تفاصيل الخبر

أنـصـــح كـل مـــراهـن ألا يـدخـــل فــي مـبــــاراة الـصـبـــر مــع تـمـــام ســـلام لأنـــه خـاســـر سـلـفـــاً!

03/07/2015
أنـصـــح كـل مـــراهـن ألا يـدخـــل فــي مـبــــاراة  الـصـبـــر مــع تـمـــام ســـلام لأنـــه خـاســـر سـلـفـــاً!

أنـصـــح كـل مـــراهـن ألا يـدخـــل فــي مـبــــاراة الـصـبـــر مــع تـمـــام ســـلام لأنـــه خـاســـر سـلـفـــاً!

بقلم حسين حمية

SAM_2065 التعطيل هو سمة الوضع السياسي اللبناني بدءاً من الشغور الرئاسي الى العجز البرلماني وصولاً الى التعطيل الحكومي على خلفية التعيينات الأمنية، فيما المنطقة تشتعل حولنا والوضع الامني على كف عفريت، لاسيما في السلسلة الشرقية، وأهل الحكم يتحدثون عن جنس الملائكة ويمعنون في تكريس الفراغ، حتى يكاد يصبح شاملاً بما له من تداعيات خطيرة على الوضع العام للبلاد والشأن الحياتي المتعلق بأحوال الناس. فهل من حلول في الأفق، أم ان الأبواب مغلقة في وجه الحلول؟

<الأفكار> التقت وزير الشؤون الاجتماعية محمد رشيد درباس داخل مكتبه في محلة الميناء في طرابلس وحاورته في هذا الملف لاسيما بما يتعلق بالشأن الطرابلسي واحوال النازحين السوريين بدءاً من السؤال:

ــ موسى التعطيل وصلت الى ذقن الحكومة بعد المجلس والرئاسة ومرّت في الأسبوع الماضي في الجلسة الخامسة والعشرين لانتخاب الرئيس دون نصاب دستوري وتأجلت الى 15 الجاري وتشريع الضرورة في خبر كان والحكومة معلقة على حبال التعيينات منذ شهر. فهل حكم علينا بالفراغ الكامل، أم ان الفرج قريب؟

- المؤسف ان مواعيد انتخاب رئيس الجمهورية لم تعد مواعيد تلفت انتباه الرأي العام وصارت نشرة الطقس أهم منها عند المواطن، ويكاد الناس ينسون ان هناك رئاسة جمهورية، لولا ان رئيس الحكومة تمام سلام يبدأ في كل جلسة حكومية بكلام واضح ان لا فخامة للرئيس ونحن لا نقوم مقام الرئيس إلا بصورة موقتة. والتجرؤ وصل الى درجة ان مجلس النواب أصبح وجوده يساوي العدد لأنه معطل أيضاً وبقي آخر جدار <متصدع> في الدولة وهو مجلس الوزراء الذي يسيّر أمور الناس بالحد الأدنى ومن خلال نزاعات وصراعات واختلافات لا طائل لها حول كل التفاصيل، لكن الرئيس سلام كان في كل مرة يستطيع في المفاصل الصعبة أن يتخطى الحالة القائمة، واستطعنا بذلك إنجاز أشياء لا بأس بها من تعيينات وملء الفراغات والشغور في الإدارة ومن إقرار مشاريع، وبالتالي نستطيع القول ان الحكومة أنجزت لكنها تنجز بطلوع الروح كما يقولون، أما الآن فهناك من يريد ان يفرض جدول أعمال، وهو لا يمثل أكثرية في مجلس الوزراء بل يمثل أقلية واضحة، وان يجبر إرادات الوزراء على تعيين شخص بعينه، ما أدى الى معادلة غريبة من نوعها كهرم مقلوب على رأسه.

