تفاصيل الخبر

انتفاضة القدمين: اضطراب حركة الأطراف الدورية جـزء طبيعـي من عمليـة النـوم!

05/08/2016
انتفاضة القدمين: اضطراب حركة الأطراف الدورية  جـزء طبيعـي من عمليـة النـوم!

انتفاضة القدمين: اضطراب حركة الأطراف الدورية جـزء طبيعـي من عمليـة النـوم!

 

بقلم وردية بطرس

8-------2

اهتزازات بداية النوم او <النفضة النومية> (Hypnic Jerk) وهي انتفاضة لاارادية تحدث أثناء الغفوة وغالباً ما يرافقها شعور بالسقوط، وقد ذكر انها تحدث بشكل ملحوظ لدى الأشخاص الذين يعانون من عدم انتظام مواعيد النوم.

وفقاً لـ<الأكاديمية الأميركية لطب النوم> هناك مجموعة كبيرة من الأسباب المحتملة لهذه الحالة، بما في ذلك القلق، والكافيين، والاجهاد، والأنشطة المرهقة في المساء. هذا الاحساس الغريب وهو السقوط وشد العضلات يعرف بـ<النفضة التنويمية> او <النفضة النومية> بحيث ان ما يقرب من 70 بالمئة من الناس تحدث لهم هذه الظاهرة مباشرة بعد النوم، وذلك وفقاً لدراسة حديثة في <مايو كلينيك> في الولايات المتحدة.

ويتفق العلماء والخبراء على ان هذا الأمر هو جزء طبيعي من عملية النوم، يشبه الى حد كبير بطء التنفس وانخفاض نبضات القلب أثناء النوم. فهذه الظاهرة معروفة وموثقة بشكل جيد، ورغم ذلك لا يزال الخبراء غير متأكدين تماماً لماذا يقوم الجسم بذلك. وفي هذا السياق، تتفق آراء الباحثين على ان السبب يعود الى ان العضلات تبدأ في الاسترخاء والانتقال الى حالة مريحة مما يعني الدخول في النوم، فتصل الى الدماغ اشارات الاسترخاء ويسيء تفسيرها على أنها مؤشرات سقوط، فيبدأ الدماغ بارسال اشارات الى عضلات الساق والذراع في محاولة لاستعادة التوازن. وهذا التفسير الخاطىء الذي يحدث في الدماغ قد يكون مسؤولاً أيضاً عن أحلام <السقوط> والتي يرافقها الاحساس بالسقوط. هذه الأحلام ليست أحلاماً طبيعية تماماً، كما أنها لا تحدث في مرحلة حركة العين السريعة للنوم <REM sleep> بل هي بالأحرى تشبه أحلام اليقظة او الهلوسة وذلك رداً على أحاسيس الجسم.

 

<النفضة النومية> وارتباطها بالقلق والتعب

 

وبما أن هذه الظاهرة تحدث لمعظم الناس، فقد بدأت الدراسات في الآونة الأخيرة تربط بعض حالات <النفضات النومية> بالنوم في حالة قلق، وتعب، وعدم راحة. فالأشخاص الذين يواجهون مشاكل أثناء النوم، أو لا يمكنهم الحصول على الراحة في سرير ما يواجهون هذا الاحساس في أغلب الأحيان طوال الليل. وتعتبر هذه الحالة أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يحاولون محاربة النوم او الذين حرموا أنفسهم من النوم لأكثر من 24 ساعة.

ويعتقد الباحثون ان قلة النوم او النوم بقلق او الحرمان من النوم كلّها تربك العضلات والدماغ. فالعضلات تحاول باستمرار الاسترخاء والراحة في حين ان الدماغ يبقى مستيقظاً مرسلاً باستمرار تفسيرات خاطئة للسقوط او فقدان التوازن.

ويواصل العلماء والباحثون دراسة <النفضة النومية> او اهتزاز النوم، ويصرحون بأن هذا الاحساس هو أمر طبيعي تماماً بالنسبة لأجسامنا وله أهمية طبية الى حد ما حيث تمر أجسامنا بالعديد من عمليات التوقف والتحضير لفترة طويلة من الراحة، وتعد <النفضة النومية> هي فقط احداها. ولا يظهر أنها تسبب ضرراً للجسم، ولا تشكل اي خطر على سلامته. و<النفضة النومية> يمكن ان تحدث لأي شخص، كما أن هذه النفضة او اهتزازات بداية النوم تحدث عادة في بداية النوم وليس في نهايته.

