تفاصيل الخبر

انتبه لخرطوم البنزين لأن سعر التنكة 21 ألف ليرة لا غير!

13/02/2015
انتبه لخرطوم البنزين لأن سعر التنكة 21 ألف ليرة لا غير!

انتبه لخرطوم البنزين لأن سعر التنكة 21 ألف ليرة لا غير!

بقلم طوني بشارة

<مصائب قوم عند قوم فوائد>... مقولة تصح حتى في مسألة هبوط أسعار النفط

 ففي حين يشكل ذلك كارثة للعديد من الدول المنتجة للنفط، قد يشكل الأمر <بشرى سارة> للعديد من الدول المستهلكة ومنها لبنان، فاستناداً الى الأرقام الرسمية، بلغت قيمة ما استورده هذا البلد الصغير والمدين فيSAM_2629العام 2014 من المشتقات النفطية التي تستعمل للاستهلاك المحلي وللإنتاج الصناعي النفطي نحو 6,5 مليارات دولار.

ولا يخفى عن احد انه وبنتيجة تراجع سعر برميل النفط عالميّاً بأكثر من 40 في المئة منذ مطلع العام، صار من المتوقّع أن يحقّق ميزان المدفوعات اللبناني وفراً بحلول نهاية العام الحالي بنسبة قد تصل إلى 20 في المئة من الكلفة الإجمالية لفاتورة الاستيراد النفطية، أي إن عجز ميزان المدفوعات قد ينخفض هذا العام بما يتراوح بين 975 مليون دولار و1,3 مليارات دولار.

والمتتبع للأوضاع الاقتصادية العالمية يرى ان سعر برميل النفط انخفض من 110 دولارات للبرميل إلى ما دون 45 دولاراً، وتراجع سعر اليورو من حوالى1,40 إلى 1,15، مقابل الدولار الاميركي، ولكن في موازاة ذلك، لم ينخفض سعر أي سلعة في الاسواق الاستهلاكية اللبنانية، كما ان الحكومة او الوزراء المعنيين فيها بالوضع المعيشي والاجتماعي لم يتكبدوا حتى الآن عناء البحث في انعكاس انخفاض أسعار المحروقات على المواد الاستهلاكية، وحتى انهم لم يشكلوا لجنة مشتركة مع القطاع الخاص، للاتفاق على خطة لمواجهة الوضع الراهن، اذ يبدو جلياً أيضاً ان أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والنقل الخاص مرتبطة الى حد ما بأسعار الدولار واليورو وأسعار المحروقات. وإذا كانت السلع تُسعَّر وفق العملات العالمية ومنها بشكل خاص اليورو، فإن سعره انخفض بشكل لافت للانتباه، لكن الحكومة تركت الحبل على غاربه، وتركت الامور خياراً للتجار والصناعيين، كما أفسحت في المجال لجدال كبير بين المواطن وسائقي التاكسي، ولكل واحد حجته، الاول ان التعرفة يجب ان تنخفض، والثاني ليس بالبنزين وحده يعمل صاحب السيارة العمومية.

عن الغذاء اسألوا نصراوي

جدال كبير دفعنا الى التساؤل: هل ان استمرار تراجع أسعار النفط عالمياً سيكون له تأثير ايجابي على القدرة الشرائية للمواطن اللبناني؟ لاسيما ان تراجع أسعار المشتقات النفطية (البنزين والمازوت والغاز اويل) قد سجل نسبة تجاوزت الـ30 في المئة منذ مطلع تموز/ يوليو الماضي، حيث انخفض سعر صفيحة البنزين (95 أوكتان) من 35200 ليرة (نحو 24 دولاراً) الى أقل من 22000 ليرة (15 دولاراً تقريباً).

وبالتالي هل سيشهد الإنتاج المحلي للسلع الاساسية الاستهلاكية تراجعاً في الأسعار كنتيجة لتراجع أSAM_2704سعار المحروقات وأسعار السلع نصف المصنعة و التي يدخل النفط كعنصر اساسي ضمن التكلفة الاجمالية لإنتاجها؟

بمعنى آخر، هل ان تكلفة الإنتاج الصناعي ستتأثر بالأمر وستتراجع أسعار بعض السلع لاسيما السلع الاستهلاكية الضرورية لحياة الانسان، كالمعلبات و الملابس والصناعات الورقية و ادوات التنظيف وغيرها؟ وماذا أيضاً عن أسعار النقل.