وأضاف قائلاً:

- بالنسبة لرئاسة الجمهورية يملكون أقلية تعطل النصاب ولكنها لا تؤهلهم لانتخاب رئيس فيقولون انهم بتعطيل النصاب سيفرضون علينا الرئيس وهذا يعني ان النظام الجديد الذي يحاولون ان يفرضوه علينا، هو ان الأقلية هي التي تختار الرئيس، وهم يعولون على الفريق الأكثري بأن تجبره وطنيته على التنازل. وهو  في كلتا الحالتين تفسير سياسي لا يناسب سمعة هذا الفريق، والآن يقولون في مجلس الوزراء انهم نصف البلد وأكثر، ولكن هذا التصنيف لا يستند الى معطيات وقواعد وأرقام، فنحن في مجلس الوزراء 24 وزيراً ولا يعيّن شخص في الفئة الأولى إلا بأكثرية الثلثين، وهم فقدوا أكثر من النصف من خلال وزراء أعلنوا صراحة انهم لا يقبلون بتعيين قائد للجيش في هذه المرحلة، حيث ان هناك 8 وزراء من اللقاء التشاوري رفضوا تعيين قائد للجيش قبل انتخاب رئيس للجمهورية. وهناك اثنان من وزراء حركة <أمل> يتقيدان بما قاله الرئيس نبيه بري من ان الموضوع لا يطرح قبل نهاية ولاية العماد جان قهوجي في أيلول/ سبتمبر المقبل، وهناك وزراء من الحزب التقدمي الاشتراكي قالوا إن تعيين قائد للجيش مرتبط بانتخاب الرئيس كما طرح الوزير السابق غازي العريضي، وبالتالي فهناك 12 وزيراً قالوا سلفاً لا للتعيين، ولنفرض ان رئيس الحكومة طرح الموضوع ولم يحصل الشخص المطلوب على النصاب اللازم، فماذا يفعلون؟! هل يعطلون أيضاً ويصلون الى نتيجة مماثلة كما حدث في مجلس النواب؟!

عون والشروط

ــ لماذا لا يدعو الرئيس سلام الى جلسة ويكون البند الأول فيها التعيين ويتم التصويت وينتهي الأمر قبل دعوة سلام؟

- العماد ميشال عون رد على هذا الطرح وطالب بالخروج مما أسماه تمثيلية وقال إنه يريد من مجلس الوزراء تعيين الشخص الذي حصل اتفاق عليه.

ــ هل يقصد بذلك الاتفاق بينه وبين الرئيس سعد الحريري بتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش كما قيل؟

- لنفرض ذلك، لكن لدى الرئيس سعد الحريري 3 وزراء هم نهاد المشنوق، أشرف ريفي ونبيل دو فريج ويسايرهم ميشال فرعون أي أربعة وزراء وتكتل التغيير والإصلاح 3 وزراء يصبح العدد 8، وبالتالي لا يستطيعون فرض مرشحهم، وبالتالي لو افترضنا ان الرئيس سعد الحريري وعده بذلك فإن الرئيس الحريري لا يستطيع فرض ذلك بدليل ان وزراء اللقاء التشاوري هم 8 (ثلاثة للكتائب، وثلاثة للرئيس ميشال سليمان والشيخ بطرس حرب وميشال فرعون)، قالوا صراحة انهم لا يوافقون على تعيين قائد للجيش قبل انتخاب الرئيس، وبالتالي هم وحدهم يستطيعون التعطيل خاصة إذا أيدهم وزير واحد من أي فريق آخر.

ــ إذاً الى أين نحن سائرون طالما المعادلة كذلك؟

- أعتقد ان الرئيس سلام عندما يعطي مهلة شهر للمشاورات معناه أنه أعطى المهلة القصوى وهو ليس في وارد الرضوخ لإملاء إرادات عليه وليس في وارد ان يفرط بشعرة واحدة من صلاحياته الدستورية لاسيما جدول الأعمال وتحديد جلسة لمجلس الوزراء. فهذه صلاحيات خاصة به كرئيس للوزراء.

ــ الفريق الآخر يقول انه يمثل الرئيس في غيابه والذي يشترك مع رئيس الحكومة في تحديد جدول الأعمال. ألا يؤخذ ذلك في الاعتبار؟

- عال... نحن لم نشذ عن ذلك فكل وزير هو رئيس وأنا أيضاً رئيس... فالدستور أعطى كل وزير هذه الصلاحية حتى لو لم يكن يمثل شيئاً. فسلطتي في هذا الموضوع توازي سلطة أي وزير آخر، وبناء عليه فالرئيس سلام يلتزم بهذه القاعدة ويرسل إلينا جدول الأعمال قبل 72 ساعة من موعد الجلسة لكي نبدي ملاحظاتنا، وإذا أبدى الوزراء ملاحظاتهم فليكن، لكن لا يعني هذا ان الوزراء هم الذين يحددون جدول الأعمال، فجدول الأعمال يحدده ويركّبه فقط رئيس الوزراء.

