تفاصيل الخبر

انتخاب بري والفرزلي لم يحمل مفاجآت غير متوقعة وأعاد الحرارة الى العلاقة بين ”أمل“ و”الوطني الحر“!

01/06/2018
انتخاب بري والفرزلي لم يحمل مفاجآت غير متوقعة  وأعاد الحرارة الى العلاقة بين ”أمل“ و”الوطني الحر“!

انتخاب بري والفرزلي لم يحمل مفاجآت غير متوقعة وأعاد الحرارة الى العلاقة بين ”أمل“ و”الوطني الحر“!

 

جبران باسيل bلم يحمل انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب للمرة السادسة على التوالي منذ دورة العام 1992، وعودة النائب ايلي الفرزلي نائباً لرئيس مجلس النواب بعد <إقصاء> استمر على دورتين منذ العام 2005، أي مفاجأة للأوساط السياسية اللبنانية التي كانت تتوقع هذا الفوز المزدوج للثنائي بري - الفرزلي منذ التحضيرات للانتخابات النيابية وتشكيل اللوائح، ولاسيما اللائحة التي ضمت الرئيس الفرزلي في البقاع الغربي والتي كان للرئيس بري اليد الطولى في تشكيلها في خطوة احترازية تؤمن - في حال فوز الفرزلي - عودته الى المنصب الذي كان قد خسره أمام نائب رئيس مجلس النواب السابق فريد مكاري. والذين رافقوا ولادة اللائحة التي ضمت الرئيس الفرزلي يذكرون كيف أن هذه الولادة تمّت في وقت كانت فيه العلاقات بين الرئيس بري وحركة <أمل> من جهة والتيار الوطني الحر من جهة أخرى تمر في أسوأ مراحلها، ما جعل الرئيس بري يقول يومذاك إن <المرشح> الفرزلي أبلغه انه <مستقل> لكنه متحالف مع التيار الوطني الحر، وعلى أساس <استقلاليته> قِبَل الرئيس بري بانضمامه الى اللائحة المدعومة من الثنائي الشيعي <أمل> وحزب الله، فبدا وكأنه حلقة الوصل غير المعلنة بين الخصمين اللدودين أي التيار الوطني الحر وحركة <أمل>.

وفي تفسير لموقف بري آنذاك، تقول مصادر متابعة إن الرئيس بري الذي كان يدرك أن عودته الى رئاسة مجلس النواب محسومة، أراد أن <يضمن> فوز الفرزلي بالمقعد الأرثوذكسي في دائرة البقاع الغربي ليعود هو الى نيابة رئاسة المجلس ويقطع الطريق على أن يتولى هذا المنصب <المرشح> الأرثوذكسي الأقوى في لائحة التيار الوطني الحر في المتن الشمالي الوزير السابق الياس بو صعب الذي كان يُعتبر أن فوزه في الانتخابات مسألة مضمونة أيضاً، وذلك لأن من حق الكتلة المسيحية الأكبر أن يكون نائب رئيس مجلس النواب من صفوفها. وعليه - تضيف  المصادر - حجز الرئيس بري مقعد نائب الرئيس للنائب الفرزلي سلفاً لعلمه بأن <التيار البرتقالي> لن يرفض ترشيح الفرزلي لهذا المنصب ليس لأن الفرزلي وقف الى جانب <التيار> وخاض <معارك> لتسويق <القانون الأرثوذكسي> فحسب، بل لأنه حليف طبيعي لـ<التيار> الذي يدرك رئيسه الوزير جبران باسيل ان وجوده - اي الفرزلي - في موقع نائب الرئيس يمكن أن يسهّل كثيراً حضور <التيار> في الهيئة التنفيذية للمجلس النيابي أو ما يعرف بهيئة مكتب المجلس التي تعتبر اليد اليمنى للرئيس بري، وإن كانت <إمكانات> رئيس المجلس وصلاحياته أوسع بكثير من صلاحيات نائبه التي لا تكون فاعلة إلا في غياب الرئيس.

 

مناخ إيجابــــــي بـــين

<أمــــــل> و<التيـــــار>!

