تفاصيل الخبر

أول ولادة ناجحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أُجريت في مستشفى ومركز "بلفو الطبي" بعد عملية زرع رحم ضمن برنامج بحث علمي

21/10/2020
أول ولادة ناجحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أُجريت في مستشفى ومركز "بلفو الطبي" بعد عملية زرع رحم ضمن برنامج بحث علمي

أول ولادة ناجحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أُجريت في مستشفى ومركز "بلفو الطبي" بعد عملية زرع رحم ضمن برنامج بحث علمي

بقلم وردية بطرس

 

الاختصاصي في الأمراض والجراحة النسائية والتوليد والعقم الدكتور عبدو واكد: هذا انجاز لكل لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد

[caption id="attachment_82131" align="alignleft" width="372"] ولادة الطفل تكون ناجحة بعد اكتمال عملية زرع الرحم .[/caption]

انجاز طبي جديد للبنان كبارقة أمل وسط الأزمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان، ولأن الولادة هي رمز للحياة والتجدد، اختار مستشفى ومركز بلفو الطبي أن يعلن عن أول ولادة ناجحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بعد عملية زرع رحم ضمن برنامج بحث علمي.

 مولودة أبصرت النور منذ ثمانية أشهر تبتسم للحياة وتحقق حلم والديها بالانجاب. في البدء أُجريت عملية زرع رحم في مستشفى ومركز بلفو الطبي منذ سنتين وكانت الأولى من نوعها في لبنان والشرق الأوسط، لسيدة تبلغ من العمر 28 عاماً تبرعت لها والدتها البالغة من العمر 50 عاماً برحمها. بعد أحد عشر شهراً من خضوعها للعملية تم نقل الأجنة بنجاح في المحاولة الأولى وتأكد الحمل بعد بضعة أيام. في 13 كانون الثاني (يناير) 2020 خلال الأسبوع الخامس والثلاثين من الحمل، ولدت طفلة جراء عملية قيصرية تزن 2.6 كيلوغرامات بصحة جيدة، لتكون فرحة الأهل كما الفريق الطبي والاستشفائي عارمة. أما التواصل فبقي قائماً منذ الولادة بين مستشفى ومركز بلفو الطبي والأهل لمتابعة نمو الطفلة مع العلم أن الأم تستعد حالياً لعملية نقل أجنّة ثانية، نأمل أن تتكلل أيضاً بالنجاح.

تجدر الاشارة الى أن مستشفى ومركز بلفو الطبي كان قد وقّع في العام 2016 اتفاقية مع جامعة (جوثنبرج) في السويد ليصبح من الأوائل عالمياً لاجراء اختبار زرع رحم في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وتركيا. وأتت هذه العملية ضمن برنامج بحث علمي يجريه فريق طبي لبناني من الاختصاصيين في عمليات الزرع والجراحة النسائية في المستشفى يقوده البروفيسور جوزف عبود بالتعاون مع فريق طبي سويدي متخصص يقوده البروفيسور (ماتس برانستورم) والطبيبة اللبنانية الأصل الدكتورة رندة عاقوري.

وتحدث الرئيس والمدير التنفيذي لمستشفى ومركز بلفو الطبي الأستاذ نايف معلوف قائلاً:

- نحن فخورون جداً بأن يصبح مستشفى ومركز بلفو الطبي عنواناً للأمل للبنان ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ومسرورون بنجاح عملية زرع الرحم الأولى التي أجريت في لبنان والتي أثمرت ولادة ناجحة للطفل الأول، ما يضع بلدنا بين الدول العشر في العالم التي تعيد الأمل للكثير من النساء غير القادرات على الحمل. ونأمل أن نساهم من خلال هذا الانجاز الطبي في بلسمة جراح الوطن واللبنانيين ليتصدر هذا البلد مجدداً عناوين الأخبار العالمية بانجازاته التي تواكب أحدث الابتكارات الطبية، وكلنا أمل بأن يولد لبنان ولادة جديدة تعد بغد أفضل.