ووفقاً لدراسة أخرى عن اضطرابات النوم، فإن <النفضة النومية> تحدث خلال مرحلة حركة العين غير السريعة، وتعتبر فعلاً عضلياً وحركة التواء مفاجئة معممة او جزئية وغير متماثلة، مما قد يسبب الاستيقاظ مع وهم السقوط. وتعتبر <النفضة النومية> أكثر شيوعاً في مرحلة الطفولة وتصبح بمعدل 4 ــ 7 مرات في الساعة في سن يتراوح بين 8 ــ 12 سنة، وتقل بنحو مرة أو مرتين في الساعة من 65 الى 80 سنة.

وتشتد هذه العوارض عند المساء خصوصاً قبل النوم أو أثناء فترات الجلوس الطويلة خلال ساعات النهار كما يحصل أثناء السفر الطويل. وتؤدي الحاجة الملحة لتحريك الساقين بغية المساعدة على التخفيف من الشعور المزعج الى أرق بداية النوم وفرط التفكير وتوتر الأعصاب الذي قد يتسبب بحد ذاته في صعوبة النوم، وقد ترتبط هذه المشكلة بنسبة 80 بالمئة من الحالات باضطراب حركة الأطراف الدورية <Periodic Limb Movement Disorder> التي تنتاب المصاب أثناء النوم فتؤدي الى تكرر الاستيقاظ والتململ، مما يسبب الارهاق وفرط النعاس وقلة التركيز أثناء النهار، وحتى الاكتئاب في بعض الأحيان.

اضطراب النوم وايقاعات الأطراف

ويتميز اضطراب النوم بوجود حركات ايقاعية للأطراف أثناء النوم خصوصاً في القدمين، وتمتاز هذه الحركات بأنها تحدث بصفة دورية أثناء الليل وتتفاوت في شدتها من ليلة لأخرى، وقد تستغرق بضع دقائق وأحياناً بضع ساعات، وهي تختلف عن التشنجات العادية التي تحدث أثناء بداية النوم. وإن اضطراب الأطراف الحركي الدوري يمكن ان يحدث لدى اي فئة عمرية ولكنه أكثر انتشاراً بين كبار السن.

ومن الأمور التي يمكن للمريض القيام بها للتخفيف من عوارض هذا الاضطراب، تحريك الساقين والقدمين او النهوض والمشي، ولكن هؤلاء المرضى يعانون من التعب والاجهاد الدائمين وفي بعض الأحيان من زيادة النعاس وعدم القدرة على التركيز خلال النهار بسبب عدم حصولهم على النوم الكافي كماً وكيفاً خلال الليل.

وتُجرى للمرضى المصابين بهذا الاضطراب دراسة النوم لتأكيد التشخيص او نفيه حيث ان العوارض لا تكفي للتشخيص. كما ان تخطيط النوم مهم لتحديد مدى تأثير الحركات على استقرار النوم. وبعد التأكد من التشخيص يتم صرف العلاج والذي يتكون من أقراص تؤخذ قبل وقت النوم. وهناك أكثر من نوع من الأقراص تُصرف حسب حاجة كل مريض، والاستجابة للعلاج تكون عادة جيدة في أغلب الحالات.

ان هذا النوع من اضطرابات الحركة المرتبطة بالنوم يصيب ما بين 5 و 15 بالمئة من الأفراد حسب دراسات احصائية مختلفة، كما ان 10 من بين كل 100 شخص تقريباً يعانون هذه المشكلة خلال فترة من حياتهم. وعلى الرغم من عدم وجود سبب علمي واضح فان من الملاحظات العلمية تكشف ارتباط تململ الساقين بنقص الحديد المسبب لفقر الدم (الأنيميا)، وتقدم العمر، والاصابة بمرض السكري نتيجة لتأثر الأعصاب الطرفية، وقصور وظائف الكلى، وأمراض الروماتزم والمفاصل، اضافة الى بعض أمراض الدماغ والأعصاب مثل مرض <الباركنسون>، وتساهم بعض السلوكيات الصحية والغذائية المضرة مثل التدخين وتناول المنبهات (الكافيين) وقلة النشاط الحركي على تفاقم عوارض المرض.

 

الدكتور سلام كوسا يشرح <نفضة النوم>

فما هي مسببات حدوث <النفضة النومية>؟ وكيف يتم التشخيص والعلاج؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتور سلام كوسا رئيس قسم الدماغ والاعصاب في <مستشفى اوتيل ديو الجامعي> ونسأله عن حركة او نفضة القدم أثناء النوم فيقول:

- إن نفضة القدم ليست مشكلة او لها سبب واحد بل لها أسباب عدة. أولاً الشخص في بداية النوم يشعر وكأنه يسقط على الأرض، وهذا الأمر غير مخيف وهو ليس بأمر خطير، وكما ذكرت انه يحدث في بداية النوم، ونسمي هذه الحالة <Sleep Myoclonus> (الرمع العضلي: هو عبارة عن فترة وجيزة من الارتعاش غير الطوعي للعضلة او مجموعة من العضلات). وهو فعلياً عبارة عن عارض طبي وليس تشخيصاً لمرض معين. وعادة ما تنتج هذه التشنجات والهزات والنوبات عن انقباض مفاجىء في العضلات (الرمع العضلي الايجابي) او فجوات وجيزة من انقطاع الانقباضات (الرمع العضلي السلبي) والظروف الأكثر شيوعاً التي تحدث فيها هي أثناء وقت النوم (نفضات النوم).