 

صبر سلام وحدود تريثه

ــ لم يرسل الرئيس سلام جدول أعمال الجلسة التي قرر عقدها أمس الخميس. فماذا يعني ذلك؟

- لا داعي لإرسال جدول الأعمال لأن هناك جدول أعمال من الجلسة السابقة لم نبحثه بعد، والرئيس سلام لا تُملى عليه إرادة يظهر فيها وكأنه يخضع لفريق معيّن، فهو يساير فريقاً معيناً لكن من واجباته أن يساير بقية الافرقاء، وهذا ما سيفعله وأنا متأكد من ذلك من خلال معرفتي به وبصبره وبمقدرته على التحمل، لكنه في اللحظات الحاسمة وقد خبرته في هذا، يحسم بصورة قاطعة.

ــ يعني يمهل ولا يهمل، ويصبر حتى يعجز الصبر على صبره؟

- صحيح، فمن صبر 11 شهراً ليشكل حكومة، يصبر أيضاً لكي لا يعطل اعمال مجلس الوزراء ويفجره من الداخل. وأنا هنا أنصح أي مراهن ألا يدخل مباراة في الصبر مع تمام سلام لأنه خاسر سلفاً.

دول قيد الدرس

ــ ألا ترى أن لا رئاسة في المدى المنظور قبل معرفة نتائج ما يجري في المنطقة وحصول تسويات ما؟

- من لا يرى ان لبنان قد فقد حدوده البرية وهو محاط بخضم من مجازر من أخطر الأنواع وأشدها وحشية، وهناك تطهير عرقي وإتني ومذهبي، وهناك توحش غير مسبوق، وهناك تحضير لخطوط جغرافية وربما هناك دول مركزية تاريخية قد اصبحت قيد الدرس، فمن يرى كل هذه العواصف تحيط به ولا يبادر الى إغلاق الشبابيك على الأقل بل يشرعها ويمعن في إشراعها، يكون قد انطوت إرادته على أن يزج لبنان في ذلك الخضم الى المصير نفسه. فلا تنقصنا في لبنان قماشة التشدد، وقيمة بلدنا انه من خطوط مختلفة، وضعفه أيضاً انه من خطوط مختلفة. وإذا كانت هناك إرادة طيبة، فإن هذا التنوّع يكون قوة لبنان، وإذا لم يكن هناك وعي وبصيرة تكون هذه الخيوط المختلفة ضعفاً للبنان، ولذلك من السهل أن نستدرج الى بلدنا كل ما يحدث في المنطقة.

وأضاف قائلاً:

- من هنا اقترحت في إحدى المقابلات ان يحفر العقلاء والحكماء الذين يشعرون بالمسؤولية الوطنية حول حدود لبنان خنادق واسعة يملأونها بالمياه لكي تمتص الحرائق المقبلة. وللأسف ان اللعبة السياسية لدينا تملأ هذه الخنادق بالمواد المتفجرة.

ــ على ذكر ما يجري في المنطقة كان لك تصريح لافت، وهو التحالف الدولي ضد <داعش> يظهر انه يقصف هذا التنظيم بالفيتامينات لأنه يتمدد ويتوسع. ألا يعني ذلك أن هناك إرادة دولية وإقليمية بإشعال الحرائق في المنطقة؟

- صحيح، فقد صدقنا في لحظة من اللحظات ان التحالف الدولي سيقضي على ظاهرة <داعش> وانا قلت هذا الكلام لمسؤولين من السفير الأميركي <دايفيد هيل> الى نائبه وزير الخارجية الأميركية للشؤون الإنسانية، وسألنا عن نوع القنابل التي يقصف بها التحالف عناصر <داعش> ومراكزه وما نوع الفيتامين المحشو في هذه القنابل، لأنه كلما قصف <داعش> كلما توسع. فقبل أن يكون هناك تحالف دولي كان <داعش> مجرد بؤرة وبعدها أصبح <داعش> دولة كبرى. وأنا لا أسقط من ذاكرتي المقابلة التي أجراها رئيس الولايات المتحدة <باراك أوباما> مع الصحافي المشهور <توماس فريدمان> عندما احتل <داعش> الموصل، إذ قال: <على الأفرقاء المتصارعين ألا يعتبروا ان الولايات المتحدة هي قوة جوية لخدمتهم، ولو لم يقم <داعش> بما قام به، لما قبل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بالتنحي>.

