عبارة <مؤتمر سيدر> التي ترد للمرة الأولى في بيان وزاري والتي حلت مكان عبارة <باريس واحد و2 و3 و4> التي كانت ترد في بيانات وزارية سابقة لاسيما في حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أحيا اللبنانيون ذكرى استشهاده الرابعة عشرة قبل أيام.

قيل الكثير في مجلس النواب من الكلام الذي يتردد في جلسات الثقة أو المناقشة العامة من دون أن يكون لهذا الكلام أي انعكاسات على الثقة لأن حكومة <الى العمل> تضم ممثلين عن غالبية الكتل النيابية ما يعني ان الثقة مضمونة مهما قيل من مواقف وتعليقات وانتقادات. ويمكن للنواب الستة الذين حجبوا الثقة أن <يفاخروا> بأنهم حافظوا على الديموقراطية وأظهروا وجود نواة معارضة لن تقدم ولن تؤخر إلا من خلال صولات المعارضين وجولاتهم في وسائل الإعلام حيث الكلمة مسموعة، والتعليق له وقعه. ولولا <قفشات> الرئيس نبيه بري، والتعليقات <الطائرة> من حين الى آخر، و<صدامي> النائب نواب الموسوي من جهة والنائبين سامي الجميّل ونديم الجميّل من جهة ثانية، والنائب جميل السيد مع الرئيس الحريري قبيل التصويت على الثقة، فإن <الروتين> الذي خيم على الجلسات النيابية جعل الكثير من النواب إما خارج القاعة أو داخلها...نيامى!

في أي حال، تنفس اللبنانيون الصعداء، وصارت حكومتهم تحمل ثقة مجلس النواب وبإمكانها بالتالي أن تباشر <العمل> على أمل أن تسرع في تحقيق انجازات تعوض ما حلّ بالبلاد طوال تسعة أشهر من تراجع اقتصادي وتدهور مالي وقلق على مختلف المستويات... ولعل كل هذه العوامل دفعت بالرئيس الحريري الى القول في رده على النواب (الذي تجاهل عملياً النقاط التي أثاروها والمطالب التي رفعوها) <ان البلد <سيفرط> إذا لم نتفق في ما بيننا، وأنا أتمنى أن نستمر في هذا التوافق ونخرج البلد من المأزق>. لقد استطاع الرئيس الحريري أن يوصف الداء الذي ألمّ بلبنان خلال السنوات الماضية، وان <يزيح> عن حكومته الجديدة سلفاً أي مسؤولية لما حصل ملقياً إياها على سنوات التعطيل التي سبقت انتخاب رئيس الجمهورية، وتراجع النمو الذي كانت نسبته 8 بالمئة في العام 2010، كاشفاً انه لو لم تختلف القوى السياسية لكان بات الناتج المحلي اليوم 75 مليار دولار ولم يكن الدين بالحجم الذي هو عليه والذي يفوق الـ88 مليار دولار.

وانطلاقاً من هذا التوصيف، كيف ستواجه الحكومة الحريرية الثالثة الأوضاع الراهنة وهل هي متفقة بأعضائها على الأولويات؟

 

ملف الكهرباء: أي خيار؟

تقول مصادر مطلعة ان الملف الأكثر إلحاحاً أمام الحكومة سيكون ملف الكهرباء الذي يركز عليه الرئيس عون ويعتبر ان له الأولوية على ما عداه، ويجاريه في ذلك الرئيس الحريري الذي شدد على أولوية حل هذه الأزمة واعداً بأن تكون سنة 2019 <سنة ايجاد حل جدي للكهرباء لأنه إذا لم يحصل ذلك نكون قد فشلنا جميعاً، الحكومة والمجلس والعهد>. إلا ان المصادر نفسها ترى ان مقاربة هذا الملف على النحو الذي كان يحصل في الحكومة السابقة، ستؤدي الى النتيجة نفسها، أي مزيد من التأخير والفشل والمماحكات التي لم يعد اللبنانيون يتحملون مثلها. لكن أي مقاربة جديدة ستواجه أيضاً ضرورة اعتماد خيارات لا تتفق أركان الحكومة عليها وان كان الحل موجوداً ــ ولو بصورة عامة ــ في البيان الوزاري. من هنا فإن ثمة من يرى ان العودة الى الشركات العالمية الكبرى التي قدمت عروضاً لبناء المعامل فترة تتراوح بين 10 و12 شهراً وبأسعار أرخص من تلك التي دفعها لبنان حتى الآن، ستكون من الخطوات الواجبة في المرحلة القليلة المقبلة. إلا ان مصادر أخرى ترى ان الاتفاق على أي خيار بالنسبة الى موضوع الكهرباء سيأخذ وقتاً لأن مسألة التلزيم سوف تخضع لأخذ ورد مع عودة <نغمة> دور مديرية المناقصات وإلزامية المرور بها. وتقول مصادر متابعة لهذا الملف ان الرئيس عون مصمم على طرح موضوع الكهرباء قبل أي موضوع آخر، للوصول الى حلول سريعة لأن نجاح العهد بتحسين التيار الكهربائي بات على المحك مع دخول السنة الثالثة من الولاية الرئاسية من دون أن يتحقق أي تقدم في هذا القطاع الحيوي والمهم بالنسبة الى اللبنانيين.

 

<سيدر> واصلاحاته

أما الملف الثاني الذي سيعطى الأولوية أيضاً فهو تحقيق برنامج <سيدر> الذي رفض الرئيس الحريري اعتباره <رشوة دولية للبنان للقبول بالتوطين ولإيجاد فرص عمل للنازحين>، واصفاً مثل هذا الكلام بأنه <أوهام سياسية واقتصادية لا علاقة لها بالحقيقة، لأن <سيدر> برنامج لبناني مئة بالمئة وليس شروطاً وضعها أحد من الخارج على لبنان>.

