تفاصيل الخبر

اول من فتحت صفحة على موقع "فايسبوك" خاصة بالتوحّد في الشرق الأوسط...

13/05/2020
اول من فتحت صفحة على موقع "فايسبوك" خاصة بالتوحّد في الشرق الأوسط...

اول من فتحت صفحة على موقع "فايسبوك" خاصة بالتوحّد في الشرق الأوسط...

بقلم عبير أنطون

[caption id="attachment_77883" align="aligncenter" width="600"] اضاءة تمثال السيدة العذراء بالازرق تضامنا[/caption]

المهندسة غادة حايك مخول: هدفنا مساندة الاهل وانشاء شبكة تواصل بينهم وبين الاختصاصيين!

لا شك في أن جائحة  "كورونا" أرخت بظلالها على حياتنا وعلى حياة الكثيرين من حولنا الا ان تأثيرها كان متفاقما لمن يعانون من التوحّد ونسبتهم في لبنان كما في العالم الى ارتفاع. فكيف أثرت التعبئة العامة عليهم ما زاد من الضغط على الأهل لأيضا؟ مَن يقف الى جانبهم في نضالهم اليومي مع التوحد، وما هي خريطة الارشادات في وضع مماثل؟

جمعية "الأهل لدعم التوحد""AAA"Autism Awareness Association  التي أسستها مهندسة الكومبيوتر غادة حايك مخول، تعطينا الجواب. فالسيدة مخول هي ام لإبن يعاني من الحالة، اضطرت لترك وظيفتها في شركة عالمية بسبب الصعوبات الكثيرة التي عانت العائلة منها عندما كان ابنها بعمر صغير، ولم يتم على الفور تشخيص حالته والتعرف الى العوارض التي كان يظهرها حتى من قبل طبيب الأطفال الذي كان يطمئنها على حالته، وكان مخطئا.

تخبرنا السيدة غادة عن الفترة الصعبة اليوم للمصابين بالتوحد، وما يقومون به كجمعية من مواكبة خاصة عبر حلقات التوعية عن بعد. كيف ذلك؟

[caption id="attachment_77885" align="alignleft" width="242"] خطاب غادة امام ملكة السويد اثناء زيارتها لبنان[/caption]

التفاصيل في لقاء "الأفكار" معها، وسألناها اولا:

* لنعد الى تأسيس الجمعية والأهداف منها. الى متى يعود ذلك؟

- أسسنا الجمعية التي لا تتوخى الربح والتي تستمر من خلال التبرعات والمبادرات الشخصية سنة 2015، من قبل أهل تطوعوا لتعزيز حياة العائلات التي تعاني من التوحد في لبنان ومؤازرتهم وتأمين حياة أفضل. يأتي في صلب أهداف الجمعية دعم الأشخاص المصابين بالتوحّد مع عائلاتهم ودمجهم بالمجتمع، تنظيم حملات من أجل نشر التوعية عن التوحد، اقامة شبكة تواصل بين الأهل والاختصاصيين في كل لبنان، فضلا عن إنشاء مركز متخصّص. هذا الأخير يوفر للمصابين بالتوحد من عمر 8 سنوات وما فوق، كل ولد حسب قدراته، ورش عمل وانشطة مختلفة في الرياضة والموسيقى والأشغال اليدوية لمرتين او ثلاث في الأسبوع وفي ايام العطل، كما يقدم المركز جلسات العلاج التربوي والتي تتضمن:

"Psychomotor Therapy" اي العلاج النفسي الحركي

"Speech Therapy" اي علاج النطق

و"Interventions For Children With Autism".

