تفاصيل الخبر

أوّلان في البكالوريا الفرنسية بعلامة 20,8 على عشرين: ماري - جوزيه قزي وطارق عبد الله!  

10/07/2015
أوّلان في البكالوريا الفرنسية بعلامة 20,8 على عشرين:  ماري - جوزيه قزي وطارق عبد الله!   

أوّلان في البكالوريا الفرنسية بعلامة 20,8 على عشرين: ماري - جوزيه قزي وطارق عبد الله!  

 

بقلم عبير انطون

image5 طالبان لبنانيان، صبية وشاب رفعا اسم لبنان عالياً مع اعلان نتائج البكالوريا الفرنسية لهذا العام وقد تخطى تفوّقهما المجموع المطلوب إذ حاز كل منهما على علامة 20,8، ما شكل علامة فارقة في مسيرة هذين الطالبين وعائلتيهما ومدرستيهما. ماري - جوزيه قزّي وطارق عبد الله درسا فأبدعا وتفوقا وجعلا من مسيرتهما حلماً يراود كل طالب لبناني طموح واعد. فماري - جوزيه <لن تقنع.. بما دون النجوم> وطارق <طلب العلى> فَحلّق في سماء الطموح والوعود بإيجاد الحلول المائية لبلد كان < قصر المياه> فبات مهدرها الاول.

 مع الطالبين النجيبين كانت وقفة <الافكار> ومعها تجدد السؤال الذي حير ولا يزال الكثير من العلماء والباحثين: هل القدرات هي من أصل جيني ام مكتسب؟ هل لها أسس تتعلق بالوراثة والبيئة والمجتمع ام ان <الذكاء من عند الله>؟

الطالبان لا شك جمعا السببين معاً، فأنتجت قدراتهما تفوقاً نأمل ان يزهر في بلدنا فلا يلتحق بقافلة الأدمغة المهاجرة..

ماري - جوزيه:عملت منيح!

 

في تعريف عائلتها الصغيرة، تقول ماري - جوزيه قزّي لـ<الافكار>:

- والدي هو جراح العظم الدكتور أنطوان قزي ووالدتي طبيبة تخدير وهي الدكتورة رندا كوراني قزي. لي أخت واحدة اسمها آن- صوفي تكبرني في السن مختصة في المجال الطبي أيضاً، الغدد تحديداً. منذ نشأتي تلقيت دروسي في مدرسة <راهبات سيدة الناصرة> التي واكبتني جيداً في مختلف المراحل. لم تمتد ساعات دراستي هذه السنة لأكثر من ساعتين اثنتين في اليوم اذ كنا نعود في ساعة متأخرة من المدرسة حتى إتمامنا برنامج البكالوريا الفرنسية، إنما في العطلة التي منحت لنا للدراسة قبل موعد الامتحان بشهر واحد كثفت ساعات الدراسة الى سبع ساعات وكنت أنظّمها على مدار ساعات النهار كله.

لم تكن ماري- جوزيه تتوقع الرسوب طبعاً، فهي <عملت منيح> الا انها لم تكن تتوقع في المقابل الفوز بهذه العلامة العالية اذ تخطت علاماتها العشرين على عشرين لتصل الى 20،8 على عشرين. كيف ذلك؟ الأمر تشرحه ماري - جوزيه بأنها اختارت المواد البديلة ففازت بالمرتبة الاولى في البكالوريا الفرنسية السلسلة <اس>، المرتبة التي تتشاطرها مع طارق عبد الله الطالب في <الليسيه الفرنسي>. فقد امتُحنت ماري - جوزيه كما طارق بالمواد التي تمكّنها من اختيار مادة أو مادتين لنيل علامات إضافية تزيد من معدّلها النهائي. حاز الطالبان تقدير <جيد جداً> لأنه التقدير الاعلى الذي يناله كل طالب يحصد علامة 16 على عشرين وما فوق، ولا مكان لتقدير <ممتاز> في البكالوريا الفرنسية.

 

الفضاء.. و<النازا>

 

في مادة الرسم، اختارت ماري - جوزيه سلسلة رسومات عن الفضاء لأنها تحب هذا العالم وكل ما يتعلق به فنالت علامة 17 علن عشرين التي زادت من معدلها. حلمها يبقى الفضاء واكتشافه والوصول الى <النازا>. الهندسة الميكانيكية قد تساعدها في بلوغ هذا الحلم الكبير الذي رافقها منذ الطفولة.

وعن تلقيها خبر الفوز بالمرتبة الاولى تقول ماري - جوزيه: <كنت اقضي ليلة عند صديقتي، فاتصلوا بي من مدرستي وهنأوني على نجاحي، وللصدفة تلقيت من الجامعة الأميركية خبر منحة الدراسة لديها في منتصف حزيران/ يونيو وكنت عند الصديقة عينها أشكرها، فهي وجه السعد علي>.

