تفاصيل الخبر

اول حـديـقـــــة مـتجـولـــــة للـنـبـاتـــــات فــــي الـعـالــــــم... بــــراءة اخـتــــراع لبنانـيـــة واعـتــــراف دولــــي بريادتـهـــــا!

30/11/2018
اول حـديـقـــــة مـتجـولـــــة للـنـبـاتـــــات فــــي الـعـالــــــم...  بــــراءة اخـتــــراع لبنانـيـــة واعـتــــراف دولــــي بريادتـهـــــا!

اول حـديـقـــــة مـتجـولـــــة للـنـبـاتـــــات فــــي الـعـالــــــم... بــــراءة اخـتــــراع لبنانـيـــة واعـتــــراف دولــــي بريادتـهـــــا!

 

بقلم عبير انطون

 

<ناشط بيئي> هكذا يود زاهر رضوان التعريف عن نفسه وهو رئيس منظمة <اليد الخضراء> التي حازت اعترافا دوليا لمشروع اعتبر رائدا على صعيد العالم كله كأول من نوعه. حديقة متنقلة للنباتات اللبنانية تجوب المناطق والمدارس لأهداف ابعد من الدهشة والمشاهدة، وان كانت للـ<بوسطة> في أذهان اللبنانيين ذكرى مؤلمة اثر اندلاع حرب العام 75، فإن بوسطة زاهر تنشر الأخضر وما يعنيه اللون من توق الى الحياة والبيئة السليمة.

فماذا عن المشروع الرائد؟ من يستهدف؟ وما الذي جعله مميزا حتى طلبته زوجات الديبلوماسيين الى احتفالاتهم، والاتحاد الاوروبي الى حدثه؟

مع مبتكر الفكرة ورئيس جمعية <اليد الخضراء> زاهر رضوان كان <حديث <الأفكار> وسألناه أولا:

ــ ميدانيا، هل تلمسون الحاجة لكم اكبر في المدن ام في القرى والبلدات خاصة وان الناس في الأخيرة اقرب الى الطبيعة ونباتاتها؟

- هذا <الباص> الذي يقدم خدمة نوعية في التعريف عن النباتات البرية المحلية يتضمن حوالى المئة نبتة لا يعرفها جميعها حتى ابناء الضيع والقرى، وتتجاور فيها النباتات التي تعيش على ارتفاع الفي متر وتلك التي تعيش على الساحل. أردنا ان تتمثل فيه مختلف النظم البيئية اللبنانية وهو يتوجه الى ثلاث شرائح في المجتمع: اولا طلاب المدارس جميعها، وان يتفاوت تجاوبها مع ما تتيحه لها مادياتها ووقتها وفلسفتها بالاستثمار في طلابها في مواضيع بيئية حيوية، ثانيا مختلف الاولاد وعموم المواطنين الى اي مكان انتموا وثالثا البلديات. التوعية للطلاب مدروسة بشكل دقيق، لذا ننظم حلقات تدريبية تتناسب مع الاعمار والصفوف باعتماد وسائل ترسخ المعلومات في اذهانهم، بحسب قدرتهم على الاستيعاب بدءا من عمر الثلاث سنوات حتى الصفوف النهائية، ما يشكل مجموعه خمس حلقات، وفي كل حلقة تعليمية يخضعون لتدريب خاص فيختلف الطرح ونوع المعلومة وحجمها التي تتوسع كلما كبر عمر الطالب وزادت قدرته على الوعي والاستيعاب حتى تصير المعلومات تقنية وعلمية.

ويزيد زاهر قائلاً:

 - الحلقات الخمس يقدم معلوماتها خبراء مختصون وتنضوي تحت ثلاثة عناوين جوهرية: التدريب حول التنوع البيولوجي، الـ<اتنو - بوتانيك> اي علاقة الانسان بالنبات، والـ<ايكو سيستمز> اي النظم البيئية. كذلك فإننا نتوجه بـ<الباص> إلى البلديات أيضا فنقف معها عند جمالية النباتات البرية اللبنانية الغنية بتنوعها وغير المؤذية للبيئة، ونشجع على زرعها في حدائقنا ومناطقنا العامة لتزيين قرانا وشوارعنا بها، كذلك نتوجه الى العموم من ضمن الاحتفالات والمهرجانات.

