تفاصيل الخبر

انتصار الرئيس التركي على الانقلابيين سيجعله يمضي في أسلمة النظام واعتماد حكم الإعدام!

22/07/2016
انتصار الرئيس التركي على الانقلابيين سيجعله  يمضي في أسلمة النظام واعتماد حكم الإعدام!

انتصار الرئيس التركي على الانقلابيين سيجعله يمضي في أسلمة النظام واعتماد حكم الإعدام!

erdogan-gullen منذ انقلاب الجنرال التركي <جمال غورسيل> قائد القوات البرية ضد رئيس الوزراء <عدنان ماندريس> عام 1960 وتركيا أرض سائبة للانقلابات مثل جارتها السورية التي دخلت عالم الانقلابات عام 1949 مع اللواء حسني الزعيم، وقد طلب الجنرال <غورسيل> من حكومة <عدنان ماندريس> المباشرة باصلاحات سياسية تترقى بالبلاد الى حال أفضل بعدما أصبحت نهباً للفساد وارتكابات الطبقة الحاكمة، فلما رفض <عدنان ماندريس> طلبه بادر الى تقديم استقالته، وكان ذلك إيذاناً بالانقلاب.

فقد شكل القادة العسكريون مجلساً للوحدة الوطنية، من 28 عضواً برئاسة الجنرال المستقيل <غورسيل>، وأصدر أحكاماً باعدام <عدنان ماندريس> وثلاثة وزراء سابقين، وجرى تخفيض أحكام 12 مسؤولاً آخرين أحدهم الرئيس <جلال بايار> من الاعدام الى السجن المؤبد.

في العام 1971 كان الزمن في تركيا زمن <سليمان ديميريل> رئيس حزب العدالة <عدالت برتيسي>، وقد اشتعلت فيه الاضرابات والاشتباكات في الشوارع بين اليساريين والقوميين، فكان على <سليمان ديميريل> بعد أشهر أن يتنحى، ونشأ تحالف من سياسيين محافظين وغير سياسيين لاستعادة الاستقرار والأمن تحت إشراف الجيش، وجرى اعلان الأحكام العرفية في عدة أقاليم ولم يتم رفع هذه الأحكام إلا في أيلول (سبتمبر) 1973.

وفي أيلول (سبتمبر) من العام 1980 تزعم الجنرال <كنعان أفرين> انقلاباً عسكرياً ونشبت في الشوارع معارك بين يساريين وقوميين، وأمر الجنرال <أفرين> باعتقال الزعماء السياسيين، وأعلن حل البرلمان والأحزاب السياسية والنقابات المهنية، واستولى على السلطة مجلس أمن وطني مؤلف من خمسة أشخاص، وأوقف العمل بالدستور، وجرى اعتماد دستور مؤقت منح قادة الجيش سلطات مطلقة.

في العام 1997 رفع الشارع التركي الى سدة رئاسة الحكومة الزعيم الاسلامي <نجم الدين أربكان> رئيس حزب <ميلت سلامت> (أي <سلامة الأمة>)، وذهب الأتراك الى التعامل مع <أربكان> كالزعيم الاسلامي الموعود، واكتشف الجيش التركي أن <أربكان> أصبح يشكل خطراً على الحكم العلماني الأتاتوركي، فأجبره على الاستقالة ليعاود الجيش سيره النهج الأتاتوركي.

تركيا-3

في البدء <فتح الله غولن>

  

محاولة الانقلاب الرابع كانت باسم مجموعة <أرجنيكون> التي أرادت الاطاحة برئيس الوزراء <رجب طيب أردوغان> وأحيل الى العدالة 275 ضابطاً وصحافياً ومحامياً ورجل أعمال، وكان ذلك عام 2014، وظهر لأول مرة في عالم الانقلابات اسم <فتح الله غولن> الزعيم التركي المعارض المقيم في الولايات المتحدة، وتحديداً في ولاية <بنسلفانيا>. وكما سيقت أصابع الاتهام بمحاولة الانقلاب الى <فتح الله غولن> عام 2014، كذلك اعتمد <رجب طيب أردوغان> على هذه السابقة لاتهام <غولن> بالوقوف وراء انقلاب الأسبوع الماضي، وطالب <أردوغان> من الولايات المتحدة تسليمه <فتح الله غولن> لإحالته على القضاء، إلا ان وزير الخارجية الأميركية <جون كيري> قال إن هذا التسليم لن يتم حتى تثبت الوقائع أن الرجل وراء محاولة انقلاب ليل الجمعة 15 تموز (يوليو).