الدكتور واكد وعملية زرع الرحم

 فما أهمية نجاح هذه العملية في هذا الوقت العصيب الذي يمر به لبنان ليعيد اليه الأمل؟ وهل تمت العملية والولادة بدون اي مشاكل؟

(الأفكار) تحدثت الى الاختصاصي في الأمراض والجراحة النسائية والتوليد والعقم الدكتور عبدو واكد الذي شارك باجراء العملية في مستشفى بلفو ونسأله:

* ما أهمية اجراء عملية زرع الرحم التي أجريت في مستشفى ومركز بلفو الطبي والتي تكللت بالنجاح بولادة الطفلة ؟

[caption id="attachment_82129" align="alignleft" width="444"] الدكتور عبدو واكد أول شرط لزرع الرحم أن تكون المرأة متزوجة والثاني أن تكون البويضات بوضع جيد جداً.[/caption]

- ان تطور العلم يحدث في كل البلدان ومنها تطور زراعة عضو من أعضاء جسم الانسان، ولكن اجراء عملية زرع الرحم تأخر قليلاً لأنه لم يُسمح بإجرائها في دول العالم. الفكرة قديمة اذ تعود الى أوائل سنة 2000، حتى إنها بدأت من سنة 1998، وقاموا بتطوير هذه الفكرة، وأول من عمل بها هو الفريق السويدي الذي أتى الى لبنان وتعاونا سوياً لاجراء العمليتين في مستشفى ومركز بلفو الطبي. اذاً بدأت الفكرة مع الفريق السويدي وضمن الفريق السويدي لا ننسى الدكتورة رندة عاقوري وهي لبنانية الأصل التي لها الفضل الأساسي بما أنجزناه الآن. لقد طوّر الفريق السويدي هذه الفكرة كثيراً اذ قاموا بالاختبار على الحيوانات ونجح الاختبار على النعجة فحملت أنذاك النعجة. ولكن لم تسمح الدولة السويدية ان تُجرى هذه العملية للانسان. بالنسبة للدكتورة رندة عاقوري فعملت مع الطبيب السويدي الدكتور (ماتس برانستورم) وأعلما الدولة السويدية أنذاك هل سينتظرون لحين ان يسبقهم الآخرون في دول العالم باجراء عملية زرع الرحم، بينما الفكرة انطلقت من عندهم في السويد منذ عشرين سنة وعندها قبلت الدولة السويدية وسمحت باجراء هذه العملية لـ 10 نساء ليس كتجارب ولكن سُمح لهم باجرائها لـ 10 نساء فأجروها لـ 9، 7 منهن حملن وأنجبن الأولاد.

ويتابع:

 - كان هناك الكثير من الفرق الطبية التي تعمل لاجراء هذه العملية ولكن لم تنجح، اذ إن طريقة عمل الفريق السويدي كانت الأنجح وعندها فكروا بأن يقوموا بهذه العملية في بلدان عدة، وعندما زارت الدكتورة رندة عاقوري لبنان فكرت باجرائها في لبنان، وطبعاً لا ننكر فضلها في هذا الخصوص، وخلال زيارتها للبنان زارت مستشفيات عدة، ومستشفى بلفو كان من بين الأفضل لاجراء هذه العملية، مع العلم ان هناك مستشفيات أخرى ولكنها لم تجرِ هذه العملية لأسباب دينية. ووجد الفريق السويدي ان مستشفى بلفو مؤهل كثيراً لاجراء هذه العملية وبالفعل وقعّ العقد مع ادارة المستشفى وعلى رأسها الدكتور معلوف حيث تهتم الادارة بالتطور والانفتاح، اذ إن المستشفى بالأساس بُني على أسس جديدة وحديثة لمواكبة التطور العلمي. وهكذا انطلقت فكرة اجراء عملية زرع الرحم في مستشفى بلفو اذ زارنا الفريق السويدي المؤلف من الدكتورة رندا عاقوري وجرّاح الشرايين. والفريق الطبي الذي عمل لانجاح هذه العملية يتألف من أكثر من 50 شخصاً من الأطباء والجراحين والمساعدين والموظفين وغيرهم وطبعاً تم كل شيء بالتنسيق مع الفريق السويدي. وأجرينا العمليتين والحمد لله نجحتا، وبالتالي تمت أول عملية انجاب بعد عملية زرع الرحم بنجاح.