ــ النباتات النادرة اين تبحثون عنها؟ في المحميات؟

 - لنتفق اولا ان هدفنا في <الباص> ليس جمع النباتات النادرة. في لبنان اكثر من ثلاثة آلاف نوع من الانواع البرية. هذه الحافلة تضم مئة من اصل الثلاثة آلاف هذه. نحن جمعية علمية وتقنية. النباتات النادرة نعمل على احيائها من ضمن منظومة خاصة ضمن محميات طبيعية صغيرة تسمى <مايكرو ريزيرفز> أي نحميها في ارضها، في واقعها، ولا نخرجها منه بل على العكس نعمل على اكثارها فيه. نباتات <الباص> نمت من بذور اصبحت شتولا وتم وضعها فيه، وذلك عبر شركاء متخصصين بما يسمى بـ<نايتيف نيرسريز> مع مجموعة من الخبراء على رأسهم السيد خالد سليم... نحن منظومة متكاملة بين مؤسسة وجمعية ونتعاون ايضا مع خبراء من القطاع الخاص وأكاديميين، وبالتالي من ضمن الفريق عندنا طاقم كبير من حملة الدكتوراه في المجال على رأسهم الدكتورة نسرين مشاقة حوري التي ترأس لجنة التنوع البيولوجي في الجمعية، والدكتورة جنان كرامي شيا وهي ترأس لجنة التثقيف في منظمة <اليد الخضراء> التي تضم 25 شخصا علميا وتقنيا واكاديميا ذوي مؤهلات مميّزة ويقدمون العون الى كل برامج الجمعية لوصول المعلومة بشكل علمي وصحيح. ليس هدفنا التوعية للتوعية، انما التوعية الحقيقية التي تقوم على تفاعل ايجابي مع الفئة المستهدفة حتى نصل برسالة واضحة لهذه الفئة.

ــ متى انطلقتم بالحافلة رسميا؟

- في خلال هذه السنة، وهي السنة التجريبية.وكانت لنا جولة على العديد من المدارس المهمة بينها مثلا <اي سي اس ICS وIC> ونطمح لبلوغ عشرين الف تلميذ، ولا زلنا بانتظار التجاوب من وزارة التربية والتعليم العالي التي نعوّل عليها نظرا لأهمية مشروعنا. منذ حوالى السنة تقدمنا بطلب الى الوزارة وقد وصل منذ حوالى العشرة ايام الى مكتب المدير العام. نحن منظمة غير مدعومة سياسيا، وما نأمله تبني الوزارة للمشروع حتى نباشر باطلاقه في احتفال رسمي من <قصر الاونيسكو> بالتعاون معها. في عملنا نتكامل مع الدولة التي سبقها الاعتراف الدولي بالحافلة من خلال تصنيفها دوليا في مؤتمر الحدائق والنباتات في سويسرا العام 2017 كاول مشروع من نوعه تفاعلي ويحقق هدفا تثقيفيا وتعليميا حول موضوع التنوع البيولوجي النباتي وذلك على صعيد العالم، كما حزنا على خلفية المشروع براءة اختراع لبنانية.

ــ النباتات المئة على اي اساس اخترتموها دون غيرها؟

 - لا عشوائية في الاختيار انما بناء على الأهداف الثلاثة التي سبق وحددتها: التنوّع البيولوجي، النظم البيئية، والـ<اتنوــ بوتانيك> اي علاقة الانسان بالنباتات. في النظم البيئية، هناك النباتات الساحلية واخرى الجبلية وما بينها كالصنوبريات والسنديان والسرو والصنوبر، وهناك ما هو على علو أكثر ارتفاعا كالارز واللزاب الخ... اما الـ<اتنو بوتانيك> فنعني بها تلك التي تتمتع بخصائص طبية وعضوية او تدخل في المأكولات كالغار والصعتر والقصعين، كذلك تم اختيار بعض النباتات التي لها اهمية على صعيد التنوع البيولوجي.لا عشوائية انما هي <الفوضى المنظمة> اي انها منتقاة ومعروضة بطريقة تفاعلية مع الهوية الكاملة بجانب كل نبتة. هناك بعض النباتات التي كنا نرغب بوجودها لكن هناك صعوبة في انتاجها والمحافظة عليها.

صعوبة... وحل!