ويرى متابعون ان الفارق في الأصوات التي نالها الرئيس بري (98 صوتاً) وتلك التي نالها الرئيس الفرزلي (80 صوتاً) لا يمكن أن يؤثر على قدرة الفرزلي على لعب دوره كاملاً في نيابة رئاسة المجلس لأن التفاهم السائد تاريخياً بينه وبين الرئيس بري كفيل بالحلول مكان الصلاحيات والدور والحضور والتأثير، علماً أن الرئيس الفرزلي له مكانته الخاصة لدى قيادة حزب الله بفعل مواقفه الداعمة لأمينه العام السيد حسن نصر الله خصوصاً وللمقاومة عموماً، ولعل هذه المسألة بالذات التي يقول المتابعون ان لها ايضاً خلفية ترتبط بالعلاقة بين الفرزلي والمسؤولين السوريين، هي التي حجبت عنه أصوات تيار <المستقبل> والقوات اللبنانية وبعض ما كان يُعرف بقوى 14 آذار، والتي صبّت لصالح مرشح القوات اللبنانية النائب أنيس نصّار مع علم أصحابها أنها لن تغيّر في النتيجة، ما يعني أن التصويت كان <مبدئياً>! ولعل ردة فعل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بالخروج من قاعة مجلس النواب وعدم الاقتراع لنصّار أو بورقة بيضاء ثم بإعلانه رفضه للتصويت لصالح <غازي كنعان> شكّلت عملياً اعتراضاً علنيا على عودة الفرزلي الى نيابة الفرزلي بري aرئاسة مجلس النواب اختلف في الشكل والمضمون عن اعتراض تيار <المستقبل> والقوات اللبنانية على حد سواء...

ويعتبر مطلعون على مسار المفاوضات التي سبقت تركيب هيئة المجلس رئيساً ونائباً للرئيس وأعضاء، أن فوز الرئيس الفرزلي جاء ثمرة المناخ الإيجابي الذي استجد على العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس بري، وان لم ينسحب على العلاقة بين بري والوزير باسيل، إلا أنه قلّص - بشهادة المطلعين - مساحة الخلاف التي تصاعدت بشكل غير مسبوق قبل الانتخابات النيابية بين حركة <أمل> والتيار الوطني الحر ومهّد عملياً لمرحلة جديدة من التعاون بين الطرفين، لاسيما وان الرئيس الفرزلي سيكون جسر العبور بين بعبدا وعين التينة الحاضر دائماً لتدوير الزوايا ومنع الاحتقان من العودة مجدداً بين المقرين الرئاسيين، وهذا الواقع تُرجم مباشرة في انتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس التي ضمت للمرة الاولى نائباً من <التيار البرتقالي> هو النائب آلان عون الذي حلّ مكان النائب <القواتي> السابق انطوان زهرا، علماً أن <القوات> كانت قد سعت لكي يكون العضو فيها النائب فادي سعد داخل هيئة مكتب المجلس، كذلك غاب مرشح <المردة> النائب اسطفان الدويهي عن أحد موقعي أميني السر ليحل مكانه النائب مروان حمادة.

