تفاصيل الخبر

أول امتحان لصمود ”التسوية“ في تعيـيـنـات نصف الدستوري والعــدل والإنمـــاء والإعمـــار والأشغــال ونــواب الحاكـــم!

28/06/2019
أول امتحان لصمود ”التسوية“ في تعيـيـنـات نصف الدستوري  والعــدل والإنمـــاء والإعمـــار والأشغــال ونــواب الحاكـــم!

أول امتحان لصمود ”التسوية“ في تعيـيـنـات نصف الدستوري والعــدل والإنمـــاء والإعمـــار والأشغــال ونــواب الحاكـــم!

تنشط جهات سياسية وراء الكواليس لتأمين <تمرير> تعيينات ادارية وقضائية تراها ملحة ليقينها بأن لا اتفاق ممكناً حول ملف التعيينات ككل حيث يخشى أن تصطدم مصالح الكتل الوزارية والحزبية بعضها مع البعض الآخر، فتتعطل التعيينات كلها وتبقى الأمور على حالها. لذلك تسعى هذه الجهات الى تأمين <اتفاق> مسبق بين المعنيين للوصول الى حلول تضمن ملء الشواغر في أربعة مواقع حساسة، لاسيما وانها إذا <زمطت> بها تكون قد حصلت على مكاسب لا تضمن أن تحصل عليها في مواقع أخرى شاغرة.

وعلى قاعدة <استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان> ثمة معلومات توافرت لدى <الأفكار> تؤكد ان امكانية الوصول الى <تفاهم> حول هذه المواقع باتت واردة، وإن كان الشيطان يكمن في التفاصيل. من هنا أتى التحرك البعيد عن الأضواء لإنجاز <سيناريو> يحقق في النهاية رغبات جميع أصحاب القرار في التعيينات فلا يعطل طرف <المساعي الحميدة> للطرف الآخر.

وتورد جهات على اطلاع عما يُحاك في الأروقة الضيقة، أولويات هذه المواقع، لكنها تقر في المقابل ضرورة تطبيق المثل الشعبي القائل <ما تقول فول حتى يصير بالمكيول>... ووفق هذه الأولويات يمكن الاضاءة على الآتي:

تعيينات العدل!

ــ أولاً: في وزارة العدل، مركزان سنيان شاغران هما المدير العام للعدل والمدعي العام التمييزي، إضافة الى موقعين أساسيين للمسيحيين، هما رئيس مجلس شورى الدولة ورئيس هيئة الاستشارات والتشريع. أما الجهد المبذول في هذا الإطار فيصب على توافق تيار <المستقبل> مع <التيار الوطني الحر> والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة <أمل> على <التسليم> بأن يسمي <التيار> الموقعين المسيحيين، على أن تكون لـ<المستقبل> حرية تسمية الموقعين السنيين، على أن <تطلق> يد <الثنائية الشيعية> في تسمية موظفين شيعة في مواقع أخرى خارج وزارة العدل.

أما بالنسبة الى المجلس الدستوري الذي انتهت ولاية أعضائه منذ سنوات واستمروا وفقاً لقانون المجلس حتى انتخاب بدلائهم وقسم اليمين، فإن المشهد يختلف إذ ان خمسة من الأعضاء العشرة انتخبهم مجلس النواب حيث كان الرئيس نبيه بري اللاعب الأكبر في اختيارهم، فيما يبقى على مجلس الوزراء أن يعين الخمسة الآخرين، ومجال المقايضة هنا أكثر اتساعاً لكنه يتوقف على حصيلة الانتخاب المجلسي لضمان الوصول الى توازن طائفي في تركيبة المجلس المؤلف من خمسة مسيحيين وخمسة مسلمين يتوزعون كالآتي: مارونيان، ارثوذكسيان، كاثوليكي، وسنيان وشيعيان ودرزي. وغالباً ما يكون هامش المناورة واسعاً في هذا المجال، علماً ان اسم رئيس المجلس (الماروني) يكون عادة من حصة رئيس الجمهورية، ونائبه (السني) من حصة رئيس الحكومة.

نواب الحاكم.. ومجلس

الإنمــــاء والإعمـــار!

ــ ثانياً: نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، الشيعي والسني والدرزي والأرمني، ومن الواضح ان التوجه سيكون في إطار إبقاء القديم على قدمه، باستثناء العضو الدرزي الذي يتنازع على تسميته كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديموقراطي الأمير طلال ارسلان، إذ ان امكانية التفاهم على هذه المسألة لا تزال معلقة.