ــ وهل تحدث عند الكبار فقط؟

- تحدث هذه الحالة عند الكبار أكثر، ولكن قد نرى هذه الحالة عند الأطفال أيضاً انما نسبة حدوثها هي أعلى عند الكبار، كما ان الكبار يدركون الأمر بينما الأطفال لا يدرون ما يحدث معهم.

ــ وكيف يدرك الشخص بأن هذا الأمر يحدث معه بشكل متكرر؟

- نسمي حالة نفضة القدمين بـ<Periodic Limb Movement disorder > وهذه الحالة تحدث مع الشخص عندما يكون نائماً وهو لا يلاحظ شيئاً اذ يحرك قدمه وأحياناً يحرك القدمين، ويقوم بأربع وخمس حركات ويتوقف ثم يعاود الحركة، ومشكلة هذه الحالة أنه ممكن للشخص الا يكون واعياً لما يحصل معه ولكنه يستيقظ ولا يقدر ان ينام نوماً عميقاً، وطالما أن الشخص لا ينام نوماً عميقاً فان التعب يظهر عليه في اليوم الثاني، وبالتالي يعاني من مشاكل ويؤثر ذلك على عمله وانتاجه لأن كمية ساعات النوم ونوعيتها غير جيدة وغير كافية، ما يؤثر على صحته وانتاجه، وهكذا يشعر بالتعب خلال النهار ويعجز عن القيام بعمله وما شابه، وبالتالي هذه الحالة تحدث أثناء النوم الخفيف، وهي شائعة عند كل الأعمار وليس عند عمر معين، وطبعاً كل حركة لاارادية لها علاقة بالعصب ويأتي الأمر من الجهاز المركزي للدماغ.

ــ هل من مسببات لحدوث <النفضة النومية>؟

- عادة تأتي مع مشكلة أخرى وتدعى هذه المشكلة <Restless Legs Syndrome> (متلازمة تململ الساقين)، وهو اضطراب في جزء من الجهاز العصبي ويؤثر على الساقين ويدفع الى تحريكهما ويحصل بشكل أساسي عند وقت النوم ولذلك يعتبر من اضطرابات النوم، فالناس الذين يعانون من متلازمة تململ الساقين يشعرون بأحاسيس غير مريحة في أرجلهم وأحياناً في أيديهم أو أجزاء أخرى من أجسامهم، وهذه الأحاسيس تصبح أكثر سوءاً عند وقت الراحة او الجلوس وتؤدي الى الاجهاد وانعدام النوم، اي ان القدمين عندما لا يكونان بحالة ارتياح وهو أمر شائع اذ من 5 الى 8 بالمئة من الناس يُصابون به، ويكون الشخص بكامل وعيه قبل ان ينام اذ يشعر وكأن قدميه في حالة عقص فيبدأ بفركهما ويشعر بانزعاج فيمشي للتخلص من عوارض الخدر، وهاتان الحالتان: <Periodic Limb Movement Disorder & Restless Legs Syndrome> تحدثان عادة في أحد القدمين، وفي بعض الحالات تحدثان في القدمين معاً.

ــ ومن هم الأشخاص الأكثر عرضة للاصابة بهاتين الحالتين؟

- ان أسباب هاتين الحالتين عديدة اذ نراها عند الأشخاص الذين يعانون من نقص في الحديد، وأيضاً عند المرأة الحامل حيث يحدث معها نقص في الحديد أثناء الحمل، ونرى هاتين الحالتين عند الأشخاص المصابين بمشاكل في الكلى او الذين يخضعون لغسيل الكلى، والأشخاص الذين لديهم مشاكل مثل اصابة اعصاب الأطراف، وأيضاً المصابين بأمراض السكري ونراها عند الأشخاص الذين يكونون معرضين للاصابة بمرض <الباركنسون> في المستقبل، ولا يمكن ان نقول ان للأمر علاقة بالعامل الوراثي، انما نرى هذه الحالات عند عائلات معينة. كما نرى هاتين الحالتين عند الأشخاص الذين يتناولون أدوية الأعصاب اذ أن بعض الأنواع تؤدي الى حدوثها.