من هنا، يرى المطلعون أن التقارب بين الرئيس بري والتيار الوطني الحر، وإن بدا تقارباً غير مباشر بين الرئيس بري والوزير باسيل، ستكون له مفاعيله لدى تشكيل الحكومة الجديدة بداية، ولاحقاً لدى تشكيل اللجان النيابية لاسيما الأساسية منها مثل لجان الإدارة والعدل، والمال والموازنة، والاشغال، والأمن وغيرها. والدليل على هذا التقارب - وإن كان غير مباشر - ما قاله الوزير باسيل قبيل جلسة انتخاب الرئيس ونائبه وأعضاء هيئة مكتب المجلس، عن أن <التيار> قارب هذه المسألة على قاعدة التوفيق بين <الميثاقية والمبدئية> وعكس نتائج الانتخابات النيابية بانتخاب المجلس <على أمل أن نكون دخلنا عصراً أكثر انتاجية في المجلس التشريعي>. وفي تقدير المطلعين ان هذه <الفذلكة> التي أعلنها باسيل أتت لعلمه المسبق أن اللقاء الذي جمع الرئيس عون بالرئيس بري وتلاه غداء خاص في جناح رئيس الجمهورية، أسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين الرجلين يمكن أن تؤدي الى <مصالحة> بين الرئيس بري والوزير باسيل الذي وصفه ذات يوم بـ<البلطجي>، وكان ما كان من ردود فعل سياسية كادت أن تتطور لتصبح أمنية لولا الجهد الذي بُذل آنذاك لتطويق التصعيد. كذلك فإن موقف باسيل أتى كحصيلة للواقع السياسي الذي لم يتمكن وزير الخارجية ورئيس <التيار> من تبديله لأن نتائج الانتخابات عززت موقع الرئيس بري نتيجة الدعم اللامحدود من شريكه في <الثنائية الشيعية> حزب الله والذي ترافق مع مواقف معبّرة حرص السيد نصر الله على إطلاقها في كل خطبة وترجمها فعلياً في اللوائح المشتركة التي حصدت 26 مقعداً شيعياً في مجلس النواب من أصل 27!

 

الفـــــرزلي... جامـــــع

ولست وسيطــــاً!

وفيما أقرّ الرئيس الفرزلي بأن دوره سيكون <الجامع وليس الوسيط> بين الرئيس بري والتيار الوطني الحر، فإن المعطيات تؤكد على أن نائب رئيس مجلس النواب جاهز للاستمرار في التقريب بين زعيم <أمل> ورئيس <التيار> متكئاً على زوال الفتور الذي أصاب العلاقة بين رئيس الجمهورية الأب الروحي للتيار الوطني الحر والرئيس بري، لاسيما وان الفرزلي تحدث عن <إيجابية> تحيط بالمرحلة المقبلة على صعيد التقريب بين الافرقاء عنوانها صياغة <اتفاق جديد لمرحلة جديدة> قد تكون من مفاعيلها إعادة تكوين جبهة سياسية صلبة تواجه محاولة إحياء 14 آذار مجدداً، وهي المهمة التي يقول ركن في 8 آذار انها موكلة الى القوات اللبنانية بشكل أساسي بدعم من الغرب وبعض دول الخليج وفي مقدمها السعودية. كما يتحدث المطلعون عن <تطورات اقليمية> سوف تستجد على صعيد الوضع في الجوار اللبناني تحتّم وجود تركيبة سياسية متناغمة تتحمل مسؤولية إعادة الصفاء ولو تدريجاً الى العلاقات بين لبنان وسوريا، ذلك ان الرئيس بري ومعه الرئيس الفرزلي وكتل نيابية جديدة وشخصيات مستقلة ليست بعيدة عن أركان النظام السوري يمكن أن يؤسسوا لـ<تناغم> جديد - قديم له تداعياته السياسية والاقتصادية مع بدء مرحلة إعادة إعمار سوريا بعد انتهاء الحرب كلياً فيها.

في أي حال، مجلس 2018 بات يشبه الى حد بعيد مجلس عام 2005 وما قبلها أكثر مما يشبه مجلس 2009، ذلك أن الكتل الكبيرة تلتقي على كثير من التوجهات المشتركة حيال العلاقة مع الجوار، لاسيما الكتلة الأكبر المكونة من <الثنائي الشيعي> حزب الله و<أمل> (30 نائباً بمن فيهم رئيس المجلس)، ويليها <تكتل لبنان القوي> (29 نائباً) وكتلة <التكتل الوطني> (7 نواب) والكتلة القومية الاجتماعية (3 نواب) وستة من أصل ثمانية نواب مستقلين، ما يجعل المجموع العام للنواب الذين يلتقون على قواسم مشتركة 75 نائباً يمكن أن يرتفع عددهم إذا ما تجاوب معهم نواب من كتلة الوسط المستقل التي يرئسها الرئيس نجيب ميقاتي، ما يعني وجود أكثرية تقترب من الثلثين.