تفاصيل الخبر

انتشار ظاهرة التنمّر في المدارس وانعكاساتها السلبية على الاولاد...

21/02/2020
انتشار ظاهرة التنمّر في المدارس وانعكاساتها السلبية على الاولاد...

انتشار ظاهرة التنمّر في المدارس وانعكاساتها السلبية على الاولاد...

 

بقلم وردية بطرس

 

المساعدة الاجتماعية كريستيل منصور:التوعية حول التنمر تبقى الاساس لمواجهة هذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على الضحية!

 

 

<التنمر مش مزحة> نعم ليس مزحة فللتنمر تأثير سلبي جداً على الولد... اذ ان التنمّر هو ظاهرة عدوانية وغير مرغوب بها تنطوي على ممارسة العنف والسلوك العدواني من قبل فرد او مجموعة أفراد نحو غيرهم، وتنتشر هذه الظاهرة بشكل أكبر بين طلاب المدارس.

وبتقييم وضع هذه الظاهرة يتبين ان سلوكياتها تتصف بالتكرار بمعنى انها قد تحدث أكثر من مرة، كما انها تعبّر عن افتراض وجود اختلال في ميزان القوى والسلطة بين الأشخاص حيث ان الأفراد الذين يمارسون التنمّر يلجأون الى استخدام القوة البدنية للوصول الى مبتغاهم من الأفراد الآخرين، وفي كلتا الحالتين سواء أكان الفرد من المتنمّرين او يتعرّض للتنمّر، فانه معرّض لمشاكل نفسية خطيرة.

وكانت الدراسة الوطنية الميدانية التي أطلقتها <جمعية انقاذ الطفل الدولية في لبنان> والتي نفذت على المستوى الوطني واستمرت لمدة سنة قد أشارت ان طفلاً من أصل اثنين تعرّض للتنمّر في لبنان خلال احدى مراحل حياته، و16 بالمئة تغيّبوا عن المدرسة، و12 بالمئة تسرّبوا من المدارس وتركوها بشكل نهائي، و17 بالمئة تراجعت علاماتهم الدراسية، فيما 70 بالمئة من الأطفال أفادوا بأنهم شعروا بالانزعاج، و27 بالمئة انسحبوا من مختلف النشاطات الاجتماعية والرياضية او المشاركة مع زملائهم. وهذه الدراسة استمرت لمدة سنة بهدف تسليط الضوء على مشكلة التنمّر الكبيرة في لبنان حيث يعاني الأطفال من القلق وحتى التسرّب المدرسي نتيجة تعرّضهم لأشكال مختلفة من العنف في محيطهم التعليمي والمجتمعي.

وتأثيرات التنمّر متعددة على الطفل فيمكن ان تقضي على القدرات القيادية للطفل اضافة الى تأخير نموه الأكاديمي وهذا ما استهدفته <جمعية انقاذ الطفل> التي تلمست الحاجة الى هذه الدراسة حيث قامت الجمعية ببرامج ميدانية تستهدف الأطفال وأدركت بعد 100 حالة كانت الجمعية تديرها ان كل هؤلاء تعرضوا للتنمّر دون معرفة ان ما يحدث لهم اسمه <تنمّر>، فبدأت الجمعية البحث عن دراسات حول هذا الموضوع في لبنان فلم تجد واحدة تقوم بقياس حجم التنمّر في المجتمع والمدارس، فكانت هذه الدراسة الاحصائية مع <احصاءات لبنان> وكان البحث محلياً حول هذه الظاهرة فتمت محاورة الأطفال. وهناك دراسات تقول ان الذي يقوم بالتنمّر يكون في الاغلب قد تعرّض في وقت سابق للتنمّر، فتكون هذه الظاهرة ردة فعل.

