تفاصيل الخبر

انتشار ظاهرة الالعاب الالكترونية التي تعزز السلوك العنيف عند الأولاد...

28/02/2020
انتشار ظاهرة الالعاب الالكترونية التي تعزز السلوك العنيف عند الأولاد...

انتشار ظاهرة الالعاب الالكترونية التي تعزز السلوك العنيف عند الأولاد...

 

بقلم وردية بطرس

 

المساعدة الاجتماعية مايا اسطفان: الألعاب الالكترونية العنفية تستهدف الأولاد بطريقة خطيرة وعلى الأهل مراقبة ما يشاهده أولادهم على شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية!

 

أصبح استهداف الأطفال والمراهقين أمراً مخيفاً يستدعي التدخل لحمايتهم من ألعاب الكترونية تظهر بين الفترة والأخرى بحيث تثير فضولهم فيلتفون حولها، ولكنها تتحول الى أمراض نفسية او جسدية مستعصية، وقد تصل في بعض الأحيان الى الوفاة في حال عدم انتباه الأهل... لقد انتشر في الفترة الأخيرة تطبيق جديد يُدعى <تيك توك> اذ يواظب الطلاب في المدارس على التسلية بهذه اللعبة وهي عبارة عن محاولة عرقلة حركة السير، حيث يقف الطالب في المنتصف حتى يسقط على رأسه، وهو يعّد من التحديات الحديثة المنتشرة في المدارس والتي أدت الى اثارة القلق بين الأهالي نتيجة لخطورتها.

فبالفعل بدأت تنتشر لعبة في الكثير من مدارس البلدان بما فيها لبنان، وهي لعبة سخيفة في منتهى الخطورة تسمى <كسر الجمجمة> حيث يستدرج طالبان او طالبتان زميلاً ثالثاً لهما بحجة اللعب معهما من خلال قفزهم جميعاً معاً الى أعلى وخلال القفزة يقومان بشنكلته في الهواء فيقع على ظهره وذلك للسخرية واضحاك الجميع، والخطورة هنا انه قد تحدث وفاة مباشرة نتيجة لارتطام الرأس بشدة على الأرض، وتجدر الاشارة الى ان هذه اللعبة لم تكن الأولى التي تتسبب بالكثير من المشكلات الصحية الخطيرة للطفل الذي يمارسها او قد تسبب الوفاة للأطفال حيث ان هذه الألعاب تنتشر سريعاً ويلعبها الاطفال، وهي تنوّعت ما بين الألعاب العادية مثل <تيك توك> والألعاب الأخرى الالكترونية منها لعبة <الحوت الأزرق> التي تعتمد على اعطاء الأوامر والطلبات التي تبدو غريبة للغاية وتكون فترة متابعتها 50 يوماً، وقد تنوّعت هذه الطلبات التي تعتمد عليها هذه اللعبة بين الاستيقاظ من النوم في منتصف الليل، او مشاهدة الطفل الممارس لها لأحد الأفلام التي تندرج تحت نوعية الرعب، حتى الوصول الى مرحلة رسم <الحوت الأزرق> بشفرة حلاقة حادة، وبعد انتهاء الـ50 يوماً، تطلب اللعبة انجاز الأمر الأخير والذي يكون عبارة عن التحريض على الانتحار عن طريق الشنق. وأيضاً هناك لعبة <مريم أندرويد> وهي عبارة عن محادثة من العالم الافتراضي من خلال مناقشة الأطفال واخبارهم بأسمائهم. وأيضاً لعبة <مومو> التي تعتمد على ظهور فتاة ذات شعر كثيف وبعين بارزة، تعمل على استهداف الطفل او الشخص المراهق من خلال طريقتها المرعبة، فضلاً عن زيادة طلبها لعدد من الخطوات التي تريد تنفيذها في الحال، وهي عبارة عن محاولة ايذاء للطفل ودفعه للانتحار.

المساعدة الاجتماعية مايا اسطفان وتأثير العنف على الأولاد المدمنين على الالعاب الالكترونية الخطيرة!