لا تنوي ماري - جوزيه حمل الإرث العائلي في امتهان الطب على الرغم من ان والديها أبديا أملهما بذلك. تقول لنا بابتسامة عريضة: حاولت تلبية رغبتهما وتقدمت بامتحان الدخول الى الطب في الجامعة اليسوعية وحللت في المرتبة الثالثة الا انني لم أشعر بأنني اختار الاختصاص الذي يناسبني. فضّلت هندسة الميكانيك، وقد اخترتها لأنني شغوفة بمواد الفيزياء والرياضيات، علماً انني قد أتوجه بعدها صوب <البيو- ميديكال> وفيها جانب طبي كبير. الهندسة الميكانيكية سوف تدرسها ماري - جوزيه في الجامعة الأميركية بعد ان نالت منحة فيها وذلك بعد الإطلاع على علاماتها المدرسية وقبل نيلها المرتبة الاولى في البكالوريا الفرنسية.

بحبك يا لبنان..

طارق-عبدالله 

دراسة الهندسة في لبنان لم يكن الخيار الوحيد أمام الطالبة البارعة. فهي فكّرت بالسفر الى فرنسا والتخصص فيها الا ان منحة الجامعة أقنعتها بالبقاء قريبة من الأهل والأصدقاء والمكوث في لبنان البلد الذي تحبه كثيراً. <اعتقد ان قراري الآن هو الافضل>. وتؤكد ماري - جوزيه ان لأهلها فضلاً كبيراً في براعتها وتفوقها: <الجو كله مهيئ لنهل العلم والمعرفة>. عند سؤالنا لها عن الدور الاهم ما بين المدرسة والبيت أجابتنا بثقة: الاثنان يكملان بعضهما البعض. دور الاهل مهم جداً ولطالما أمّنا لي كل ما أحتاجه حتى أبرع والمدرسة واكبتني ببرامجها وأساتذتها منذ صغري في مختلف مراحل التعليم وذلك منذ المرحلة الابتدائية.

وبين مختلف المراحل التعليمية اعتبرت ماري - جوزيه صف البكالوريا في قسمها الثاني الأصعب، ليس لناحية الدروس فيه بل لأن في هذه السنة تكثر طلبات التقديم وامتحانات القبول الى مختلف الجامعات في لبنان والخارج. وحتى اليوم لم تتلقَ اتصال تهنئة من اي جانب لبناني أو فرنسي الا انها موعودة بذلك.

لم تقلق ماري - جوزيه من الامتحانات يوماً: <مبدئي ان أقدّم أفضل ما لدي>. وثقتها بقدرتها تراكمت مع التقدم بالعمر والنضج. وهي الى الدراسة تتمتع بمواهب عديدة في السباحة وعزف البيانو و<الترومبيت> (البوق) وتساهم في برنامج <ام يو ان> مع الجامعة اللبنانية - الأميركية لإدارة النقاشات حول مواضيع عديدة مطروحة. وللإشارة، فإن ماري - جوزيه حائزة  حزاماً أسود في رياضة <التيكواندو> ايضاً.

حول أهمية الرياضة والموسيقى، تشرح ماري - جوزيه: لا يمكننا ان نبقى في جو الدرس المتواصل وهذان المجالان يريحاننا نفسياً وجسدياً، لذلك هما المتنفس الأكبر في ساعات الضغط والجد.

لم تتقدم ماري - جوزيه الى امتحانات البكالوريا اللبنانية بعد نجاحها في البكالوريا الفرنسية، وبين البرنامجين اختلاف كبير تشرحه لـ<الافكار>: في البرنامج اللبناني النظريات كثيرة وهذا يزيد الصعوبة في الأمر الذي يختلف في البرنامج الفرنسي حيث التطبيقات والتمرينات المختلفة وبينها في المختبر تحتل الحيّز الأكبر، ولا ننسى مواد الرياضة والرسم وهي مهمة للتلميذ. ومن مدرستها تتقدم ماري - جوزيه بالشكر الى جميع الأساتذة في مختلف السنوات السابقة وبشكل خاص أستاذ مادة البيولوجيا جورج سليم لهذه السنة المثمرة.

 

نجمة.. النتائج

 

شعرت ماري - جوزيه بنوع من <الفيديتاريا> أو النجومية هذا الأسبوع مع اتصالات وسائل الإعلام المختلفة بها والأسئلة التي وجهت اليها. تقول لـ<الافكار> انه بموازاة حلمها بالنجاح مهنياً، فإنها تحلم ايضاً بتأسيس عائلة وبأن ترزق بالأولاد. ليس شرطاً ان يتفوّقوا بل ان يبرعوا في اي مجال يحبونه حتى ولو لم يكن ذلك في مجال علمي أو ادبي، المهم ان يتميزوا بشيء. فماري - جوزيه مثلاً معجبة بأختها ليس لأنها طبيبة شاطرة بل لأنها بارعة في الغناء بشكل يقارب الاحتراف.