ــ كيف تجمعون <ابنة الساحل> بـ<ابنة الجبل> نباتيا؟

- لا نخفيكم بأن العوائق التقنية للمحافظة على هذه النباتات صعبة خاصة مع وجود الحافلة يوما في عاليه وفي اليوم التالي في زغرتا وما بعده في بيروت ما يجعل النبتة تتعرض لمناخ وتفاعلات مختلفة ويجعلنا دائما بحالة متابعة مستمرّة. ومنذ سنة ونصف السنة ونحن نعمل بجهد حتى توصلنا الى منظومة نحافظ فيها على حياة هذه النباتات مجتمعة.

ــ وهل تغيرون دائما اصناف هذه النباتات طالما ان الانواع الكثيرة متوافرة؟

- الحافلة كما البرية، النباتات فيها ليست منزهة عن اليباس او فقدان الاوراق. هناك نباتات تعيش سنة وتموت فنبدلها وهي بمعدّل 3 او4 فقط، كذلك فإن بين النباتات ما يكبر وصولا الى حجم اكبر مما تستوعبه البوسطة فنزرعها في مكان آخر ونستبدلها بأصغر. بعضها تعب في مرحلة التجريب لعيشها في الحافلة وقد انقذناها لاننا لم نكن نعرف كيف ننظم دينامية الهواء، والآن باتت عندنا ستارتان من مادة النايلون الذي يضبط البوسطة بالشكل السليم بعكس الواح الـ<بلاكسي> التي كانت تمنع الهواء عنها. منذ سنتين ونصف السنة ونحن نقوم بالاختبارات حتى وصلنا الى الحلول الأفضل.

ــ انت <ناشط بيئي> من خلفية هندسة زراعية او بيئية او مجال آخر؟

- لقد حزت الدراسات العليا في مادة الكيمياء وتحديدا في تحليل الاعشاب العضوية، وقد درست ادارة بيئية في هولندا، كما حزت شهادة <ليدر شيب> في القيادة والريادة من <جونز هوبكنز> أيضاً.

ــ ماذا عن تجربتكم الميدانية، هل أتت على قدر توقعاتكم؟

 - تماما، فمن خلال اعلام متواضع عبر <الفايسبوك> ومجموعة بسيطة من النشاطات والحضور على الارض نحظى بحجز مستمر للحافلة. حتى الاتحاد الاوروبي، واذكر هنا اننا لا نتلقى دعما من اية جهة، طلبونا لنكون في نشاطين لهم في <اليوم العالمي للبيئة> وفي <يوم الاتحاد الاوروبي الاخضر> الذي اقيم في ميدان سبق الخيل، كما طلبت زوجات السفراء والديبلوماسيين ان تكون البوسطة ضمن احتفالهم في فندق <الفينيسيا>.

ــ هل تطمحون الى التوسع ونقل مشروعكم الى خارج الأراضي اللبنانية؟

 - نملك براءة اختراع من الدولة اللبنانية وملفنا جاهز لتكون لنا براءة اختراع عالمية. هذا المشروع لم يوجد او يعمل به قبلا في اية دولة في العالم. انه متحف نباتات حية متنقلة وهذا غير موجود سابقا. حديقة لا يمكن وصفها بالصغيرة، ومع كل نبتة تجدون <سجلها> اي هويتها واهميتها ومواصفاتها وطابعها الطبـي ان وجـد وصفاتها التي قد تكون مضرة مثلا للتحذير منها. انها <بوتانيك غاردن> بالمعنى الصحيح للكلمة وبدل ان تري مئة شتلة مزروعة من النوع ذاته بجانب بعضها البعض ترين نموذجا واحدا منها. لقد تم تصنيفنا من <ام اي تي بان اراب اورد> ووصلنا للنهائيات في سلطنة عمان منذ فترة قصيرة ونطمح بالتوسع في مشروعنا الى مختلف الدول العربية لأنها تفتقر الى وجود حدائق نباتات، فتكتسب تجربتنا اهمية توعوية وتعليمية.

ــ هل من نبتة حشيش في حافلتكم وهناك من يلفت الى استخدامها لاغراض طبية؟

- لو انها لبنانية لكانت موجودة على <الباص> فالنباتات جميعها كذلك. اربع منها فقط غير لبنانية اثنتان منها بهدف التعريف فقط والأخريان <اينفازيف> (مجتاحة) وتشكل خطرا على البيئة اللبنانية.

ــ سم لنا الخطر منها ولا نعرفه بالعادة...