وزاد قائلاً:

- أنا هنا لم أرَ كلاماً صريحاً أكثر من ذلك. ومن وجهة نظري اعلم أن الجسم العربي لا يمكن ان يتحمل هذه الظاهرة، وبالتالي فإن <داعش> ظاهرة تشبه الظواهر الطبيعية، أو الكوارث الطبيعية لأن كل كارثة طبيعية ستنحسر في النهاية لأنها لن تجد في مجتمعها من يقبلها أو يتجاوب معها، ونحن جربنا ذلك في طرابلس سابقاً حيث أقيمت إمارة، ولكنها اندثرت الى غير رجعة مشيعة بأسوأ أنواع الذكريات (ظاهرة حركة التوحيد). ولذلك أظن أن <داعش> هو أحد وسائل الصراع الدولية، لكنني حذرت من ان معظم الحواة قد قاموا بلسعة أفعى.

طرابلس وسجن رومية

ــ على ظاهرة إمارة طرابلس السابقة، فاليوم تشهد طرابلس على مدار الساعة حوادث واعتصامات بعدما سبق ان شهدت جولات من القتال بين جبل محسن وباب التبانة، لدرجة ان البعض ألصق بها تهمة الإرهاب. فكيف أحوال طرابلس اليوم وما هي حقيقة موقفها من التطرف والإرهاب؟

- هناك كتاب قديم لخالد محمد خالد تحت عنوان <لكي لا تحرثوا في البحر>... فهؤلاء الناس الذين يتهمون طرابلس يحرثون في البحر، فطرابلس مدينة بحر، والبحر لو صبت فيه جميع القاذورات فهو كفيل بلفظها. وحاول البعض مراراً وتكراراً مع طرابلس وجاءت حفلة الجنون الأخيرة التي انكشف أصحابها بطريقة فاقعة، وإذا وضعنا خريطة لما حصل نجد أنها خريطة اللامعقول، فالمعتقلون الذين عنفوا في سجن رومية هم سنة، والجهاز الذي اتهم بالتعنيف رئيسه سني هو العميد عماد عثمان، ووزير العدل أشرف ريفي سني، ووزير الداخلية سنّي نهاد المشنوق، والمدعي العام سني سمير حمود، ورئيس الحكومة سني وحركة المشايخ في بيروت والبقاع سنية، ولذلك أسأل: من احتج ضد من؟! فهذه مهزلة..

ــ هل هناك دفع لحصول فتنة من بوابة السجناء؟

- هناك أحد قرر توقيت بث الشريط في شهر رمضان رغم انه مسجل منذ أربعة أشهر من أجل الفتنة، رغم ان ما جرى في سجن رومية ليس فريداً من نوعه، فهو جرى سابقاً ويجري اليوم ونحن ضده بشكل تام ومدعاة لاستنكار المواطنين بغض النظر عن مذاهبهم وطوائفهم، لكن ان تستنكر الطائفة ذلك، فهذا مشبوه، لأن لا علاقة للطائفة السنية  وحدها بما جرى وكل الطوائف معنية أو بالأحرى كل المواطنين معنيون بما جرى لأنه لا يجوز ان تنتهك صرخة الإنسان وحقوقه ولو كان سجيناً ولا ان يعنف المسجون لأنه أمانة في عنق السجان وليس سلعة أو خرقة أو حيواناً.

ــ هل المقصود بالتسريب الوزير المشنوق الى جانب الفتنة، أم ماذا؟

- الهجمة التي حصلت ضد الوزير نهاد المشنوق هي هجمة ضد إيجابياته، فالكثيرون لديهم مآخذ على الوزير المشنوق لكن بصورة موضوعية أقول إن هذا الرجل يقوم بأداء جيد وفاعل وهو صاحب قرارات ولديه شجاعة ويعلم أنه يمثل تيار <المستقبل> وسعد الحريري. ولقد لمست بوضوح ان الحريري وتيار <المستقبل> قدما ما يدعمه، وهو قال ان ما حدث معه سيحدث كل يوم لأنه يمسك بزمام أمن البلد، ومن يمسك بزمام الأمن لا يتمم عمله بالموعظة والكلمة الطيبة والحكمة فقط، بل لا بد من القبضة الحديدية، وقبضة السلطة يجب أن تكون قوية وصارمة، لكن لا ينبغي لها أن  تتخطى المعايير الإنسانية، وهو قام بواجبه وأحال المرتكبين الى التحقيق، وقام وزير العدل أشرف ريفي بواجبه وحرك النيابة العامة التي ادعت على المرتكبين وصدرت مذكرات توقيف وهذه هي النقطة التي يتوجب أن تتوقف عندها الحملة المشبوهة التي لن تجد لها خبزاً.

