تفاصيل الخبر

أنـت ضـــد اسرائيـــــــل؟! إذن أنــت مـــع سميــــــر الـقـنـطــــــار!

24/12/2015
أنـت ضـــد اسرائيـــــــل؟!  إذن أنــت مـــع سميــــــر الـقـنـطــــــار!

أنـت ضـــد اسرائيـــــــل؟! إذن أنــت مـــع سميــــــر الـقـنـطــــــار!

 

بقلم وليد عوض

abbas في غداء خاص جمعني بالرئيس تمام سلام في السراي الحكومي، أحب أن يسألني رأيي في اعلان انضمام لبنان الى تحالف الدول الاسلامية الأربع والثلاثين، فقلت له: من حقك كرئيس حكومة تقوم الآن بمهام رئيس الجمهورية أن تعلن هذا الموقف، ولكن من واجب الحرص أيضاً أن تقيم حساباً لردة فعل حزب الله الذي هو من أهم مكونات النسيج اللبناني.

وهزّ الرئيس سلام برأسه علامة الموافقة وقال: لا أسقط من حسابي أهمية حزب الله ودوره في النسيج اللبناني، ولكن الدافع الى اعلان موقف لبنان بالانضمام الى هذا التحالف مستوحى من أن الدول الأربع والثلاثين اجتمعت على محاربة الارهاب، ولبنان في طليعة الدول التي عانت من الارهاب، وما تفجيرات الضاحية الجنوبية إلا المثل والمثال. وما دام لبنان في صلب معركة مكافحة الارهاب، فوجوده بات بحكم الواقع في تحالف الدول الاسلامية الثلاث والثلاثين، فالقاعدة وليس الشواذ أن يكون الدولة الرابعة والثلاثين. وأظن أن حزب الله سيتفهم هذا الأمر في النهاية، حتى لو أبدى اعتراضه من حيث المبدأ>. وجاء اعلان إيران لتأييدها التحالف العسكري الإسلامي ليعزز هذه الرؤية.

واكتفى الرئيس سلام بهذا العرض ولم يذهب الى أبعد من ذلك.

وتبقى صفة <الاسلامية> التي أعطيت لتحالف الدول الأربع والثلاثين... فجمهورية مصر العربية تضم أكثر من عشرة ملايين مسيحي قبطي، ولهم الآن ممثلوهم وممثلاتهم في مجلس الشعب الجديد، ومع ذلك فلم يعترض واحد من أبناء الطائفة على دخول مصر في هذا التحالف، مع ان الأقباط يمثلون أربع مرات ونصف المرة عدد سكان لبنان.

وأهمية حزب الله، رغم انحيازه المكشوف لإيران، ومشاركته الى جانب النظام السوري في الحرب المشتعلة على أرض سوريا، انه حزب المقاومين، وآلة الصد للمطامع العسكرية الاسرائيلية، ومصنع الشهداء، وما استشهاد البطل اللبناني المقاوم سمير القنطار إلا الإشارة المضيئة الى المعركة الطاحنة التي يقودها حزب الله ضد اسرائيل، دون أن يخترق قرار مجلس الأمن رقم 1701 عند الحدود مع الدولة المغتصبة. وهذا ما أشار إليه السيد حسن نصر الله في خطاب ليل الاثنين الماضي عندما أعلن انه سيرد على اسرائيل التي اغتالت الشهيد سمير القنطار في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.

ومن يدري.. فقد يكون هذا المكان إحدى العواصم الأوروبية التي لاسرائيل فيها سفارة وجسم ديبلوماسي.

فارس الزورق المطاطي

وبذلك لن يكون دم سمير القنطار قد ذهب هدراً.

وسمير القنطار (53 سنة) يمثل شريحة من أبناء بني معروف آمنت بأن هذه المنطقة العربية لم تعرف الاستقرار ولا الأمن الحقيقي، منذ أن زرع الغرب اسرائيل، بتأييد من الاتحاد السوفييتي في أرض فلسطين عام 1948. وهذا الزرع هو الذي أنتج أول انقلاب في تاريخ سوريا، انقلاب حسني الزعيم سنة 1949، وهو الذي حكم بانبلاج فجر الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر عام 1952، وهو الذي استوجب قيام حركة <فتح> في الأول من كانون الثاني (يناير) 1965، وأفسح المجال للبنان بأن يعلن تبنيه للمقاومة الفلسطينية في مجلس الأمن بصوت الرئيس سليمان فرنجية مطلع السبعينات، وإن كانت الثورة الفلسطينية قد أخطأت بحق لبنان بعد ذلك وحكمت، كردة فعل، بإنشاء الجبهة اللبنانية.

وسمير القنطار ابن بلدة <عبيه> اللبنانية، واحد من رموز هذه المقاومة، وأعطته الأقدار لقب عميد الأسرى الفلسطينيين في سجون اسرائيل، قبل أن يخرج الى النور في عملية تبادل الأسرى عام 2008. وكان القنطار في السادسة عشرة والنصف من عمره حين قاد مجموعة من أفراد جبهة التحرير الفلسطينية منطلقاً من البحر بزورق مطاطي الى مدينة <نهاريا> الساحلية شمال اسرائيل، واستطاعت المجموعة التي كان على رأسها اقتحام منزل عائلة <هاران> واختطفت <داني هاران> وابنته الطفلة <عينات هاران> التي كانت في الرابعة من عمرها.