الحالات التي تستوجب إجراء عملية زرع الرحم

* بأي الحالات يستوجب اجراء عملية زرع الرحم للمرأة؟

- بالنسبة للحالات التي يجب ان يُزرع الرحم: أولاً عندما تُولد الفتاة بدون رحم وهذا الأمر يصيب 1 من أصل 5000 فتاة حيث تولد بدون رحم. ثانياً: اذا كان الرحم لا يصلح للحمل مثل التلّيف أو مشاكل لا يتحمّل الحمل، او كل سيدة اضطرت ان تستأصل الرحم لسبب معين سواء بسبب النزيف خلال الولادة او الاصابة بمرض السرطان. تجدر الاشارة الى ان الفكرة بالأساس انطلقت بسبب السرطان اذ بعدما تم استئصال رحم سيدة اثر اصابتها بالسرطان قالت أنذاك للدكتور (ماتس): ماذا ستفعل اذ لا تقدر ان تنجب الأطفال، واذا كان الطب يتطور فكيف لا يستطيعون ان يزرعوا الرحم. من هنا انطلقت الفكرة حيث تحدث الدكتور ماتس مع الدكتورة رندة عاقوري من ثم طورّا الفكرة.

* وهل من شروط معينة لزرع الرحم؟

- أولاً اذا لم يكن لدى المرأة رحم ولا بد من اخضاعها لعملية زرع الرحم فناك شروط لكي تتم الأمور : أول شرط ان تكون المرأة متزوجة. ثانياً ان تكون البويضات بحالة جيدة جداً. لهذا نخضع المرأة لأول فحص للتأكد من صحتها وأيضاً من حالة البويضات. وبعد هذه الخطوة نرى اذا كان وضع الشرايين جيداً وممكن ان تتقبل الرحم، أو عما اذا لدى المرأة مشاكل صحية مثلاً السكري او أنها تدخن كثيراً، ثم نبحث عن السيدة الواهبة التي ستتبرع بالرحم لها لكي نرى الأنسجة الملائمة بينهما اي كما نفعل عندما نقوم بزرع الكلى من شخص لآخر بعدما يتم التأكد من كل شيء لكي لا يرفضه الجسم. كما نرى السيدة الواهبة وعما اذا كانت شرايين الرحم بوضع جيد.

لا يُزرع الرحم في الحالات التالية

* وهل هناك حالات لا يستوجب اجراء عملية زرع الرحم؟ وما هي؟

[caption id="attachment_82130" align="alignleft" width="349"] مستشفى ومركز بلفو الطبي.[/caption] - بالنسبة للحالات التي لا يُزرع فيها الرحم لدى المرأة هي عندما يكون لديها أولاد اذ لا حاجة لمثل هذه العملية، لأن عملية زرع الرحم هي عملية صعبة، وصعوبتها ليس فقط بالعملية بل ما قبل وبعد العملية، لأنه عندما يُزرع للشخص مثلاً الكلى عليه ان يأخذ الأدوية على مدى الحياة لكي تخفف له المناعة لكي لا يرفض جسمه الكلى، ولكن اذا لم تُزرع له الكلى فعليه ان يظل يغسل الكلى طوال حياته واما ستكون حياته خطرة. صحيح ان عملية زرع الرحم لها أهمية مثل الكلى، ولكن ليست مهمة للغاية أي لن تموت المريضة اذا لم يُزرع لها الرحم. اذاً لا نقوم بعملية زرع الرحم للمرأة غير المتزوجة أو لديها بالأساس أولاد، لأنه عندما نزرع لها الرحم فبعد العلاج تقريباً من ثمانية أشهر لغاية سنة نضع لها الأجنة، وننتظر ثمانية أشهر الى سنة لكي نعيد اليها الأجنة. تجدر الاشارة الى أنه مسموح انجاب طفل مرة او مرتين بعد عملية زرع الرحم، اذ لغاية اليوم لم تُجرَ ثلاث مرات في العالم، ولكن من المفروض بعد القيام بذلك مرتين أن نأخذ الرحم لكي نوفر على جسمها أن تأخذ هذه الأدوية على مدى الحياة، لأنه طالما الرحم في جسمها عليها ان تأخذ الأدوية.  