وتتعدّد أساليب المضايقات والتنمّر بين الأطفال مثل السخرية والاهانة والنعت بأسماء الحيوانات، وهي ظاهرة يتعرّض لها الكثيرون من تلاميذ المدارس الابتدائية في مختلف البلدان بما فيها لبنان. ويؤدي التعرّض الى هذه الممارسات في المدرسة الى تغيّر سلوك الطفل في المنزل، مما قد يصيب الأبوين بالحيرة، اذ يصبح ابنهما حزيناً منعزلاً ويعاني من صعوبات في النوم، وتتراجع نتائجه المدرسية. وان هذه المضايقات مثل السخرية والنعت بأسماء الحيوانات قد تحدث في ساحات المدارس وداخل الفصول، وقد يعتبرها البعض مجرد لعبة بين الأطفال لا تنطوي على أية خطورة... ومع ذلك تمر هذه الاهانات مرور الكرام ويواجه الضحية صعوبة في الدفاع عن نفسه والتبليغ عما يتعرّض له، كما وتلحق هذه الوضعيات أضراراً كبيرة بالأطفال الضحايا، فقد يُصابون بالاكتئاب الحاد وفقدان الثقة في النفس، اذ يضطر كثيرون منهم لملازمة الصمت خوفاً من الانتقام منهم او التعرّض للتوبيخ. ويلاحظ ان العديد ممن يتعرضون لهذه المضايقات يصبحون شيئاً فشيئاً منبوذين ويتم اقصاؤهم خلال وقت اللعب، كما انهم يتعرضون للسخرية حتى عندما يقدمون اجابات ممتازة في الدرس، ويبقون مهمشين عندما تُشكّل الفرق في المسابقات الرياضية وغيرها من النشاطات الترفيهية.

فهل هناك أنواع من التنمّر؟ وكيف يجب ان يواجه الولد التنمّر؟ وما هو دور المدرسة والأهل مما يحصل للولد؟ وغيرها من الأسئلة أجابت عنها الاختصاصية في العمل الاجتماعي المساعدة الاجتماعية كريستيل منصور، ونسألها:

ــ هل هناك أنواع من التنمر؟

- يُعتبر التنمر تصرفاً عدوانياً وليس مرغوباً به اذ انه شكل من اشكال العنف من قبل فرد او مجموعة، ويكون التنمر متكرراً لأنه اذا حصل لمرة واحدة فليس بتنمّر الا اذا تكرر الأمر.

والتنمر أنواع: هناك تنمّر لفظي اي الاساءة اللفظية او الاهانات او الشتائم، وممكن ان يكون التنمر عبارة عن تصرف عنيف، وممكن ان يكون تحرشاً جنسياً وهذا يسبب الخوف لدى الضحية، كذلك ممكن ان يكون التنمّر على الانترنت من خلال التهديد واجبار الضحية على القيام بأمور لا يريدها فيُجبر عليها، وأحياناً يكون التنمر عنصرياً مثلاً من حيث الاختلاف في الجنس او العرق وما شابه...

ــ هل يختلف الأمر من حيث عمر ضحية التنمر؟

- يختلف بالوتيرة أكثر مثلاً اذا كان الولد بعمر 3 او 4 او 6 سنوات فسيختلف الأمر عليه من الناحية الجسدية اذ ممكن ان يقوم المتنمّر برمي أغراضه في المدرسة او يركله في المدرسة. وبعمر أكبر يصبح التنمّر مختلفاً اذا يلجأ المتنمر الى الضرب بعنف أكثر وبطريقة تجرح الضحية كثيراً ويستعمل معايير أو أساليب اكثر عنفاً بحسب عمره، اذ طبعاً الحديث الذي يقال في ما يكون المتنمر صغيراً ليس كما عندما يصبح راشداً، من هنا يختلف الموضوع بحسب العمر.