ولنعرف ما يحدق بالولد من مخاطر بسبب ادمانه على الالعاب الالكترونية الخطيرة والتي تعزز العنف لديه، تحدثت <الأفكار> مع الاختصاصية في العمل الاجتماعي ــ المساعدة الاجتماعية السيدة مايا اسطفان ونسألها:

ــ كيف تؤثر الألعاب الالكترونية العنفية على الأولاد؟ وكيف ينعكس ذلك على سلوكهم وتعاملهم مع الآخرين؟

- للأسف العنف ينتشر في كل بلدان العالم، فاليوم هناك حروب وثورات تنتج عنها أعمال عنفية، وهناك أيضاً التهجير، وتردي الوضع الاقتصادي، وانتشار الفقر، فكل هذه الأمور تؤثر على جو العائلة ككل، اذ عندما تحدث مشاكل اجتماعية ومشاكل عائلية تغيب الرقابة قليلاً عن الولد فيصبح حراً بتمضية وقت أطول امام شاشة الهواتف الذكية وما شابه، اذ انه مع تطور التكنولوجيا اصبح بامكان الولد ان يشاهد اي فيديو على <يوتيوب> كما انه اصبح قادراً بشكل اكبر على استخدام الألعاب الالكترونية التي تؤثر عليه، والخطير بالأمر ان الألعاب الالكترونية تروّج للأولاد بأن البطل هو الذي يقتل، وعندها لا يعود الولد قادراً على السيطرة على أفعاله فيصبح مدمناً، والادمان على هذه الألعاب يسبب له الكثير من المشاكل، منها عدم الثقة بالنفس، والشعور بالاضطراب، والخوف اذ ربما يرى الكوابيس أثناء النوم، وكل هذا يؤدي الى تراجع علاماته في المدرسة، وهو بطبيعة الحال يود ان يطبّق ما يشاهده فيؤذي الآخرين.

مراقبة الأهل ضرورية!

ــ هل هناك عمر معين يتلقى فيه الولد هذه الأمور بطريقة سلبية؟ فيما هناك عمر قد يستطيع الولد ربما ان يسيطر على ما يشاهده او يلعبه؟

- لهذا السبب الرقابة أمر مهم جداً لأن لكل عمر خصوصيته، وعلى الأهل ان يكونوا على دراية بهذه الأمور وألا يتركوا أولادهم يقضون ساعات وهم يلعبون بدون مراقبة، وأيضاً يجب ان يخصصوا وقتاً معتدلاً للعب وليس لوقت طويل. أحياناً يخاف الأهل ان يضعوا حدّاً للأمور لئلا يخسروا عاطفة اولادهم وهذا خطأ كبير، اذ بالعكس فكل انسان او كل ولد يحتاج لحدود تحميه لهذا ننصح الأهل دائماً بأن يقوموا بذلك. وطبعاً لا يغيب عن البال بأنه في يومنا هذا تقع على عاتق الأهل مسؤوليات كثيرة فينشغلون عن أولادهم، خصوصاً بسبب تدني الوضع الاقتصادي اذ يشعر الأهل باليأس لهذا يعملون كثيراً لتأمين متطلبات أولادهم واحتياجاتهم، كما ان الولد يشعر بعدم الاستقرار نتيجة الخلافات العائلية المستمرة خصوصاً اذا كان يشاهد المشاحنات بين والديه، ولا ننسى أيضاً شعور الولد بعدم الأمان نتيجة فقدان أحد الوالدين او الانفصال بينهما، وأيضاً اذا كان الولد يُمارس عليه العنف فعندها يستخدم العقاب الجسدي والأسري كوسيلة للمعاملة، وأيضاً العنف اللفظي له تأثير سلبي على الولد لأنه يزعزع الثقة لديه كمثل ان يقول الأهل لابنهم انت كسول ولن تنجح، وأيضاً التمييز بالمعاملة بين الأبناء اي عندما يقول الأهل للولد انظر الى أخيك او اختك كيف يفعل كذا وكذا.

ــ وهل يختلف تلقي العنف بين صبي وبنت؟

- لا يختلف الأمر من حيث تلّقي العنف، ولكن المجتمع هو الذي يميّز بين الصبي والفتاة، اي ان المجتمع الذكوري يقول بأن الرجل يجب ان يكون هو البطل وهو أقوى من البنت، وهذا يجعل الفتاة تشعر بأنها أقل مستوى من الصبي لأنه هو أقوى منها وهو يمارس العنف عليها.

 

الحوار بين الأهل والأبناء ودور المدرسة!