* وهل تمت عملية زرع الرحم ومرحلة الحمل والانجاب بشكل جيد دون اي مشاكل؟

- تم كل شيء بشكل صحيح ولكن ليس طبيعياً، أي كل شيء تم كما نقوم بعملية طفل الانبوب، يعني قبل ان ننقل اليها الرحم نتأكد بأن حالة البويضات جيدة، اذ نقوم بتحفيز البويضات لكي تمنحنا بويضات عدة ثم نسحب البويضات ونلقحها مع بذرة الزوج فيصبح لدينا أجنة وطبعاً نتأكد اذا كانت الأجنة بوضع جيد من ثم نقوم بتجميدها، عندما يكون لدينا أجنة عندها نزرع لها الرحم.

* وكيف تابعتم وضع المرأة لحين الانجاب؟

- نحن بالطب نعتبر كل حمل هو ضغط على المرأة، ولكن عندما يتم الحمل بعد معاناة تكون الفرحة كبيرة جداً، انما الخوف ألا يستمر الحمل. أصلاً المرأة عندما تحمل بسرعة وبشكل طبيعي وبدون مشاكل تكون خائفة خصوصاً اذا كان مولودها الأول، وبالتالي تكون لديها هواجس لحين وقت الانجاب. وطبعاً فرح الحمل لا يُوصف ولكن تبقى الهواجس عما اذا سيُولد الطفل واذا سيكون بصحة جيدة. مع العلم أننا قبل ان نجري العملية نطلب باصرار ان يكون هناك معالج نفسي يواكب واهبة الرحم والمتلقية لزرع الرحم. لا شك ان المرأة تفرح عندما يصبح لديها الرحم وعندما ترى الدورة الشهرية كباقي النساء، وطبعاً تظل خائفة الى ان ُيولد الطفل وبالأساس تكون ولادة قيصرية. وأجريت عملية الانجاب بشكل عادي والطفلة بصحة جيدة.

 

إنجاز للبنان في ظل الظروف القاهرة في البلد

* ما أهمية هذا الانجاز الطبي في ظل الظروف الصعبة في البلد؟ وهل بذلك يستعيد الناس الأمل بأن لبنان سبّاق في المجال الطبي؟

- أشبّه الوضع وكأن وردة تزهر بين العليق او بين اليباس، اعتبر هذا الانجاز الطبي في مستشفى بلفو هو انجاز للبنان اذ هذا الخبر يمنحنا الأمل بهذا البلد. لبنان يحتاج لراحة بال لكي يستعيد الناس حياتهم لتحقيق الانجازات، ولا أريد ان أتحدث بالسياسة ولكن اذا رحل المسؤولون الذين عاثوا فساداً سيعود لبنان بسرعة الى سابق عهده. ولا نقدر الا ان نتكل على بعضنا البعض في هذه الظروف الصعبة. وهذا الانجاز يُسجل للبنان ونأمل ان يعيد الاهتمام بهذا البلد. للأسف لأنه في ظل الظروف القاسية التي يمر بها لبنان قد لا يُسلط الضوء على هذا الانجاز. يبقى أن نقول بالرغم من كل شيء وفي ظل جائحة الكورونا ان وضعنا أفضل من غيرنا الحمد لله اذ إن نسبة الوفيات بالكورونا  أقل من دول الجوار.

ويختم قائلاً:

- أود ان أشكر مجلة (الأفكار) لالقاء الضوء على هذا الانجاز لأنه بذلك تنشر الأمل ليظل اللبنانيون متمسكين ببلدهم. ثانياً أود ان أشكر الفريق كله المؤلف من 50 شخصاً اذ كل واحد منهم له أهميته ودوره مثل حلقة متكاملة لهذا تمت الأمور بشكل جيد. وبدوره قدّم المستشفى كل ما يلزم لنجاح العملية. طبعاً تكون النتائج أفضل عندما نتعاون كفريق عمل واحد.