ــ هل ردة الفعل على ما حصل كانت مبرمجة أيضاً خاصة وان هناك اتهامات صدرت عن بعض الوزراء، حتى ان البعض وضع الوزير ريفي في خانة الاتهام؟

- أعتقد أن هذا الكلام من ضمن الإثارات، فالوزير ريفي قام بواجبه وزيارته للوزير المشنوق والكلام الذي قاله يدل على ان هذا الاتهام من خارج السياق، وان الرجلين في النهاية يمثلان تياراً واحداً هو تيار <المستقبل> وكان لا بد لأحدهما من ان يتولى وزارة الداخلية.

ــ قلت عن التعطيل الحكومي انه قد يؤخر دفع رواتب الموظفين في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، فماذا عن هذا الأمر؟

- هذا صحيح، وبما اننا نتبع القاعدة الاثني عشرية، فنحن مضطرون كل مرة عند انتهاء الاعتمادات الى النقل من الاحتياطي العام والاعتمادات اللازمة بما في ذلك الرواتب، وما هو عندي في وزارتي شبيه بكل الوزارات. وأنا حتى الآن لم أدفع رواتب الأجراء في وزارتي. وفي شهر أيلول/ سبتمبر المقبل لا توجد لدينا اعتمادات الرواتب، ناهيك عن ان المشاريع التي يلزمها نقل للاعتمادات متوقفة، وبالتالي لا إنفاق دون قرارات من مجلس الوزراء، ولذلك فاجتماع الحكومة ضروري حتى من أجل ذلك. وأقول إن من لجأ الى هذا الأسلوب غامر في أمرين ونتيجته صفر محتوم.

ملف النزوح

ــ بالنسبة للنازحين طرحت نقلهم الى مناطق محمية داخل سوريا. فهل هذا وارد لاسيما وان لبنان يرزح تحت ثقل هذا الملف من كل النواحي خاصة وتحدثت مع أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي بهذا الخصوص؟

- عندما كنت في شرم الشيخ منذ حوالى السبعة أشهر أحضر مؤتمر وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، كان جدول الأعمال عادياً لا يتضمن مسألة اللجوء رغم ان هذا اللجوء هو أكبر قضية اجتماعية في تاريخ العرب، لا بل أكاد أقدمها على اللجوء الفلسطيني من حيث الاعداد على الأقل، لأن اللاجئين السوريين الآن أكثر من نصف الشعب السوري ومن لم يكن لاجئاً يعيش في أسوأ الظروف. ولذلك طلبت الكلام وقلت لأعضاء المؤتمر انه لا يجب أن نعتمد على المنظمات الدولية لرعاية اللاجئين، لأن مهمة هذه المنظمات إنسانية تجاه المتشردين في العالم، ولأنها لا تهتم كثيراً بلون بشرة اللاجئين ولا ببريق عيونهم ولا باستقامة لسانهم ولا بتاريخهم، والمسؤول عن هؤلاء اللاجئين هو المنظومة العربية، وبالتالي قلت إنه إذا كنا عاجزين عن إنجاز حل سياسي للأزمة السورية، فعلى الأقل نتدخل في الجانب الاجتماعي للحفاظ على الديموغرافيا لأن هذه الديموغرافيا هي مرساة الجغرافيا، وإذا ارتحلت أو رحلت أو نزحت فهذه الجغرافيا سيحتلها آخرون..

وأضاف قائلاً:

- هناك حرب <ترانسفير> خطيرة تجري وعلينا أن نتصدى لها وأن لا نسمح لها بالتمادي، وأن نجد حلولاً لكي يبقى السوريون في بلادهم ونشجع من رحل منهم الى دول الجوار بالعودة إلى الوطن بوسائل مختلفة وان نحسّن شروط العيش في بلاد اللجوء. وأنا أعلم ان المبلغ الكبير الذي يقدم للمفوضية السامية للاجئين يأتي من الدول العربية لاسيما الكويت التي أحييها وأحيي أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وأحيي أريحيتها وأحيي الدكتور عبد الله المعتوق مستشار سمو الأمير الذي استطاع بجهده أن يجمع من المجتمع الكويتي 500 مليون دولار وسمو الأمير تبرع بـ500 مليون دولار، وبالتالي طالما ان العرب يدفعون للمنظمة، فلنقتطع من هذا المبلغ لدعم الاخوة السوريين، علماً ان سمو الأمير محمد بن فهد SAM_2091ولي العهد ووزير الداخلية أنشأ جمعية أهلية في السعودية لجمع تبرعات لدعم السوريين. ولكن هذا الأمر تقوم به مؤسسته وحدها مباشرة.

