تفاصيل الخبر

انتخبوا ميشال عون الرمز ليس الشخص!    

01/07/2016
انتخبوا ميشال عون الرمز ليس الشخص!    

انتخبوا ميشال عون الرمز ليس الشخص!    

بقلم خالد عوض

saeb_salam

في مرات نادرة تصبح نصائح وليد جنبلاط إلى زملائه السياسيين مواقف وطنية. هكذا تصنف توصيته الأخيرة بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان مهما كان الثمن السياسي الداخلي.

حان الوقت ليستعيد سعد الحريري المبادرة السياسية من خلال العودة إلى ما فعله الرئيس الراحل صائب سلام  عام ١٩٨٢ عندما قاد مسيرة توحيد لبنان حول انتخاب الرئيس أمين الجميل بعد اغتيال أخيه الرئيس المنتخب بشير، رغم أن صائب سلام نفسه كان على رأس المعارضين أو المتمنعين عن انتخاب بشير الجميل قبل شهر واحد.

 اللحظة اليوم تشبه الأمس والمخطط لا يزال نفسه. <العالم> لا يريد مسيحيين في لبنان. هم عقبة أمام الخطط التقسيمية الممكنة، وهم حجر عثرة أمام تلوين الشرق الأوسط كله بلون الإسلام. هم كابوس إسرائيل لأنهم يجعلون من لبنان عكس ما تسوقه إسرائيل للغرب كل يوم عن عالم عربي اكثري مسلم يقمع الأقليات ويحاصرها لإفنائها باسم الدين. حاولوا اغراءهم بالبواخر مع المبعوث الأميركي الخاص <دين براون> عام ١٩٧٦، ثم اغتالوا رمز الوجود المسيحي في لبنان بشير الجميل عام ١٩٨٢، ثم نفوا ميشال عون وسجنوا سمير جعجع ومنعوا أمين الجميل من العودة خلال الحقبة السورية، وها هم يدخلون من باب الإرهاب إلى بلداتهم في القاع.

لماذا التمسك بالمسيحيين في لبنان إذا كان العالم يفضلهم عنده ويعتبرهم حجر عثرة أمام حلول كثيرة ممكنة لهذا الشرق الأوسط <المتخلف>؟ بعيداً عن الأسباب الوطنية والسياسية الاستراتيجية بالنسبة للبنان يكفي النظر لبعض الأسباب الاقتصادية والمالية للتأكد من أن سلامة الكيان الاقتصادي اللبناني مرتبطة الى حد كبير بالمسيحيين، فلولا الوجود المسيحي بأشكاله المختلفة وثقله المالي والاقتصادي الدولي لكانت العقوبات على لبنان تتجمع منذ مدة ولكانت المصارف اللبنانية في حالة إختناق مالي أصعب بكثير مما هي عليه اليوم.

لم يعد مقبولاً التلاعب بمصير مقام رئيس الجمهورية المسيحي الماروني لأي سبب كان. فهذا المقام جزء من هوية لبنان بغض النظر عن اسم الرئيس أو شخصيته. وفي ظروف حيث الوجود المسيحي أي هوية لبنان في خطر، تسقط كل الحسابات Saad Haririالداخلية ويصبح الممثل الأول للمسيحيين هو الرئيس، بقوة الوحدة الوطنية.

لذلك فإن الرد الوطني المنطقي على التهديد الآتي من القاع هذه المرة واحد: انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية بعيدا عن حسابات الداخل. هذا هو الموقف الذي يمكن لسعد الحريري أن يستعيد من خلاله دوره الوطني. وكما على الحريري الاستنارة بموقف صائب سلام في ٢٣ أيلول (سبتمبر) ١٩٨٢، فعلى سليمان فرنجية العودة إلى موقف الرئيس كميل شمعون المرشح الرئاسي الآخر يومئذٍ والذي انسحب لصالح أمين الجميل من اجل وحدة لبنان أولا ووحدة المسيحيين ثانياً.

لو لم يؤيد سمير جعجع ميشال عون ما كان أمكن قول كل هذا الكلام. كما أن سليمان فرنجية وأمين الجميل سيكونان أول المنتخبين والمهنئين لميشال عون لأنه أصبح رمزاً وليس اسماً، تماماً كما كان الرئيس أمين الجميل نفسه عام ١٩٨٢.

ما حصل في القاع هو بدرجة من الخطورة تستوجب استذكار اغتيال بشير الجميل. وحتى لو لم يكن له كل هذه الأهداف التي استفاض الإعلام في تفنيدها فإن ما ذكر يكفي لتشجيع الإرهابيين على المزيد طالما أنه سيوجع.

عسى أن يعي الرئيس سعد الحريري أن الدفاع عن الوجود المسيحي في لبنان لا يكون فقط بالتأكيد على المناصفة في بلدية بيروت أو بتلوين كتلته النيابية من كل الطوائف. فكل المؤشرات، وليس آخرها الانتخابات البلدية، تؤكد أن ميشال عون يمثل الأكثرية المسيحية. هذه الأكثرية لها منصب رئاسي وحيد في لبنان اسمه رئاسة الجمهورية، ومنعها من الوصول إليه مسموح في اللعبة الديموقراطية الداخلية، ولكنه يصبح محرّماً وطنياً عندما تكون هوية لبنان في خطر.