لماري - جوزيه مثال أعلى في الحياة هو الفيزيائي <ستيفن هوكينغ>. هذا العالِم المشلول القابع على كرسي متحرك والذي برع في المجالات الفيزيائية العديدة دون ان يعيقه أي حاجز. واذا كان لها من نصيحة توجهها لأبناء وبنات جيلها، فإنها تدعوهم الى وضع هدف ما نصب عينيهم والعمل على تحقيقه من دون ان يكون هذا الهدف مقروناً بحصد المراتب الاولى إنما بتحقيق ما يرغبون بإتمامه بنجاح وقناعة حتى يحققوا ذاتهم.

طارق عبد الله..الثقة بالنفس

 

بين ماري - جوزيه وطارق عبد الله العلامات عينها والتقدير عينه، الا ان اسمه برز كأول في البكالوريا قبلها، الأمر الذي لم يزعج ماري - جوزيه اطلاقاً: <بالتأكيد يستحقها وبرافو عليه>. لا معرفة بين الطالبين النجيبين ولا اتصالات تهنئة تبادلاها.

 طارق عبد الله من جهته ينتمي الى عائلة تضع العلم والمعرفة في المقام الأول. تلميذ <الليسيه الفرنسية الكبرى> هو ابن أستاذ مادة الرياضيات في الجامعة اللبنانية ماهر عبد الله ووالدته ربى أستاذة في المدرسة عينها. وصل في معدل ساعات الدراسة اليومية ما قبل الامتحان إلى 15 ساعة، فاستحق طارق علامات عالية وتمكّن في خمس من مواد الامتحان من <تسكير السكور> وحصل على 20/20، أما علامته الأدنى فكانت في الرياضة وبلغت 20/16.

لطارق سجل مشرف علمياً. فهو حصل على <ديبلوم شرف> من منظمة الاونيسكو في باريس كسفير لمدرسته عندما كان في الصف الثانوي الأول وفاز في <اولمبياد الرياضيات> في السفارة الفرنسية في بيروت في الصف الثانوي الثاني حاصداً المرتبة الثالثة.

image6

 على الكمان ايضاً..

 

 نجاح طارق الباهر لم يكن مفاجئاً له الا ان ما فاجأه كانت العلامات التي نالها وفاقت معدل العشرين بفاصل ثمانية. هو شاب منفتح ومثقف، ينصح الشباب بعدم التلهي بالقشور وجلسات <النراجيل> دون فائدة في المقاهي، بل العمل بجد للمستقبل. والدته تعرفه لامعاً منذ صغره وهو في صف <البروفيه>، لما حلّ خامساً على صعيد لبنان كله لم يكن سعيداً بالنتيجة لأنه يرفع شعار <لا أحب ان اخسر>! الشعار هذا لا يقتصر على الدراسة وحسب بل ينسحب على كل المجالات التي يدخلها. وفي هذا السياق لمع طارق رياضياً في لعبة <الهاندبول> أو كرة اليد التي تدرب عليها في فرنسا، وهو حصل مؤخراً على <ديبلوم> من <الكونسرفاتوار> (المعهد العالي للموسيقى ) اذ انه عازف ماهر على آلة الكمان.

 

العربي في <السوربون>..

يتميّز طارق بالجلد الكبير على الدرس والمتابعة وكان يركز ملياً على شرح الاساتذة في الصف. يقول في هذا الصدد: بحسب المواد تكون الدراسة والنصيحة: الرياضيات تتطلب التمارين والحل، البيولوجيا فهم المفاهيم وحفظها، الفيزياء متابعة فصولها والتعمق بها جيداً. اما الفلسفة فالاطلاع على نظرياتها المختلفة مفروض، ومن الضروري اتقان اللغات. وبين هذه اللغات يتقن طارق لغته الأم العربية وهو توجه الى تكريم جديد له في جامعة <السوربون> حول مسابقة في اللغة العربية حيث سيحصد جائزة من ثلاث جوائز ستوزع في إحدى أعرق الدور الجامعية الفرنسية في العالم.

تحدي النفس وليس الآخرين يبقى هدف طارق الاول: تحدي الطالب لنفسه ولقدراته،  فليست المراتب ولا التقديرات هي المقصد الأول إنما إنجاز ما يمكننا ان نبرع به لأننا نحبه. أما ما يحبه طارق فهو التخصص في مجال <الطاقة المائية> لعله يجد حلولاً للماء المهدورة في جبالنا وعلى طرقاتنا اللبنانية من دون اية فائدة فيهندس السدود ويبنيها وإن حالفه الحظ وحظي بوزارة الطاقة والمياه التي يأمل توليها، فإنه حتماً يعد اللبنانيين بإنجازات كبيرة بدأت بشائرها منذ الآن.