* وإلى اين وصلنا في العلاجات المتاحة؟ وهل الجديد فيها سريع ام يتطلب وقتا طويلا للابحاث؟

- العلاج للتوحد كأي علاج طبي او دواء، غير موجود حتى الآن. ما نعتمد عليه هو التربية المتخصصة من نطق وتقويم حسي حركي والى ما هنالك، مع الأخذ بكل حالة على حدة خاصة في عمر مبكر، فيتم التوجه بالطفل الى معالج تقويم حسي حركي ومجموعة من المختصين يتم التنسيق في ما بينهم ويعملون معه على اكتساب الاستقلالية، كمثل كيف يجلس على الطاولة أو كيف يمكنه ان يكتب او يرسم ان امكنه ذلك والا فانه يقوم بما هو أبسط من ذلك، وفي الكثير من الأحيان يكون التقدم بطيئا جدا، من هنا فان المطلوب من الأهل النفس الطويل، بعد أن يمروا بالمراحل الأربع المعروفة من الصدمة ثم النكران ومن بعدها الاكتئاب ومن ثم التقبل، وهنا بيت القصيد لانهم مع التقبل يبدأون بعلاج الحالة ويتجهون صوب المختصين فيبدأ الولد بالتحسن. انطلاقا من ذلك، كان دورنا الاول في الجمعية دعم الاهل، فهؤلاء اذا لم يتقبلوا وضع الولد فإنه سوف يعاني من عدم احراز اي تقدم او تحسين لحاله فيما هدفنا نحن ان نسير نحو هذا التقدم.

* هل من تفسير لازدياد اعداد حالات التوحد في لبنان، وفي العالم؟

- لقد أضحت نسبة التوحد اليوم بمعدّل 1 على 54 في العالم، ولبنان يتبع النسبة العالمية بحسب عدة احصاءات جرت مع "الجامعة الاميركية" و"جامعة القديس يوسف". التفسير لزيادة العدد يعود طبعا الى عامل التوعية والتشخيص المبكر، كما ان الـ"سبيكتر" اي طيف التوحد - وهو التوحد الخفيف - بات يعد ايضا من ضمن الاحصاءات للتوحد. هذا لا يعني ان هناك اسبابا تزيد من عدد الحالات لكننا بتنا نعرف أكثر، ولو أن هناك تساؤلا مشروعا يُطرح دائما: اذا صرنا نعرف اكثر، أين الاشخاص الراشدون الذين كانوا يعانون من التوحد في صغرهم؟

* لا شك بأن الحجر الصحي الذي فرضته "كورونا" يزيد من صعوبة الامر على كاهل الاهل كما على الذين يعانون من التوحد. ما هي خريطة الارشادات للاهل في هذه الفترة؟

[caption id="attachment_77884" align="alignleft" width="250"] انطوني من المركز مع راغب علامة[/caption]

- قمنا باعداد شريط فيديو عرضناه على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر كيف أثرت فترة التعبئة العامة على الذين يعانون من التوحد مع المكوث في البيت، اذ انعكس ذلك سلبا على الروتين اليومي للحالات، وهم لا يحبون ان يغيروا الروتين، خاصة وانهم اعتادوا على القيام في كل يوم بالنشاط المعهود لهم، فتوقفوا عن ذلك فجأة من دون ان يدركوا اسباب هذا التوقف وما الذي فرضه... حتى الشخص العادي منا لمّا يتغير برنامج يومياته ينزعج، فكيف بالأحرى هم خاصة مع غياب البدائل؟ فهم معتادون على الذهاب الى المركز او المدرسة والقيام بنشاط مع الاختصاصيين... كل هذا توقف فجأة، وبما انه بالعادة لا تتوافر لهم البدائل او الأماكن الترفيهية او غيرها المختصة، فقد زادت الصعوبة عليهم وعلى عائلاتهم أيضا، فنحن كأهل ليس متاحاً أمامنا الكثير من الخيارات لنقوم بها معهم.

