تفاصيل الخبر

اول ”اوبـــــــــرا“ عـربـيـــــــة مـغـنـــــاة بــــــــروح شـرقـيـــــة!    

10/06/2016
اول ”اوبـــــــــرا“ عـربـيـــــــة  مـغـنـــــاة بــــــــروح شـرقـيـــــة!      

اول ”اوبـــــــــرا“ عـربـيـــــــة مـغـنـــــاة بــــــــروح شـرقـيـــــة!    

بقلم عبير انطون

صورة-A-اوبرا-عنتر-وعبلة--اثناء--التمرينات-لارا-وايلي-مع-غسان

<عنتر وعبلة> ينزلان ضيفين على كازينو لبنان عند خليج جونيه في 8 و9 تموز (يوليو) المقبل، ومحبو العاشقين التاريخيين سيستمعون اليهما يرويان قصة حبهما التي رددتها الازمان حتى صار يضرب بهما المثل. حكايتهما، تقدمها الينا شركة <اوبرا> لبنان لصاحبها فريد الراعي، وهي <اوبرا> غنائية <كاملة الاوصاف> في سابقة لبنانية وعربية تطلق للمرة الاولى.

<عنتر> هو الفنان القدير الوسيم غسان صليبا، اما <عبلاه> فهي <السوبرانو> لارا جوخدار خريجة معهد <الكونسرفاتوار الوطني اللبناني>. النص كتبه الاديب الدكتور انطوان معلوف عام 1990، ومن إخراج ميرانا النعيمي وجوزيف ساسين، اما التأليف الموسيقي فيعود لـ<المايسترو> مارون الراعي مؤسس برنامج انتاج <الاوبرا> في <الكونسرفاتوار الوطني اللبناني> بحسب منهج <اوبرالي> خاص باللغة العربية. فهل سيفتح <عنتر وعبلة> الطريق الى <الاوبرا> العربية على نطاق واسع كما يأمل القيمون على العمل؟

 <الافكار> قلبت اوراق <عنتر وعبلة> مع القيمين عن العمل، وكان الانطلاق مع <المايسترو> مارون الراعي الذي أكد على تجارب <اوبرالية> سابقة في لبنان لم تلق النجاح المطلوب شارحاً الاسباب..

صورة-اوبرا-عنتر-وعبلة---Hالبنت قبل الام..

بين مارون النقاش اول من قدّم للبنانيين <اوبرا البخيل> بعد عودته من <نابولي>، ومارون الراعي في <اوبرا عنتر وعبلة> اليوم، اكثر من محطة <اوبرالية> لم تلق التجاوب المطلوب لسبب او لآخر. فالنقاش الذي حول منزله في الاشرفية الى <دار اوبرا> لم ينجح في دغدغة مشاعر الجمهور اللبناني بـ<اوبرا> عربية، و<اوبراه> هذه مذكورة في كتاب <أرزة لبنان> في مكتبة الجامعة اليسوعية. كذلك فإن ملحن النشيد الوطني وديع صبرا قدم <اوبرا> هو ايضاً تحت عنوان <الملوك الثلاثة> لم تنجح بدورها، اذ حاول ان <يركّب> الكلمات على ألحان فولكلورية لانه لم يجد مؤلفاً <اوبرالياً> حينذاك. مارون غصن كتب ايضاً ما كان جيداً الا ان الالحان كانت غريبة جداً عن بيئتها. تلت هذه المحاولات اخرى لجورج فرح وجوزيف عطالله وغيرهما، الى ان أتت يولا يونس ناصيف التي تخصصت في <ميلانو> فدرست الحرف العربي في <الاوبرا> من جوانبه المختلفة وعملت على تحضير منهج لترافق المدرسة العربية لـ<الاوبرا> المدارس الايطالية والفرنسية والالمانية والروسية التي سبقتها وامتدت تجاربها على ربع قرن تقريباً، فاطلعت مدير <الكونسرفاتوار الوطني> حينئذٍ المرحوم الدكتور وليد غلمية عليه واعتبره منهجاً صحيحاً وثبته في العام 1991 في <الكونسرفاتوار الوطني> جاعلاً منه اختصاصاً أكاديمياً، تخرج منه حوالى 300 اختصاصي في الغناء <الاوبرالي> باللغة العربية، من دون ان يكون لدينا <اوبرا> عربية واحدة بمقوماتها المكتملة من مسرح ولباس ورقص الخ...

