تفاصيل الخبر

أول ولادة مــــن رحــــم مــــــــــزروع فــــــي الـسويـــــــد بـبـصـمــــــة نـسـائـيــــــة لـبـنـانـيــــــــة

18/06/2015
أول ولادة مــــن رحــــم مــــــــــزروع فــــــي  الـسويـــــــد بـبـصـمــــــة نـسـائـيــــــة لـبـنـانـيــــــــة

أول ولادة مــــن رحــــم مــــــــــزروع فــــــي الـسويـــــــد بـبـصـمــــــة نـسـائـيــــــة لـبـنـانـيــــــــة

 

بقلم وردية بطرس

Untitledرزقت امرأة سويدية تبلغ من العمر 32 عاماً بمولود بعد ان خضعت لعملية زرع للرحم، هي الأولى من نوعها في العالم. ولقد ذكرت مجلة <ذي لانسيت> البريطانية التي أوردت الخبر ان هذه المرأة التي ولدت من دون رحم وضعت مولودها في ايلول (سبتمبر) الماضي. وهذا الانجاز الطبي الذي تحقق في السويد عبر اول ولادة من رحم مزروع قد ارتكز على أبحاث الطبيبة اللبنانية والباحثة رندا عاقوري وفريق عملها. لقد نشرت الدوريات الطبية العالمية ووسائل الاعلام العربية والدولية على اختلافها خبر اول ولادة ناجحة لطفل من رحم مزروع لامرأة سويدية، وشكلت هذه الولادة انجازاً علمياً هائلاً لا بل معجزة عبر نقل الرحم من امرأة الى أخرى، وبالتالي هذا الانجاز ارتكز على أبحاث للدكتورة اللبنانية الباحثة رندا عاقوري التي انكبت مع فريق العمل على مدى عشرة أعوام على إعداد أبحاث واختبارات مكثفة ومرهقة لتحقيق هذا الحلم.

ولقد دخلت الدكتورة رندا عاقوري التاريخ الطبي من الباب الواسع عبر انجاز طبي سجل في السويد وسمعت أصداؤه حول العالم بعدما استطاعت منح الأمومة لامرأة سويدية بلا رحم تبلغ من العمر 32 عاماً اثر خضوعها لعملية <زرع رحم> هي الأولى من نوعها في العالم في ايلول (سبتمبر) 2014. انه اختراق كبير في مجال مكافحة العقم لدى النساء سجلته الطبيبة اللبنانية ومعها فريق كبير من الأطباء والباحثين في جامعة <غوتنبرغ> السويدية بعد سنوات من الأبحاث، والدكتورة رندا التي تعيش في السويد منذ 35 عاماً قالت خلال زيارتها لبنان انها قررت بالتعاون مع المستشفى والجامعة التي تعمل لديها ان تعمل على تأسيس أول مركز لزرع الأرحام في بيروت.

وهكذا تتوالى الانجازات اللبنانية في بلاد الاغتراب في الميادين كافة، فهذا الانجاز الذي تحقق اثار اهتمام العالم وبذلك شكلت هذه الولادة خرقاً علمياً هائلاً، نجاح تجربة نقل بيت الرحم من امرأة الى أخرى.

رحم من متبرعة متوفاة

تجدر الاشارة الى ان صحيفة <ديلي ميل> البريطانية كانت قد أفادت في العام 2011 ان فريقاً من مستشفى <هامر سميث> في لندن كان يعمل على عملية زرع الرحم وقد حقق ذلك بنجاح في الأرانب. وقد أوعز كل من الباحثين البريطانيين والسويديين السبب الى صعوبة توفير الدم من المريض للعضو المزروع.

ويقول الباحثون انه قد يستوجب ازالة الأرحام المزروعة بعد حمل واحد او اثنين، حيث ان كميات الأدوية المثبطة للمناعة والتي يجب ان يأخذها المريض من اجل تجنب رفض الرحم الجديد يمكن ان يكون لها اثر مدمر للغاية. وقد يحتاج المرضى لاستخدام التلقيح الاصطناعي، وفي حال حدوث الحمل ستتم الولادة عبر عملية قيصرية. ثم كانت هناك مسألة الحصول على الرحم بحسب صحيفة <ديلي ميل> البريطانية، ويعتقد الأطباء ان عضواً متبرعاً حياً (مثل اخت او ام المريضة) سيكون خياراً قابلاً للتطبيق، والبعض الآخر يقول ان السبيل الوحيد للحصول على رحم من الأوعية الدموية الكافية لإنجاح الحمل سيكون عبر الحصول على رحم من متبرعة متوفاة.