- واحدة منها اسمها < Ailanthus Altissima> معروفة بـ<شجرة الجنة> وتجدونها على طريق عاليه او غيرها في البيوت المهجورة، تشبّ بقوة وهي مؤذية وتستقطب مساحات كبيرة غير ملائمة للبيئة. وهناك اخرى يتم استخدامها بشكل واسع من قبل البلديات اسمها <Lantana> نجدها بشكل كبير على الطرقات وهي جميلة وتعطي زهورا بالوان متعددة كالزهري والليلكي وغيرها الا انها مضرة وتنتشر وتؤذي غيرها من النباتات. وهناك نبتتان اخريان لا يجب زرعهما وهما <اكزوتيك> اولهما شجرة <الكينا> الضارة التي لا تتكاثر بشكل كبير لكنها تؤذي محيطها، اذ راقبوا انه حيث هناك شجرة كينا لا عرق اخضر من حولها، كما انها، وفي علو يفوق الـ300 متر تسحب اوكسيجين اكثر مما تعطي، فضلا عن الاضرار التي تشكلها على البلديات عبر امتداد جذورها على الامدادات من كهرباء وقساطل المياه الآسنة الخ... اما النبتة الأخرى المؤذية وهي <اكزوتيك> ايضا ودخيلة على البيئة اللبنانية فاسمها <روبينا>، يتم استخدامها بشكل شائع جدا من قبل البلديات وكانت وزارة الزراعة توزعها بشكل كبير. وهنا اسأل انه طالما عندنا نباتات لبنانية رائعة لماذا نستقدم من الخارج؟

ــ هل فعلا مشروع الحافلة كان تعويضا عن حلمك بـ<حديقة للنباتات> في لبنان؟

- فعلا فان اقامة حديقة للنباتات ستبقى حلمي الذي بدأ يراودني وانا في السادسة عشرة من عمري والذي يقع بين اهداف جمعية <اليد الخضراء> التي اسسناها بهدف الـ<بوتانيكال غاردن> والذي لن نكل حتى تحقيقه. حديقة نوثق فيها النباتات الثلاثة آلاف الموجودة في لبنان ونعرّف الجميع على غنى ارضنا. <الموبايل بوتانيكال غاردن> اخترعناه لما وجدنا ان حلمنا الكبير بعيد نوعا ما والناس لا تستوعب ما نتكلم عنه حتى المهتمين بالبيئة للاسف وستصدمون ان هناك مدراء محميات من اهم المحميات في لبنان ويعملون في القطاع لا يعون اهمية حدائق النباتات. حسبنا اننا خلقنا الـ<مومانتوم> لهذا الموضوع وهدفنا من خلال <الباص> توسيع رقعة الثقافة حول هذا الموضوع آملين ان نلاقي آذانا صاغية لإقامة حديقة نباتات في اي موقع في لبنان، في اي بلدية <واعية> ترغب بذلك.

 ــ كيف تتدبرون التمويل لتستمروا بمشروعكم وهل من رسم دخول الى <الباص>؟

- لم يتم تمويل الحافلة للاسف الا بدعم لوجستي ومادي بسيط جدا ودعم معنوي عالٍ جدا من بلدية عاليه، مع تمويل ذاتي من منظمة <اليد الخضراء> بما يفوق الـ50 بالمئة، وهناك جزء تمويلي صغير من <الاتحاد الدولي لصون الطبيعة> <ICUM>، لذلك فإن المشروع لا آلية لاستمراريته الا عبر فرض رسم للاسف، فكلفة المشروع ليست بسيطة خاصة وان الحافلة تراعي المعايير البيئية وتتم انارة المشروع عبر الطاقة البديلة من خلال لوحة شمسية ومروحة هواء تولد الطاقة للانارة، كذلك هنالك شاشة عرض في الجانب الخلفي لـ<الباص> تعمل على الطاقة البديلة ايضا، هذا فضلا عما تتطلبه الحافلة من سائق ومهتم بالنباتات واثنين من <المونيتورز> يتحركان معه. الكلفة الرمزية تبلغ 5 دولارات لتغطية النفقات وكلفة الصيانة، والحافلة تحمل شكل الـ<دودج> طراز العام 1967 و<الكاروسري> لبناني من <بتغرين> اما المحرك فجديد تماما ويعمل على البنزين لا المازوت ومن غير الجائز طبعا ان يسير على الكهرباء كما اقترح علينا البعض بهذا الوزن الثقيل للحافلة ووسط الطرقات الجبلية اللبنانية، وأذكر ايضا ان الحافلة جرى تعديلها لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة وتنطلق معها خيمتان ترافقان <الباص> فضلا عن المقاعد للطلاب.