أسئلة عديدة للإجابة عنها جالت <الافكار> على بعض الافران والمعامل ووكلاء بعض السلع الصناعية المستوردة كما قابلت بعض المسؤولين عن قطاع النقل،س حاورتهم وجاءت بالتحقيق الآتي:

بداية مع عميد الصناعة الغذائية في لبنان جورج نصراوي، صاحب شركة <سوناكو> التي تتعامل بثلاث ماركات تجارية: ماركة الربيع - حدائق لبنان - هبة، وقد أفادنا بأن المواد الاولية الداخلة بعملية إنتاج أصناف الربيع هي اما من الإنتاج المحلي، وتعتمد على انواع الخضار والفواكه المحلية كافة، واما مواد أولية مستوردة مثل السمسم - الحمص - الفول والسكر، اما المواد المستعملة للتوضيب فهي أيضاً قد تكون مستوردة مثل التنك والزجاج، أو مثل إنتاج محلي كالكرتون والبلاستيك.

ويتابع نصراوي: للأسف نعاني في لبنان مما يمكن تسميته بالمنافسة غير المشروعة والناتجة عن تولي بعض المعامل عملية إنتاج سلع غذائية بطريقة غير شرعية، وذلك من دون حصولها على تراخيص، كما ان معاملها غير مطابقة او غير ملائمة للمعايير الصحية، حيث لا يوجد لديها مختبرات لفحص العينات، كما ان موظفيها غير مسجلين في الضمان، وإضافة الى كل هذه المخالفات تراهم يعمدون الى شراء مواد أولية غير مطابقة للمعايير، مما يؤدي حكماً الى وجود فرق كبير بالأسعار بين سلعنا وسلعهم، فالمنافسة في هذه الحالة هي منافسة على الأسعار وليس على الجودة والنوعية، وهذه المعامل موجودة بمعظمها في المناطق الريفية ولا تخضع للرقابة.

ufعبد-الامير-نجدهوعن إمكانية خفض أسعار السلع الغذائية في ظل انخفاض أسعار النفط يقول نصراوي:

- إن تكلفة النفط الداخلة في التكلفة الاجمالية لإنتاج سلعنا كشركة <سوناكو>، تتراوح بين 3 و 6 بالمئة فقط، اما تكلفة النفط الداخلة في التكلفة الاجمالية للصناعات ذات الطاقة المكثفة كالكرتون وغيره،  فهي تتراوح بين 25 و40 بالمئة، مما يعني حكماً ان انخفاض أسعار النفط سيؤثر تلقائياً على المنتجات العائدة للصناعات ذات الطاقة المكثفة، اي السلع التي نستعملها للتوضيب، وبالتالي في حال عمد القيمون على هذه الصناعات الى خفض أسعار سلعهم سنعمد نحن تلقائياً الى خفض أسعار سلعنا وبالنسبة نفسها، فالأمر مرتبط بأصحاب المؤسسات التي تنتج صناعات ذات طاقة مكثفة.

وأضاف:

- وفي ما يتعلق بنسبة بضاعة <سوناكو> المصدرة الى الخارج، ومن بينها دول الخليج، ومدى تأثير انخفاض أسعار النفط لدى هذه الدول على إمكانية شراء السلع اللبنانية يقول نصراوي: نحن كشركة <سوناكو> نعتمد اكثر على السوق الخارجي فحوالى 85 بالمئة من إنتاجنا معد للتصدير، و15 بالمئة فقط مخصص للسوق المحلي، والدول العربية تستورد قسماً كبيراً من هذه النسبة، وهنا أود ان أطمئن الجميع الى ان انخفاض عائدات النفط لن يؤثر اطلاقاً على الكمية المطلوبة من قبل دول الخليج على سلعنا، فسلع <سوناكو> كما باقي السلع اللبنانية تتمتع بجودة ونوعية جيدة وبقدرة تنافسية كبيرة جداً.

الجميل وانخفاض الأسعار

اما رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، فاعتبر أن لانخفاض أسعار النفط تأثيرين على القطاع الصناعي: التأثير الاول وهو مباشر ويظهر من خلال أكلاف الإنتاج التي تساعد على أن تكون الصناعة تنافسية أكثر، كون هناك العديد من القطاعات التي تتأثر بأكلاف الطاقة في لبنان. اما الثاني فهو بمنزلة انعكاس لا نعلم تأثيره على اقتصاديات دول الخليج التي تعتبر أسواقاً رئيسية للصناعات اللبنانية، فهل ان انخفاض أسعار النفط عبدالله-بدر-1-(2)سيؤثر على استيراد دول الخليج لسلعنا؟ وهل سيؤثر على حركة الأسواق لديهم؟ لأن ذلك قد ينعكس سلباً على حركة صادراتنا.