وهكذا يعود <أردوغان> الى استئناف السلطة الرئاسية وعينه على الجيش الذي كشف الرئيس التركي تورط مئات الضباط والقضاة في محاولة الانقلاب التي تزعمها قائد الجيش الثاني الجنرال <آدم حدودي>، وقائد الجيش الثالث <أرذال أوزتورك> وعضو المحكمة الدستورية <ايسيلان آشطان>.

ونزول <أردوغان> الى الشارع بعد احباط محاولة الانقلاب عزز من شعبيته وجعل سواد الشعب التركي يقاوم محاولة الانقلاب بموقف الرافض لأي تغيير في السلطة، وبمنح الرئيس <أردوغان> سلفاً كل الصلاحيات لتطهير الجيش، وإعادة بنائه بمعطيات أخرى، بعدما ظهرت فيه السوسة الانقلابية.

 

تركيبة الجيش التركي

تركيا-6

ويعتبر الجيش التركي أحد أفضل الجيوش تدريباً في العالم، ويضم 510600 جندي بتراجع عن 800 ألف عام 1985. وفي تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بتاريخ العام الحالي بأن عديد الجيش التركي 402 ألف جندي بينهم 77 ألفاً من المحترفين و325 ألفاً من المجندين في القوات البرية و48600 جندي في سلاح البحرية وستون ألفاً في سلاح الطيران، يضاف إليهم أكثر من 100 ألف من قوى الدرك أو الشرطة شبه النظامية التابعة لوزارة الداخلية بدلاً من وزارة الدفاع، فضلاً عن 400 ألف احتياطي في الجيوش الثلاثة.

أما معدات الجيش التركي فهي: في سلاح البحرية 13 غواصة و18 فرقاطة وست سفن حربية، مقابل 200 طائرة من طراز <أف 16> في سلاح الجو، وبذلك جرى تصنيفه الثاني بعد الأسطول الجوي الحربي الأميركي.

وبعد هدنة استمرت سنتين ونصف السنة بين الجيش التركي وانفصاليي حزب <العمال> الكردستاني عاد الجيش التركي الى شن غارات على المقاتلين في حزب <العمال> الكردستاني ولم يوفر شمال العراق من هذه الغارات الجوية.

ولا يدري الخبراء ما إذا كان <أردوغان> وهو يزج الجيش التركي في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم <داعش> قد أخطأ في الحسبان والتقدير، أولاً لأن تركيا كانت ممراً لمقاتلي <داعش> في سوريا، وثانياً لأن صدامه مع الجيش السوري القريب من حدوده الجنوبية، يختلف عن صدام باقي الجيوش مع جيش بشار الأسد.

 

لا.. للإعدام!

تمثالوماذا بعد؟!

واضح حتى الآن ان الولايات المتحدة تغسل يديها من محاولة الانقلاب ليل الخامس عشر من تموز (يوليو) الجاري في تركيا. وتزعم ان الجيش الأميركي الذي ينطلق لمحاربة <داعش> في سوريا والعراق من القاعدة التركية العسكرية <انجيرليك> لا يمكن أن يكون في قلب المحاولة الانقلابية، إلا ان <رجب طيب اردوغان> يرى بأن عدم تسليم <فتح الله غولن> لتركيا هو بمثابة غض النظر عن المحاولة الانقلابية، وتسليم <غولن> هو الدليل المطلوب لتبرئة الذئب الأميركي من دم ابن يعقوب التركي.

والتأييد الذي لقيه <أردوغان> من السعودية والكويت والإمارات ومصر وقطر والبحرين وسلطنة عمان، والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وباقي دول حلف الأطلسي، سوف يجعله يتصلب في صلاحياته ويمضي في أسلمة النظام واسترجاع عهد السلاطين، ويفرض حكم الاعدام بحق الانقلابيين، وحكم الاعدام مرفوض في دول الاتحاد الأوروبي، وسد منيع ضد قبول تركيا في هذا الاتحاد كما تطلب منذ سنوات.

والمضحك المبكي في موضوع محاولة الانقلاب التركية ان الجنرالات الذين يجلسون الآن خلف القضبان ويواجهون حكم الاعدام أو السجن المؤبد، كانوا مهيئين ليكونوا في الجانب المنتصر، لو لم يفشل الانقلاب، ويطلبون محاكمة <رجب طيب أردوغان> وما أغرب المصادفات!