ويزيد الراعي قائلاً:

 - في لبنان عرفنا البنت قبل امها، اي اننا عرفنا فن <الاوبريت> مع الاخوين رحباني وها نحن ندخل الآن مجال <الاوبرا> العربية ونحاول تطبيقها في اعمال محلية و<الاوبرا> هي الاساس. عمل الرحابنة كان جباراً في هذا المجال، وقد قدما قمة <الاوبريت> العربية التي عرفتها طبعا مصر ايضاً مع فنانيها الكبار كما غيرها من الدول العربية، من هنا يرافقنا مخزون واسع من فن <الاوبريت>. وتروننا نسعى من خلال عمل مثل <عنتر وعبلة> ان نشكل وصلاً للجسر ما بين الام وابنتها. كذلك فإن الفنان غسان صليبا، ابن المسرح الرحباني يشكل رمزاً ايضاً ما بين هذين العالمين، ومن هنا جاء اختياره، فضلاً عن مقدراته الاخرى بالطبع، ليسلم الشباب شعلة المسيرة الطويلة في فن <الاوبريت> وصولاً اليوم الى <الاوبرا>. غناؤه وإرثه الموسيقي جباران، وهو فضلاً عن ذلك، خضع لتدريبات على مدى سنتين تقريباً على يد اساتذة مختصصين في الغناء <الاوبرالي>، علماً انه يتقن جوانب كثيرة منه. فمسرحية <صيف 840> هي برأيي نصف <اوبرا>. في <عنتر وعبلة>، ومن الناحية التقنية، لن يشعر الناس ان غسان اصبح على غرار <بافاروتي> او انه ابتعد عن المدرسة الشرقية، بل سيبقى له بصمة الصوت الرائعة الخاصة به في انغام شرقية تشبه مجتمعنا، وهذا هو الأساس لتنجح <الاوبرا> عربياً. في قطر، تم انجاز عمل <اوبرالي> منذ سنوات بكلفة مرتفعة جداً وقد رعاه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الا انه استقدم له مؤلفاً موسيقياً اسكتلندياً ما ابعد الروح العربية عنه وأفشله. فالغناء <الاوبرالي> العربي يعتمد على كل حرف، ومع <عنتر وعبلة> ستكون الكلمات واضحة ومفهومة حتى أن غالبيتها من المفردات المستخدمة في يومياتنا، وبغير ذلك لن يهوى الجمهور <الاوبرا> العربية ان لم يفهمها.

 صبحية العازفات..

صورة-المايسترو-مارون-الراعي-2-----B

وحول هذه النقطة تحديداً، استساغة الجمهور اللبناني والعربي لهذا النوع من الفن الغريب عنه نوعاً ما، اخبرنا الراعي ما يلي عن تجربة شخصية: <لقد قدمت عملين <اوبراليين>: <كارمن> و<اكسير الحب> في كل من الاونيسكو وجامعة سيدة اللويزة، وراهنني الكثيرون بأن مئة شخص لن يكونوا حاضرين ولن تلقى <الاوبرا> تجاوباً من اي جانب، وكانت المفاجأة ان 6 آلاف شخص حضروا للمشاهدة في الاونيسكو ولم يجدوا الأمكنة فافترشوا الارض والادراج، ومن حضر علّق بأنه لم يعرف <الاوبرا> بالشكل الرائع الذي قدمت به.

وعن تجربة الفنانة الصيداوية هبة قواس التي بقيت محدودة الاطار لجمهور معين، اعتبر الراعي ان ما قدمته قواس يعتبر تجارب <اوبرالية> تماماً كما سبقها اليه اكثر من اسم بينهم سامية ساندري والين عون وغيرهما. وفي هذه التجارب لم يتم تقديم <اوبرا> كاملة في هيكليتها وقواعدها العالمية، فـ<للاوبرا> أسس او <ستاندرد> معينة. فعندما نتحدث عن اسس <اوبرالية> فإننا نعني بذلك الهيكلية المبنية على اساسها، في افتتاحية موسيقية طويلة، يليها مشهد اول ثم ثان، مع ما يتضمنه كل مشهد من مشاركين واصوات مختلفة. ويبقى الاساس تقنية الصوت الذي يجب ان يصدر من المعدة تماماً.

وحول الآلات التي سترافق <اوبرا عنتر وعبلة> في العزف الحي يؤكد <المايسترو> انها الآلات التقليدية المعروفة في <السيمفونيات> مع تطعيم ببعض الآلات الشرقية. تشكل السيدات اكثر من نصف عدد العازفين وهن يتمرن في <الاوركسترا السيمفونية> يومياً، ولشدة ما حفظن <النوتات> بتن يقمن <بالصبحية> بين بعضهن البعض وهن يعزفن على آلاتهن. معدل التدرب يوازي ثماني ساعات في <اوركسترا سيمفونية> يفتخر الراعي بها جداً ويعتبرها بين الاقوى عالمياً من حيث الاحتراف العالي. اما جوابه عن سؤالنا حول سبب سفر الفنانين اللبنانيين الى الخارج للتسجيل مع <الاوركسترات> المختلفة فيعزو الراعي الامر الى الكلفة الارخص. فالعازف الاجنبي عينه الذي يتقاضى مئتي دولار في بيروت مثلاً قد يتقاضى عشرين دولاراً هناك.