* الا تفتح الجمعية أبوابها للمتوحدين مع التعبئة العامة؟

- بالطبع لا، خاصة وانهم ملزمون بوضع القناع الواقي ولبس القفازات الى غيرها من الاجراءات والارشادات المفروضة، وهذا ايضا يزيد من صعوبة الأمر اذ لا يمكن للاولاد المصابين بالتوحد القيام بنشاطات "اونلاين" او غيرها من النشاطات والدراسة عن بعد كغيرهم. حاولنا في شهر نيسان (ابريل) المنصرم، وهو الشهر العالمي للتوحد، ان نبث الفيديو للاهل، وطلبنا منهم ان يشاركونا من ناحيتهم بما يمكنهم القيام به في مثل هذه الفترة فنتبادل التجارب، حتى في الامور البسيطة، خاصة وان المتاجر مقفلة مع التعبئة ولا يمكن الوصول الى العاب او غيرها مما يشغل الاولاد المصابين بالتوحد، فاكتفينا بالامور البديهية في البيت، وكان اسهل ما يمكن ان يملأوا وقتهم به القيام ببعض الاشغال في المطبخ مثلا.

الكشف المبكر...

* هل تشخيص التوحد صعب، وما أهمية التشخيص والتدخل المبكر من جانب الأهل؟

- ان تشخيص التوحد صعب اذ تختلف أعراضه من ولد إلى آخر، كلّ حسب شدة التوحد لديه. حالياً لا يوجد اي اختبار طبي مثل فحص الدم لتشخيص الحالة مثلا، ومن الضروري أن يقوم فريق من الاختصاصيين بإجراء مجموعة من اختبارات التطور على الطفل بما فيها اختبارات اللغة والكلام والسلوك، ويمكن أيضاً إجراء فحص سريري كامل، إضافة إلى اختبارات طبية مختلفة للسلوك والنمو، فمن المهم أن تطمئن الأسرة من الطبيب بشكل دوري على نمو الطفل. صحيح أن تشخيص التوحد يحتاج إلى طبيب اختصاصي في العادة، إلا أن طبيب الأطفال يمكن أن يلاحظ بعض علامات التوحد المبكرة، ولكن في حالات كثيرة لا يتم تشخيص التوحد حتى يبلغ الطفل السنة الثانية أو الثالثة من العمر.

علماً انه من المهم أن يتم التشخيص في وقت مبكر، ويظهر التوحد عادة لدى الأطفال قبل السنة الثالثة من العمر وهو يؤثر على نشأة الطفل وتطوره، خاصة على الأصعدة الثلاثة الاتية:

[caption id="attachment_77886" align="alignleft" width="375"] غادة بين ملكة السويد والسيدة كلودين عون روكز[/caption]

اللغة أو كيفية التكلم،

المهارات الاجتماعية أو كيفية التواصل مع الآخرين،

السلوك أو كيفية التصرف في مواقف معينة.

وثمة أنواع مختلفة من التوحد تتدرج من الخفيف الى الشديد، ولهذا السبب تسمى باضطرابات طيف التوحد، ويمكن في بعض الأحيان أن يتم الكشف عن عمر مبكر عند 18 شهرا أو أقل.

وتضيف مخول:

- ومع وضعنا نصب أعيننا حقيقة ان التقدم قد يكون بطيئا جدا، لا شك بانه كلما بدأنا بالتدخل المبكر نقوم بمساعدة الولد بشكل افضل لأن الطفل يستجيب استجابة أفضل للعلاج المبكر وتكون لديه فرص أكبر للتحسن، مع الأخذ بالاعتبار بأن كل ولد يتحسن بحسب قدرته، فما من حالة هي مثل أخرى، والتقدم يتفاوت... أحيانا حتى يتعلم الولد ان يغسل اسنانه بالفرشاة والمعجون يتطلب الامر حوالى الستة أشهر ان لم نقل سنة، ومثلها كي يلبس ثيابه لوحده او يستحم الخ... وقد لا يدرك الناس الصعوبات التي يواجهها الأهل والصبر المطلوب منهم. نحن من جهتنا نقوم بحلقات دعم ومساندة، والآن نقوم بـ"ويبينارز" (ندوات مجانية) "FREE WEBINARS" التي بدأناها بسبب ازمة "كورونا" وعدم القدرة على التنقل من مكان الى آخر، فوجدناها الطريقة الاسلم والأسهل، ونأمل ان نستطيع الاكمال بها لانها تساعد الأهل جدا، خاصة مَن لا يملكون الوقت للمشاركة في محاضرات وورش عمل مع ايقاع الحياة السريع، وهم مع هذه الحلقات والندوات يمكنهم ان يطلعوا عليها حتى في اثناء عملهم ان أُتيح لهم ذلك فتساعدهم، كما نقوم بتدريبات وحلقات توعية مع الجامعات "الاميركية" و"القديس يوسف" و"سيدة اللويزة" و"الجامعة الاميركية اللبنانية" و"الجامعة اللبنانية الدولية"، فضلا عن قيامنا بالعديد من النشاطات مع الجمعيات المختلفة التي تُعنى بهذا الشأن.

* هل يتم التنسيق والتواصل مع الجمعيات او المدارس التي تُعنى بالتوحد وخاصة "مركز الشمال للتوحد"؟

- نحن على تواصل مع مختلفها خاصة في ما خصّ احداثاً ونشاطات معينة حيث ندعو بعضنا البعض. ومع اعدادنا الـ"ويبينارز" ارسلنا لمختلف هذه الجهات ولمن يهمه الامر من العائلات والاهل لكي يشاركوا ويتابعوا ما نقدمه.

* من اهدافكم اقامة شبكة تواصل بين الأهل والاختصاصيين في كل لبنان، اين انتم من هذا الهدف؟

- هذا الهدف لا يزال قائما، فنحن اليوم نؤمن التواصل عبر "واتساب غروب" ما بين الاهل والاختصاصيين، ومَن لديه سؤال يطرحه فتتم المساعدة. شبكة التواصل ليست بالامر السهل وحتى نستطيع القيام بها يتطلب الامر فريقا عبر كل لبنان. لدينا بعض المعلومات الا انها غير كافية لنبدأ من خلالها ببناء الـ"داتا بيز" والقاعدة للبيانات التي لدينا.

* الى اي مدى يساعدك تخصصك في هندسة الكومبيوتر في تفعيل الـ"داتا" والمعلومات والتواصل الكترونيا؟

- لانني مهندسة كومبيوتر فكرت بهذا الامر، الا انني كنت اعتقد الامر اسهل مما هو عليه فعلا، خاصة لناحية الحصول على المعلومات. لا يمكننا البدء الا بما هو شامل في كل المواضيع والمجالات التي تدور في فلك التوحد مع اختصاصيين ومعالجين نفسيين وأطباء اعصاب واختصاصيي تقويم حسي حركي فضلا عن المدارس التي تستقبل هذه الحالات والنوادي الرياضية ومزيني الشعر وكل ما يدور في هذا المحور. إنه مجال واسع جدا، وتلزمنا مساعدة لانجاز مثل هذا المشروع.

بالنسبة الى تخصصي فقد ساعدني فعلا اذ انني فتحت اول صفحة حول التوحد على موقع "فايسبوك" في 2007 وكانت على ما اعتقد الأولى في الشرق الأوسط حول التوحد، ما زاد في نشر التوعية في لبنان والمنطقة، بعد ان كان الطبيب يقول لي "ابنك ما بو شي" فيما هو يعاني من التوحد. وقد اتاح لي التواصل نقل تجربتي والمساعدة حيث امكن، وكنت سعيدة انه تسنى لي الإدلاء بشهادتي أمام ملكة السويد خلال زيارتها للبنان في 16 تشرين الأول (اكتوبر) من العام الماضي... ويبقى هدفي الأسمى احداث الفرق ايجابا في حياة الآخرين وبشكل خاص الذين يحتاجون الدعم والمساندة.