ــ وهل يكون الأولاد محميين ومحصنّين اذا اعتمد الأهل طريقة صحيحة في التربية ام انهم سيتأثرون بأصدقائهم وزملائهم الذين يقومون بأعمال عنفية سواء في المدرسة او اي مكان؟

- الحوار بين الأهل والأبناء أمر أساسي ومهم جداً، فالحوار السليم بين الأهل والأبناء يساعد كثيراً في هذا الخصوص، فعندما يضع الأهل قواعد معينة ويتفقون مع أولادهم فانهم بذلك يحمونهم أكثر، اذ يجب ان يكون هناك دائماً حوار متبادل لتفسير كل الأمور، اذاً الحوار هو أفضل وسيلة لحماية الأولاد مما يحدق بهم من مخاطر في وقت يزداد فيه العنف.

ــ وما هو دور المدرسة ودوركم كاختصاصيين في العمل الاجتماعي لمساعدة الأولاد لحمايتهم من العنف؟

- المدرسة تتبنى منهجاً أخلاقياً شاملاً لتجنّب العنف قبل حدوثه، بمعنى انها ترشد لسلوكيات صحيحة من خلال الحوار. ومن المهم ان ننبّه الأولاد حول القيم والأخلاق والمبادىء الصالحة، ونحن في المدرسة مجموعة تتألف من اختصاصيين في العمل الاجتماعي واختصاصيين في العلاج النفسي، وهناك فريق يحمي الأحداث ويوجههم، وبدورنا نقيم لقاءات مع الأهل مبنية على الحوار وكيفية متابعة أولادهم بشكل أفضل امام هذه الظاهرة الخطيرة، كما لدينا برنامج يُتبع من الحضانة الى البكالوريا وهذا البرنامج هو <Protect ED> الذي أطلقته مؤسسة <KIDS Proof> والذي يدخل ضمن المنهج التعليمي وهو يُطبّق في الكثير من المدارس، اذ ان عدداً كبيراً من المدارس في لبنان يتبنّى هذا البرنامج. فأولاً هناك تدريب للأساتذة وللطاقم التربوي، وتدريب للتلاميذ وتوعيتهم حول مخاطر هذه الألعاب الالكترونية وسبل الوقاية منها، كما ان هناك دورات تدريبية للأهل من قبل اختصاصيين بالعمل الاجتماعي حول كيفية حماية أولادهم من هذه الألعاب الخطيرة، وكيف يجب ان يراقب الأهل أولادهم، وكيف يستخدمون الشيفرة لئلا يدخل الولد الى هذه الألعاب، اي على الأهل ان يعرفوا ماذا يلعب أولادهم، من ثم يجب ان يفسروا لهم الأمور الواقعية وكيف تختلف عن الأمور الخيالية والتي هي غير موجودة. طبعاً ننسق مع الأهل ليراقبوا أولادهم وندعوهم لان يتحاوروا معهم دائماً لئلا يُستهدفوا بطريقة مخيفة وبشكل ينعكس سلباً على حياتهم، وبالتالي رسالتنا للأهل هي مراقبة أولادهم لحمايتهم مما يحدق بهم من مخاطر، والأهم الا يتركوهم أمام شاشة الهاتف الجوّال او الكمبيوتر لوقت طويل اي ان يتم تحديد وقت اللعب لأن كل عمر له خصوصيته ويجب التنبه لهذه النقطة.

ــ هناك حالات أودت بالأولاد الى الانتحار...

- هذا صحيح، ولكن في مثل هذه الحالات يكون الولد يعاني بالأساس من مشاكل نفسية واضطرابية لم تُعالج، طبعاً سببها الأول هو العنف الذي يُمارس عليه سواء لفظياً أو جسدياً او حتى جنسياً ولكنه لا يتحدّث عما يحصل معه فيصل الى مرحلة يقدم فيها على الانتحار. ولا ننسى مخاطر التنّمر اذ يدفع ذلك الولد للانتحار، فالتنمر هو نوع من العنف وطبعاً الألعاب مثل <تيك توك> هي نوع من العنف الموجّه ليحصل تنّمر على الولد. ولهذا يحتاج الأمر للتوعية لحماية الأولاد، ولا شك ان الوقاية هي التي تحمي الأولاد من كل ما يحصل من حولهم وخصوصاً في عمر الصغر، ودور الأهل أمر أساسي في هذا المجال، اذ يجب ان يدرك الأهل انهم بالرغم من انشغالهم بتأمين لقمة عيش أولادهم عليهم ان يخصصوا أيضاً وقتاً لهم حتى لو كان وقتاً قصيراً لئلا يصبح أولادهم فريسة لهذه الألعاب الخطيرة... ويبقى الحوار اساسياً ليسير كل شيء على ما يرام.