وهنا لا بد من بعض التوضيح كما جاء على لسان سمير القنطار الذي وقع في قبضة الشرطة الاسرائيلية، ففيما ذكرت المحكمة الاسرائيلية التي حاكمت القنطار انه متهم بقتل الأب <هاران> وطفلته، أكد سمير القنطار للمحكمة بأن الاثنين قد لقيا حتفهما أثناء تبادل المجموعة الفدائية اطلاق النار مع شرطة العدو، وأنهما سقطا برصاص اسرائيلي، لا برصاص المجموعة المقاومة.

ولم يكن السجن الاسرائيلي حائلاً دون الالتفاتة العلمية لسمير القنطار، إذ سجل نفسه كطالب من وراء القضبان الحديدية في الجامعة الاسرائيلية المفتوحة في تل أبيب، وهي جامعة تستخدم التعليم عن بعد، وحصل منها بعد الدراسة وراء القضبان على بكالوريوس في الآداب والعلوم الاجتماعية.

والتعاطف مع سمير القنطار كشهيد، في الإعلام اللبناني المرئي والمكتوب، ليس تعاطفاً مع شخص، أو مع حزب، بل هو تعاطف مع قضية هي قضية فلسطين، قضية الأرامل اللواتي يتمّ الاحتلال أطفالهن، وقضية مذبحة مخيم صبرا وشاتيلا عام 1982، وقضية الشاب القومي السوري خالد علوان الذي شهر مسدسه داخل مقهى <ويمبي> ضد ضابط اسرائيلي وأسقطه قتيلاً.

samir-qontar-hassanاليونان... معنا!

سمير القنطار هو صورة المجتمع اللبناني المقاوم، ولهفة التصدي للاحتلال الاسرائيلي، والشاهد الكبير على ان جذوة حرارة القتال ضد اسرائيل لم تنطفئ، وان اسرائيل لن تعرف الراحة والأمان ما دام هذا الاحتلال جاثماً فوق الأرض الفلسطينية الطاهرة. وروح فلسطين التي يرفرف علمها الآن بين أعلام الأمم المتحدة في نيويورك، تجلت أخيراً في الاستقبال الحار الذي لقيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من رئيس وزراء اليونان <اليكسيس تسيبراس> يوم الاثنين الماضي، وحضر معه جلسة البرلمان اليوناني المخصصة للتصويت على الاعتراف بدولة فلسطين.

زمان مضى وزمان أتى والقضية واحدة، قضية فلسطين التي عرفت في تاريخها الحديث أين أصابت وأين أخطأت. أصابت في عمليات المواجهة ضد اسرائيل، مثل عمليات حزب الله عام 2000، وعام 2006، ومن الأخطاء التي أساءت الى علاقات القضية الفلسطينية، مسألة خطف الطائرات بتوجيه من الدكتور جورج حبش ووديع حداد، ركني الجامعة الأميركية في بيروت، ولم تكن المناضلة ليلى خالد وهي تخطف الطائرات تقيم حساباً لردة فعل العواصم الغربية التي رأت في خطف الطائرات مطلع السبعينات اعتداء على رعاياها، واعلاماً سيئاً للقضية الفلسطينية، في حين كان على قادة المنظمات الفلسطينية أن يستنفروا كل الوسائل الاعلامية والسياسية والخطب الجامعية لكسب الغرب الى جانب القضية الفلسطينية.

وكان الخطأ أيضاً في ممارسة القيادة الفلسطينية على أرض لبنان. فلم تكتف المقاومة بالانطلاق من الأرض الجنوبية المسماة <فتح لاند> لكسر شوكة اسرائيل، بل ارتدت الى الداخل، وأمسكت باللعبة السياسية اللبنانية، بحيث كانت تتدخل في تعيين رؤساء الحكومات والوزراء، وهذا ما أشعل حرب لبنان منتصف أيار (مايو) 1975، وأوجد ما يسمى بالمقاومة اللبنانية برئاسة المحامي الكتائبي بشير الجميّل، وظهور الجبهة اللبنانية برئاسة كميل شمعون، ووصول اثنين من قادة الكتائب الى سدة رئاسة الجمهورية هما بشير وأمين الجميّل.

 

لولا اتفاق الطائف

وبسبب السلاح الفلسطيني الموجّه الى الداخل لا الى <نهاريا> وتل أبيب، طالت حرب لبنان ستة عشر عاماً، وأفسحت في المجال لدخول دول بالجملة على الخط، فظهرت على لسان الصحافي الكبير غسان تويني مقولة <حرب الآخرين على أرض لبنان>. وما كان لهذه الحرب ذات الأطوار المختلفة، أن تضع أوزارها إلا بالوصول الى اتفاق الطائف خريف 1989، بتوافق لبناني برلماني برئاسة الرئيس حسين الحسيني، والنجاح في إطفاء نار الحرب الدموية المستعرة. ولا يزال اتفاق الطائف هو المرتكز في أي تسوية سياسية لبنانية، وما زالت معارضة اتفاق الطائف من قبل العماد ميشال عون هي السبب الرئيس في تعطيل وصوله الى قصر بعبدا رئيساً منتخباً من البرلمان، وما زال تأييد اتفاق الطائف من قبل رئيس حركة <المردة> سليمان فرنجية هو أحد الحوافز لرجحان كفته كرئيس جمهورية مقبل.

يبقى الوقت الذي قال عنه <فولتير> انه سيد كبير يتكفل بكل الحلول!