وبالعودة الى الانجاز الذي تحقق في السويد وكان للباحثة الدكتورة اللبنانية رندا عاقوري مساهمة كبيرة، ولقد بدأت دراستها وعلومها منذ صغرها في السويد التي انتقلت اليها في الثمانينات ونالت دراساتها وعلومها لفترة لا تقل عن 35 سنة وتخصصت في علوم المختبر والأبحاث الطبية ثم تخصصت في العلوم الانسانية ولاحقاً في الطب النسائي في مدينة <غوتنبرغ> السويدية، كما نالت أيضاً شهادة في الجراحة التنظيرية النسائية (الجراحة بالمنظار). وهكذا بدأت رحلة زراعة الرحم. والسويد كافأت الباحثة الدكتورة رندا عاقوري على جهودها الطبية والبحثية المضنية وفتحت دربها وشقت طريقها نحو الابداع من خلال أستاذها الدكتور <ماتس برانشتروم> الذي كان في زيارة عمل لاستراليا حيث صودف ان استأصل رحم فتاة هناك. وكانت بداية هذا الانجاز الطبي عندما سألته هذه الفتاة عن امكان زراعة رحم لها قياساً على ما يشهده الطب من زراعة متقدمة للعديد من الأعضاء.

وبعد عودته الى السويد، حمل الدكتور <برانشتروم> السؤال المعضلة الى الباحثة رندا عاقوري وكان ذلك في العام 1999 ونال موافقتها وبدأت مسيرة الخلق والابداع والأبحاث المضنية التي أفضت عام 2014 الى تحقيق ما كان مستحيلاً في السابق... زراعة رحم وولادة طفل لعائلة حُرمت من هذه النعمة.

والدكتورة رندا عاقوري عملت ليلاً ونهاراً، فأنجزت ما أنجزته وأوكلت اليها مهمة الأبحاث الأولية التي جرت بطريقة دقيقة لتحافظ على حياة الواهبة والمتلقية وأيضاً الجنين الأول الذي أبصر النور لسيدة تبلغ من العمر 32 عاماً. وعندما عرضت الفكرة على الدكتورة رندا عاقوري لم يكن هناك اي شخص في العالم قد أجرى بحثاً حول هذا الموضوع الا ان التجارب كانت في الستينات والسبعينات على الحيوانات ولم تصل الى اي نتيجة ثابتة، ولم تستكمل أبداً حينئذٍ على الانسان، ولم تنجح المحاولات منذ ذاك وتوقفت الى ان استؤنفت مع الدكتورة رندا حيث بدأت التجارب على الفئران، وتم نقل رحم من فأرة الى أخرى وأجريت عملية تلقيح اصطناعية، وحملت الفأرة، ومن ثم انتقلت التجربة الى الجرذان، فتم الحصول على النتيجة عينها، ومن بعدها كانت التجارب على نعجة تبعتها تجارب على القردة. وبعد نجاح سلسلة التجارب، سمحت ودعمت الحكومة السويدية اجراء تجارب على البشر.

وتقديراً لمساهمتها في الانجاز الطبي العالمي الجديد الذي سجل في السويد، كرم لبنان الدكتورة رندا عاقوري لجهودها العالية للوصول الى نتائج باهرة في عملية زرع الأرحام. والتكريم نُظم داخل السفارة اللبنانية في <ستوكهولم> بعد مذكرة من مديرية الشؤون الاغترابية في الخارجية اللبنانية.

والتقينا الدكتورة رندا عاقوري خلال زيارتها لبنان للمشاركة في مؤتمر الاغتراب اللبناني الذي اقامته وزارة الخارجية والمغتربين. فكانت فرصة جيدة للتحدث الى المرأة التي رفعت اسم لبنان عالياً في السويد والعالم، ونسألها اولاً:

ــ مم يتألف الرحم وما هو حجمه الطبيعي؟

- الرحم هو المهد الذي ينشأ فيه الجنين حيث يمده بالغذاء والأوكسجين طوال فترة الحمل، وهو أيضاً المسؤول عن عملية الولادة والوضع، والرحم عضو مجوف ذو جدار عضلي سميك يقع في أسفل منطقة البطن عند المرأة بين المستقيم والمثانة، وفي حالة عدم وجود حمل يكون الرحم ايضاً مصدر الدورة الشهرية. ويختلف حجم الرحم الطبيعي مع اختلاف المرحلة السنية او العمر وأيضاً في حالة حدوث حمل يزيد متوسط الحجم الطبيعي بعد الحمل. وأبعاد الرحم الطبيعية للمرأة البالغة هي حوالى 8 سم في الطول، 5 سم في العرض و 2.5 سم في السماكة، ويبلغ وزن الرحم الطبيعي حوالى 180 غراماً، ويتمدد الرحم خلال فترة الحمل، ويتضاعف 22 مرة من 50 غراماً قبل الحمل حتى 1100 غرام عند الولادة ليتسع للجنين الذي ينمو داخله، وبعد انقطاع الطمث (العادة الشهرية) يصغر حجم الرحم ويعود لحجم ما قبل العادة الشهرية.

