تفاصيل الخبر

انتخابات المجلس الأعلى للروم الكاثوليك بين الخوف من الانقسام... أو التأجيل!

17/02/2021
انتخابات المجلس الأعلى للروم الكاثوليك  بين الخوف من الانقسام... أو التأجيل!

انتخابات المجلس الأعلى للروم الكاثوليك بين الخوف من الانقسام... أو التأجيل!

[caption id="attachment_86020" align="alignleft" width="411"] البطريرك يوسف العبسي مصّرعلى إجراء الانتخابات في موعدها في الشهر المقبل.[/caption]

 في الماضي لم تكن السياسة تدخل المجالس المذهبية والهيئات الروحية وكانت المرجعيات الدينية لها الكلمة الفصل في تركيبة المجالس الملية، ما كان يعطي لرئيس الطائفة سلطة مطلقة في اختيار اعضاء المجالس المذهبية ليتعاونوا معه في إدارة شؤون الطائفة.... أما اليوم فقد دخلت السياسة التركيبات المجلسية الملية وأدخلت معها الخلافات ما جعل انتخابات المجالس الملية حدثاً في حد ذاته ومدخلاً لمواجهات سياسية وإبراز نفوذ وتوزيع ولاءات.

النموذج "الطازج" لهذا الواقع هو انتخاب 19 عضواً للهيئة التنفيذية للمجلس الاعلى للروم الكاثوليك حيث يحتدم الخلاف وسط اصرار البطريرك يوسف العبسي على اجراء الانتخابات في موعدها في الشهر المقبل على رغم اعتراض عدد كبير من شخصيات الطائفة نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد نتيجة جائحة "كورونا " التي يعتبرها هؤلاء سبباً كافياً للتأجيل ربطاً بقانون اسقاط المهل القانونية، الا ان ثمة من يرى ان موعد الاستحقاق ليس وحده النقطة الخلافية التي تركز عليها الضوء على المجلس الاعلى الذي يخبو ثلاث سنوات ثم ينتعش من جديد، بل ان الامر الاكثر دقة وحساسية، هو الخلاف على منصب نائب الرئيس وهو بحكم نظام المجلس، يجب ان يكون علمانياً لأن رئيس المجلس هو البطريرك نفسه، وقد اعطى هذا الخلاف "نكهة" لانتخابات المجلس هذه السنة بعدما كانت "التسويات"  تقضي الغرض وتمر الانتخابات من دون منافسة تذكر، وبالكاد تحس بها وسائل الاعلام على خلاف ما هو حاصل السنة حيث يوليها الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع حيزاً واسعاً ناهيك بوسائل التواصل الاجتماعي.

يقول معنيون بالاستحقاق الكاثوليكي، انه تاريخياً، كان الصراع محصوراً على نيابة الرئيس بين كاثوليك زحلة وكاثوليك بيروت، لذلك كان التوافق على اعتماد المداورة تخفيفاً من حدة الخلافات. لكن تسلل السياسة اكثر الى عمق المجلس الاعلى، زاد من وتيرة التوترات والصراعات الداخلية، ونزع اي دور عن هذه الهيئة، سواء أكان ذا طبيعة انمائية او اجتماعية او اقتصادية، وبطبيعة الحال لا امكانية للعب دور سياسي في ظل الانقسام العمودي الذي يعطل فعاليته. راهناً، آثار سعي الوزير السابق سليم جريصاتي لتبؤ منصب نائب الرئيس كون هذه الدورة من حصة زحلة، جبهة اعتراض قوية تكتلت بوجه مستشار رئيس الجمهورية، من خلال دعم ترشيح ابن زحلة ايضاً الوزير السابق سليم وردة، مع العلم ان حظوظ الاخير ضعيفة نظراً لتركيبة الهيئة التنفيذية (حوالي 40 عضواً)، التي قد تعطي الغلبة لجريصاتي مدعوماً بعدد كبير من الاعضاء المعينين من جانب البطريرك والمطارنة.