ــ وماذا عن كلفة <عنتر وعبلة>؟

-  لقد بلغت ما يوازي الـ450 ألف دولار، بحسب الراعي، ما بين مصاريف مختلفة يدخل من ضمنها طبعاً الاجور والديكور. <كنت أتمنى طبعاً لو ان هذا العمل انطلق من دار <اوبرا> لبناني الا انني آمل خيراً، وقد عرفت ان هذه الدار ستشيّد في خلال السنوات الخمس المقبلة اذ تم التوقيع مع الصين لبناء دار <اوبرا> او <كونسرت هول> في لبنان قد تكون في منطقة المارينا الضبية>. ولا يغفل الراعي التأكيد على التقنيات المتقدمة في كازينو لبنان والتي ستوفر للعمل الاطلالة على المشاهدين بأفضل ما يمكن.

وعن المال الذي يتطلبه انتاج عمل <اوبرالي> بشكل عام وانواع المستثمرين فيه، اكد الراعي ان اي عمل <اوبرالي> متكامل لن يكلف اكثر مما يصرف اليوم على اي عمل فني الذي قد تفوق كلفته أضعاف ما تتطلبه <الاوبرا> علماً انه لا يقدم العروض الجمالية عينها التي يقدمها العمل <الاوبرالي>. وهنا يأسف الراعي على بعض المسؤولين في الوسائل الاعلامية وبعض الموسيقيين انفسهم الذين ربطوا الموسيقى الكلاسيكية بالحزن والشجن فتم تسويقها بهذا الشكل، والامر عينه بالنسبة الى <الاوبرا> التي يمكنها ان تحمل الفرح والبهجة وليس الحزن والدراما في كل مرة. ولو لم يكن فن <الاوبرا> رائعاً لما استمر حتى يومنا بعد 800 عام على ولادته. فـ<الاوبرا> راسخة في حياة الشعوب المتقدمة، وكما لكل بلد نظامه السياسي وفريق كرة القدم الخاص به، لكل بلد متحضر الفرقة <الاوبرالية> الخاصة به ايضاً.

صورة-اوبرا-الضيعة-لارا--جوخدار----Eإخراج معاصر..

ــ وهل في <اوبرا عنتر وعبلة> ما هو معاصر؟ ام ان العمل تاريخي محض يعود بنا الى زمنهما؟

 يجيب المايسترو:

- ان الاخراج المسرحي معاصر، الا ان القصة وسياقها التاريخي محترمان بدقة: لم نصل بعد الى مرحلة <الاوبرا المودرن> كما في المانيا مثلاً. نحن لا نزال في خطواتنا الاولى، لم يتشبع مجتمعنا بعد من فن <الاوبرا> حتى ننتقل به الى <المودرن>. لقد سبق لمدينة قطر ان قدمتها بشكلها المعاصر ولم يتقبلها الناس. وعن خريجي المعهد <الاوبرالي> وهم بالمئات ومجال امتهانهم لما درسوه، يأسف الراعي للقول ان الامر لا يعدو هواية يمارسونها الى جانب اعمالهم الاساسية في الطب والهندسة والمحاماة وغيرها، علما انهم يتمنون لو كان بإمكانهم أن يتخذوا من <الاوبرا> عملاً فعلياً لهم. من هنا التعويل الكبير على نجاح <عنتر وعبلة> لأن نجاحها يعني فتح باب كبير أمامهم  لتحقيق طموحاتهم.

 غسان ولارا..

الفنان غسان صليبا اعتبر ان مشاركته في <اوبرا عنتر وعبلة> شرف كبير له، فبعد الخبرة التي حملها من المسرح الرحباني ينتظر بشوق هذه <الاوبرا> بالروح الشرقية التي تميزها والتي تختلف عن الاعمال الاستعراضية الاخرى، وهي مع نخبة من اساتذة وسيدات <المعهد العالي للموسيقى> شاكراً <اوبرا> لبنان وداعياً رجال الاعمال للاستثمار في الفن باعتبارهم كانوا عبر التاريخ الداعم الاول للفنانين.