وزاد قائلاً:

- من الضروري وجود خطة عربية تتعامل مع الدول المضيفة أولاً من أجل الاستهدافات المباشرة، وضربت أمثلة على ذلك بأن يتم أخذ الأولاد ومن سن السنتين الى سن الخمس سنوات ويتم وضعهم في أرقى الحضانات لكي نقدم للمستقبل جيلاً متفائلاً وسعيداً وليس جيلاً بائساً وجاهلاً ومعرضاً للانحراف، وقلت ان تقوم الدول المانحة باستثمارات في مناطق اللجوء يسمح بها القانون لكي نجد فرص عمل لهؤلاء يصونون به وجودهم ويؤمنون حياة كريمة. وفي الوقت نفسه يمكن لهذه الاستثمارات ان تنقل الى سوريا فيما بعد لتأمين استمرارية فرص العمل، والأمر الآخر هو انني أظن انه آن الأوان للدول العربية مجتمعة أن تشكل حلقة ضغط كبيرة على القوى الدولية ومجلس الأمن لكي تنشئ مناطق آمنة داخل سوريا محمية من المجتمع الدولي يعيش فيها المتشردون داخل سوريا ويعود إليها من يرغب من المهاجرين.

وأضاف:

- هذا ما طرحته وكان ان التقيت في الأسبوع الماضي بالأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي وأعدت طرح الفكرة عليه بعدما سبق أن طرحتها عليه عندما زرته في القاهرة، فرحب وقال انه ينتظر اقتراحاً. وبحثت الأمر أيضاً مع وزير الخارجية المصري سامح شكري ومع الوزير جبران باسيل، وقد وجدت تشجيعاً لذلك، وأحطت الرئيس سلام بالفكرة واتفقنا أن نلتقي لتتم مناقشتها. وأنا رفعت تقريراً بهذا الخصوص الى أعضاء خلية الأزمة وصفت فيه الحالة.

ــ في الشهر الماضي افتتحتم الجزيرة قبالة مكتبكم في طرابلس وهي جميلة.. فهل تساهم في الإنماء المطلوب للفيحاء الغارقة في الإهمال والحرمان؟

- هذه الجزيرة أنشئت بمال قليل من الطليان ومن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبعض المانحين الطرابلسيين، ولكن هذه الجزيرة عبارة عن جسر أنشأه الوزير عمر مسقاوي عندما كان وزيراً للنقل وأقفلت هذه الجزيرة. واليوم فتحت للعموم مجاناً وهي تضم جناحاً للطيور وآخر للغزلان ومقاعد للمواطنين، وبمجرد حصول الافتتاح فوجئت بحضور الرئيس ميشال سليمان حيث أكرمني بحضوره ومشاركة 9 وزراء إضافة الى نواب وشخصيات اقتصادية وفاعليات طرابلسية وكانت حفلة الافتتاح أشبه بالعرس.

واستطرد قائلاً:

- أما عن إنماء طرابلس فسبق أن أقرت خطة للإنماء تبدأ بمرأب في منطقة التل لاستعادة حيويته السابقة كمركز للمدينة بحوالى 17 مليون دولار، إضافة الى ردم المنطقة الاقتصادية الخاصة لمرفأ طرابلس واستطعنا تعيين مجلس إدارتها رغم ان قرار الإنشاء صادر عام 2008، والآن انتهت الدراسة لسكة حديد من مرفأ طرابلس الى الحدود السورية لكي يصل المرفأ بكل أوروبا والبلاد العربية، ولكن هذا لا يكفي وخلال لقائي مع السفير السعودي علي عواض عسيري أكد أمامي رصد المملكة لمبالغ كبيرة للشمال وكذلك من الكويت والإمارات، وهناك قرض كويتي لإنشاء مسلخ حديث. وأعتقد أن استعادة طرابلس لأمنها سيجعلها موطناً صالحاً للاستثمار والإنماء.