ويتابع الجميل:ان انخفاض الأسعار على المنتوجات الصناعية يحتاج الى وقت، فـأسعار المواد الصناعية لم تكن ترتفع كلما ارتفع سعر برميل النفط، كون الأسعار تنافسية والارتباط ليس مباشراً وان أكلاف الطاقة في لبنان تشكل 5,7 بالمئة من سعر بيع 4000 مؤسسة، هذه الاحصائيات لــ«اليونيدو» مع جمعية الصناعيين ووزارة الصناعة، وفي بعض القطاعات تصل هذه النسبة الى 30 بالمئة، وهذه القطاعات قليلة لكن مهمة، وهي التي ستستفيد من انخفاض سعر الطاقة، لكن المجمل العام لا يتأثر مباشرة بأكلاف الطاقة.

نجدة والقسيس

ولكن ما هو موقف قطاع النقل من انخفاض أسعار النفط؟

عبد الامير نجدة (رئيس اتحاد النقل البري) أشار الى ان القطاع ليس ضد فكرة تخفيض تعرفة النقل، لكن على المواطن ان يعلم ان هناك أكثر من 17 عنصراً أساسياً تدخل في عملية النقل، كما يفترض قبل تخفيض التعرفة تنفيذ مجموعة من الإجراءات، في مقدمها حماية القطاع، واعتبار السائق مواطناً كسائر المواطنين يستهلك كما يستهلك الجميع في ظل الأسعار نفسها.

 ويتابع نجدة: وكما كلفة نقل البضائع، كذلك كلفة نقل الركاب التي لم تنخفض بفعل انخفاض سعر النفط، لأن هذه الكلفة تتحدد بفعل عوامل أخرى لا تنحصر بسعر المحروقات، فكلفة الصيانة و<الميكانيك> وما شابه، كلها محددات لكلفة النقل. ولفت النظر الى عدم إمكانية خفض الكلفة حتى وإن انخفض سعر النفط أكثر من ذلك، لأن الكلفة الحالية (2000 ليرة لراكب السيارة و1000 ليرة لراكب الباص) وهذه التعرفة تم اعتمادها عندما كان سعر صفيحة البنزين حوالى 20 ألف ليرة، ومن الطبيعي عدم فادي-الجميلخفض الكلفة في ظل الأسعار الحالية، مما يعني وفقاً لنجدة، ان هناك شروطاً ترتبط بالوضع العام للنقل، بمعنى ربط تخفيض التعرفة بتحقيق مطالب القطاع المتعلقة بوقف السيارات الخصوصية التي تزاحم السائقين العموميين، ووقف اللوحات المزورة، ووقف منافسة السائقين غير اللبنانيين، اي معالجة العناصر المرتبطة بغلاء المعيشة، على اعتبار ان السائق العمومي هو مواطن لبناني يتأثر كما يتأثر الآخرون بارتفاع الأسعار.

وفي السياق ذاته، أبدى نقيب أصحاب الشاحنات شفيق القسيس صعوبة في تخفيض أسعار النقل وشدد على فكرة غلاء قطع الغيار والزيت والتصليح، معتبراً اياها أهم من البنزين. وأكد القسيس على ان الأسعار تتحدد وفقاً لظروف غير أسعار النفط، أهمها حجم الخطر الذي يتعرض له سائقو الشاحنات، خاصة في النقل الخارجي، كما حصل منذ حوالى3 أشهر على الحدود السورية الأردنية عندما تم احتجاز الشاحنات السورية واللبنانية. كما شكا القسيس من معاملة الدول العربية للإنتاج اللبناني على عكس ما يعامل لبنان الإنتاج العربي، وعلى سبيل المثال تفرض سوريا على كل شحنة بضائع تدخل أراضيها من لبنان مبلغ 250 دولاراً، بحجج عديدة أهمها انها ضريبة لدعم المازوت السوري، فضلاً عن ان الدول العربية لا تلتزم بالإتفاقيات الموقعة بينها وبين لبنان على هذا الصعيد، فيما لا يفرض لبنان مثل هذه العوائق على الإنتاج العربي الوارد إلينا، وإزاء كل ذلك نرى ان ردود فعل المسؤولين اللبنانيين لا تتعدى السكوت بحجة الوضع الإستثنائي الذي نمر به.