ــ ثالثاً: مجلس الإنماء والإعمار الذي يواجه صراعاً لم يعد خفياً بين رئيس <التيار الوطني الحر> الوزير جبران باسيل من جهة، والرئيس سعد الحريري من جهة ثانية، ذلك ان باسيل لا يزال يرفض تعيين مستشار رئيس الحكومة نديم المنلا رئيساً للمجلس خلفاً للمهندس نبيل الجسر، ويدعوه الى اقتراح اسم آخر. ونتيجة ذلك رفض الحريري الاسم الذي يزكيه باسيل كي يكون أميناً عاماً للمجلس، علماً ان منصب نائب الرئيس محسوم لمرشح رئيس الجمهورية مستشاره الهندسي انطون سعيد. ويقول متابعون لمسار الاتصالات التي تجري خلف الكواليس ان الرئيس الحريري متمسك بالمنلا ولن <ينزعج> إذا بقيت التعيينات في مجلس الإنماء والاعمار مجمدة لأن رئيسه الحالي قريب منه (شقيق النائب سمير الجسر)، في حين ان الأمين العام الحالي للمجلس غسان حداد بعيد جداً عن <التيار البرتقالي> الذي يطالب بتغييره. أما نائب الرئيس فهو شاغر لوفاة المهندس آلان قرداحي الذي كان يشغل المنصب وتوفي منذ سنوات ولم يتم ملء الفراغ الذي أحدثه، علماً ان منصب نائب الرئيس مهم وحساس في هيئة مجلس الإنماء والإعمار الذي يشرف على 90 بالمئة من التلزيمات الكبرى في البلاد، لاسيما الطرق والأوتوسترادات ومحطات الصرف الصحي والسدود وغيرها من المشاريع الانمائية الممولة إما من الدولة أو من قروض الصناديق العربية والأوروبية.

وزارة الأشغال!

ــ رابعاً: تشكل التعيينات في وزارة الأشغال العامة والنقل تحدياً كبيراً للوزير باسيل، ذلك ان الوزير يوسف فنيانوس الذي يمثل تيار <المردة> ليس في وارد تبني أي مرشح يدعمه <التيار الوطني الحر>، علماً ان الشواغر في وزارة الأشغال كثيرة، تبدأ بموقع المدير العام للوزارة مروراً بالمدير العام للتنظيم المدني ووصولاً الى الهيئة الناظمة للطيران المدني ومجلسي ادارة مرفأي بيروت وطرابلس. وتؤكد المعلومات ان <الكباش> قائم حول هذه المراكز والمرشحين إليها بين الوزير فنيانوس والوزير باسيل، ولم يشأ الرئيس الحريري الدخول على الخط حتى الساعة، لاسيما وان معظم هذه الشواغر (باستثناء رئاسة مرفأي بيروت وطرابلس) سيتولاها مسيحيون، فالمدير العام للتنظيم المدني يفترض أن يكون من الأقليات، في حين ان مدير عام الأشغال من حصة طائفة الروم الكاثوليك، ولم تحسم بعد هوية رئيس الهيئة الناظمة للطيران في انتظار التفاهم على هويات رؤساء الهيئات الناظمة للقطاعات الأخرى لاسيما الكهرباء والهاتف والنفط.

في أي حال، ثمة من يرى ان <التسوية> التي صمدت بعد اهتزاز ستكون أمام امتحان فعلي لمدى قوتها، عندما يقارب مجلس الوزراء التعيينات في المجالات الأربعة أعلاه. وقديماً قيل <عند الامتحان يُكرم المرء أو يهان>... فهل ستكرّم <التسوية>؟

من الواضح ان ثمة من يسعى الى قطع الطريق على أي محاولة لتقاسم التعيينات بين الرئيس الحريري وتياره، والوزير باسيل وتياره، بدليل ان التواصل لم ينقطع بين رئيس حزب <القوات اللبنانية> الدكتور سمير جعجع الذي يطالب باعتماد آلية واحدة في التعيين، والحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرفض أن يعطى النائب طلال ارسلان أي حصة في التعيينات الدرزية بعدما قيل ان توزيع التمثيل الدرزي سيكون وفق نسبة الثلثين لجنبلاط والثلث لارسلان وحليفه الجديد الوزير السابق وئام وهاب، وممثل <المردة> في الحكومة الوزير يوسف فنيانوس المنزعج من أسلوب الوزير باسيل في مقاربة ملف التعيينات. ويبدو ان ثمة من يسعى الى تكوين تحالف ثلاثي قوامه <القوات اللبنانية> والاشتراكي و<المردة> للوقوف في وجه تعيينات لا حصة لهم فيها، ومثل هذا التحالف يعني بلغة الأرقام ثمانية وزراء من أصل 30 وزيراً أي أقل من الثلث الذي يعطل أي قرار بالتعيين الذي يحتاج الى ثلثي أعضاء الحكومة. وما لم ينضم وزراء حركة <أمل> الى التحالف الثلاثي فإن التعيينات يمكن أن تمر بغالبية الثلثين، علماً ان قرار <أمل> لا يمكن أن يكون في معزل عن قرار وزراء حزب الله الثلاثة الذين لا تجمعهم مع <القوات> أي علاقة تفاهم، فيما العلاقة مع الاشتراكي متأرجحة، في حين ان كل المعطيات تشير الى ان ممثل <المردة> <يستأنس> عادة برأي وزراء حزب الله، ولن يعطي <كريدي Crédit> لوزراء <القوات> لإسقاط قرار يوافق عليه وزراء الحزب.

من هنا يبدو مشهد التعيينات وكأنه <مشروع مشكل> جديـــد إذا لم يُتفق سلفاً على طريقة مقاربته بحيث تؤخذ في الاعتبـــار الأحجــــام مــن جهـــــة، والقـــــدرة على التأثير مــن جهـــة أخـــرى، وقــــد يكــــون مــن الأنسب أن تكون للجميــــع حصــــة مــن قــــالب التعيـــيـنــــات بصـــــرف النظـــــر عن حجم هذه الحصة.