من جانبها <عبلة> او لارا جوخدار بنت زغرتا، فهي متخصصة في الكيمياء وعملت في مجالها الى جانب الرياضيات والفيزياء. كان والدها عاشقاً لـ<الاوبرا> وحدث ان استمع مرة الى <بافاروتي> في حفلة له في كندا، فاشترى الاسطوانة التي بقيت <تلعلع> في البيت حتى احبها كل من سمعها و<دخلت في عروقنا>.

دخلت لارا الى <الكونسرفاتوار الوطني> في الثامنة عشرة من عمرها، وراحت تنمي موهبتها التي امتدت الدراسة فيها الى ما يعادل السبع سنوات وصقلتها بتدريبات في ايطاليا واسبانيا حيث تتلمذت لدى اشهر مغنيات <الاوبرا> عالمياً.

تُطلعنا لارا على ما يفرضه نمط العيش على مغن <اوبرالي> من تمرينات يومية بمعدل مقبول من دون <حرق الصوت>، النوم لغاية تسع ساعات، نمط غذاء معين خاصة قبل الحفلات حيث من المفضل استهلاك البروتينات من بيض او دجاج قبل صورة-اوبرا-الضيعة7---Cموعد الحفلة بساعتين، وكل ما يشاع عن حبوب لصفاء الصوت لا اساس له من الصحة، ويبقى الاهم طريقة التنفس السليمة.

وعن موضة <الاوبرا> في الاعراس اللبنانية التي بدأت تعرف قبولاً كما رقص <الباليه> الذي نلاحظه ايضا مكان الزفات التقليدية اكدت لارا هذا الامر وأنها دُعيت منذ فترة الى عدد من الحفلات الخاصة في لبنان وابو ظبي طلب منها ان يكون فيها غناء <الاوبرا> كجزء من برنامج الحفلة. لا تنكر <السوبرانو> ان البعض يعتبر الامر <استعراضا> الا ان مغني <الاوبرا> يمكنه ان يجعل مما يغنيه ما هو شعبي وقريب من الناس.

وعن <عبلة> التي تؤدي دورها في <الاوبرا> بعد <الكاستينغ> للشخصية التي رشح لها اكثر من اسم تقول لارا :

- اتعبتني <عبلة> جداً، واضطررت لزيارة الصحراء في الامارات والعيش وسط الرمال لاعرف ما معنى الصحراء، ولأدخل اكثر في شخصية <عبلة>. هذه الشخصية جديدة، ليس لدي معلومات كثيرة عنها، لم يسبق ان قُدمت قبلا بعكس <الاوبرات> المعروفة والتي يمكن البحث في كيفية اداء الفنانين للادوار والاستئناس بهم، فصار الاجتهاد شخصياً. لا انكر ان المخرجَين ساعداني جداً في الوصول الى الشخصية التي ستتعرفون اليها بوجوه عدة، فترون فيها الحبيبة العاطفية والناعمة والضحية التي تبكي، وترونها ايضاً مقدامة جريئة تتحدى وتقاتل الاعداء، كذلك ستجدون <عبلة مهضومة ولذيذة>.

وتنهي لارا قائلة:

 - للصراحة ان اصعب ما في الدور المسؤولية التي احملها على كتفي في هذه <الاوبرا>. لقد سبق واديت ادوارا اكثر صعوبة في <اوبرات> لـ<موزارت> و<بوتشيني> مثلاً، الا ان وقوفي امام الفنان القدير غسان صليبا يحملني مسؤولية كبيرة، وليس قليلاً ان يرتبط اسمي باسم نجم له مكانته في العالم العربي. انه فارس نبيل بكل ما للكلمة من معنى، لا يقل عن فروسية <عنترة> ابداً، وهو <فعلاً وليس قولا ملك المسرح>. صحيح انني كنت <استاذته> في تمرينات الصوت <الاوبرالي> الا انني بالمقابل تعلمت منه الكثير من الأمور على رأسها التواضع الجم..

وعما اذا طُلب منها اي تغيير في شكلها ليتناسب وشخصية الحبيبة المتيمة، اكدت لارا انه سيتم فقط تفتيح لون بشرتها هي السمراء اصلاً <فأنا بطبيعتي سمراء وشعري لونه غامق>، ذلك انه بحسب ما جاء في الكتب كانت <عبلة> بيضاء و<عنتر> اسود، علماً انها تشك شخصياً في ان تكون <عبلة> بيضاء تماماً، فهي بنت البادية، اما الفنان غسان صليبا فلن يطل اسود البشرة بشكل كامل لضرورات المسرح، علماً ان امه اثيوبية وسيكتفي باللون الاسمر الذي لن يزيده الا جمالاً..