وتتابع الدكتورة رندا عاقوري:

- يتكون الرحم من الأجزاء الآتية: جدار عضلي: ومنه يتكون أغلب الرحم (الخلايا العضلية تسمى ألياف عضلية).

بطانة الرحم: وهي غشاء ناعم وطري ومسؤول عن استقبال الجنين، وبطانة الرحم تمنع الالتصاقات بين الجدار الداخلي للرحم وبالتالي يظل مجوفاً.

غشاء خارجي: وهو غشاء رفيع يغطي الجدار العضلي للرحم من الخارج.

وعن الرحم والمبيض تشرح الدكتورة عاقوري:

- في كل شهر، يطلق أحد المبايض بويضة واحدة أو أكثر في اليوم الرابع عشر من العادة الشهرية وتصل الى قناة <فالوب> وتنتظر الاخصاب. وفي الوقت نفسه، تنمو بطانة الرحم من حيث السُمك وكثافة الأوعية الدموية والغدد تحت تأثير هرمونات الأنوثة لتكون غشاء سميكاً بحيث يشكل غشاء سميكاً وطرياً وهو المناخ الأمثل لاستقبال زرع الجنين اذا كانت  عملية الاخصاب قد حدثت مسبقاً.

وتتابع الدكتورة عاقوري:

- تنتقل البويضة من المبيض الى الرحم عن طريق قناة <فالوب> (الأنابيب) وعندما يجدها الرحم غير ملقحة ينسلخ ويسقط هذا الغشاء السميك الذي تهيأ للحمل والذي لا لزوم له الآن محدثاً الدورة الشهرية والتي تخرج على شكل دم ينزل عن طريق المهبل. وتحدث العادة الشهرية عادة كل 28 يوماً، ولكن هذا الرقم ليس ثابتاً على الدوام، فمن الممكن ان يقل الى 24 أو يزيد الى 34 يوماً. اما مدة العادة الشهرية الطبيعية فهي من يوم واحد الى ثمانية أيام. وتبدأ العادة الشهرية عادة في سن الثانية عشرة وتنتهي ما بين سن 45 ــ 55 عاماً بمتوسط حوالى 51 سنة. وايضاً ان كل مبيض يحتوي على نحو 300,000 بصيلة، لا ينضج منا سوى نحو 200 على مدى فترة خصوبة المرأة وكما ذكر فلكل مبيض وظيفتان هما: انتاج البويضة اللازمة للحمل وذلك كل 28 يوماً تقريباً ويتم انتاج البويضة بالتناوب عادة بين المبيضين وافراز الهرمونات اللازمة للسيدة من أجل وظائف الجسم المختلفة، وكذلك المهمة لانتظام العادة الشهرية.

ــ وما هي مشاكل الرحم؟

- الرحم هو عضو مهم للانجاب لدى المرأة، وهو المكان الذي ينمو فيه الجنين أثناء الحمل. وعند إصابة المرأة بأحد أمراض الرحم، تكون العلامة الأولى هي النزف بين دورتين طمثيتين أو بعد ممارسة الجنس، ومن أسباب النزف غير الطبيعي: مشاكل هرمونية او مشاكل الغدة الدرقية او الأورام الليفية او البوليبات (السلائل) او السرطان أو الالتهابات او الحمل. ويعتمد العلاج على سبب المرض، فأحياناً تفيد حبوب منع الحمل في معالجة اختلال التوازن الهرموني. أما اذا كان السبب خللاً في الغدة الدرقية، فقد يكون علاج هذا الخلل مفيداً لوقف النزف. واذا كان السبب هو السرطان او فرط التنسّج، اي النمو غير الطبيعي لخلايا الرحم، فقد تحتاج المرأة الى عملية جراحية. وهناك مشاكل أخرى يمكن ان تصيب الرحم مثل انتباذ بطانة الرحم (البطانة المهاجرة) واعتلال العضل وغدد الرحم (العُضال الغُدي). ففي حالة انتباذ بطانة الرحم، ينمو نوع من الأنسجة التي تبطن الرحم خارجه، اما عند الإصابة باعتلال العضل والغدد الرحمي (العُضال الغدي)، فإن الأنسجة تنمو في الطبقات الوسطى والخارجية للرحم، وقد تكون أدوية تخفيف الألم مفيدة في هذه الحالات. أما المعالجات الأخرى، فتتضمن العلاج بالهرمونات والعمليات الجراحية. اذاً بعض هذه الأمراض والحالات الصحية قد تستدعي استئصال الرحم، أو ان بعض الفتيات يولدن من دون رحم، الا ان هناك انجازاً طبياً عالمياً تحقق في السويد، وكانت هناك مساهمة لبنانية في الانجاز الطبي العالمي عبر اول ولادة من رحم مزروع.