ويضيف المعنيون انه وسط هذا الضجيج الذي تجاوز حدود السياسة وصار اشبه بالتناول الشخصي، عاد مشروع التعديلات الذي سبق للوزير السابق ملحم رياشي ان تقدم به قبل حوالي سنتين لتعديل النظام الداخلي للمجلس الاعلى الى الواجهة، لكونه خياراً ثالثاً من خارج الصراع. ويقول الرياشي "سوف نلتقي انا والنائب جورج عقيص البطريرك العبسي ونطرح مخرجاً يكون بمثابة خشبة خلاص المجلس من صراعات لا تشبهه ولا تشبه اهداف تكوينه في الاساس، كما هي بعيدة عن المجتمع الملكي ودوره".

ويدعو اصحاب هذا التعديل الى جعل نشاط المجلس وطنياً وانمائياً وتربوياً واجتماعياً وان يكون كاثوليكياً اي جامعاً على عكس ما يحصل اليوم لأن ادخال المجلس الاعلى في الصراعات السياسية هو بعيد عن السياسة قبل ان يكون بعيداً عن دوره. وثمة من ينادي داخل ابناء الطائفة بان يكون المجلس الاعلى للروم الكاثوليك جسر عبور الى الآخرين لا مجلساً ملياً كما يسعى البعض الى ابقائه وتسهيل انزلاقه الى سياسات الازقة على نحو لا يليق بدور الكنيسة.

وراجت في الآونة الاخيرة معلومات عن وجود صراع بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في المجلس، الا ان المعنيين ينفون مثل هذا الكلام لاسيما وان مصادر في "القوات" تقول انها لم تتدخل، اسوة بالاحزاب المسيحية الاخرى التي رفضت التدخل ، ويحصر البعض ما يجري بصراع "شخصاني" الامر الذي يدعو الى رفض تسييس المجلس وتحويله الى منبر او جلسة صراعات لأن دوره في نظر هؤلاء مختلفاً جداً.

وفي المعلومات ان الحل الذي يسعى اليه البعض يقوم على الغاء منصبي نائب الرئيس والامين العام ليكون البطريرك رئيساً للمجلس الاعلى تعاونه امانة سر من ثلاثة اعضاء ويعمل وفق برنامج تنموي اجتماعي انساني  ويجري العمل على توفير دعم لهذا الطرح قبل موعد الاستحقاق الانتخابي وهذا يعني جعل موقع القرار في يد البطريرك العبسي لا يكون اسير الخلافات السياسية. ماذا يقول المعنيان بالترشيح؟ ينقل عن الوزير السابق سليم جريصاتي ان الضجيج الذي اثير حول الانتخابات حوله من مرشح تسوية الى مرشح ديمقراطي سيخوض الانتخابات بروح تنافسية مشيراً الى ان تعديل النظام الداخلي هو طرح مشروع يفترض ان يكون البند الاول على جدول اعمال الهيئة التنفيذية فور تكوينها من باب العمل على تعزيز دور الطائفة وحضورها. ما يعني انه لا مكان لطرح اصلاحي قبل الاستحقاق. بدوره يشير ورده الى انه كان من بين المتقدمين بأفكار اصلاحية رفعها خطياً الى اللجنة القانونية التي قامت خلال الفترة الماضية بصياغة كل التعديلات المطروحة ضمن ورقة واحدة، لكنها بقيت في "الجارور" بسبب الظروف الاستثنائية، مؤكداً ان تعديل النظام الداخلي سيكون من مهام الهيئة التنفيذية الجديدة، وبالتالي بعد حصول الانتخابات وليس قبلها.

وسط هذه التناقضات في المواقف، ثمة من يرى وجوب تأجيل الانتخابات وهو سيقترح على البطريرك العبسي اعتماد هذا الخيار حفاظاً على وحدة الطائفة من جهة وتفادياً لاي انقسامات سياسية تعمق الهوة بين المسؤولين الذين يتألف معهم المجلس الاعلى، فهل يتجاوب البطريرك العبسي؟.