ــ سبق ان أُطلقت حملة <التنمر مش مزحة> لالقاء الضوء على موضوع التنمر، فالى اي مدى اصبحت حالات التنمّر منتشرة في يومنا هذا خصوصاً في المدارس؟

- هذا صحيح، من قبل كنا نرى حالات تنمر، ولكن الآن يُسلط الضوء على هذه المشكلة اذ ان الأولاد في يومنا هذا يتحدثون عن ذلك بينما في السابق كان الأولاد يخفون الأمر وربما كانوا يشعرون بالخجل ولا يطلبون مساعدة من أحد، ولهذا لم يكن الناس يعرفون ما يحصل بهذا الخصوص ولم نكن نسمع عن هذا الامر كثيراً كما اليوم، ولكن الآن نسمع من التلاميذ اذ يخبروننا بالأمر لأننا نلقي الضوء على مشكلة التنمر من خلال حملة التوعية في المدرسة، ولهذا لدينا برنامج نتبعه في المدرسة من عمر الثلاث سنوات لغاية مرحلة البكالوريا ويدعى البرنامج <Protect ED> وهو برنامج أطلقته مؤسسة <KID PROOF> ونعتمد على هذا البرنامج لأنه من خلاله نقوم بالتوعية عن التنمر، وكيف يتصرف الشخص الذي يتعرّض للتنمر، وماذا يفعل، وأيضاً كيف نحن كاختصاصيين في المدرسة نتابع أيضاً الأشخاص ليس فقط ضحايا التنمر بل الذين يقومون بالتنمر كذلك، لأننا نعتبر الشخص المتنمر بمكان معين هو أيضاً ضحية اذ ربما كان معرّضاً للتنمر في طفولته، وممكن من الأسباب التي تدفعه للتنمر أيضاً انعدام الثقة بنفسه، او ان تكون صورته بالنسبة اليه ضعيفة، وقد يعود السبب للجو العائلي في البيت سواء في حال كان الأهل منفصلين او كانت هناك مشاكل عائلية، فهذه جميعها تؤثر على الولد وتجعله بمكان معين لأنه يريد ان يثبت نفسه وان يثير الاهتمام من حوله فيقوم بالتنمّر... وأيضاً اذا كان الأهل لا يشجعّون ابنهم ليكون مسؤولاً ولان يتخذ القرارات بمكان معين، فهذا يؤثر كثيراً على ثقته بنفسه وعندما تضعف الثقة فسيؤثر ذلك على تصرفاته ويترجم ذلك من خلال أذية شخص آخر او الانتقام منه.

ــ وكيف يؤثر التنمّر على تصرفات الولد وعلى نفسيته؟

- طبعاً يؤثر التنمر على نفسية الولد اذ لا يعود يركز في الصف، كما انه يشعر بالوحدة اذ لا يكون لديه أصدقاء في المدرسة وما شابه، ودائماً يشعر الولد الذي يتعرّض للتنمر بالخوف وعدم الشعور بالأمان ولهذا ترين الولد الذي يتعرّض للتنمر يقول أحياناً انه لا يريد ان يذهب الى المدرسة، ولا ان يشارك في النشاطات التي يحبها سواء الترفيهية او الرياضية اذ يبتعد عن هذه النشاطات خوفاً من الاهانة والسخرية، كما يحدث تغيّر في نمط الطعام والنوم، ويكون دائماً حزيناً ويبكي... كما انه يتعرض أحياناً للعنف الجسدي اذ تبدو الكدمات على جسمه في بعض الأحيان او آثار الضرب على جسمه، وتضعف ثقته بنفسه اذ يشعر بأنه غير نافع وليست لديه قيمة... واذا وصل الأمر الى الأسوأ فممكن للشخص الذي يصل الى هذه المرحلة من الاكتئاب الشديد ان ينتحر ليوقف ذلك اذ ممكن ان يقرر ان ينهي حياته... لقد وصل الأمر الى هذا الحد اذ وقعت حالات عدة في لبنان في السنوات الأخيرة ولكن لم يُلق الضوء على الأمر في وسائل الاعلام لأنه أحياناً هناك مواضيع لا يُحبذ التحدث عنها في الاعلام... ولقد سمعنا عن حالات انتحار في المدارس في لبنان بسبب التنمّر.