اما المدقق الحسابي عبدالله بدر، فأكد أنّ لبنان بلد استيراد، فهو يستورد التضخّم كما معظم المنتجات التي تدخل الطاقة عاملاً مؤثراً فيها، نظراً لحاجتها إلى النفط، مشيراً إلى أنّ أي انخفاض لسعر النفط هو عامل إيجابي بالنسبة للمستهلك اللبناني. وشدد على أن هبوط سعر البترول أمر مهم جداً بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني، لافتاً إلى أن لبنان يدفع نحو 6 مليارات دولار سنوياً كلفة حرارية، بين مشتقات نفطية لشركة الكهرباء، ولاستخدام السيارات، والمنازل من مازوت وغاز وكاز وغيرها، وبالتأكيد فإن انخفاض الأسعار بنحو 40 بالمئة سيؤثر بشكل إيجابي.

وداعاً لعجز الميزان التجاري

مضخة-بنزين

وتابع بدر: من المعلوم أن شركة كهرباء لبنان تحتاج كل عام الى مليار ونصف مليار دولار من الدولة، ونحن نعلم أن 70 بالمئة من التكلفة على شركة الكهرباء تنفق على الفيول، فتكلفة الكيلوواط هي 70 بالمئة فيول، مما يعني أن التوفير من هذا الانخفاض يقارب الـ 250 مليون دولار في السنة، وإذا استمرت العملية فقد نصل إلى توفير 700 مليون دولار، وهذا أمر جيد لأن الأموال التي يتم توفيرها ستسمح بإعادة ضخها داخل الماكينة الاقتصادية اللبنانية.

 ونوّه بدر بالعامل المترابط مع انخفاض سعر النفط، اي زيادة قوة الدولار، قائلاً: بما أن الدولار قوي من الأساس، وبما أن غالبية ما نستورده هو من منطقة <اليورو>، فما حصل هو أننا أصبحنا نحتاج الى دولارات أقل لاستيراد الكمية ذاتها التي نستوردها الآن، وبالتالي فالعجز في الميزان التجاري سينخفض بسبب تحويلات النفط حيث سندفع أقلّ للنفط للكمية نفسها. ان أبرز انعكاسات هذا الانخفاض بدأ بسعر صفيحة البنزين، وهذا ما حصل فعلاً، ومن ثم سيظهر على أسعار المنتجات الاستهلاكية والغذائية المحلية والمستوردة، والتي يكون النفط شريكاً في صناعتها، ناهيك عن تأثير الانخفاض الإيجابي على المستثمرين اللبنانيين، لاسيما في القطاع الصناعي، والتأثير أيضاً ايجابي بالنسبة لشركة كهرباء لبنان التي تستورد النفط لتوليد الطاقة، وهذا ما يخفف الأعباء على الخزينة العامة.

وتطرق بدر الى أسباب عديدة أدت إلى انخفاض سعر برميل النفط عالمياً، أبرزها الركود الاقتصادي في العالم، وشبه تقاعس بعض الاقتصادات الكبيرة في عدم المبادرة للنهوض بالاقتصاد العالمي، مما أدى إلى انخفاض الطلب على النفط.

كما لفت بدر إلى وجود ما يمكن تسميته بالارتباط السياسي، وهو يتصل بإعلان واشنطن عن رغبتها في تحرير التنقيب عن النفط والغاز الصخري، وهذا ما أدى الى الإنخفاض، على اعتبار ان الولايات المتحدة هي أكبر مستورد ومستهلك للنفط، إلى جانب مسألة المضاربات العالمية على عقود النفط المتداولة في البورصة، حيث أنّ بعض صناديق الاستثمار باع عقوداً نفطية كان قد اشتراها سابقاً لتسييل المحافظ، وهو عامل ترك أثره على سعر البرميل عالمياً، كما لا بد من التركيز على السياسات الاقتصادية العالمية التي تشهد ركوداً، حيث يتمّ تسييل عقود النفط لإعادة تنشيط الاقتصاد، واستخدام هذه السيولة في القطاعات الإنتاجية، الصناعية والزراعية.