ــ وكيف تتم زراعة الرحم؟ ولمن تُجرى هذه الزراعة؟

- الأمر معقد، فالنساء اللواتي هن بحاجة الى زراعة رحم اما لأنهن ولدن من دون رحم او لأن مشاكل صحية أصابتهن وأدت الى استئصال أرحامهن. والشرط الأساسي والضروري لهؤلاء السيدات المتلقيات الأرحام ان تكون مبايضهن بصحة جيدة جداً حتى يكون الطفل طفلهن بيولوجياً. ان أكثر النتائج الايجابية التي تم التوصل اليها كانت لدى سيدات وُلدن من دون رحم فيما المبيضان موجودان وبصحة جيدة جداً، ويُستحسن ان يكون العمر دون 37 سنة تقريباً والأمر كما ذكرنا متعلق بصحة المبيضين، وهذا عمر مبدئي حالياً لأن التجارب والنتائج والأبحاث ما زالت في بداياتها رغم كل ما تحقق.

ــ وماذا عن المتبرعات بالرحم؟

- بما يتعلق بالرحم الموهوب، فالأفضل ان يكون الرحم الموهوب من متبرعة ميتة لأن عملية استئصال الرحم تكون أكثر سهولة، ولكن من خلال الأبحاث التي أجريت تم استئصال الرحم من امرأة حية. انه من الأفضل ان تكون المرأة الواهبة على درجة قرابة كبيرة بالنسبة للمرأة المتلقية (توافق جيني). ولا بد من الاشارة الى ان هناك ضرورة لاستخدام أدوية تتعلق بالمناعة لكي لا يرفض جسم المتلقية الرحم المزروع. كما ان زراعة الرحم شبيهة في تداعياتها ومسارها بزراعة الكبد في ما يتعلق بأدوية المناعة التي يجب على المرأة المتلقية تناولها.

وتجدر الاشارة هنا الى ان أبحاث الدكتورة رندا عاقوري والفريق الذي انكب على مساعدتها والبالغ نحو ثلاثين شخصاً بين باحثين وأطباء وممرضين تكللت بالنجاح، اذ ان هناك 9 سيدات أجريت زراعة أرحام لهن ونجحت التجارب على 7 منهن، فيما الاثنتان الأخريان كانت لديهما مشاكل حالت دون اتمام ونجاح عملية زراعة الرحم لهما.

وفي حال كانت الشروط كلها مثالية، فإن الفترة التي تفصل بين زراعة الرحم والحمل المتوقع هي بحدود السنة. وعن ذلك تقول الدكتورة رندا:

- الأدوية التي على المرأة المتلقية تناولها يجب الا تؤثر على صحة الجنين، بعد التأكد من عدم رفض الجسم للرحم، وكل ذلك بسبب تأمين أفضل الظروف لولادة الطفل وهذا هو الأهم. ان الحمل يتم من خلال طفل الانبوب وليس بالشكل الطبيعي. والأدوية التي تُؤخذ لكي لا يرفض الجسم الرحم المزروع تكون لفترة محددة وهي الفترة التي تريدها المرأة للانجاب، وبعدها يتم استئصال الرحم. وما يمنع من ابقاء الرحم مزروعاً طوال العمر لدى المرأة هو الأدوية التي تؤدي لاحقاً الى تعقيدات صحية تؤثر على صحتها وعلى صحة الأجنة فيما بعد، ومن الممكن ابقاء الرحم لمدة قد تمتد الى 5 سنوات.

ــ وهل زراعة الرحم عملية معقدة؟ وما هي مدة اجرائها؟

- تُجــرى هـــذه العملية حاليــــاً في السويد وكل ما تم تحقيقه موثــــق ونـــال موافقــــة الهيئــــات الصحيـــــة العلميـــــة، وهذه الجراحة صعبة ومعقدة جداً. ان استئصال الرحم يحتاج بين 10 الى 13 ساعة متواصلة مع فريق متخصص باستئصال الرحم، في موازاة فريق جاهز لعملية زرع الرحم التي تمتد بين 4 الى 6 ساعات، اي ان الفترة بين الاستئصال والزراعة قد تستغرق 24 ساعة متواصلة.