ــ وما هو دور المدرسة في هذا الصدد؟

- أهم ما في الأمر ان تقوم المدرسة بالتوعية حول موضوع التنمر، ولهذا فانني كاختصاصية اجتماعية في المدرسة وبالتعاون مع فريق متخصص سواء المعالج النفسي او معالج النطق والمعالج الحسي فاننا نقوم بدورات للأولاد لنشرح لهم عن التنمّر وماذا يحدث بسبب التنمر وما هي تأثيراته وتداعياته السلبية والاسباب التي تدفع بالشخص للقيام بالتنمر... اذاً نعمل سوياً على هذه الناحية الى جانب البرنامج التوعوي <Protect ED> الذي يساعد التلاميذ الذين يتعرضون للتنمر كثيراً... وطبعاً من خلال متابعتنا مع الأولاد فهم يلجأون الينا، وأحياناً يصلنا من الأهل او الأساتذة او الطقم التربوي ان الشخص الفلاني يتعرض للتنمر، وفي هذه الأثناء نرى الولد ونتابع حالته، وطبعاً نرى الشخص الذي يقوم بالتنمر لمساعدته أيضاً.

ــ وماذا عن دور الأهل؟

- دور الأهل مهم جداً لتوعية اولادهم اذ اننا نعمل بالتوازي مع بعضنا البعض لأن دور الأهل أساسي، كما ننبه الأهل بأن طريقة تعاطيهم مع بعضهم البعض قد تؤثر على ابنهم مثلاً اذا كان هناك عنف لفظي او جسدي فالولد سيقلّد والديه في حياته وسيتصرف بالمثل، وأيضاً يجب ان ينتبهوا عندما يتحدثون عن أمور لا يجب ان يسمعها الولد، فكل هذه الأمور يجب أخذها بعين الاعتبار من قبل الأهل.

ــ وهل يقدر الولد ان يساعد نفسه بنفسه لمواجهة التنمر؟

- يقدر الولد ان يضع حداً للتنمر اذ هناك أساليب يمكن ان يتبعها لتحقيق ذلك، مثلاً عندما يتعرض للتنمر فبامكانه ان يقول للشخص الذي يتنمّر عليه ان يتوقف عن القيام بذلك، لأنه أحياناً لا يعرف الضحايا كيف يتصرفون عند مواجهة هذه المشكلة ولهذا نقوم بمساعدتهم من خلال اعلام المسؤولين في المدرسة عما يحصل معهم لأن اخفاء الأمر سيلحق بهم الضرر كثيراً. وكما ذكرت انه بامكان الولد ان يعلم الشخص الذي يقوم بالتنمر ان يتوقف عن أذيته وبالفعل قد يتوقف عن القيام بذلك، كما يمكن للولد ان يتجاهل الشخص الذي يقوم بالتنمر.

 

نصائح!

ــ وهل من نصائح لتخفيف المعاناة على الولد الذي يتعرض للتنمر؟

- اولاً أنصح الأهل بأن يدركوا هذه الأمور خصوصاً اذا كان ابنهم يتعرّض للتنمر في المدرسة لأن الشخص الذي يقوم بالتنمر لا يفعل ذلك أمام الأستاذ او المساعد الاجتماعي بل يحصل الامر غالباً في ملعب المدرسة او امام باب المدرسة دون ان يراه أحد لأنه بالأساس يكون شخصاً مريضاً ويحب ان يؤذي الآخرين، وبالتالي قد لا يعرف أحد ان الولد الفلاني يتعرّض للتنمر ومن هنا أهمية توعية المدرسة والأهل معاً... ويجب ان يدرك الأهل ان دعمهم لأولادهم أمر مهم جداً وانه يجب ان يكونوا الى جانبهم مهما كثرت المسؤوليات والأشغال اذ نعلم جيداً ان الظروف المعيشية صعبة في البلد ويعمل الأهل جاهدين لتأمين مستلزمات الحياة لأولادهم ولكن من الضروري ان يخصصوا وقتاً لأولادهم لئلا يتحولوا الى ضحايا التنمر... اذاً التوعية ثم التوعية هي الأساس.