الدكتور-سلام-كوسا--------1ــ وما هو التشخيص؟

- يـجــــــب ان نـــــــــــدرس الــنـــــــــــــوم ونـســمــيــــــــــــــه <Polysomnography> او تخطيط النوم او اختبار النوم المتعدد، وهو يتم بتسجيل التغيرات الفيزيائية والحيوية عند المريض أثناء النوم وذلك بهدف تشخيص أمراض النوم حيث يسجل تخطيط النوم الموجات الدماغية، نسبة الأوكسجين في الدم، معدل ضربات القلب والتنفس وحركة العينين والرئتين أثناء النوم، ونقوم باختبار مخطط النوم لنرى كيف تعمل الخلايا ونسجل طريقة التنفس وحركات القدمين، وطبعاً يتم تسجيل فيديو لتصوير الجسم أثناء النوم الى جانب تخطيط الكهرباء في الجسم، وذلك لرصد الوقت الذي حصلت فيه تلك الحركات وما شابه.

العلاج والنوم السليم

 

ــ وماذا عن العلاج؟

- أولاً يحتاج الشخص ان يتبع طريقة النوم السليم، مثلاً اذا كان الشخص يقوم بمزاولة الرياضة فعليه الا يقوم بذلك في المساء، وأيضاً عليه الا يشرب الكافيين عند المساء، مثلاً اذا شرب الكافيين عليه ان يحرص الا يشرب بعد الساعة الثالثة او الرابعة بعد الظهر. وهناك بعض الأدوية تؤدي لتعرض الشخص للاصابة بهاتين الحالتين. كما على الشخص الا يشرب الكحول. واذا تقيد بكل هذه الأمور والنصائح ولم يحصل على النتيجة المرجوة فهناك أدوية تساعد في العلاج. والأهم تناول أدوية لمعالجة مسبب حدوث هاتين الحالتين مثلاً اذا كان المسبب نقصاً في الحديد فعليه ان يتناول أدوية لتقوية الحديد لازالة المسبب. أو اذا كان الشخص مصاباً بالسكري او غير مرض السكري فعليه ان يتناول الدواء المناسب أيضاً. واذا لم تتحسن حالته فيمكنه ان يتناول ادوية لتقوية مادة الـ<دوبامين>. واذا لم يتحسن حال الشخص فعندئذٍ ننصح باستعمال أدوية لازالة الأوجاع.

ــ واذا لم يُعالج الشخص فماذا يحدث معه؟

- اذا لم يعالج ستزداد حركة القدمين أثناء النوم وأيضاً الشعور بـ<النفضة النومية> ممكن ان يزداد. وممكن ان تحصل هذه الحالة حتى لو لم يكن الشخص نائماً، فمثلاً اذا كان مسافراً على متن طائرة وجلس لمدة ثلاث او اربع ساعات او أكثر فلن يتحمل الا يحرك قدميه من خلال المشي وما شابه، والأمر نفسه اذا كان يشاهد فيلماً في صالة السينما فاذا جلس لساعتين فإنه سيشعر بالأمر ولن يتحمل ان يجلس هذه المدة الزمنية لأن عليه ان يحرك ساقيه للتخلص من هذا الاحساس، وبالتالي تتغير حياته ويشعر بانزعاج خلال النهار وليس أثناء النوم فقط.

ــ وهل تتحسن حالة الشخص بعد العلاج؟

- تتحسن الحالة اذا اتبع الشخص النصائح التي ذكرتها في سياق الحديث، اذ عليه ان يعيش حياة سليمة. ويجب التنويه هنا ان كل هذه الحركات اللاارادية بالقدمين التي تحصل أثناء النوم تجعل الأهل يظنون ان ابنهم مصاب بكهرباء الرأس او الصرع، صحيح ان الصرع يظهر من خلال الحركات اللاارادية ولكنه يختلف تماماً عما يحدث بسبب <النفضة النومية>، لأن حركة القدمين اللاارادية اثناء الليل تكون بشكل حركات فجائية ومتكررة. والمطلوب هنا اجراء فحص التخطيط الكهربائي للرأس لنعرف سببه.

ــ وهل تزداد هذه الحالة اليوم أكثر بسبب مشاكل النوم والارهاق التي يعاني منها الانسان في يومنا هذا حيث يتعرض لضغوط الحياة والعمل وما شابه؟

- هـــذه الحالــــة لم تكن معروفـــــة من قبــــل اذ منذ 15 سنة او عشرين سنــــة لم يكن يعرف الناس عن هذه الحالة، وقد بــــدأ الأطبـــاء يدرســـــون تداعيــــات هذه الحالــــة منذ وقت ليس ببعيد.