وترى مصادر متابعة ان تطبيق برنامج <سيدر> عمل طويل الأمد ولا يمكن انجازه بسرعة لأنه يتطلب تعديلات لقوانين مرعية الاجراء، وتغييرات في نمط عمل بعض الادارات، ناهيك عن الاصلاحات التي تحتاج الى تعاون مجلس النواب مع الحكومة لانجازها وقد لا تتوافر لها كلها الاجماع المطلوب بل ستخضع لنقاشات قد تأخذ وقتاً. وتوقعت المصادر ان يواكب انطلاقة الحكومة حضور السفير <بيار دوكين> المكلف من الرئاسة الفرنسية متابعة تنفيذ قرارات <سيدر> الى بيروت للبحث في الخطوات العملية التي ستلي نيل الحكومة الثقة والاجراءات المقررة لاطلاق العملية الاصلاحية، لاسيما وان الجانب الفرنسي يريد استكشاف مدى القابلية اللبنانية للاسراع في انقاذ الاقتصاد، علماً ان هذا واحد من أسباب تمهل الجانب الفرنسي في تحديد موعد زيارة الرئيس <ايمانويل ماكرون> بعد التأخير ثمانية أشهر ونيف في تأليف الحكومة، على أن يسبق تلك الزيارة حضور وزير الخارجية الفرنسي <جان ايف لودريان> الشهر المقبل أو الشهر الذي يليه. إلا ان من واجب الحكومة، ليس فقط انتظار ما سيقرره الفرنسيون في موضوع <سيدر> لأن ثمة اجراءات ينبغي أن تتخذ لتسهيل تحقيق مندرجات <سيدر> وتوفير المناخات الملائمة وأولها الاصلاحات المنشودة.

ملف النازحين

 

ومن الملفات التي يفترض أن تُعطى أولوية أيضاً، ملف النازحين السوريين الذي يحتاج الى مقاربة توافقية نظراً لحساسيته، ولتشعب الجهات المعنية به في الداخل اللبناني والخارج. وفي حين يطرح الرئيس عون رغبة دائمة في الاسراع في معالجة ملف النازحين، ترى جهات سياسية أخرى انه لا يمكن الفصل بين مسار عودة المهجرين وعودة الاستقرار الى المناطق السورية التي يفترض أن يعود إليها هؤلاء النازحون إضافة الى ازالة المخاوف من أن يتعرض العائدون لتدابير عقابية أو انتقامية وهو ما نفاه الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه أمام رؤساء المجالس المحلية السورية يوم الأحد الماضي، حين قال: <إن العامل الأساسي الذي أبطأ عودة اللاجئين هو ان الدول المعنية بهذا الملف هي التي عرقلت عودتهم لأن في عودتهم سقوطاً للمخطط المحضر لسوريا>، داعياً كل من غادر سوريا نتيجة الارهاب العودة والمساهمة في بناء وطنه. وشدد الرئيس الأسد على ان الارهاب فرض النزوح على ملايين السوريين من مناطقهم، والدولة سعت الى التخفيف من معاناتهم، موضحاً ان بعض الدول يمنع اللاجئين من العودة الى سوريا ويساهم في مأساتهم والدولة السورية تعمل على إعادة كل نازح ومهجر ترك منزله بفعل الارهاب، لأن هذه العودة هي السبيل الوحيد لإنهاء معاناتهم. وترى مصادر متابعة ان خطاب الأسد سوف يعطي زخماً للمنادين بالعودة <الآمنة> في ضوء الضمانات المعطاة من الرئيس السوري، لأن <الأمان> لا يعني ان تكون الحرب متوقفة فحسب، بل كذلك ضمان عدم التعرض للعائدين ليشعروا فعلياً انهم في <أمان>.

 

التعيينات العسكرية

وإذا كانت ملفات الكهرباء و<سيدر> واصلاحاته، والنازحين هي من الملفات الاستراتيجية التي ستنكب حكومة <الى العمل> على معالجتها، فإن ملف التعيينات ستكون له الأولوية أيضاً، لاسيما تعيين الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء بعد تقاعد الأمين العام السابق فؤاد فليفل، ويأتي في مقدمة المرشحين لخلافته القاضي محمود مكية أو محافظ جبل لبنان القاضي مجد مكاوي بعد استبعاد الأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي. وهناك أيضاً مديريات عامة شاغرة في رئاسة الجمهورية، وفي المجلس العسكري الذي تقاعد ثلاثة من أعضائه هم الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع ورئيس الأركان العامة والعضو المتفرغ وقريباً المفتش العام، ما أدى الى شلل على مستوى المجلس الذي يتعذر انعقاده ما لم يكن الحد الأدنى للحاضرين خمسة أعضاء من أصل ستة. والشغور سوف يلحق أيضاً بالأمانة العامة للهيئة العليا للإغاثة إضافة الى رؤساء مجالس عدد من الادارات والمجلس الدستوري والمجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع وتلفزيون لبنان والهيئات الناظمة الخ...

وتقول مصادر وزارية ان ملف التعيينات لا يمكن أن يفتح دفعة واحدة بل سيتم تمرير الأكثر الحاحاً، ثم الملّح، وصولاً الى المؤسسات والادارات التي مضت سنوات وهي من دون مسؤولين اصيلين فيها بل مشغولة إما بحكم الاستمرار لادارة المرفق العام، وإما من خلال مديرين بالوكالة أو بالإنابة.